فلم يكن الرهان يتعلق فقط بدور عناصر النظام السابق في العراق الجديد وانما يتعلق بالمشكلة الاوسع حول ما هو النفوذ الحقيقي غير المناصب الشكلية للعرب السنة الذين كانوا يشكلون الجسم الاساسي للحزب البعثي وطبقة الضباط في الجيش والاجهزة الامنية‚ \r\n \r\n عندما انتهى الاحتلال الاميركي رسميا في اواسط عام 2004 قام اياد علاوي رئيس الوزراء آنذاك وهو بعثي سابق وشيعي علماني بوقف تطبيق قوانين اجتثاث البعثية‚ وقد استعاد علاوي العديد من الضباط البعثيين السابقين للخدمة في الجيش والبوليس السري واعاد لهم رتبهم‚ \r\n \r\n في المقر الرئيسي للكتيبة ال 30 في الجيش العراقي الجديد المتواجدة في محافظة صلاح الدين وتتألف بشكل واسع من عناصر سنية محلية فان معظم الضباط حاليا كانوا في الجيش العراقي القديم وهم متحمسون للحديث عن شجاعتهم في القتال ضد الاميركيين خلال غزو العراق عام 2003‚ ويقول عبدالله الجبوري الذي كان يدافع عن ميناء البصرة في عام 2003: لقد قاومنا في البصرة اكثر من الوحدات الاخرى في بغداد وانا فخور بذلك‚ \r\n \r\n كل من حاكم محافظة صلاح الدين ونائبه من البعثيين السابقين الذين ينظرون بتشكك كيف ان الكثيرين من الاسلاميين الشيعة الذين قاتل معظمهم ضد الجيش العراقي الى جانب ايران العدو الرئيسي في حرب الثمانينيات وهم الآن يمسكون بالمناصب العليا للسلطة في بغداد فاذا استمر الحال على هذا النحو فان الحرب الاهلية ستقع لا محالة‚ هكذا يحذر نائب حاكم محافظة صلاح الدين عبدالله جبارة الذي كان يعمل برتبة لواء في الجيش العراقي عندما وقع الغزو الاميركي للعراق‚ \r\n \r\n ادراكا منهم لهذه المشاعر يشعر السياسيون الشيعة بالضيق والخوف لأن المؤسسات العراقية الجديدة هشة وقابلة للاختراق من قبل الثوار كما انهم يخافون من قيام الضباط السنة بانقلاب في حالة انسحاب القوات الاميركية‚ \r\n \r\n وبسبب غضبهم من سياسات علاوي يريد السياسيون الشيعة اعادة وضع قيود على البعثيين السابقين واستئصالهم من القوات الامنية ثانية‚ ويقول حيدر العبادي احد قادة حزب الدعوة الاسلامي: ان البعثيين يعتقدون بأنهم عادوا الى السلطة والتصرف كما كانوا يفعلون من قبل وان الناس يشعرون بالخوف منهم ثانية وان الطريقة التي يدار بها الجيش والاجهزة الامنية الجديدة لم تعد مقبولة وبات مطلوبا ادخال دماء جديدة في هذه المؤسسات العسكرية والامنية‚ \r\n \r\n تزايدت شكوك الشيعة بعد صدور الفتوى غير العادية مؤخرا من قبل اعضاء رئيسيين في رابطة علماء السنة التي حثوا فيها السنة على الانضمام الى الجيش والشرطة وبذات الوقت الامتناع عن تقديم العون للمحتلين‚ وهذه الدعوة فسرها الكثيرون بمثابة امر لاختراق القوات الامنية‚ \r\n \r\n خلال جلسة البرلمان المتلفزة وقف النواب الشيعة الواحد تلو الآخر للقول بأن حكومة علاوي سرعت من اعادة البعثيين للاجهزة والمؤسسات العراقية خلال الاسابيع الاخيرة وملأت الجيش والدوائر الحكومية بالبعثيين السابقين خلال الايام الاخيرة من سلطتها‚ وطالب العديد من النواب الشيعة باجراء تصويت فوري لادانة حكومة علاوي على تشجيعها للبعثيين السابقين والغاء التعيينات التي اجرتها في الجيش ودوائر الخدمة المدنية بعد انتخابات 30 يناير الماضي‚ \r\n \r\n بما ان علاوي كان خارج البلاد اثناء تلك الجلسة كان نائب رئيس الوزراء برهم صالح كردي مضطرا بقليل من التعاطف مع البعثيين للوقوف والدفاع عن سجل الحكومة المنتهية مدة صلاحيتها‚ وقال: لا يمكننا ان نعامل الحكومة كمتهمة هنا وينبغي ان نتوقف عن توجيه الاتهامات لها ويجب ان نشكرها على انجازاتها‚ \r\n \r\n اما وزير الدفاع في حكومة علاوي حازم شعلان فقد القى باللوم على الولاياتالمتحدة التي تتحكم عمليا بالمؤسسات الامنية العراقية وقال: ان قوات التحالف هي التي اعادت ادخال بعض اعضاء حزب البعث وليس وزارة الدفاع‚ \r\n \r\n في نهاية المطاف تدخل رئيس الوزراء العراقي الجديد زعيم حزب الدعوة الاسلامية ابراهيم الجعفري لانهاء الانتفاضة داخل البرلمان وبكلمات هادئة رصينة كشفت عن استعراض لسلطته‚ اقنع النواب الشيعة بالهدوء وبدلا من التصويت فورا اجل مسألة طرح التصويت على اعادة استئصال البعثيين واحالتها الى لجنة برلمانية للتعامل مع المشكلة‚ \r\n \r\n كان المسؤولون الاميركيون يراقبون هذا الجدل بحذر شديد وادركوا بأن الاقدام على تصفية ثانية للبعثيين من الجيش والاجهزة الامنية سوف تعني انتكاسة للكثير من التقدم الذي تم احرازه في معالجة المشكلة وقال احد المسؤولين الاميركيين: ان من المهم مع مرور الوقت تطوير كوادر مهنية ولكن هذا لا يحدث بين ليلة وضحاها اذا تغيرت الحكومة‚ \r\n