\r\n برغم وابل النيران العنيف غير المسبوق الذي أطلقه الأسطول الأميركي والإنزال الأميركي الأولي المشؤوم الذي تم بدون مقاومة تذكر، فإن سير العملية بعد ذلك مني بانتكاسات رهيبة ولم تعلن القوات الأميركية عن تأمين الجزيرة حتى 2 يوليو أي قبل شهر من استسلام اليابان النهائي. \r\n \r\n \r\n وخلال هذه الأسابيع القليلة فقط التي سبقت نهاية الحرب قتل 12 ألفاً و520 أميركياً أي أكثر من ضعف عدد القتلى الأميركيين الذين سقطوا في برجي مركز التجارة العالمي والبنتاغون وفي أفغانسان والعراق مجتمعة. ومن الجانب الياباني، قتل نحو 200 ألف من الجنود والمقاتلين غير النظاميين والمدنيين. \r\n \r\n \r\n ولم ينج من هذا الجحيم حتى الضباط الكبار، حيث قتل قائد العملية الجنرال سيمون بوليفار باكنر، أبرز ضابط أميركي يقتل في الباسيفيكي، كما صرع أيضاً المراسل الحربي الشهير إيرني بايل. ومن الجانب الياباني انتحر الضابط ذائع الصيت إيسامو تشو الذي حاول الإطاحة بالحكومة اليابانية المدنية عام 1931 وانتحر معه أيضاً الجنرال يوشيجيمي. \r\n \r\n \r\n وتم توثيق هذه الأجواء المستعرة في عدد من أشهر المؤلفات الحربية الأميركية مثل «مع النسل القديم» للكاتب إي بي سليدج و «وداعاً للظلام» للكاتب وليام مانشستر.ويكاد يكون لكل نقطة مثيرة للجدل في الحرب الراهنة سابقة مشابهة في عملية أوكيناوا. \r\n \r\n \r\n معلومات استخباراتية مغلوطة، وزارة الحربية الأميركية في حينه أصرت على ان عدد الجنود اليابانيين على الجزيرة لا يتجاوز 60 ألفاً في حين ان العدد الحقيقي كان ثلاثة أضعاف هذا الرقم وكان معظمهم متربصاً في غرف محصنة تحت الأرض. \r\n \r\n \r\n كما تم التقليل الى حد كبير من شأن المفجرين الانتحاريين ولم يكن أحد يدري ان حوالي 10 آلاف انتحاري ياباني رهنوا أرواحهم لهذه الحملة وربما أيضاً حوالي 4000 طيار «كاميكازي» على أهبة الاستعداد لشن هجمات انتحارية. \r\n \r\n \r\n وكانت النتيجة تكبد أكبر خسائر في تاريخ الأسطول الأميركي حيث غرقت 36 سفينة وأصيبت 368 سفينة أخرى وقتل حوالي 5000 بحار. وسرعان ما احتدم الغضب في الولاياتالمتحدة: لماذا لم تكن هناك معلومات استخباراتية دقيقة؟ \r\n \r\n \r\n لماذا لم يتم تصفيح أرضيات حاملات الطائرات، لماذا لم تجهز السفن برادارات لرصد الطائرات الانتحارية التي تحلق على ارتفاع منخفض؟ لماذا تم إيقاف الأسطول قبالة الجزيرة ليكون هدفاً سهلاً لليابانيين؟ ولماذا الحاجة للغزو في المقام الأول؟ لماذا، لماذا، لماذا؟ \r\n \r\n \r\n وفي تلك الأثناء، ضرب الأميركيون خط شوري، بهجوم مباشر على الدفاعات اليابانية المتمترسة وقتل آلاف الجنود الأميركيين ومن بينهم فكتور هانسون من فرقة مشاة البحرية السادسة والذي أحمل اسمه خلال الساعات الأخيرة من الهجوم الناجح للسيطرة على شوغار لوف هيل. \r\n \r\n \r\n هل هناك أية دروس يمكن تعلمها من كابوس أوكيناوا للاستفادة منها في العصر الحالي؟ برغم كل الأهوال و الحماقات والشجاعة العظيمة التي ميزت الحملة فإن القوة النارية والشجاعة الأميركية فضلاً عن التدريب العالي والقدرة على التكيف مكنت القوات الأميركية في نهاية المطاف من أن تكون نداً قوياً للمقاتلين المتشددين والمفجرين الانتحاريين سواء في أوكيناوا أو في الفلوجة. \r\n \r\n \r\n وعلى الرغم من كل الكلام عن نعومة وانحلال الرجل الغربي العصري سواء عشاق السيارات السريعة ومشروب الصودا في الثلاثينيات أو شبابنا في هذا العصر الذين يزينون آذانهم بالأقراط وشعورهم بالصبغات المشقرة، فإن الجندي الأميركي الحر يثبت للعالم بأنه أشد فتكاً بأعدائه من فتك أولئك المهاجمين الانتحاريين. \r\n \r\n \r\n ان الأخطاء العملياتية والاستخباراتية تعتبر أمراً مألوفاً في كل الحروب، سواء تجسد ذلك في الاخفاق في التقدير الدقيق لعدد المقاتلين الأعداء في شوغار لوف هيل أو في المثلث السني. لكن النصر في ذلك الحين والآن يكون من نصيب أولئك الذين يمضون قدماً في عزيمتهم الهادئة وان ارتكبوا بعض الأخطاء، إذ لا أحد منزهاً عن الخطأ. \r\n \r\n \r\n وبرغم حزننا العميق على جنودنا الذين سقطوا في ساحات القتال أخيراً، فإن خسائرنا في السنوات الثلاث من الصراع الراهن منذ يومه الأول في 11 سبتمبر حتى ذروة الهجمات الحالية في العراق، لا تقارن بخسائرنا في المذابح التي حدثت في تلك الأسابيع القليلة على جزيرة أوكيناوا، ولابد من القول ان تلك العملية برغم كل سوداويتها تبقى نصراً أميركياً مقدساً. \r\n \r\n \r\n ربما نتساءل اليوم ما إذا كان بمقدور الشعب الأميركي المنقسم حالياً التغلب على المتشددين والمفجرين الانتحاريين لتعزيز الديمقراطية في ذلك الجزء من العالم. وللإجابة على هذا السؤال يجب ان ننظر الى الوراء في التاريخ الى ما قبل 60 عاماً لنسترجع ذكريات ما شهدناه في أوكيناوا وما تبع ذلك من ولادة مجتمع إنساني متراحم وديمقراطية جديرة بالاحترام في اليابان وعندها سنجيب بتلهف .. أجل، يمكننا فعل ذلك مجدداً. \r\n \r\n \r\n خدمة: «لوس أنجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n