ويعبر أحمد سيار - 21 عاما وهو طالب في كلية القانون والعلوم السياسية في جامعة كابول - عن هذه المشاعر بقوله (إنها مشكلة ، بل هي المشكلة الرئيسية التي تشغل جل اهتمامنا في قاعات الدراسة ، فالطلاب دائما ما يسألون الأساتذة : لماذا تحرص القوات الأميركية على وجودها هنا ؟ وكم المدة التي سيبقونها ؟ ويحرص الطلاب على معرفة آراء الأساتذة وتوجهاتهم الخاصة . ويردف سيار القول بأن أصدقاءه ينعتونه بصفة (الخانع للغرب) لأنه يتحدث عن وجود حاجة لاستمرار بقاء القوات الأميركية والدولية في أفغانستان. \r\n وهناك بعض من الأساتذة يأخذون موقفا أكثر إثارة للجدل فيتحدثون عن فوائد الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن . وأخذ رد الفعل على هذا الموقف وأمثاله شكلا آخر في 13 مايو الجاري عندما احتشد مئات من الطلاب وانطلقوا يهتفون (الموت لأميركا) وأخذوا يحرقون الأعلام الأميركية . ولم تكن تلك المظاهرة سوى جزء من موجة عاتية من المظاهرات تدفقت أولا من جامعة ننغهار في الجنوب الشرقي واستمرت طيلة خمسة أيام دامية واجتاحت عشر ولايات من مجموع 34 ولاية في أفغانستان ، ولقي 15 شخصا مصرعهم Hldv;dm . وتساءل الجميع حتى الخبراء عمن يقفون وراء تلك المظاهرات وإثارة أحداث العنف . وكانت الحقيقة التي لا غبار عليها : ليس المهم من المدبر أو المحرض على المظاهرات ولكن الشيء الهام هو أن الطلاب الأفغان هم الذين قاموا بهذه المظاهرات. \r\n وكغيري من المواطنين الأجانب في كابول فقد أدهشني بشدة تلك القوة والضراوة التي ميزت هذه المظاهرات وليس مجرد اندلاعها. وفي بداية العام الحالي كنت أعمل مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في تدريب الصحفيين المحليين ، وكان المتدربون يحرصون على اظهار الحفاوة والترحيب بيد أنهم عندما كان يجمعني معهم لقاءات منفردة أثناء تناول الشاي كانوا لا يخفون حديثهم عن نظرتهم بالشك والارتياب تجاه الولاياتالمتحدة . \r\n وبوجه عام فان الجيل الجديد من الصحفيين أقل خبرة ونضجا في كتاباتهم عن الجيل القديم الذين استفادوا من نظام التعليم الجيد الذي كان موجودا أثناء فترة الاحتلال السوفيتي. ومعظم الأجيال الشابة من الصحفيين لا ترى الأمور سوى باللونين الأبيض أو الأسود ويسعون لإنهاء التواجد العسكري الأميركي في بلدهم غير أن هناك من الصحفيين القدامى من يرون أن التواجد الأميركي قد يكون ضرورة لضمان الأمن هناك. \r\n غير أن شكوى التذمر والضجر يشترك فيها معظم أفراد الشعب الأفغاني وتتعلق بالاستحواذ الأميركي المفرط على مقاليد الأمور وشن الغارات على المنازل الموجودة في الجنوب الشرقي واعتقال المئات من الأفغان في غوانتانامو والتقارير المتوالية التي تتحدث عن القرويين المظلومين ممن يجري اعتقالهم بناء على استخبارات زائفة. \r\n ومن خلال ممارستي لعملي وما شاهدته أو سمعت به فالتوجه العام بين عامة الأفغانيين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم هو معارضتهم لاستمرار بقاء القوات الأميركية في أفغانستان لفترة طويلة . \r\n وفي أنحاء العاصمة كابول ذاعت كلمات ساخرة وتعبيرات تهكمية ارتبطت ببعض الشخصيات السياسية ، فخليل زاد السفير الأميركي السابق في أفغانستان يطلق عليه (نائب ملك أفغانستان) بينما يلقب الرئيس الأفغاني حميد قرضاي بأنه (الدمية) ، أما السفارة الأميركية التي تتمتع بحماية مكثفة في قلب كابول فتسمى (محطة القوة العظمى) . \r\n وعقب اندلاع أحداث العنف بأيام قليلة أخبرني صحفي شاب - من مؤيدي التواجد الأميركي في أفغانستان (شرط ألا يستمر لفترة طويلة) - أن تلك الأحداث الأخيرة قد راعته بشدة بيد أن الشيء الذي أسعده هو أن المتظاهرين قد عبروا عن قضية معينة. أما سيار فيعتقد أن التقرير الذي نشرته (نيوزويك) كان وراءه اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة والذي كان يهدف من ورائه إلى اختبار ما إذا كان الأفغان - بعد ثلاث سنوات من الاحتلال - قد فقدوا احترامهم لدينهم ، غير أن الأفغان أثبتوا أن شيئا من ذلك لم يحدث. \r\n \r\n ليلي جاسينتو \r\n كاتب صحفي أميركي يعمل مراسلا من أفغانستان \r\n خدمة (واشنطن بوست) و(لوس انجلوس تايمز) خاص ب(الوطن)