\r\n وكان بوسع الرئيس بوش نزع فتيل هذه الأزمة على أمل المضي قدماً في تسيير شؤون الشعب الأميركي، لكنه بدلاً من ذلك قام بصب الزيت على النار. وفي إهانة مباشرة لمعارضيه، قام بوش بإعادة ترشيح حفنة المتشددين أنفسهم الذين تمت إعاقة تعيينهم في السابق. \r\n \r\n \r\n والآن ها هو يطالب بتصويت حاسم على تعيينهم موجهاً تعليمات واضحة إلى فريست بنسف مجلس الشيوخ.وكما فعل في حملته التي سبقت الحرب في العراق. فإن بوش مصمم الآن على تحقيق مراده بأي ثمن غير عابيء بعواقب أفعاله على بلده. \r\n \r\n \r\n وتقوم الجماعات الداعمة لكلا الطرفين بحشد الرأي العام وانفاق الملايين على الإعلانات. ولقد وصف اليمين في الحزب الجمهوري محاولات الديمقراطيين لتعطيل تعيين حفنة من مرشحي بوش ب «الهجوم على أصحاب الايمان» (من الواضح ان الرئيس بوش منزه عن الخطأ لدرجة ان مجرد التشكيك في أهلية عشرة فقط من مرشحيه الذين يناهز عددهم المئتين يعتبر خطيئة لا تغتفر) والليبراليون بدأوا حملة تنادي بحماية أساليب التعويق الاجرائية في مجلس الشيوخ باعتبارها الأساس الوطيد للديمقراطية في هذا البلد. \r\n \r\n \r\n ان هذا الدخان وهذه الحرارة لا ينتجان الكثير من الضوء. فالمناظرات ليست حول حرية الديانة ولا حول الأساليب التعويقية، وإنها حول القضاة والاتجاه الذي يسير فيه البلد. \r\n \r\n \r\n والمبدأ الذي يتغنى به بوش هو أنه يريد قضاة يطبقون القانون بحذافيره، ولا يشرعون القوانين على هواهم، وانه يريد انضباطاً قضائياً لا تهيمن عليه التوجهات السياسية. لكن هذا الكلام هراء، والرئيس نفسه يعرف ذلك. فهو لا يرشح قضاة محافظين، كما فعل والده، بل يرشح أشخاصاً متطرفين، مكرساً نفسه لترسيخ الأجندة اليمينية في المحاكم. \r\n \r\n \r\n انه يعين قضاة مستعدين للانقلاب على القوانين التي تمقتها الحركة المحافظة، مثل إعطاء النساء حرية الاجهاض، ومثل مناهضة قوانين حظر الفصل العنصري. \r\n \r\n \r\n إن هذه القضية تحتل موقعاً مركزياً في المعركة التي يخوضها اليمين لإعادة صياغة شكل أميركا على صورته. وكلما أرادت أي حركة الضغط باتجاه تغيير اجتماعي جوهري، فإنها تعمد بشكل طبيعي إلى مجابهة الوضع الراهن للمحاكم. ولقد هبّت في الماضي حركة «البرنامج التشريعي الجديد» في عهد روزفيلت لمجابهة سياسة عدم التدخل ومذاهب الأسواق الحرة التي كان القضاة المحافظون قد قد زرعوها في الدستور. \r\n \r\n \r\n وكانت تلك المذاهب تعتبر اتحادات العمال قيوداً غير شرعية على التجارة وتصوّر أحكام تحديد ساعات العمل ب 40 ساعة في الأسبوع أو فرض قواعد للصحة والسلامة في بيئة العمل على أنها انتهاكات غير دستورية لحرية السوق. \r\n \r\n \r\n ولقد رأى روزفيلت وأنصار حركة «البرنامج الجديد» أنه لا بد من إيجاد مذهب جديد لانتشال أميركا ونقلها إلى عهد جديد. وكانت النتيجة خوض معركة شرسة حول الهيئات القضائية في المحاكم. وعندما تحدت حركة الحقوق المدنية سياسات الفصل العنصري في أميركا، كان لا بد لها من الاصطدام بالمذاهب العنصرية التي غرسها القضاة العنصريون في الدستور. \r\n \r\n \r\n ومرة أخرى، كان لا بد من الانقلاب على هذه المذاهب. ولقد قاد الرئيس الجمهوري للمحكمة العليا إيرل وارن المساعي في هذا الاتجاه، وتعرضت المحاكم لهجوم حاقد، وانتشرت اللافتات التي تطالب بإقالته في أنحاء الجنوب. وبدأ هجوم يميني شرس ضد المحاكم. \r\n \r\n \r\n والآن بدأ زحف اليمين المتطرف الذي استولى على أجزاء كبيرة من الحزب الجمهوري، ولقد انصاع الرئيس بوش لمطالب هذه الفئة وتبنى معظم بنود أجندتها، خصوصاً في ما يتعلق بتسمية مرشحي الرئيس للمناصب القضائية في المحاكم الفيدرالية. \r\n \r\n \r\n ماذا تريد الحركة اليمينية من القضاة؟ من البديهي القول إنها تريد منهم الانقلاب على القانون الذي يمنح المرأة حق الاختيار وسنّ قانون يمنع الإجهاض. إنها تريد قضاة ينقلبون على برنامج العمل الإيجابي الذي يضمن إنصاف الأقليات في أميركا. \r\n \r\n \r\n لكن الحركة اليمينية لن تتوقف عند هذا الحد، فهي تريد أكثر بكثير من هذا. فالجمعية الفيدرالية اليمينية تهيمن عليها طائفة مغمورة غامضة تؤمن بفكرة «الدستور في المنفى». \r\n \r\n \r\n وجوهر ما يسعى إليه هؤلاء هو العودة بنا إلى مجموعة قوانين القرن التاسع عشر مطالبين القضاة بالانقلاب على قوانين «البرنامج التشريعي الجديد» الذي منح الكونغرس صلاحيات لتنظيم الاقتصاد، الدفاع عن العمال، حماية البيئة والمستهلكين ومساءلة الشركات. \r\n \r\n \r\n إن هجوم بوش وفريست الرامي إلى نسف مجلس الشيوخ ليس هجوماً في سبيل القضاة المحافظين. فزعيم الأغلبية الجمهورية الفاسد في مجلس النواب توم ديلاي يهدد بمعاقبة القضاة الجمهوريين المحافظين الذين رفضوا أن يدوسوا على محاكم الولايات في قضية شيكاغو. \r\n \r\n \r\n والحقيقة أن اليمين يضغط من أجل تعيين قضاة حركيين مستعدين لاستخدام نفوذهم في المحاكم لدفع الأجندة اليمينية إلى الأمام، والآن يستعد اليمينيون لاستخدام أغلبيتهم في مجلس الشيوخ لنسف المجلس من أجل تحقيق تلك الغاية. \r\n \r\n \r\n هل سيستطيع اليمين استخدام أغلبيته الجمهورية الحالية في مجلس الشيوخ لوضع قضاة متعصبين في المحاكم من أجل فرض أجندتهم لعقود مقبلة؟ والإجابة عن هذا السؤال ستخبرنا الكثير عن الاتجاه الذي يسير فيه بلدنا. ولا يجوز لأحد أن يقف موقف المتفرج في هذا الأمر. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس انجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n