\r\n وقد تمت في النهاية المصادقة على الاتفاق بفارق ضئيل في التصويت لصالح الاتفاق في برلمان صربيا الاتحادية ومونتينجرو في الأسبوع الماضي، بعد شهور من الخلاف، غير أن الكثيرين ما زالوا يعارضون هذا القرار. \r\n وفي مقابلة جرت مؤخرا مع وسائل الإعلام الصربية قال دراجان تودوروفيتش، من الحزب الصربي الراديكالي المتعصب: \"إن السماح للناتو بعبور البلاد وقتما يحلو لقادته يعادل احتلال صربيا. وقد قمنا نحن بإعادة بناء هذا البلد بعد أن دمره الناتو عام 1999، وحاربنا ضدهم لكي نسمح الآن بشكل آخر من أشكال الاحتلال\". \r\n وقد حملت الصحف اليومية المتعاطفة مع المتعصبين عناوين من قبيل 'رخصة للناتو بتدمير الصرب‘. وقالت الصحف إن جنود الناتو يمكن أن \"يطلقوا النار على المواطنين الصرب أو أن يقتلوهم أو أن يتسببوا في إيذائهم\"، دون أن يواجهوا أية عواقب قانونية. وقد وصل الأمر إلى مطالبة بعض أعضاء البرلمان من الحزب الاشتراكي الذي كان ينتمي إليه الزعيم المعزول سلوبودان ميلوسيفيتش بإجراء استفتاء شعبي، زاعمين أن أكثر من 55 بالمائة من الشعب الصربي يعارض الاتفاق. \r\n وقد صوت جميع أعضاء البرلمان من الحزب الصربي الراديكالي والحزب الاشتراكي، والبالغ عددهم 33 عضوا، ضد الاتفاق، والذي تم توقيعه في 18 يوليو بين ياب دي هوب شيفر، الأمين العام لحلف للناتو، ووزير الخارجية الصربي فوك دراسكوفيتش. وقد انتظر الاتفاق حينئذ تصديق البرلمان. \r\n وبحسب الاتفاق فإن الناتو سيكون عليه أن يقوم بإبلاغ بلجراد بالطرق المعتزمة والجداول الزمنية، ولكنه لن يكون عليه تحديد التجهيزات أو الأسلحة التي تحملها قوافل الحلف. وسوف تتمتع قوات الناتو أيضا بالحصانة القانونية، ولن يكون الحلف مسئولا عن أي ضرر يحدث أثناء العبور. \r\n ولا زال الحزب الصربي الراديكالي المتعصب هو الحزب الأكثر شعبية في صربيا بعد عقد من الحروب في تسعينيات القرن العشرين، رغم سقوط نظام ميلوسيفيتش منذ خمس سنوات. وكان الحزب الصربي الراديكالي قد ساند ميلوسيفيتش في تلك الحروب. \r\n ففي أثناء قيام الناتو بقصف صربيا من أجل ردع سياسات ميلوسيفيتش القمعية ضد مليونين من الألبان في كوسوفو، اتخذ الحزب الصربي الراديكالي موقفا يقول بأنه ينبغي أن يتم تهجير كل من هو غير صربي من الإقليم. وقد تم بالفعل تهجير 800 ألف من الألبان. \r\n ويواجه زعيما الحزب الصربي الراديكالي ميلوسيفيتش وفوجيسلاف سيسيلج محاكمات بسبب ارتكابهما لجرائم حرب، وذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في لاهاي بهولندا. \r\n وقد أدى وقت ما قبل عهد ميلوسيفيتش، وهو عهد تميز بالاضطراب والدخول البطيء نحو الديمقراطية والانتقال المؤلم لاقتصاد السوق، أدى إلى تعزيز شعبية الحزب الصربي الراديكالي. \r\n ولا زالت صربيا منقسمة بشكل عميق حول المسار الذي اتخذته البلاد خلال السنوات الخمس الماضية؛ فحلف الناتو لا يزال يمثل لدى الحزب الصربي الراديكالي والاشتراكيين المؤيدين له العدو الذي دمر البلد في عام 1999، متسببا في مقتل حوالي 2500 شخص. \r\n لكن الحكومة ترى الناتو بشكل مختلف؛ حيث صرح برانكو ميلينكوفيتش، المبعوث الخاص لصربيا ومونتينجرو لدى الناتو، لآي بي إس قائلا: \"إن التصديق على الاتفاق مع الناتو دليل إضافي أننا أصبحنا دولة ديمقراطية، تحترم حكم القانون\". \r\n وأضاف: \"لقد قام هذا البلد بإصلاحات رئيسية، من بينها موضوع الدفاع، وهذا الاتفاق يمثل فقط إثباتا إضافيا للمسار الجديد الذي اتخذناه. وبالإضافة إلى هذا فإن السياق السياسي قد تغير بشكل شامل ودراماتيكي منذ عام 1999\". \r\n ومن جانيه يرى المحلل العسكري ألكسندر راديتش أن الاتفاق يمثل مكسبا. \r\n حيث قال في حوار مع آي بي إس: \"إن هذا مكسب أمني وخطوة في الاتجاه الصحيح؛ فهو يسهل لهم حرية الوصول السريعة والقيام بتعزيزات في أوقات الأزمات في حالة حدوثها في الدول المجاورة (البوسنة وكوسوفو). وعلى الجانب الآخر، يظهر الاتفاق أن هذا البلد وأن الجيش قد أبعدا نفسيهما عن سياسات التسعينيات، وأنهما يريدان على الأقل الانضمام إلى برنامج الشراكة من أجل السلام التابع للناتو\". \r\n ولا زالت البوسنة وصربيا ومونتينجرو الدول الوحيدة في المنطقة التي لم تصبح أعضاء في برنامج الشراكة من أجل السلام. \r\n ولا زالت الحكومة المؤيدة للديمقراطية تحاول الانضمام إلى هذه الشراكة منذ عزل ميلوسيفيتش. وقد أُحيل للتقاعد معظم أفراد الجيش الذين كانوا متورطين في الجهود الحربية في كرواتيا والبوسنة وكوسوفو، وتقلص الجيش من أكثر من 150 ألف إلى أقل من النصف. \r\n ويعود ميلينكوفيتش ليقول: \"لا حاجة لأن نعتقد أن هذا يمثل خسارة للسيادة أو أن صربيا يمكن أن تُستخدَم كقواعد للاعتداء على دول أخرى؛ فقد تم توقيع اتفاقات مشابهة بين الناتو ودول أخرى في المنطقة، وحتى مع سويسرا المحايدة. إن هذا يقربنا أكثر إلى مجتمع الدول التي أُبعدنا منها لمدة عشر سنوات\". \r\n وكانت صربيا ومونتينجرو قد طُردتا من كل المنظمات الدولية في تسعينيات القرن العشرين، ومن بينها الأممالمتحدة ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي التي ساعد أسلاف ميلوسيفيتش في تأسيسه. وقد تمت إعادة الاعتراف بالاتحاد فقط بعد عزل ميلوسيفيتش.