انخفاض اللحوم.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق اليوم (موقع رسمي)    ارتفاع معدل التضخم في بريطانيا لأعلى مستوى منذ نحو 18 شهرا    ارتفاع الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    قرار جديد من النقل: تمديد الغلق الكلي المؤقت لجزء من الدائري الإقليمي في أحد الاتجاهين    بعد تجدد الاشتباكات في السويداء.. كاتس: سنواصل استهداف القوات السورية حتى انسحابها    الجيش الإسرائيلي يبدأ شق محور جديد داخل خان يونس    وزير الخارجية ومبعوث ترامب للشرق الأوسط يبحثان وقف النار في غزة    "وسام القطعة الناقصة".. نجم الزمالك السابق: لاعب الأهلي هيكسر الدنيا بالأبيض    تقارير: مانشستر يونايتد مجبر على التنازل لكي يتخلص من سانشو    نجم الزمالك السابق: محمد عبدالمنعم أصعب مدافع واجهته في مصر    صفقة صعبة.. فياريال يستهدف لونين حارس ريال مدريد    وفاة الطفلة "رحمة" خامس ضحايا أسرة الموت الغامض في المنيا    كتلة لهب على طريق السخنة.. اندلاع حريق في سيارة نقل محملة بالتبن    فريق طبي بمستشفى أجا ينجح فى إنقاذ مريض من موت محقق بعد لدغة أفعى سامة    تطورات جديدة بشأن مصير كأس العرب 2025.. التأجيل يلوح في الأفق    فيلم أحمد وأحمد يتخطى 40 مليون جنيه في أسبوعين عرض    قصور الثقافة تواصل برنامج "مصر جميلة" بورش تراثية وفنية في شمال سيناء    بالتنسيق مع الأزهر.. الأوقاف تعقد 1544 ندوة بشأن الحد من المخالفات المرورية    تنسيق الصف الأول الثانوي العام والفني 2025 بالمحافظات (رابط التقديم الرسمي والحد الأدنى)    اجتماع موسع بإدارة بئر العبد الصحية لمتابعة تنفيذ مبادرة "100 يوم صحة" بشمال سيناء    مصرع 8 وإصابة شخص واحد في حوادث بسبب الأمطار الغزيرة في باكستان    أسعار البيض اليوم الأربعاء 16 يوليو    نهاية الخائنين والمنافقين للأمة على يد حلفائهم (2)    تراجع سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 16 يوليو 2025    45 دقيقة.. متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط»    ضبط 6 من بينهم 5 مصابين في مشاجرة بين أبناء عمومة بدار السلام سوهاج    وزير الصحة يبحث مع نظيره الإيطالي التعاون فى مجال العلاج الإشعاعي للأورام وزراعة الأعضاء    الدكتور أحمد السبكي: الصحة ركيزة أساسية للتنمية المستدامة    العراق يعبر عن القلق جراء تصاعد التوترات في سوريا    القومي للمسرح يواصل نقاشات الوعي الجمالي: الجسد والآلة والفضاء المسرحي في قلب الجدل الفني    مصرع سائق وإصابة ابنته في تصادم سيارتي نقل بطريق الغردقة رأس غارب    موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    ترامب: توريدات أنظمة "باتريوت" قد بدأت    4 شهداء وعشرات المصابين في قصف إسرائيلي على خان يونس والنصيرات    موعد طرح شقق الإسكان الاجتماعي 2025 والتفاصيل الكاملة ل سكن لكل المصريين 7    تنسيق تمريض بعد الإعدادية 2025 .. التفاصيل الكاملة وشروط التقديم    حتى يصدقوا، كاظم الساهر يخمد نار ترند وفاته برد راق يخرس الألسنة    "أخو العريس وابن خالته".. مصرع شابين أثناء توجههما لحفل زفاف في البحيرة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    «مستواه مكنش جيد».. تعليق مثير من مسؤول الأهلي السابق على صفقة حمدي فتحي ل بيراميدز    حارس مرمى ولاعب معتزل وابنتان.. 10 صور وأبرز المعلومات عن عائلة أحمد شوبير    "مساجد لها تاريخ".. الأوقاف تطلق أكبر برنامج مرئى عن المساجد التاريخية    المعهد الفني للتمريض والصحي 2025 .. درجات القبول ومزايا الدراسة وفرص التوظيف    تامر حسني يحتفل مع الكينج محمد منير بطرح ديو «الذوق العالي» وسط أجواء مبهجة    نجم الزمالك السابق عن فيديو تقديم أحمد شريف: «الجمهور بيحب كدا»    كيف أتغلب على الشعور بالخوف؟.. عضو «البحوث الإسلامية» يجيب    كانوا راجعين من فرح.. مصرع فتاة وإصابة 8 أشخاص سقطت بهم السيارة في ترعة (صور)    «تعرف على آلامهم الدفينة» 3 أبراج هي الأكثر حزنًا    لأصحاب الذكاء العبقري.. حدد الخطأ في 8 ثوانٍ    خبير اقتصادي وصوت وطني يقود العمل التنموي والسياسي بمحافظة الإسكندرية    «أكبر غلط بيعمله المصريين في الصيف».. خبيرة توضح أخطاء شائعة في التعامل مع الطعام    مقررة أممية: يجب وقف العلاقات مع إسرائيل ومحاسبة قادتها على جرائم الإبادة في غزة    البطريرك يوحنا العاشر: جلسات المجمع المقدس تنطلق 18 أكتوبر لبحث إعلان قداستين    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    مقتل شاب على يد والد زوجته وأشقائها بشبرا الخيمة    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    ميرنا كرم تحتفل بتخرجها بامتياز بمشروع عن روحانية القداس المسيحي    الشيخ خالد الجندي: وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيدرالية الهشة مهرب أميركا الوحيد من المأزق العراقي
نشر في التغيير يوم 27 - 09 - 2004


\r\n
لم تكن قد مضت سوى بضع ايام على اختيار علاوي رئيساً للوزراء، حتى تحدث علناً عن تأجيل الانتخابات في العراق واعطى نفسه السلطة لفرض الاحكام العرفية. وفي اوائل اغسطس الماضي اغلق مكتب قناة الجزيرة في بغداد انتقاماً منها لتغطيتها التي لا تحابيه.
\r\n
\r\n
وبالتوازي مع ذلك، سمحت ادارة بوش بأن يفقد الدستور العراقي المؤقت المسمى القانون الاداري الانتقالي صلاحيته، بكل ما فيه من حماية زائفة لحقوق الانسان، وحقوق المرأة والديمقراطية.
\r\n
\r\n
الادارة الاميركية تبدو وكأنها تقامر على مقدرة علاوي على تعبئة ما يكفي من النخبة العراقية ضد المقاومة بحيث تستطيع قوات التحالف ان تتجنب الموت بهذه المعدلات المخيفة الحالية، ويأتي هذا تعبيراً عن مدى بعد أميركا عن طموحاتها الكبيرة السابقة في العراق والتي تضاءلت لتصبح مجرد تحقيق الامن وليس الديمقراطية في سياق عملية كان الهدف منها ليس تغيير العراق فحسب، بل والشرق الاوسط كله.
\r\n
\r\n
فيما اكتب هذه السطور، تواجه حكومة علاوي النشاط الشيعي الذي يمتد من البصرة الى بغداد والذي شمل قتالاً شرساً في مرقد الامام علي في النجف وحوله.
\r\n
\r\n
وبفضل اتفاق ابريل بين القوات الاميركية والقادة البعثيين في النجف اصبحت هذه المدينة ملاذاً آمناً للعديد من العناصر والمدن السنية الاخرى، مثل الموصل وسامراء وبعقوبة مليئة بالمقاومين المسلحين فيما سكان بغداد يعيشون في عاصمة تضج من جرائم العنف والارهاب وعمليات المقاومة، وبالنظر الى كل هذه الامور، تصبح فرص علاوي في النجاح بعيدة عن ان تكون مضمونة.وعلى الرغم من أنني وعلاوي يعرف أحدنا الآخر منذ سنين، فإنني لم أقابله إلا في ابريل 2003 حين عاد الى بغداد عقب 35 عاماً في المنفى.
\r\n
\r\n
وكغيره من زعامات المنفى، عمل علاوي على بناء قاعدة شعبية من الولاء له من قلب النظام السابق حيث كان حين زرته يستقبل وفوداً لا تنقطع من زعماء القبائل وضباط الجيش السابقين والموظفين الكبار في المؤسسات الحكومية في بغداد ومن الموالين السياسيين ومن زملائه السابقين في المنفى. حين قابلته أول مرة تحدث علاوي بكل الدعم للديمقراطية وحقوق الانسان والانفتاح على الاقليات.
\r\n
\r\n
وبالنظر الى الواقع السكاني للعراق فقد قررت ادارة بوش ومبعوث الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي ان يكون رئيس الوزراء العراقي الجديد من الشيعة، وقد رفض مبعوث ادارة بوش هوبرت بلاكويل مرشحين من احزاب شيعية دينية، هما عادل عبدالمهدي من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وابراهيم الجعفري من حزب الدعوة، كما انسحب مرشح شيعي ثالث، تاركاً إياد علاوي رئيساً للوزراء بحكم الواقع.
\r\n
\r\n
وبموجب الدستور المؤقت تتركز معظم الصلاحيات بيد رئيس الوزراء وليس بيد رئيس الجمهورية وعلى الرغم من ان الواقع القانوني لحكومة علاوي ليس واضحاً باعتباره دستوراً مؤقتاً لم يوضع قيد التطبيق، إلا ان علاوي يتصرف وكأن بيده كل الصلاحيات، كما ان اختياره من بين كل منافسيه على المنصب كان اشارة واضحة من جانب ادارة بوش على شكل العراق الذي تريده الولايات المتحدة.
\r\n
\r\n
بدأ اياد علاوي حياته السياسية في حزب البعث، وحين ارسل الى انجلترا عام 1971 لمتابعة دراسته، قيل انه كان يتجسس على الطلبة العراقيين هناك، واتهم بدون دليل حسب ما أعرف بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بما فيها القتل خلال السنوات التي كان فيها في حزب البعث. غير أنه انشق عن صدام حسين منذ زمن طويل وفي أواسط السبعينيات بلغ العداء تجاه النظام حداً جعله هدفاً للاغتيال ففي عام 1978 تعرض لمحاولة اغتيال بفأس في شقته بلندن كادت تتسبب بقطع ساقه.
\r\n
\r\n
ورقد علاوي على اثرها سنة كاملة حتى تعافى في 1991 وأسس علاوي حركة الاتفاق الوطني العراقي والتي جذبت إليها مسئولين وضباط وبعثيين سابقين. ثم على مدى السنوات القليلة المقبلة أصبحت الحركة المجموعة المفضلة للسي آي أيه فيما كان حزب المؤتمر الوطني المنافس بزعامة أحمد جلبي يحظى بدعم الكونغرس الأميركي ثم بدعم المحافظين الجدد في البنتاغون في إدارة بوش.
\r\n
\r\n
جلبي إلى جانب حلفائه من الأكراد والشيعة أخذوا يروجون لعراق يختلف جذرياً عن عراق صدام حسين، أما حركة العراق الوطني العراقي فكانت تشكل بشكل أو بآخر عراقاً شبيهاً بعراق صدام حسين لكن بدون صدام حسين وبدون حزب البعث.
\r\n
\r\n
في 1996 تورط علاوي في أحد اخفاقات «السي آي أيه» العديدة في العراق، وتمثل هذا الاخفاق في محاولة انقلاب فاشلة قام بها ضباط من الجيش. كانت المحاولة متواضعة في خطتها منذ البداية وأحمد جلبي الذي علم بأمرها مسبقاً حذر «السي آي أيه» من أنها ستفشل. وكانت النتيجة قتل 30 من ضباط الجيش العراقي المناوئين للسلطة المركزية.
\r\n
\r\n
خلفية علاوي البعثية وعلاقته ب «السي آي أيه» تسبب الارباك للناشطين الديمقراطيين في العراق. إذ يفضل هؤلاء شخصاً لا تكون سمعته ملطخة على هذا النحو. كما ان ماضيه يضفي المصداقية على الشائعات التي تثور حوله، واحداها قصة نشرتها «مورنينغ هيرارد» الاسترالية وهي تفيد انه أعدم بيده ستة مقاومين عراقيين في مخفر شرطة عراقي قبل نقل السلطة مباشرة.
\r\n
\r\n
زملاء علاوي يتحدثون عنه بإعجاب، لكن حلفاءه أنفسهم يشيرون إلى عيوبه. فعدد من قادة حركة الوفاق الوطني المحترمين انفصلوا عنها بسبب رفضهم أسلوب علاوي السلطوي، بما في ذلك عدم استعداده لسماع المشورة وتوزيع الصلاحيات على الآخرين.
\r\n
\r\n
كما ان زملاءه في المنفى يتحدثون عن اهداره المتواصل لمؤهلاته. إذ فيما يزعم أنه قد سبق والتقى بزعماء العالم تبين ان كل ذلك أكاذيب كما قال دوماً ان له عملاء يأتمرون بأمره داخل العراق وهو غير صحيح.
\r\n
\r\n
موقف علاوي المتشدد أكسبه الاعجاب ليس في واشنطن فحسب بل في بعض مناطق العراق أيضاً. فالكثير من العراقيين قد «ملوا» عمليات المقاومة كما ان سكان بغداد يقدرون جهوده في التعامل مع حوادث الاختطاف والسطو المسلح في المدينة التي خرجت عن نطاق السيطرة. كما ان حديثه عن تأجيل الانتخابات لا يبدو أنه قد كلفه الكثير من التأييد في بلد يهتم بالأمن أكثر بكثير من اهتمامه بالديمقراطية.
\r\n
\r\n
مشكلة علاوي الرئيسية هي أنه يفتقد الشعبية السياسية والموارد المادية لتحويل موقفه المتشدد إلى عمل مؤثر، إذ توصل استطلاع للرأي أجري في أبريل الماضي بتكليف من الإدارة الأميركية إلى ان علاوي هو واحد من أقل السياسيين شعبية في العراق، بل ويعارضه بقوة واحد وستون في المئة من الشعب العراقي.
\r\n
\r\n
كما ان القوات العراقية المتوفرة له من أجل تفعيل خطه السياسي المتشدد لا تتمتع بالقدرة ولا بالولاء فيما اعتماده على القوات الأميركية يزيد من ضعف التأييد الشعبي الضيق أصلاً لحكومته.
\r\n
\r\n
ان محاولة بوش إعادة تشكيل العراق هي حجر الزاوية في سياسته الخارجية، كما ستكون على الأغلب أمراً حاسماً بالنسبة لإدارته. فغزو العراق واحتلاله كانا قرارين عقائديين جداً ويعكسان فلسفة الرئيس والمقربين منه، والمفاجيء هو ان إدارة هذا المشروع المهم لم تترك للعسكريين والمدنيين الاختصاصين الاكثر تأهيلا لانجاحه بل اختير لها اكثر الملتزمين بصورة ضبابية للعراق الجديد.
\r\n
\r\n
في حالات كثيرة كان هؤلاء اناساً لا يعرفون العراق وليست لديهم الخبرة للتعامل مع اوضاع ما بعد الحرب وبدون تجربة في جعل البيروقراطيات الاميركية منتجة، ولا يعرفون سوى القليل عن المواضيع المسئولين عنها مثل التجارة والتمويل وغيرها ولهذا لم يكن من المفاجيء ان الكثيرين منهم نفضوا ايديهم من هذه المسئولية بعد وقت قصير نسبياً.
\r\n
\r\n
لقد شاركت فيما كان مشروعاً رئيسياً لادارة كلينتون وهو احلال السلام في البوسنة، ومع ان جهودنا وقتها كانت تفتقر للحماسة العقائدية التي تميز مشروع بوش لبناء العراق الا ان النتيجة التي حققناها كانت مهمة للبلقان ولفرص نجاح كلينتون في الرئاسة مرة ثانية عام 1996. ان النتيجة التي حققناها في البوسنة، حيث لم يقتل هناك اميركي واحد خلال عمل عسكري استمر 9 سنوات منذ توقيع معاهدة دايتون للسلام كان يمكن ان تكون شبيهة بما يحدث في العراق اليوم. غير ان الحرفية العالية هي على اقل تقدير جزء من سبب عدم حدوث ذلك.
\r\n
\r\n
ان الرأي الاكثر اهمية تجاه الاحتلال الاميركي للعراق هو رأي الشعب العراقي. وقد توصل استطلاع للرأي اجرته الحكومة الاميركية للعراق قبل تسليم السلطة مباشرة الى ان 11% فقط من العراقيين العرب يثقون في سلطة التحالف المؤقتة مقارنة مع 47% في نوفمبر السابق ولهذا فليس من المفاجيء ان الاحتلال الذي بدأ بالترحيب (كما شهدته في ابريل 2003) انتهى بخروج الحاكم الاميركي للعراق متسللا قبل يومين من الموعد المحدد وبمراسم سرية في المنطقة الخضراء المحصنة.
\r\n
\r\n
ان عملية اختيار الحكومة المؤقتة والقرار بالتخلي عن الدستور المؤقت قد تسبب بعداء اكثر تجمعين عراقيين تنظيماً وهما الاكراد والجماعات الشيعية الدينية. وهاتان تمثلان عاملين مهمين بالنسبة للاستقرار على المدى البعيد في العراق ومنهما يبرز اكثر السياسيين شعبية في البلاد.
\r\n
\r\n
في عدد 13 مايو الماضي من «نيويورك ريفيو اوف بوكس» قلت ان تفكك العراق يبدو نتيجة اكثر احتمالا من الانتقال الناتج الى ديمقراطية مركزية واقترحت قائلاً ان الطريقة الوحيدة للابقاء على تماسك العراق هو فيدرالية رخوة مكونة من كردستان في الشمال وكيان سني في الوسط وكيان شيعي في الجنوب مع بقاء بغداد عاصمة فيدرالية بإدارة مشتركة.
\r\n
\r\n
الاحداث اللاحقة تجعل من هذا التفكك اكثر احتمالا من السابق. فالاكراد الذين كان تعلقهم بالعراق ضعيفاً منذ البداية ازداد تعلقهم به ضعفا نتيجة الطريقة الفجة التي استبعدوا بها من المناصب العليا في الحكومة المؤقتة وبقرار ادارة بوش التخلي عن الدستور المؤقت. ومع تنامي التأييد للمتشددين بين العرب في العراق، اخذ الاكراد على نحو متزايد ينظرون الى باقي العراق على انه ارض غريبة.
\r\n
\r\n
وفيما كان القادة الاكراد قبل بضعة اشهر فقط يركزون على زيادة نفوذهم في بغداد اخذوا الآن يفكرون في كيفية الانفصال عن العراق في حال تدهور الاوضاع اكثر مما هي عليها الآن وهو ما يبدو امراً حتمياً.
\r\n
\r\n
الاحزاب الشيعية الرئيسية تراهن على الوقت الى حين اجراء الانتخابات التي تأمل ان تنتصر فيها. اما الاحزاب الشيعية الدينية المعتدلة التي لم تحصل سوى على مواقع هامشية في الحكومة الحالية فتجازف بالتعرض لمزيد من التحدي لها من جانب التيار المتشدد سواء في الشارع .
\r\n
\r\n
او في صندوق الانتخابات وبدون الدستور المؤقت ليس هناك قواعد على الأرض تحكم مرحلة ما بعد الانتخابات والنتيجة المحتملة لذلك هي المواجهة بين الزعامات الدينية الشيعية التي تريد فرض دولة اسلامية في العراق وبين الاكراد الساعين للحفاظ على حكومتهم الذاتية العلمانية في الشمال.
\r\n
\r\n
لقد حاول مقتدى الصدر ان يجتذب اليه العرب السنة وشعاراته التي رفعها في الشارع مفادها ان السنة والشيعة صف واحد، لكن ليس هناك احساس مواز بالتضامن من جانب العرب السنة الذين يخشون ان تبتلعهم الاغلبية الشيعية. ومع ان المجاهدين في الفلوجة ارسلوا الامدادات لمقاتلي مقتدى الصدر، فإن المتشددين من السنة لديهم تحفظاتهم في هذا الصدد، لكن من المهم ان ننتبه الى ان الخلافات بين السنة والشيعة في العراق ليست بعمق الخلاف القومي بين العرب والاكراد.
\r\n
\r\n
ان الخلاف بين الاكراد والعرب في العراق لا يعود الى القومية والتاريخ فحسب، فالجانبان لهما رؤيتان مختلفتان بالنسبة لما يجب ان يكون عليه العراق. وهذا الخلاف تزايد في اشهر الفوضى الاخيرة من عمر الاحتلال، الاكراد متمسكون بالعلمانية وبفصل الدين عن الدولة. اما العرب وخصوصاً الشيعة منهم فيريدون للاسلام دوراً مهماً في الحكم. ويعتقدون انه يجب ان يكون مصدراً رئيسياً للتشريع.
\r\n
\r\n
هذه الخلافات تظهر اكثر في المواقف من الاميركيين فاستطلاع الرأي الذي اجرته الادارة الاميركية اظهر ان 90% من العراقيين العرب يرون الاميركيين قوات احتلال و2% فقط منهم يرونهم قوات تحرير اما الاكراد فإن 80% منهم يعتبرونهم قوات تحرير. لكن حتى بغض النظر عن الموقف من الاميركيين يصعب تخيل بلد متماسك حين تكون للقوميتين الرئيسيتين فيه وجهات نظر مختلفة على هذا النحو حول طبيعة الدولة.
\r\n
\r\n
فضائح سجن ابوغريب الى جانب النجاح الذي حققه المقاومون في الفلوجة ومقاتلو الصدر عمق هذه الخلافات فهذه الانتهاكات ضد السجناء العراقيين اثارت الغضب الشديد بين العرب بل ان اولئك المعارضين للمقاومين منهم رحبوا بهذه الورطة التي وقعت فيها قوة الاحتلال. وفي المقابل خففت الصحافة والتلفزيون الكرديين من امر هذه الفضائح، بل ان بعضاً من الذين تحدثت معهم من الاكراد لم يكونوا منزعجين من هذه الانتهاكات ضد السجناء.
\r\n
\r\n
وبعضهم قال ان هؤلاء ربما يستحقون هذه المعاملة. كما ان الاكراد الذين يرون مصيرهم معلقاً بالولايات المتحدة يتمنون ان تقضي القوات الاميركية على المقاومين من السنة والشيعة معاً.
\r\n
\r\n
لقد حلت الواقعية مكان الديمقراطية وبناء الدولة باعتبارها محور سياسة ادارة بوش في العراق. وللأسف فإن هذه الادارة تواجه المشكلات في تعريف وتنفيذ السياسة الواقعية. ومثل سياستها العقائدية السابقة، فإن مشكلات السياسة الواقعية الجديدة تنبع عن الجهل بتاريخ ومجتمع العراق. فحتى لو اراد اياد علاوي ان يكون نسخة ألطف من صدام حسين فإنه فشل في ذلك.
\r\n
\r\n
قبل الغزو الاميركي كانت المؤسسات التي تحمي نظام صدام حسين وهي الجيش والحرس الجمهوري والأجهزة الامنية منكوبة بالمشكلات الداخلية فأتى الاميركيون وقضوا على هذه المؤسسات وهم الآن غير قادرين على اعادة تشكيلها.
\r\n
\r\n
ان سياسة واقعية بالفعل من شأنها ان تعترف بما هو موجود في العراق فعلا وبما يمكن له ان ينجح مع هذا الواقع. كردستان تتصرف وكأنها دولة مستقلة فعليا، وبدون اي وجود للسلطة المركزية فيها. اما في الجنوب فإن الاحزاب الشيعية المختلفة والمؤسسات الدينية تقوم بدور السلطة الشيعية هناك والادارة المحلية. وليس للولايات المتحدة ولا لحكومة علاوي القدرة على تغيير هذا الواقع، بل لم يبذل كلاهما اي محاولة للتغيير.
\r\n
\r\n
وبالتالي فإن العمل على ترجمة هذا الواقع على الارض على شكل فيدرالية رخوة يمكن ان يقلص مخاطر نشوب حرب اهلية. كما ان الاعتراف بكيان شيعي وتعزيزه يوفر فرصاً افضل بكثير للتعامل مع مصادر المشكلات، مثل مقتدى الصدر، مقارنة بحكومة مركزية غير ذات شعبية. مثل هذه السياسة الواقعية لن تلغي الديمقراطية.
\r\n
\r\n
بل على العكس فإنها تقوم على الاعتراف بأن التنوع العراقي يحتاج الى حلول مختلفة جداً وتسعى الى احتواء الجميع عبر السماح لكل طرف بتقرير ما يريد في سياق عملية ديمقراطية كما ان الناس الذين يسيطرون على مصيرهم اكثر قابلية للتعامل بفاعلية ضد عدو مشترك سواء كان ارهاباً ام تطرفاً من أولئك الذين يسكنهم هاجس حماية هويتهم الذاتية.
\r\n
\r\n
ان ادارة بوش تراهن على ان مواقف علاوي الحازمة يمكن ترجمتها الى عمل فاعل ضد المقاومة. لكن على الرغم من كل ذلك يعاني رئيس الوزراء العراقي من المشكلة نفسها التي عانتها سلطة التحالف المؤقتة وهي الافتقار للشرعية. قد يكون اكثر قدرة من قوات الاحتلال، لكنه سيبقى في عيون العراقيين رجلهم.
\r\n
\r\n
ان الولايات المتحدة تواجه معضلة لا حل لها في العراق. فإذا ما ابكرت في انسحابها تجازف بترك حكومة ضعيفة غير قادرة على التعامل مع الفوضى التي ستصبح ارضا لتفريغ الارهاب.
\r\n
\r\n
لكنها ان بقيت في العراق فستزعزع شرعية الحكومة العراقية التي تريد دعمها كما ان العمليات العسكرية الاميركية توفر مزيداً من المجندين لاعدائها. اما ميزة استراتيجية فيدرالية رخوة فهي انها قادرة على ارساء مناطق قوية وبالتالي توفر لها مهربا ممكنا من هذه المعضلة. غير ان الاستراتيجية الحالية، ان كانت استراتيجية أصلاً فإنها لا تقدم لنا اي مخرج.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.