مع أهمية أن ينسق رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لفك الارتباط مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبقدر أهمية ان يواجه عباس في النهاية المنظمات الفلسطينية الرافضة فان هناك مشكلة اكثر اهمية وهي تصميم شارون على استخدام الانسحاب ليس بوصفه مقدمة لاتفاق شامل يقوم على مبدأ الارض مقابل السلام بل لجعل مثل هذا الاتفاق مستحيلا. \r\n من البداية الحقيقية لإعلانه أن إسرائيل ستفك الارتباط من جانب واحد من غزة اوضح شارون انه يعمل ذلك حتى يتفادى مخاطر استئناف عملية السلام التي يمكن ان تطلب من إسرائيل الانسحاب من الضفة الغربية وكما ذكر مستشاره البارز ورئيس الأركان السابق دوف ويسغلاس بطريقة فظة العام الماضي فان النية من الانسحاب هي وضع خارطة الطريق وعملية السلام والدولة الفلسطينية في الفورمالديهايد (غاز عديم اللون نافذ الرائحة) أي قتل كل ذلك وفي 30 يونيو الماضي اعلن شارون نفسه ان احتجاجات المستعمرين لن تثنيه عن إكمال فك الارتباط بغزة لأن هدفه هو تقوية قبضة إسرائيل على الضفة الغربية وهو الهدف الذي لايزال يشترك فيه شارون مع المستعمرين الذين يصفهم بأنهم زبدة او صفوة الشعب اليهودي . \r\n إن السبب الرئيسي لشل عملية السلام حتى بعد إحلال عباس محل الرئيس الراحل ياسر عرفات هو الترف الخيالي لشارون وحكومته بأنهم سيستطيعون مطالبة الفلسطينيين بالموافقة على بتر أكبر للأراضي المتقلصة الباقية للفلسطينيين وهي ال22% من فلسطين قبل 1948 التي تقع شرق حدود ما قبل 1967 كشرط للعودة إلى محادثات السلام وهذا الشرط هو الذي يستمر في تأخير استئناف العملية السياسية ويمكن شارون من الاستمرار في خلق وقائع جديدة على الارض والتي تعمل على الرغم من الهدنة غير الرسمية وعلى الرغم من إصرار جورج بوش على ان خارطة الطريق التي تمنع مثل هذه الانشطة يجب مراقبتها من جانب إسرائيل تماما كما هو من جانب الفلسطينيين ان استمرار شارون في توسيع المستعمرات على الاراضي الفلسطينية والتخطيط لمشاريع اسكان ضخمة سوف تطيح بخيار إقامة عاصمة للدولة الفلسطينية في القدسالشرقية وتوسيع البنية الاساسية الضخمة في الضفة الغربية من أجل استخدام المستعمرين لها فقط وخلق معازل فلسطينية مغلقة ما هو الا استهزاء بالحل على اساس دولتين والمسئول الفردي عن وضع الارضية الفكرية لفك الارتباط الاحادي من غزة هو الجنرال ايفال غيلادي الرئيس السابق لوحدة التخطيط الاستراتيجي في الجيش الاسرائيلي وحاليا المدير لوحدة التنسيق الاستراتيجي للانسحاب في مكتب رئيس الوزراء واوضح غيلادي مؤخرا في التلفاز الاسرائيلي لماذا ليس أمام اسرائيل خيار الا العمل من جانب واحد لانه كما ذكر أن القيادة الفلسطينية لم تكن في الماضي تحت حكم عرفات او في الحاضر تحت حكم محمود عباس مستعدة لعملية سلام حقيقية وبالنسبة لغيلادي وكما هو الحال بالنسبة لشارون فان الاستعداد هو بمعنى الاستعداد لتصميم إسرائيلي على التعامل فقط مع قيادة فلسطينية تقبل خارطة إسرائيل بدولة فلسطينية جديدة ويتوافق ذلك مع ما أعلنه رئيس الاركان السابق موشي يعلون بان تفاوضا ناجحا مع الفلسطينيين يمكن ان يبدأ فقط بعدما تغرس إسرائيل داخل الضمير الفلسطيني بشكل عميق انهم شعب مهزوم ويرفض شارون التعاون مع عباس ويصفه بالقائد الضعيف الذي لاتستطيع إسرائيل التعامل معه . وان كان ضعف عباس هو الى حد كبير نتيجة لمعارضته العنف الفلسطيني فهل نفذ شارون متطلبات خارطة الطريق وبرهن على صحة عباس في الاصرار على ان الفلسطينيين يمكنهم تحقيق تقدم صوب هدفهم الوطني من خلال الوسائل السلمية فقط فعندئذ يمكن النظر الى عباس بوصفه زعيما قويا. \r\n بل العكس فإن شارون يتجاهل خارطة الطريق وأخلف وعده بتخفيف معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الاسرائيلي حيث يبقي على كل نقاط التفتيش وكل إغلاقات الطرق ويخيب آمال الفلسطينيين بشكل كبير في عملية إفراج مهمة للاسرى المعتقلين في السجون الاسرائيلية وتؤكد هذه الاحباطات النتيجة التي أرادها شارون وهي تقويض مصداقية عباس داخل المجتمع الفلسطيني وتأجيل مجرد التوقع بالعودة الى مفاوضات السلام حتى في المستقبل البعيد وكما اشار تصريح رايس في اسرائيل بانه يتعين على شارون ان يلحق مباشرة الانسحاب من غزة بالعودة الى خارطة الطريق وانسحابات اخرى من الضفة الغربية فان واشنطن ليست غير مدركة او غير منحازة لنوايا شارون وماهو غير واضح هو متي سيحين الوقت الذي تقرن فيه نصحها البلاغي بفعل حقيقي . \r\n \r\n هنري سيغمان \r\n باحث بارز مختص بشئون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية والرئيس السابق للتجمع اليهودي الاميركي . \r\n خدمة (هيرالد تريبيون انترناشيونال) نيويورك تايمز خاص ب(الوطن).