وزير الصحة: الدولة ملتزمة بالاستثمار في رأس المال البشري وتعزيز البحث العلمي    مصروفات المدارس الخاصة صداع في رأس أولياء الأمور.. والتعليم تحذر وتحدد نسبة الزيادة    محافظ شمال سيناء يتفقد أعمال تطوير بوابة العريش وبفتتح مقراة الصالحين لتحفيظ القران الكريم (صور)    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 18سبتمبر 2025    اسعار الفاكهة اليوم الخميس 18 سبتمبر فى سوق العبور للجملة    الرئيس السيسي يُوافق على بروتوكول اتفاق لتجنب الازدواج الضريبي مع الإمارات    المشاط: اتفاقية الشراكة من أجل التنمية تضع أساسًا للتعاون المستدام بين مصر وإسبانيا    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجهين البحري والقبلي    الإقليمي للأغذية والأعلاف يختتم البرنامج التدريبي الصيفي لطلاب الجامعات المصرية    صادرات الصين من المعادن النادرة تسجل أعلى مستوى منذ 2012    لليوم الثاني على التوالي.. انقطاع الإنترنت والاتصالات عن مدينة غزة    وزير الخارجية بالرياض للتشاور والتنسيق حول ملفات التعاون المشترك    بعد قليل.. بدء منتدى رجال الأعمال المصرى الإسبانى بحضور الملك ورئيس الوزراء    ملف إنساني يتجاوز خطوط النار.. تقرير أمريكي يتهم روسيا بتجنيد الأطفال    القناة 12 العبرية: لقاء ويتكوف وديرمر في لندن محاولة أخيرة لإحياء مفاوضات غزة    مودرن سبورت "الجريح" يصطدم بصحوة إنبي في الدوري    نيوكاسل يستضيف برشلونة في دوري أبطال أوروبا    تفاصيل مواد الصف الثالث الثانوي العام 2025 وفق القرار الوزاري الجديد    مواعيد القطارات المكيفة والروسية بين القاهرة والإسكندرية وطرق الحجز    الحالة المرورية اليوم، تباطؤ في حركة سير السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    بعد ساعات من هربه.. القبض على قاتل زوجته بمساكن الأمل في ضواحي بورسعيد    مستشفى قنا تستقبل ضحايا مشاجرة دامية داخل قرية الحجيرات    نشرة مرور "الفجر ".. زحام بميادين القاهرة والجيزة    28 سبتمبر محاكمة عاطلين في حيازة أسلحة نارية ومخدرات بعين شمس    بالفيديو.. ناقد فني يكشف عن 6 أفلام مصرية تتألق بمهرجان الجونة 2025    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري عن 55 عامًا بعد صراع مع المرض    خواكين فينيكس وخافير بارديم وإيليش يدعمون الحفل الخيرى لدعم فلسطين    تبدأ ب 5500 جنيه.. ليلة موسيقية ساحرة لعمر خيرت في قصر عابدين    الضيقة وبداية الطريق    القائمة الكاملة لأفلام مهرجان الجونة السينمائي 2025 (صور)    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    «متحدث الصحة»: نقص الكوادر الطبية مشكلة عالمية    قبل بدايته| استشاري مناعة توضح أهم المشروبات الساخنة في الشتاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    الرئيس السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة.. تعرف عليها    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين حسب أجندة العطلات الرسمية للرئاسة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الخميس 18 سبتمبر 2025    موقف نسائي محرج خلال زيارة دونالد ترامب وزوجته ميلانيا إلى بريطانيا    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/9/2025 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    سيميوني: تمت إهانتي طيلة 90 دقيقة.. لكن عليّ أن أتحلى بالهدوء    محمود وفا حكما لمباراة الأهلي وسيراميكا.. وطارق مجدي للفيديو    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    غزل المحلة يحتج على حكم مباراته أمام المصري: لن نخوض مواجهة حكمها محمود بسيوني    التاريخ يكرر نفسه.. تورام يعيد ما فعله كريسبو منذ 23 عاما ويقود إنتر للتفوق على أياكس    بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مركز ومدينة القصاصين الجديدة    جمال شعبان ل إمام عاشور: الأعراض صعبة والاستجابة سريعة.. و«بطل أكل الشارع»    مسلسل حلم أشرف الموسم الثاني.. موعد عرض الحلقة الثانية والقنوات الناقلة    فائدة 100% للمرة الأولى.. أفضل شهادة إدخار بأعلى عائد تراكمي في البنوك اليوم بعد قرار المركزي    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    الشرع: السلام والتطبيع مع إسرائيل ليسا على الطاولة في الوقت الراهن    حكم مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    «يورتشيتش» يعلن قائمة بيراميدز لمواجهة زد في دوري نايل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيدرالية الهشة مهرب أميركا الوحيد من المأزق العراقي
نشر في التغيير يوم 27 - 09 - 2004


\r\n
لم تكن قد مضت سوى بضع ايام على اختيار علاوي رئيساً للوزراء، حتى تحدث علناً عن تأجيل الانتخابات في العراق واعطى نفسه السلطة لفرض الاحكام العرفية. وفي اوائل اغسطس الماضي اغلق مكتب قناة الجزيرة في بغداد انتقاماً منها لتغطيتها التي لا تحابيه.
\r\n
\r\n
وبالتوازي مع ذلك، سمحت ادارة بوش بأن يفقد الدستور العراقي المؤقت المسمى القانون الاداري الانتقالي صلاحيته، بكل ما فيه من حماية زائفة لحقوق الانسان، وحقوق المرأة والديمقراطية.
\r\n
\r\n
الادارة الاميركية تبدو وكأنها تقامر على مقدرة علاوي على تعبئة ما يكفي من النخبة العراقية ضد المقاومة بحيث تستطيع قوات التحالف ان تتجنب الموت بهذه المعدلات المخيفة الحالية، ويأتي هذا تعبيراً عن مدى بعد أميركا عن طموحاتها الكبيرة السابقة في العراق والتي تضاءلت لتصبح مجرد تحقيق الامن وليس الديمقراطية في سياق عملية كان الهدف منها ليس تغيير العراق فحسب، بل والشرق الاوسط كله.
\r\n
\r\n
فيما اكتب هذه السطور، تواجه حكومة علاوي النشاط الشيعي الذي يمتد من البصرة الى بغداد والذي شمل قتالاً شرساً في مرقد الامام علي في النجف وحوله.
\r\n
\r\n
وبفضل اتفاق ابريل بين القوات الاميركية والقادة البعثيين في النجف اصبحت هذه المدينة ملاذاً آمناً للعديد من العناصر والمدن السنية الاخرى، مثل الموصل وسامراء وبعقوبة مليئة بالمقاومين المسلحين فيما سكان بغداد يعيشون في عاصمة تضج من جرائم العنف والارهاب وعمليات المقاومة، وبالنظر الى كل هذه الامور، تصبح فرص علاوي في النجاح بعيدة عن ان تكون مضمونة.وعلى الرغم من أنني وعلاوي يعرف أحدنا الآخر منذ سنين، فإنني لم أقابله إلا في ابريل 2003 حين عاد الى بغداد عقب 35 عاماً في المنفى.
\r\n
\r\n
وكغيره من زعامات المنفى، عمل علاوي على بناء قاعدة شعبية من الولاء له من قلب النظام السابق حيث كان حين زرته يستقبل وفوداً لا تنقطع من زعماء القبائل وضباط الجيش السابقين والموظفين الكبار في المؤسسات الحكومية في بغداد ومن الموالين السياسيين ومن زملائه السابقين في المنفى. حين قابلته أول مرة تحدث علاوي بكل الدعم للديمقراطية وحقوق الانسان والانفتاح على الاقليات.
\r\n
\r\n
وبالنظر الى الواقع السكاني للعراق فقد قررت ادارة بوش ومبعوث الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي ان يكون رئيس الوزراء العراقي الجديد من الشيعة، وقد رفض مبعوث ادارة بوش هوبرت بلاكويل مرشحين من احزاب شيعية دينية، هما عادل عبدالمهدي من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وابراهيم الجعفري من حزب الدعوة، كما انسحب مرشح شيعي ثالث، تاركاً إياد علاوي رئيساً للوزراء بحكم الواقع.
\r\n
\r\n
وبموجب الدستور المؤقت تتركز معظم الصلاحيات بيد رئيس الوزراء وليس بيد رئيس الجمهورية وعلى الرغم من ان الواقع القانوني لحكومة علاوي ليس واضحاً باعتباره دستوراً مؤقتاً لم يوضع قيد التطبيق، إلا ان علاوي يتصرف وكأن بيده كل الصلاحيات، كما ان اختياره من بين كل منافسيه على المنصب كان اشارة واضحة من جانب ادارة بوش على شكل العراق الذي تريده الولايات المتحدة.
\r\n
\r\n
بدأ اياد علاوي حياته السياسية في حزب البعث، وحين ارسل الى انجلترا عام 1971 لمتابعة دراسته، قيل انه كان يتجسس على الطلبة العراقيين هناك، واتهم بدون دليل حسب ما أعرف بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بما فيها القتل خلال السنوات التي كان فيها في حزب البعث. غير أنه انشق عن صدام حسين منذ زمن طويل وفي أواسط السبعينيات بلغ العداء تجاه النظام حداً جعله هدفاً للاغتيال ففي عام 1978 تعرض لمحاولة اغتيال بفأس في شقته بلندن كادت تتسبب بقطع ساقه.
\r\n
\r\n
ورقد علاوي على اثرها سنة كاملة حتى تعافى في 1991 وأسس علاوي حركة الاتفاق الوطني العراقي والتي جذبت إليها مسئولين وضباط وبعثيين سابقين. ثم على مدى السنوات القليلة المقبلة أصبحت الحركة المجموعة المفضلة للسي آي أيه فيما كان حزب المؤتمر الوطني المنافس بزعامة أحمد جلبي يحظى بدعم الكونغرس الأميركي ثم بدعم المحافظين الجدد في البنتاغون في إدارة بوش.
\r\n
\r\n
جلبي إلى جانب حلفائه من الأكراد والشيعة أخذوا يروجون لعراق يختلف جذرياً عن عراق صدام حسين، أما حركة العراق الوطني العراقي فكانت تشكل بشكل أو بآخر عراقاً شبيهاً بعراق صدام حسين لكن بدون صدام حسين وبدون حزب البعث.
\r\n
\r\n
في 1996 تورط علاوي في أحد اخفاقات «السي آي أيه» العديدة في العراق، وتمثل هذا الاخفاق في محاولة انقلاب فاشلة قام بها ضباط من الجيش. كانت المحاولة متواضعة في خطتها منذ البداية وأحمد جلبي الذي علم بأمرها مسبقاً حذر «السي آي أيه» من أنها ستفشل. وكانت النتيجة قتل 30 من ضباط الجيش العراقي المناوئين للسلطة المركزية.
\r\n
\r\n
خلفية علاوي البعثية وعلاقته ب «السي آي أيه» تسبب الارباك للناشطين الديمقراطيين في العراق. إذ يفضل هؤلاء شخصاً لا تكون سمعته ملطخة على هذا النحو. كما ان ماضيه يضفي المصداقية على الشائعات التي تثور حوله، واحداها قصة نشرتها «مورنينغ هيرارد» الاسترالية وهي تفيد انه أعدم بيده ستة مقاومين عراقيين في مخفر شرطة عراقي قبل نقل السلطة مباشرة.
\r\n
\r\n
زملاء علاوي يتحدثون عنه بإعجاب، لكن حلفاءه أنفسهم يشيرون إلى عيوبه. فعدد من قادة حركة الوفاق الوطني المحترمين انفصلوا عنها بسبب رفضهم أسلوب علاوي السلطوي، بما في ذلك عدم استعداده لسماع المشورة وتوزيع الصلاحيات على الآخرين.
\r\n
\r\n
كما ان زملاءه في المنفى يتحدثون عن اهداره المتواصل لمؤهلاته. إذ فيما يزعم أنه قد سبق والتقى بزعماء العالم تبين ان كل ذلك أكاذيب كما قال دوماً ان له عملاء يأتمرون بأمره داخل العراق وهو غير صحيح.
\r\n
\r\n
موقف علاوي المتشدد أكسبه الاعجاب ليس في واشنطن فحسب بل في بعض مناطق العراق أيضاً. فالكثير من العراقيين قد «ملوا» عمليات المقاومة كما ان سكان بغداد يقدرون جهوده في التعامل مع حوادث الاختطاف والسطو المسلح في المدينة التي خرجت عن نطاق السيطرة. كما ان حديثه عن تأجيل الانتخابات لا يبدو أنه قد كلفه الكثير من التأييد في بلد يهتم بالأمن أكثر بكثير من اهتمامه بالديمقراطية.
\r\n
\r\n
مشكلة علاوي الرئيسية هي أنه يفتقد الشعبية السياسية والموارد المادية لتحويل موقفه المتشدد إلى عمل مؤثر، إذ توصل استطلاع للرأي أجري في أبريل الماضي بتكليف من الإدارة الأميركية إلى ان علاوي هو واحد من أقل السياسيين شعبية في العراق، بل ويعارضه بقوة واحد وستون في المئة من الشعب العراقي.
\r\n
\r\n
كما ان القوات العراقية المتوفرة له من أجل تفعيل خطه السياسي المتشدد لا تتمتع بالقدرة ولا بالولاء فيما اعتماده على القوات الأميركية يزيد من ضعف التأييد الشعبي الضيق أصلاً لحكومته.
\r\n
\r\n
ان محاولة بوش إعادة تشكيل العراق هي حجر الزاوية في سياسته الخارجية، كما ستكون على الأغلب أمراً حاسماً بالنسبة لإدارته. فغزو العراق واحتلاله كانا قرارين عقائديين جداً ويعكسان فلسفة الرئيس والمقربين منه، والمفاجيء هو ان إدارة هذا المشروع المهم لم تترك للعسكريين والمدنيين الاختصاصين الاكثر تأهيلا لانجاحه بل اختير لها اكثر الملتزمين بصورة ضبابية للعراق الجديد.
\r\n
\r\n
في حالات كثيرة كان هؤلاء اناساً لا يعرفون العراق وليست لديهم الخبرة للتعامل مع اوضاع ما بعد الحرب وبدون تجربة في جعل البيروقراطيات الاميركية منتجة، ولا يعرفون سوى القليل عن المواضيع المسئولين عنها مثل التجارة والتمويل وغيرها ولهذا لم يكن من المفاجيء ان الكثيرين منهم نفضوا ايديهم من هذه المسئولية بعد وقت قصير نسبياً.
\r\n
\r\n
لقد شاركت فيما كان مشروعاً رئيسياً لادارة كلينتون وهو احلال السلام في البوسنة، ومع ان جهودنا وقتها كانت تفتقر للحماسة العقائدية التي تميز مشروع بوش لبناء العراق الا ان النتيجة التي حققناها كانت مهمة للبلقان ولفرص نجاح كلينتون في الرئاسة مرة ثانية عام 1996. ان النتيجة التي حققناها في البوسنة، حيث لم يقتل هناك اميركي واحد خلال عمل عسكري استمر 9 سنوات منذ توقيع معاهدة دايتون للسلام كان يمكن ان تكون شبيهة بما يحدث في العراق اليوم. غير ان الحرفية العالية هي على اقل تقدير جزء من سبب عدم حدوث ذلك.
\r\n
\r\n
ان الرأي الاكثر اهمية تجاه الاحتلال الاميركي للعراق هو رأي الشعب العراقي. وقد توصل استطلاع للرأي اجرته الحكومة الاميركية للعراق قبل تسليم السلطة مباشرة الى ان 11% فقط من العراقيين العرب يثقون في سلطة التحالف المؤقتة مقارنة مع 47% في نوفمبر السابق ولهذا فليس من المفاجيء ان الاحتلال الذي بدأ بالترحيب (كما شهدته في ابريل 2003) انتهى بخروج الحاكم الاميركي للعراق متسللا قبل يومين من الموعد المحدد وبمراسم سرية في المنطقة الخضراء المحصنة.
\r\n
\r\n
ان عملية اختيار الحكومة المؤقتة والقرار بالتخلي عن الدستور المؤقت قد تسبب بعداء اكثر تجمعين عراقيين تنظيماً وهما الاكراد والجماعات الشيعية الدينية. وهاتان تمثلان عاملين مهمين بالنسبة للاستقرار على المدى البعيد في العراق ومنهما يبرز اكثر السياسيين شعبية في البلاد.
\r\n
\r\n
في عدد 13 مايو الماضي من «نيويورك ريفيو اوف بوكس» قلت ان تفكك العراق يبدو نتيجة اكثر احتمالا من الانتقال الناتج الى ديمقراطية مركزية واقترحت قائلاً ان الطريقة الوحيدة للابقاء على تماسك العراق هو فيدرالية رخوة مكونة من كردستان في الشمال وكيان سني في الوسط وكيان شيعي في الجنوب مع بقاء بغداد عاصمة فيدرالية بإدارة مشتركة.
\r\n
\r\n
الاحداث اللاحقة تجعل من هذا التفكك اكثر احتمالا من السابق. فالاكراد الذين كان تعلقهم بالعراق ضعيفاً منذ البداية ازداد تعلقهم به ضعفا نتيجة الطريقة الفجة التي استبعدوا بها من المناصب العليا في الحكومة المؤقتة وبقرار ادارة بوش التخلي عن الدستور المؤقت. ومع تنامي التأييد للمتشددين بين العرب في العراق، اخذ الاكراد على نحو متزايد ينظرون الى باقي العراق على انه ارض غريبة.
\r\n
\r\n
وفيما كان القادة الاكراد قبل بضعة اشهر فقط يركزون على زيادة نفوذهم في بغداد اخذوا الآن يفكرون في كيفية الانفصال عن العراق في حال تدهور الاوضاع اكثر مما هي عليها الآن وهو ما يبدو امراً حتمياً.
\r\n
\r\n
الاحزاب الشيعية الرئيسية تراهن على الوقت الى حين اجراء الانتخابات التي تأمل ان تنتصر فيها. اما الاحزاب الشيعية الدينية المعتدلة التي لم تحصل سوى على مواقع هامشية في الحكومة الحالية فتجازف بالتعرض لمزيد من التحدي لها من جانب التيار المتشدد سواء في الشارع .
\r\n
\r\n
او في صندوق الانتخابات وبدون الدستور المؤقت ليس هناك قواعد على الأرض تحكم مرحلة ما بعد الانتخابات والنتيجة المحتملة لذلك هي المواجهة بين الزعامات الدينية الشيعية التي تريد فرض دولة اسلامية في العراق وبين الاكراد الساعين للحفاظ على حكومتهم الذاتية العلمانية في الشمال.
\r\n
\r\n
لقد حاول مقتدى الصدر ان يجتذب اليه العرب السنة وشعاراته التي رفعها في الشارع مفادها ان السنة والشيعة صف واحد، لكن ليس هناك احساس مواز بالتضامن من جانب العرب السنة الذين يخشون ان تبتلعهم الاغلبية الشيعية. ومع ان المجاهدين في الفلوجة ارسلوا الامدادات لمقاتلي مقتدى الصدر، فإن المتشددين من السنة لديهم تحفظاتهم في هذا الصدد، لكن من المهم ان ننتبه الى ان الخلافات بين السنة والشيعة في العراق ليست بعمق الخلاف القومي بين العرب والاكراد.
\r\n
\r\n
ان الخلاف بين الاكراد والعرب في العراق لا يعود الى القومية والتاريخ فحسب، فالجانبان لهما رؤيتان مختلفتان بالنسبة لما يجب ان يكون عليه العراق. وهذا الخلاف تزايد في اشهر الفوضى الاخيرة من عمر الاحتلال، الاكراد متمسكون بالعلمانية وبفصل الدين عن الدولة. اما العرب وخصوصاً الشيعة منهم فيريدون للاسلام دوراً مهماً في الحكم. ويعتقدون انه يجب ان يكون مصدراً رئيسياً للتشريع.
\r\n
\r\n
هذه الخلافات تظهر اكثر في المواقف من الاميركيين فاستطلاع الرأي الذي اجرته الادارة الاميركية اظهر ان 90% من العراقيين العرب يرون الاميركيين قوات احتلال و2% فقط منهم يرونهم قوات تحرير اما الاكراد فإن 80% منهم يعتبرونهم قوات تحرير. لكن حتى بغض النظر عن الموقف من الاميركيين يصعب تخيل بلد متماسك حين تكون للقوميتين الرئيسيتين فيه وجهات نظر مختلفة على هذا النحو حول طبيعة الدولة.
\r\n
\r\n
فضائح سجن ابوغريب الى جانب النجاح الذي حققه المقاومون في الفلوجة ومقاتلو الصدر عمق هذه الخلافات فهذه الانتهاكات ضد السجناء العراقيين اثارت الغضب الشديد بين العرب بل ان اولئك المعارضين للمقاومين منهم رحبوا بهذه الورطة التي وقعت فيها قوة الاحتلال. وفي المقابل خففت الصحافة والتلفزيون الكرديين من امر هذه الفضائح، بل ان بعضاً من الذين تحدثت معهم من الاكراد لم يكونوا منزعجين من هذه الانتهاكات ضد السجناء.
\r\n
\r\n
وبعضهم قال ان هؤلاء ربما يستحقون هذه المعاملة. كما ان الاكراد الذين يرون مصيرهم معلقاً بالولايات المتحدة يتمنون ان تقضي القوات الاميركية على المقاومين من السنة والشيعة معاً.
\r\n
\r\n
لقد حلت الواقعية مكان الديمقراطية وبناء الدولة باعتبارها محور سياسة ادارة بوش في العراق. وللأسف فإن هذه الادارة تواجه المشكلات في تعريف وتنفيذ السياسة الواقعية. ومثل سياستها العقائدية السابقة، فإن مشكلات السياسة الواقعية الجديدة تنبع عن الجهل بتاريخ ومجتمع العراق. فحتى لو اراد اياد علاوي ان يكون نسخة ألطف من صدام حسين فإنه فشل في ذلك.
\r\n
\r\n
قبل الغزو الاميركي كانت المؤسسات التي تحمي نظام صدام حسين وهي الجيش والحرس الجمهوري والأجهزة الامنية منكوبة بالمشكلات الداخلية فأتى الاميركيون وقضوا على هذه المؤسسات وهم الآن غير قادرين على اعادة تشكيلها.
\r\n
\r\n
ان سياسة واقعية بالفعل من شأنها ان تعترف بما هو موجود في العراق فعلا وبما يمكن له ان ينجح مع هذا الواقع. كردستان تتصرف وكأنها دولة مستقلة فعليا، وبدون اي وجود للسلطة المركزية فيها. اما في الجنوب فإن الاحزاب الشيعية المختلفة والمؤسسات الدينية تقوم بدور السلطة الشيعية هناك والادارة المحلية. وليس للولايات المتحدة ولا لحكومة علاوي القدرة على تغيير هذا الواقع، بل لم يبذل كلاهما اي محاولة للتغيير.
\r\n
\r\n
وبالتالي فإن العمل على ترجمة هذا الواقع على الارض على شكل فيدرالية رخوة يمكن ان يقلص مخاطر نشوب حرب اهلية. كما ان الاعتراف بكيان شيعي وتعزيزه يوفر فرصاً افضل بكثير للتعامل مع مصادر المشكلات، مثل مقتدى الصدر، مقارنة بحكومة مركزية غير ذات شعبية. مثل هذه السياسة الواقعية لن تلغي الديمقراطية.
\r\n
\r\n
بل على العكس فإنها تقوم على الاعتراف بأن التنوع العراقي يحتاج الى حلول مختلفة جداً وتسعى الى احتواء الجميع عبر السماح لكل طرف بتقرير ما يريد في سياق عملية ديمقراطية كما ان الناس الذين يسيطرون على مصيرهم اكثر قابلية للتعامل بفاعلية ضد عدو مشترك سواء كان ارهاباً ام تطرفاً من أولئك الذين يسكنهم هاجس حماية هويتهم الذاتية.
\r\n
\r\n
ان ادارة بوش تراهن على ان مواقف علاوي الحازمة يمكن ترجمتها الى عمل فاعل ضد المقاومة. لكن على الرغم من كل ذلك يعاني رئيس الوزراء العراقي من المشكلة نفسها التي عانتها سلطة التحالف المؤقتة وهي الافتقار للشرعية. قد يكون اكثر قدرة من قوات الاحتلال، لكنه سيبقى في عيون العراقيين رجلهم.
\r\n
\r\n
ان الولايات المتحدة تواجه معضلة لا حل لها في العراق. فإذا ما ابكرت في انسحابها تجازف بترك حكومة ضعيفة غير قادرة على التعامل مع الفوضى التي ستصبح ارضا لتفريغ الارهاب.
\r\n
\r\n
لكنها ان بقيت في العراق فستزعزع شرعية الحكومة العراقية التي تريد دعمها كما ان العمليات العسكرية الاميركية توفر مزيداً من المجندين لاعدائها. اما ميزة استراتيجية فيدرالية رخوة فهي انها قادرة على ارساء مناطق قوية وبالتالي توفر لها مهربا ممكنا من هذه المعضلة. غير ان الاستراتيجية الحالية، ان كانت استراتيجية أصلاً فإنها لا تقدم لنا اي مخرج.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.