منذ اقامة هذه الاجهزة الامنية الجديدة من قبل ال «سي‚آي‚إيه» رسميا في يوليو 2004 تمت الاستعانة بخدمات المئات من السنة الذين كانوا يشكلون العمود الفقري لآلة صدام الامنية الجهنمية ولم تعترض الحكومة العراقية السابقة بقيادة إياد علاوي على ذلك كون علاوي نفسه كان على علاقة قوية بال «سي‚آي‚إيه»‚ كان علاوي رجل اميركا في العراق وفي ظل تحقيقه لانجازات انتخابية ضعيفة في انتخابات يناير فقد ابتعد علاوي عن الحكومة ولكنه نصب نفسه زعيما للمعارضة في البرلمان‚ \r\n \r\n ينظر الى علاوي على انه شيعي علماني موال للغرب ولكن القليل الذي يجمع بينه وبين الاحزاب الشيعية الدينية التي تعارضه لا يعني انه لا يمتلك الكثير من النفوذ داخل القوات الامنية‚ ويبدو ان الاميركيين يريدون منه الاستمرار في اللعبة كقوة موازية للمعسكر الشيعي الحاكم‚ \r\n \r\n ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء وهو شيعي وخصم سابق قوي لنظام صدام له خبرة جيدة في العمل الاستخباري وينظر حلفاؤه للأجهزة الامنية الجديدة والقوات العسكرية النظامية وشبه النظامية التي تخضع لسيطرة وزارتي الدفاع والداخلية على انها اصبحت مليئة بالمتعاطفين مع المتمردين وبالجواسيس والمخربين ومسؤولين حكوميين سابقين تلطخت ايديهم بدماء الشعب العراقي‚ \r\n \r\n تقول الاحزاب الشيعية الدينية ان القيام بحملة تطهير واسعة النطاق من القمة للقاعدة سيعطي الحكومة الجديدة الشرعية التي تحتاجها لسحق التمرد الذي لا يضعف بل يزداد عنفوانا مع مرور الايام بالرغم من انه يقف لعامين متتالين امام اعتى قوة عسكرية على وجه الارض ألا وهي الآلة العسكرية الاميركية الجبارة‚ \r\n \r\n قضية خسارة الائتلاف الذي تقوده الولاياتالمتحدة لهذه العقول الامنية المتميزة التي تم تجنيدها امر بدأ يثير قلق واشنطن مما دعا وزير الدفاع دونالد رامسفيلد للطيران الى بغداد في زيارة مفاجئة في ابريل التقى خلالها الجعفري وحذره من مغبة القيام بأي عمليات تطهير للاجهزة الامنية أو المساس بالعاملين فيها من السنة‚ \r\n \r\n جاء هذا التدخل الاميركي في الشأن العراقي بالرغم مما تعلنه ادارة بوش عن رفع يدها عن السياسات العراقية‚ \r\n \r\n واشنطن تتخوف من ان أي حملة تطهير كبرى تعني خسارة أناس متمرسين في مكافحة التمرد وهي في أمس الحاجة لخدماتهم اضافة الى ان ذلك سيطال ايضا القوات العراقية التي بذلت واشنطن جهودا جبارة من أجل اقامتها وبتكلفة عالية تخطت خمسة مليارات دولار‚ وتخطط واشنطن لكي تقوم هذه القوات بدور امني أساسي يسمح لها بالتالي بتخفيض اعداد القوات الاميركية الموجودة على التراب العراقي‚ \r\n \r\n وينظر الآن للحكومة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة ذات العلاقات الدينية القوية مع طهران على انها اصبحت تشكل تهديدا غير مقبول للاستراتيجية الاميركية‚ \r\n \r\n تعتبر هذه القضية من اكثر القضايا حساسية التي تواجه حكومة الجعفري وهي أول حكومة عراقية منتخبة خلال نصف قرن وتحاول جاهدة فرض نفسها والنجاة من سيف التمرد الذي يهاجمها باستمرار ودون رحمة‚ \r\n \r\n وعليه فإن الجعفري سيرفض على الاغلب التحذيرات الاميركية بسبب الضغوط المحلية التي يعود جزء كبير منها للرغبة في الانتقام وهي رغبة عارمة ليس من السهل تجنبها‚ \r\n \r\n القيام بحملة تطهير على النحو الذي يفكر فيه الشيعة سيعوق دون شك عمليات مكافحة التمرد وعمليات جمع المعلومات الاستخبارية التي يقوم بها البعثيون السابقون الذين سبق لهم وان عملوا خلال حقبة النظام السابق مع قادة التمرد الحاليين‚ \r\n \r\n التطهير يعني الاستغناء عن خدمات السنة وهذا سيشعرهم بالظلم والنتيجة هي اشعال نيران التمرد وابعاد السنة عن أية عملية سياسية وهو أمر في غاية الاهمية اذا ما أريد للتمرد ان يحتوى ويهزم‚ \r\n \r\n عمليات التطهير تلك ستطال بالتأكيد عملاء كثيرين لل «سي‚آي‚إيه» تم زرعهم داخل وزارتي الدفاع والداخلية والذين تم تجنيدهم مباشرة عقب الاطاحة بصدام وهذا سيعوق الجهود الاميركية وسيؤثر سلبيا على النفوذ الاميركي‚ \r\n \r\n ظهور قوات أمنية يسيطر عليها الشيعة عقب عمليات التطهير سيزيد من مخاوف السنة وسيشجع الاكراد وغيرهم على الاحتفاظ بميليشياتهم لحماية أنفسهم من أي بطش محتمل يقدم عليه الشيعة‚ \r\n \r\n مجموعة الجعفري الشيعية المسماة «التحالف العراقي الموحد» تسيطر على وزارة الداخلية المسؤولة عن قوات الأمن الداخلي‚ وتقول ان هذه القوات مليئة بالبعثيين المخلصين لعقيدتهم وبالجواسيس العاملين مع المتمردين الذين يقدمون بطاقات الهوية الشخصية العسكرية والأمنية للمتمردين لاستخدامها في تنقلاتهم ويقدمون لهم في نفس الوقت المعلومات عن كبار الضباط العاملين في الداخلية بما يسهل عملية اصطيادهم وقتلهم أو تخويفهم‚ \r\n \r\n وقد وافق الشيعة على اعطاء وزارة الدفاع للسنة من أجل تهدئة مخاوفهم واعترضوا على احدى الشخصيات التي رشحت لترأس تلك الوزارة بسبب روابطه البعثية السابقة‚ \r\n \r\n ومع ذلك تبقى وزارة الداخلية احدى المعاقل التابعة لعلاوي بما تمتلكه من قوات شبه نظامية اصبحت تمثل رأس حربة في الوقوف في وجه التمرد‚ \r\n \r\n وتتضمن هذه القوات «المغاوير» التي يبلغ عدد افرادها 5 آلاف فرد تم اختيارهم بصورة كبيرة من قوات الأمن الخاصة لصدام ومن الحرس الجمهوري‚ هذه القوة السنية في معظمها يقودها ابن أخت علاوي اللواء عدنان السامرائي وهو ضابط جيش سابق تورط في مؤامرة فاشلة للاطاحة بصدام مدفوعا من قبل المؤتمر الوطني العراقي الذي كان يوجد في الاردن‚ هذه القوة تلقى القبول والاعجاب والتقدير من قبل الاميركيين نظرا لانضباطها الشديد وصلابتها وفعاليتها في ملاحقة المتمردين‚ \r\n \r\n من غير المحتمل ان يسمح علاوي للشيعة بحل ذلك الجيش شبه النظامي الذي اقامه‚ فهذه القوة يمكن استخدامها ايضا في المستقبل اذا ما حدث تمرد شيعي‚ الى جانب مغاوير الشرطة هناك خمس ميليشيات يسلحها ويدربها البنتاغون وهي تنشط ضد التمرد ويرأسها أناس يدينون بالولاء لعلاوي‚ \r\n \r\n هذه الميليشيات لا يرغب الاميركيون في خسارتها تحت أي ظرف من الظروف وستعمل بطريقة أو بأخرى على دعم علاوي ولو بصورة سرية‚ حتى الآن على الاقل لا تمتلك الحكومة العراقية اي سيطرة فعالة على جهاز الاستخبارات في البلاد الذي يقع بالكامل تحت سيطرة ال «سي‚آي‚إيه» التي تموله ايضا‚ \r\n \r\n لا يوجد هناك أي بند في الميزانية الحكومية لتمويل هذا الجهاز ويرأسه حاليا لواء سني سابق يدعى محمد عبدالله الشهواني الذي يتبع اصلا للميثاق الوطني العراقي الذي يرأسه علاوي حيث سبق لكلا الرجلين ان كانا في المنفى وكانت لهما ارتباطاتهما بال «سي‚آي‚إيه»‚ \r\n \r\n ال «سي‚آي‚إيه» هو الذي موّل خطة الاطاحة بصدام والتي انتهت بكارثة‚ فجهاز المخابرات التابع لصدام كان قد اخترق بعمق تلك الجماعة وحصل على تفاصيل المؤامرة مما تسبب في افشالها واعدام الكثير من المتورطين فيها بمن فيهم أولاد الشهواني الثلاثة‚ \r\n \r\n قضية البعثيين السابقين بدأت تثير التوترات بين حكومة الجعفري وال «سي‚آي‚إيه»‚ ويقول المسؤولون العراقيون ان ال «سي‚آي‚إيه» تحفظ بعد الانتخابات العراقية على جميع ملفات العاملين في المخابرات العائدة لنظام صدام حسين ووضعها بعيدا عن متناول الجميع وترفض تسليمها للحكومة الجديدة‚ \r\n \r\n ويتخوف الاميركيون من أن تقع هذه الملفات أو صور منها بأيدي الايرانيين الذين يدعمون شيعة العراق وبالتالي تعطيهم فكرة عما يعرفه الاميركيون عن العمليات الاستخبارية الايرانية داخل العراق وهي عمليات واسعة النطاق بكافة المقاييس‚ \r\n \r\n محطة ال «سي‚آي‚إيه» في بغداد تعتبر اكبر محطة تديرها الوكالة منذ التورط الاميركي في فيتنام ومع تصاعد التمرد بدأت هذه الوكالة في الاعتماد المتزايد على العملاء العراقيين في عمليات جمع المعلومات الاستخبارية‚ \r\n \r\n لقد تصاعد التمرد الى مستويات دفعت ال «سي‚آي‚إيه» بدرجة أو بأخرى للوجود داخل المنطقة الخضراء المحروسة جيدا في وسط بغداد‚ \r\n \r\n مما تقدم ليس من المستغرب بالتالي رؤية حكومة الجعفري وهي تمضي قدما في خطط التطهير‚ السؤال الآن هو الى أي حد سيكون الاميركيون مستعدين لمنع حدوث ذلك؟ \r\n