على الرغم من الإقبال الكبير نسبيا الذي سجل في هذه الانتخابات الصربية مقارنة بالانتخابات الأخيرة التي جرت في عام 2004 ،أخفقت الجولة الأولى في حسم السباق الرئاسي . يأتى ذلك فى الوقت الذى أكدت فيه لجنة الانتخابات المركزية أن نسبة الإقبال تجاوزت الستين بالمائة الأمر الذي يزيد بأكثر من 14% عما توقعته استطلاعات الرأي قبل توجه الناخبين إلى المراكز الانتخابية والنسبة الأعلى في تاريخ الانتخابات الصربية منذ عام 2000،وهو الأمر الذي أعاده المراقبون في بلجراد إلى حساسية هذه الانتخابات وأهميتها بالنسبة لمستقبل التطورات السياسية اللاحقة وذلك بالنظر لكونها تتزامن مع تحديين كبيرين يواجهان بلجراد الآن؛ الأول توقع إعلان استقلال إقليم كوسوفو الشهر القادم والثاني موضوع استمرار التكامل مع الاتحاد الأوربي أو الإنحراف عن هذا الطريق على خلفية الموقف من موضوع استقلال كوسوفو . ويشار الى أن مباحثات الإنضمام للإتحاد الاوروبي، التي اتسمت بالجمود منذ سنوات، بسبب تعثر ايجاد حل لقضية كوسوفو، تحركت في الآونة الاخيرة عندما وقعت صربيا في نوفمبر 2007 "اتفاق الاستقرار والشراكة" مع الاتحاد الاوروبي، والذي يشكل الخطوة الأولى لانضمامها الى الاتحاد، في الوقت الذي ابدى قادة الإتحاد حماسا وانفتاحا كبيرين على صعيد إنهاء عزلة صربيا الأوروبية والدولية. و يذكر انه من الملفات الأخرى التى تهيمن على هذه الانتخابات أيضاً قضية الوضع الاقتصادي ،حيث تعانى قطاعات من المواطنين من انخفاض مستوى المعيشة وارتفاع مستوى البطالة . المرشحين التسعة الذين دخلوا الإنتخابات الرئاسية هم الرئيس الحالي بوريس تاديتش مرشحا عن الحزب الديمقراطي المشارك في الائتلاف الحاكم وتوميسلاف نيكوليتش مرشح الحزب الراديكالي الصربي أقوى الأحزاب في البرلمان الصربي ويوغوسلاف دوبريتشانين من الحزب الإصلاحي وفيليمير إليلتش من حزب صربيا الجديدة وإشتفان باستور من التحالف المجري وماريان ريستيتشيفيتش من الحزب الشعبي وتشيدومير يوفانوفيتش من الحزب الليبرالي الديمقراطي وميلوتين مركونيتش من الحزب الاشتراكي لصربيا وميلانكا كاريتش من حركة قوة صربيا إلا أن التنافس الرئيسي بعد ظهور نتائج الجولة الأولى انحصر بين تاديتش ونيكوليتش . وبوريس تاديتش(50 سنة) مرشح الحزب الديموقراطي المشارك في الائتلاف الحاكم، هوالرئيس الحالي ويمثل جناحا معتدلا على الساحة السياسية الصربية وهو يرفض استقلال إقليم كوسوفو كأغلب المرشحين الرئاسيين الآخرين لكنه يشدد في نفس الوقت على أن لا خيار أمام صربيا سوى استمرارية التكامل مع الإتحاد الأوروبي بغض النظر عن موقف الأخير من استقلال كوسوفو ولذلك يحذر من أن الابتعاد عن هذا الطريق سيضر بمصالح صربيا الاقتصادية والسياسية ويجعلها في حالة من العزلة .ويراهن الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة من ناحيتهما على اعادة انتخاب تاديتش، الذي يجري النظر اليه على انه معتدل ومن المتحمسين لانضمام بلاده للاتحاد الاوروبي، وعليه في هذه الحالة ان يواصل المفاوضات من اجل حصول صربيا في نهاية السنة على هذه العضوية. ويشارك حزب الرئيس تاديتش الحزب الديمقراطي في ائتلاف حكومي مع حزب رئيس الحكومة كوشتونيتسيا غير انه تسود خلافات بين الطرفين في العديد من القضايا مؤخرا ومنها موضوع كيفية التعامل مع الاتحاد الأوروبي في حال اعتراف الاتحاد باستقلال كوسوفو الذي يتوقع أن يعلنه الألبان قريبا. أما المنافس الرئيسي الأخر هو مرشح الحزب الراديكالي الصربي اقوى الاحزاب في البرلمان وهو القومي المتشدد توميسلاف نيكوليتش(55سنة)، والذى نافسه في الانتخابات السابقة التي جرت سنة 2004 . وهو يقف على النقيض من توجهات الرئيس تاديتش وليس من صف دعاة التوجه نحو اوروبا، بل من انصار تعزيز العلاقات مع روسيا.ونيكوليتش مشهور مع حزبه بمواقفهما الراديكالية من قضايا مختلفة في السياسة الداخلية والخارجية ،و في موضوع كوسوفو تحديداً يدعو إلى التخلي عن الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي والى توجه صربيا نحو روسيا في حال اعتراف الاتحاد الأوربي باستقلال كوسوفو . وجدير بالذكر ان اقليم كوسوفو،الذي يسكنه حوالى 1.9 مليون نسمة ، هو رسميَّا جزء من جمهوريَّة صربيا، لكنَّه في الواقع يُدار من قبل الأمم المتَّحدة منذ عام 1999، وذلك في أعقاب انتهاء حملة القصف الجوي التي نفَّذها حلف شمال الأطلسي-الناتو-والتي أجبرت القوَّات الصربيَّة على الخروج من الإقليم. وتسعى الأغلبية الألبانية، التي تحظى بدعم من الولاياتالمتحدة وأغلب دول الاتحاد الأوروبي، إلى استقلال الإقليم، لكن صربيا، مدعومة من روسيا، تعارض ذلك بشدة. وتعتبر قضية كوسوفو النقطة هامة في تقريرمصير الدورة الثانية من الانتخابات بين المتنافسين على الرئاسة نتيجة ثلاثة عوامل هى: الأول :هو امكانية حصول تقارب بين رئيس الوزراء الحالي فويسلاف كوشتونيتسا، زعيم الحزب الديموقراطي الصربي وبين المرشح القومي المتعصب نيكوليتش، وفي هذه الحالة سوف ينتصر خط التشدد، وعلى اوروبا والولاياتالمتحدة ان ينتظرا اربع سنوات من المواجهات. الثاني: هو فشل المباحثات التي استمرت عدة اشهر بين صرب والبان كوسوفو من اجل التوصل الى تفاهم وحل في الاقليم، مما أدى الى تقوية معسكر المتشددين اكثر من قبل. الثالث: هو ورقة الحل الدولي بصدد الاقليم، والتي بقيت مجمدة منذ حوالي سنة لسببن: الأول هو ان اقليم كوسوفو يعتبر من ناحية الشرعية الدولية ضمن اراضي جمهورية صربيا، بحسب قرار مجلس الامن 1244 الذي لا يمكن تغييره بسبب فيتو روسيا المؤيدة للموقف الصربي. والسبب الثاني هو تأجيل اصدار موقف دولي أمريكي اوروبي خارج مجلس الامن يعلن تأييد استقلال كوسوفو، وقد تم التريث في هذه القضية بانتظار ما ستسفر عنه نتائج الدورة الثانية من هذه الانتخابات في الثالث من فبراير القادم. وفى حالة فوز الرئيس الحالي تاديتش سوف تكون انعكاسات القرار اقل وطأة بالنسبة للإقليم، لأنه في حال وصول تيار التشدد للرئاسة فإن ذلك يعني فتح مواجهة عسكرية، تهدد بعودة التوتر الى البلقان وبنزاع ديبلوماسي مع روسيا، التي اكدت حتى الآن انها تؤيد الموقف القومي المتشدد الذي يعتبر ان اقليم كوسوفو يمثل بالنسبة للصرب مهد حضارتهم وديانتهم، ويستميتون للتمسك به رغم انهم فقدوا السيطرة المباشرة عليه منذ عملية حلف الاطلسي في يونيو سنة 1999. ورغم ان الرئيس الصربي محدود الصلاحيات حسب بنود الدستور، إلا انه مخول بالتوقيع والمصادقة على القوانين ورئاسة القوات المسلحة، لكن قيمة الدورة الحالية رمزية اكثر بسبب النزاع حول قضيتي كوسوفو، والإنضمام للإتحاد الأوروبي، ولهذا يجري التعويل على تاديتش في حال فوزه، ليأخذ بلاده خطوة بعيداً عن الموقع الروسي. وكانت تقديرات مركز الانتخابات الحرة والديموقراطية أشارت الى تقدم نيكوليتش بحصوله على نسبة 39,4% من الاصوات مقابل 35,4% لتاديتش . وفيما عبر تاديتش عن ثقته بالفوز في الجولة الثانية وببقاء صربيا ضمن ما اسماه بالمسار الأوربي ودعا تاديتش جميع الناخبين الى التوجه الى مكاتب التصويت والتصويت في الدورة الثانية، حتى يؤكدوا ان صربيا لن تتخلى عن طريقها الاوروبي الذي سلكته في العام 2000. نيكوليتش أكد من ناحيته انه لن تكون هناك بعد ذلك إهانات وابتزازات لصربيا وان الصرب سيختارون التغيير. واعتبر نيكوليتش ان على صربيا التخلي عن الاتحاد الاوروبي اذا ما اعلنت كوسوفو استقلالها الذي تؤيده اكثرية البلدان الاوروبية ال 27 . وتشير المؤشرات من الولاياتالمتحدة وغالبية أعضاء الاتحاد الاوروبي بأنهم سيعترفون باستقلال كوسوفو خلال أشهر ، حيث يحظى كوسوفو بدعم الولاياتالمتحدة ومعظم الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي الذي سيرسل قريبا الى كوسوفو بعثة تحل مكان بعثة الاممالمتحدة التي ادارت كوسوفو منذ نهاية نزاع 1998-1999،وقد أثارهذا الدعم الغربى ضيق الصرب الذين يشعرون أن بلادهم دفعت ما يكفي لدورها في الحروب التي دارت في التسعينات. ويرى المراقبون أنه بالنظر لارتفاع نسبة المشاركة في الجولة الأولى والنسبة التي حصل عليها نيكوليتش يمكن التوقع بان تنافسا قويا سيحدث بين الاثنين في الجولة القادمة ولن يكون بامكان تاديتش الاحتفاظ بمنصبه للفوز في الجولة الثانية إلا في حالة حصوله على دعم حزب رئيس الحكومة الصربية فويسلاف كوشتونيتسا الحزب الديمقراطي . إلا أن المحللين السياسيين الصرب يروا أنه طالما أن الخلافات قائمة بين الطرفين علنا فان حزب كوشتونيتسا سيجد صعوبة في دعم تاديتش خاصة وان سياساته وأهدافه الاستراتيجية لا تلتقي جميعها مع مواقف الحزب الديمقراطي لصربيا .. أهم الاحزاب الصربية: تحتل صربيا موقعاً مهماً في البلقان،وتشكل إحدى مكونات جمهورية يوغسلافيا الاتحادية السابقة وهي على ارتباط تقليدي ثقافي وديني مع روسيا .ويوجد بها عدد من الاحزاب هى الحزب الراديكالي الصربي - توميسلاف نيكوليتش الحزب الديمقراطي - الرئيس بوريس تاديتش الحزب الديمقراطي الصربي - رئيس الوزراء فوييسلاف كوستونيتشا الحزب الاشتراكي الصربي الحزب الليبرالي الديمقراطي الاحزاب التى ينتمى اليها المتنافسين فى إنتخابات الإعادة هى : -الحزب الديمقراطي ينتمي إليه رئيس الجمهورية بوريس تاديتش ،و تأسس الحزب الديمقراطي في عام 1919 بعد ان ساد جو من الديمقراطية المملكة التي تشكلت في عام 1918 وسميت مملكة الصرب والكروات والسلوفينيون، المملكة كانت ديمقراطية ذات نظام برلماني، واستمرت ما بين عام1918 وعام 1928 استطاع الصرب خلالها تشكيل دولة ذات نظام برلماني بالإضافة الى وجود تعدد حزبي. والحزب له توجه ديمقراطي اشتراكي على الطريقة الأوربية.ومن القضايا التي يطرحها الحزب اثناء حملاته الانتخابية كيفية جعل الحياة أفضل، والدخول الى الاتحاد الأوربي . - الحزب الراديكالي الصربي (القومى المتشدد) و ينتمى اليه توميسلاف نيكوليتش القومي المتشدد،و يحتل هذا الحزب اكبر عدد من المقاعد في البرلمان ويرى ان على صربيا ان تدير ظهرها عن اوروبا اذا استقل كوسوفو. وخاض الحزب حملة مناهضة للغرب بقوة، ويذكر أن زعيم الحزب، فوييسلاف سيسيلي، يحاكم لدى المحكمة الدولية في لاهاي بناء على اتهامات بارتكاب جرائم حرب. وكان الحزب الراديكالي الصربي قد حكم البلاد في ظل الزعيم الراحل سلوبودان ميلوسيفيتش خلال التسعينات