صحيح أن هناك أكثر من سبب وسبب, يدعو إلى الغضب من القادة والزعماء الصينيين. بيد أن النجاح التجاري الذي تحققه الصين, والسياسات المطبقة في سوق أسهمها المالية, لا يمكن إدراجهما ضمن تلك الأسباب. والصحيح أن نقول إن الدولة التي تتحمل مسؤولية التأثير السلبي على تدفقات رؤوس الأموال العالمية, وزعزعة الاقتصادات العالمية, ليست هي الصين, بل الولاياتالمتحدة. ذلك أن اللامبالاة المالية التي تبديها أميركا, تمثل عنصراً مهماً من عناصر المشكلة الاقتصادية العالمية الماثلة اليوم. \r\n \r\n على نقيض هذا, فقد أسهم نمو أسعار الفائدة في الأسواق الصينية, في تحقيق درجة من الاستقرار في عدد من الدول الآسيوية, بينما أخرجت الطفرة الاقتصادية التي حققتها الصين, اليابان من مستنقع الركود الذي كان يقبع فيه اقتصادها, فضلاً عن إسهامه في بث موجة من الانتعاش الاقتصادي على المستوى العالمي. والملاحظ أن الصين قد أسهمت خلال السنوات الأخيرة الماضية, في رفد الاقتصاد العالمي, بنحو ثلث معدل النمو الذي حققه مؤخراً, في حين لم تسهم الولاياتالمتحدة الأميركية في هذا النمو إلا بنسبة 13 في المئة فحسب. يلاحظ أن المساهمة هذه, عادة ما تقاس بمستوى وحجم القوة الشرائية للدولة المعينة. أكثر من ذلك, فقد درجت الولاياتالمتحدة الأميركية على تقديم استشارات اقتصادية للدول الآسيوية, كثيراً ما ثبت ضررها وكارثيتها. من ذلك أن الضغوط الأميركية, كانت هي التي وراء كارثة الفقاعة الاقتصادية اليابانية, وتفاقم الأزمة المالية الآسيوية, التي امتدت طوال العام 1997-1998. ولما كان ذلك هو تاريخ الاستشارات الاقتصادية الأميركية المقدمة للقارة, فمن حق الصينيين أن يضعوا أيديهم على محافظهم, ما أن تطالب واشنطن بإجراء تعديل على سعر الفائدة في تداول \"اليوان\" الصيني. \r\n \r\n يذكر أن الرئيس بوش قد حقق إنجازاً عظيماً خلال الخمس سنوات الماضية من ولايته, في إدارة علاقة بلاده مع الصين. ويعد هذا الإنجاز من المكاسب القليلة والنادرة جداً لإدارته على صعيد السياسات الخارجية. بيد أنه مال أخيراً إلى دعم ومساندة السياسات التجارية, الرامية إلى حماية الاقتصاد الأميركي, بما يتنافى ومبادئ التجارة الحرة التي ينادي بها. ففي شهر مايو الجاري, فرض بوش على الصين, تصدير كميات محدودة من منسوجاتها إلى أميركا, في حين طالب وزير ماليته بكين, بإجراء تعديلات على معدل سعر الفائدة في تبادل \"اليوان\". هذا ولم يناقض بوش مبادئه إلا نتيجة انصياعه للضغوط وحملات الهجوم التي شنها ضده الديمقراطيون, الذين لوحوا له بأقمصة البطالة الحمراء, والخسائر الوظيفية التي يعانيها الأميركيون جراء العلاقة التجارية القائمة مع الصين. صحيح أن انخفاض قيمة \"اليوان\" الصيني, قد كبدنا خسائر فادحة في الوظائف والمهن الصناعية, إلا أنه أسهم في الوقت ذاته, في تدفق رؤوس أموال صينية ضخمة إلى الأسواق الأميركية, مما أدى بدوره إلى خفض معدلات سعر الفائدة. وعليه فحين نلقي باللائمة على الصين, فيما تكبدناه من خسائر فادحة في مجال الصناعات النسيجية, فإن علينا ألا ننسى أن نشكرها على ما وفرته لنا من وظائف في مجال الإنشاءات العقارية والمصارف. \r\n \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n