وفي الأسبوع الماضي تأكد هذا الأسلوب، الذي يصب بلا خفاء في صالح الأغنياء، عندما تم بيع قطعة أرض تبلغ 243 هكتارا تملكها مصانع النسيج المعطلة إلى نفس السياسيين الذين بنوا سيرتهم من خلال معارضة عمليات البيع هذه بكسب أصوات العمال. \r\n \r\n وحتى وقت قريب كان زوار منطقة \"لور باريل\" في قلب المدينة، حيث توجد هذه المصانع، يصطدمون بأكواخ ذات حجرة واحدة، أقامها العمال المجبرون على الإقامة على طول أسوار المنشآت العالية في انتظار استلام مستحقاتهم. \r\n \r\n وقد بدا أن فترة طويلة قد مرت منذ توقفت معظم المصانع في أعقاب إضراب فاشل لعمال النسيج في 1982، وقد مات الكثيرون في المساكن المؤقتة المائلة الموجودة خارج المصانع أو يئسوا وعادوا إلى قراهم البعيدة. \r\n \r\n والآن صارت أراضي المصانع تباع في المزاد بأسعار تتجاوز تلك الخاصة بناطحات السحاب في منطقة \"ناريمان بوينت\" على طرف شبه الجزيرة التي تشكل معظم مومباي. \r\n \r\n ولم يتم تقديم أية اعتذارات في 21 يوليو عندما تم بيع منشآت مصنع كوهينور المملوكة للحكومة المركزية، والتي تبلغ مساحتها هكتارين، في مقابل سعر بلغ بليون دولار أمريكي. \r\n \r\n وقد كانت الأخبار القائلة بأن أعلى عقارات المدينة ثمنا موجودة في قسم يخص الطبقة العاملة أخبارا صادمة بما فيه الكفاية، ولكنها انتهت إلى أن من رسا عليه المزاد كان هو حزب \"شيف سينا\" ذو التوجه الهندوسي، والذي عارض منذ البداية قيام القطاع الخاص بتطوير أرض المصانع، سواء كانت مملوكة للحكومة أو لغيرها. \r\n \r\n ولم تردع تلك القضية المعلقة في محكمة بومباي العليا القائمين بالبناء التي تتحدى عملية تحول أرض المصانع، فهم واثقون من أن السياسيين أصحاب المصالح الشخصية في عملية تطوير هذه الممتلكات سوف يقفون دائما إلى جوارهم. \r\n \r\n وفي الأسابيع الأخيرة تم بيع عدد من مباني المصانع إلى القائمين بالبناء بأسعار سجلت أرقاما قياسية. وفي منتصف يونيو تم بيع مصنع مومباي للنسيج، الذي تبلغ مساحته 7 هكتارات، بما يقارب 2 بليون دولار. \r\n \r\n وقد أعلن مشترو كل هذه الأراضي عن خطط بشأن بناء شقق فاخرة، ومراكز تجارية، وفنادق، ومراكز للترفيه، على أرض كانت عليها مصانع النسيج لأكثر من قرن. \r\n \r\n وفي الحقيقة أن ثمة مشكلة وهي أن نشاط التطوير سيشهد تدمير مباني رائعة من العصر الفيكتوري، مبنية من حجارة مزخرفة، كما أن هذا التطوير سيدمر قدرا كبيرا من تراث المدينة، ومع هذا فهناك مصادر أخرى للقلق أكثر إلحاحا. \r\n \r\n ففي الوقت الذي كانت فيه المصانع وعمليات البيع هي التي تصنع الأخبار، كان الألوف من المشردين في المدينة يرتجفون من الرياح الموسمية القاسية القادمة من البحر العربي، وهم يعيشون في مساكن مؤقتة. \r\n \r\n ويوجد 100 ألف طفل من بين ال400 ألف الذين شُرّدوا بسبب عمليات تصفية حي الفقراء في مومباي، وهو ما أثار ميلون كوثاري مقرر الأممالمتحدة المعني بالحق في السكن اللائق ليصفها بأنها \"أكثر عمليات الهدم وحشية في الفترات الأخيرة\". \r\n \r\n وقد تم القيام بعمليات الهدم التي بدأت في ديسمبر 2004، لإزالة أكثر من 81 هكتارا من الأرض، باسم مشروع تطوير يبلغ ثمانية بليون دولار أعلنه رئيس وزراء الولاية فيلاسرو ديشموك من أجل \"تحويل مومباي إلى شانغاهاي أخرى\". \r\n \r\n وقد توقفت عمليات الإزالة فقط بعد الاضطرابات المستمرة التي قامت بها بعض المنظمات، ومن بينها حركات تحالف الشعب الوطني التابعة للناشط ميدا باتكار. وبعد اضطرابات طويلة ومعركة قانونية أقرت الحكومة بوجود بعض عمليات الهدم غير القانونية. \r\n \r\n لكن عشرات الآلاف من العائلات لا زالت مشردة وقد فقدت كل ممتلكاتها، كما فقدت الوثائق التي تثبت حقها في العيش في المدينة. فقد صرحت ديبيكا دسوزا، رئيسة لجنة الشعب الهندي قائلة: \"إن أكثر من 50 بالمائة من سكان المدينة يعيشون في مساكن مهدمة أو يقومون بإعداد أماكن مؤقتة للمأوى، رغم أنهم يشغلون 10 بالمائة فقط من مساحة المدينة\". \r\n \r\n وأضافت: \"إنهم يعملون في المساعدات المحلية في البيوت، وفي شكل عمالة غير منظمة في الصناعات التي تعمل على نطاق ضيق وفي المنشآت الصغيرة. إنهم يتجولون ليبيعوا الخضروات والبضائع المنزلية بأسعار بسيطة، وهم يوفرون المال الذي يكفيهم ليعيشوا، فيعيشون في مستوطنات مؤقتة قريبة الشبه جدا بأماكن عملهم\". \r\n \r\n كما قال فينود شيتي، المحامي المختص في قضايا العمل، وأحد مؤيدي حركات تحالف الشعب الوطني: \"إن أصحاب العمل ليس مفروضا عليهم أن يقوموا بتوفير الإسكان، ولذا فإن العمال مجبرون على المعيشة في أحياء الفقراء، وهناك مساحة كبيرة من الأرض تبلغ حوالي 6.075 هكتارا كان ينبغي أن يتم السيطرة عليها بموجب قانون سقف الأرض المدنية، ولكن بدلا من ذلك سترتفع المراكز التجارية على أرض محفوظة للإسكان الشعبي\". \r\n \r\n ولم ييأس المخططون للأراضي المدنية من الكفاح من أجل تطوير أكثر تنظيما وإنصافا لأرض المصانع من أجل توفير إسكان للعمال، وأسباب الراحة العامة، والمساحات المفتوحة. \r\n \r\n ومن جانبه صرح المهندس المعماري نيرا أداركار، الذي شارك في كتابة \"مائة عام: مائة قصة\"، موثقا فيها حياة عمال النسيج، قائلا: \"لقد قالت الحكومة إن عمليات الهدم كانت ضرورية حتى تحتفظ مومباي بالمساحات المفتوحة\". \r\n \r\n وكانت أرض المصانع قد تم تسليمها في الأصل بإيجار رمزي من أجل تشجيع صناعة النسيج. وقد استخدم الناشط شايلش غاندي قانون الحق في الحصول على المعلومات من أجل التوصل إلى أن ملاك المصانع كانوا يقومون ببيع الأرض، رغم أن عقود إيجارهم كانت قد انتهت قبل ذلك بسنوات. \r\n \r\n ويضيف داتا إيشاوالكر رئيس لجنة كفاح عمال النسيج (جيرني كامجار سانجارش ساميتي)، وهي إحدى النقابات التجارية المسجلة في مومباي: \"إن مومباي تنتمي للطبقة العاملة التي قامت بتطويرها\". \r\n \r\n ويتابع إيشاوالكر محتجا: \"إن أرض المصانع ينبغي أن يتم استغلالها لصالح إسكان ذوي الدخول المنخفضة، ومن أجل المشاريع الصغيرة لصالح أبناء عمال المصانع ليستعيدوا حياتهم من جديد؛ فالإصلاح ينبغي أن يكون أولا لصالح بقاء الناس\". \r\n \r\n وقد كان يعمل في صناعة النسيج 250 ألف شخص، والكثير منهم الآن يحصلون على لقمة عيشهم بالكاد من خلال العمل في وظائف غريبة أو كباعة متجولين. ولأنهم مدربون على حرفة واحدة فإنهم غير قادرين على الحصول على وظائف مناسبة في حرف أخرى. ويواجه الجيل التالي أزمة بسبب إغلاق التصنيع في كل المدينة مع التوجه نحو خدمات العمل الإداري. \r\n \r\n شاراد والاوالكر، أحد الذين فقدوا وظائفهم في مصانع ماتوليا، ويعيش الآن في الغالب على الأموال التي تتكسبها زوجته من خلال تجهيز وجبات للعمال. وهو الآن يعمل حارس أمن لمدة 12 ساعة يوميا في مركز تجاري داخل منشآت مصانع فونيكس، في مقابل نصف راتبه السابق. \r\n \r\n ويعود إيشاوالكر ليقول: \"لا يتم القيام بأي شيء لصالح آلاف العمال الذين فقدوا موارد رزقهم خلال السنوات الماضية؛ فالحكومة تتحدث عن تحويل بعض المباني إلى أماكن تراثية. إن عليها أولا أن تقوم بتقديم تعويضات لآلاف العمال\". \r\n \r\n ويضيف إيشاوالكر: \"لقد فقد حوالي ستة آلاف عامل من مصانع كاتو وظائفهم عندما تم إغلاقه بنهاية عام 1997، وحتى الحكومة تقول إن عملية الإغلاق لم تكن قانونية\". ومصنع كاتو يمتلك 21.87 هكتارا من الأرض في مومباي في انتظار بيعها، إضافة إلى 50 مليون دولار كمستحقات معلقة للعمال. \r\n \r\n أما المؤرخ المدني فوي نيسسين فيقول: إنهم يفقدون الفرصة لبناء بيئة متوازنة بمساحات واسعة، وتلبية حاجات الإسكان الخاصة بالفقراء\". \r\n \r\n وفي نفس الوقت يتحسر الأمين العام السابق للتطوير المدني ج. س. بانتباليكوندري قائلا: \"كان بإمكاننا التعامل مع مشكلات البنية التحتية الملحة في بومباي مثل طرق المواصلات غير الكافية والمساحات المفتوحة\". \r\n \r\n وقد لاحظ اجتماع سكان بومباي الذي عقد مؤخرا تحت شعار لجنة التحرك الشعبي في بومباي أن أراضي المصانع \"سلمت لأصحاب المصانع من أجل تطوير صناعة النسيج وتوفير فرص العمل لا أن يضاربوا في العقارات\". \r\n \r\n ويقول الناشط الوطني جيرسون ديكونها: \"لقد أسست بومباي من خلال استخدام أراضيها في أغراض اقتصادية واجتماعية، وقد كانت مصانع النسيج هي أفضل مثال على ذلك حيث أعطيت الأراضي من أجل بناء صناعة، أما الآن فقد أهديت للذين يقومون بالبناء، الذين قاموا بتمويل الحزب الحاكم في الانتخابات الأخيرة\".