رئيس الوزراء يشهد فعالية الإعلان عن إنشاء مركز التجارة الإفريقي في العاصمة الجديدة    السياحة تنظم رحلة تعريفية لمنظمي الرحلات والمؤثرين الفرنسيين لزيارة المقصد المصري    الإغاثة الطبية في غزة: موجة الأمطار الأخيرة كشفت فشل الحلول المؤقتة    الفوج الثاني من البعثة المصرية يغادر إلى أنجولا للمشاركة في دورة الألعاب الإفريقية للشباب    غاز السخان يحول زفافًا حديثًا إلى مأساة في قرية ريده بالمنيا    عاجل- مدبولي: الإسراع في تنفيذ مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الجديدة أولوية لضمان تقديم خدمات طبية متكاملة    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    كمبوديا تعلن تعليق جميع المعابر الحدودية مع تايلاند    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    الصحف العالمية اليوم: مطاردة من القبر.. صور جديدة من تركة ابستين تقلق الكبار وأولهم ترامب.. ستارمر يستعد لاختيار سفير جديد لواشنطن وسط توتر العلاقات مع ترامب.. والإنفلونزا والإضرابات تهددان قطاع الصحة البريطانى    الأمين العام للأمم المتحدة: نقدر التزام الحكومة العراقية بالمضي قدمًا في خطط التنمية    النقابة العامة للأطباء تعقد اجتماعًا موسعًا لمناقشة تطبيق قانون المسؤولية الطبية الجديد    فليك يعلن قائمة برشلونة لمواجهة أوساسونا في الدوري الإسباني    أسعار الفاكهة والخضراوات اليوم السبت 13-12-2025 بأسواق أسيوط    عبد المنعم إمام يُسائل وزير التعليم عن واقعة انتهاك جسد أطفال بمدارس النيل المصرية الدولية    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    محافظ الغربية يتابع أعمال كسح مياه الأمطار    ضبط 121 ألف مخالفة متنوعة في حملات لتحقيق الانضباط المروري خلال 24 ساعة    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    محمود الليثي ينتهي من تسجيل أغاني مسلسل "الكينج"    غدا.. إزاحة الستار عن تمثال الملك أمنحتب الثالث في كوم الحيتان بعد 3 آلاف عام من الدفن    رئيس التعاون الإفريقى: زيارة الوفد المصرى لأنجولا خطوة لتعميق الشراكات الصناعية    روتين صباحي صحي يعزز المناعة مع برودة الطقس    إبراهيم حسن يشيد بإمكانات مركز المنتخبات الوطنية.. ومعسكر مثالي للاعبين    هل الجدل حوله يمنح فيلم الملحد إيرادات كبيرة؟    مصرع وإصابة 5 من أسرة واحدة في قرية الدير جنوب الأقصر.. صور    العرجاوي: الغرفة التجارية بالإسكندرية تبحث مع الجمارك و"إم تي إس" ميكنة التصدير    صحة دمياط تضرب بقوة في الريف، قافلة طبية شاملة تخدم 1100 مواطن بكفور الغاب مجانا    قبل انطلاقه.. النعماني يستقبل نجوم لجنة تحكيم "تياترو الجامعة" سامح حسين ولقاء سويدان    مهرجان القاهرة للفيلم القصير يعلن قائمة محكمي مسابقات دورته السابعة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    الصحة: فاكسيرا توقع بروتوكول تطوير المعامل المركزية لضمان جودة الأمصال واللقاحات    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جباليا    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    البيت الأبيض بعد نشر صور جديدة من تركة إبستين: خدعة من الديمقراطيين    السكك الحديدية تعتذر للركاب لهذا السبب    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    بيراميدز يتحدى فلامنجو البرازيلي على كأس التحدي    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحريات الأميركية أول ضحية لأحداث سبتمبر، كلينتون يتحمل المسئولية عن نواة الدولة
نشر في التغيير يوم 14 - 03 - 2005


\r\n
لماذا؟ أخبرنا ماكفى بإسهاب بليغ. ولكن قادة أميركا وأجهزة إعلامهم فضّلوا أن يصفوه بأنه وحش سادي مجنون وليس شخصاً طيباً مثل بقية الناس أقدم على فعلته لا لشيء ولا لسبب سوى الاستمتاع العابث. وفي 11 سبتمبر 2001، قام أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي يتزعمه بتسديد ضربات إلى أهداف في مانهاتن والبنتاغون. وسارعت الطغمة الحاكمة في البنتاغون المسئولة عن إدارة شئوننا إلى برمجة رئيسهم لكي يخبرنا أن بن لادن كان «فاعل شر» يحسدنا على صلاحنا وثروتنا وحريتنا.
\r\n
\r\n
\r\n
لا شيء في هذه التفاسير يمكن أن يكون معقولاً، ولكن حكام أميركا طوال أكثر من نصف قرن قد عملوا على التأكد بأن لا يطلعنا أحد أبداً على الحقيقة عن أي شيء فعلته الحكومة الاميركية بالشعوب الأخرى علاوة كما في حالة ماكفى على ما تفعله بالاميركيين. وكل ما يتبقى لدينا بعد ذلك هو أغلفة ضبابية لمجلتي «التايم» و«النيوزويك» حيث تطالعنا شخصيات بشعة، يتطاير من عيونها الشرر في حين تنسج النيويورك تايمز وطاقمها من المُزيِّفين قصصاً معقّدة عن أسامة المجنون وماكفي الجبان.
\r\n
\r\n
\r\n
وهكذا يقنعون معظم الأميركيين أن رجلين مشبوهين غير سويين فقط يمكن أن يمتلكا الجرأة، لكي يهاجما أمة تنظر إلى نفسها باعتبارها أقرب إلى الكمال من أي مجتمع بشري آخر. ولم يتطرق أحد أبداً إلى إمكانية أن الطغمة التي تحكم أميركا قد وجّهت استفزازاً جدياً «خطيراً» إلى ماكفى (وهو بطل أميركي أصيل في حرب الخليج) وأسامة، الذي يدّعي أنه المدافع عن الإيمان.
\r\n
\r\n
\r\n
الأشياء تحدث كما تحدث عرضاً في أجهزة الإعلام الأميركية، ونحن المستهلكون لا نحتاج الى أن يخبرنا أحد عن السبب وراء أي شيء، ومن المؤكد أن أولئك الذين يعملون منا في مهنة البحث والتحري عن الأسباب، سيمضون وقتاً صعباً في محاولتهم الوصول إلى ما يقصدونه من خلال أجهزة الإعلام الأميركية، التي ترعاها شركات كبرى، كما اكتشفت أنا شخصياً عندما حاولت أن أفسّر ماكفى في مجلة (فانيتي فير)، أو عندما منذ 11 سبتمبر فشلت محاولاتي لنشر ما أكتبه.
\r\n
\r\n
\r\n
صوت أيلولي آخر جرى إسكاته هو صوت آرنوجي ماير، الأستاذ المتمرس في التاريخ بجامعة برنستون، الذي قوبل مقاله المعنون (تأملات في غير أوانها) بالاعتذار عن النشر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك مجلة (نيشِن)، حيث كنت أنا محرراً مشاركاً في الكتابة طوال سنوات عديدة (وحيث قوبلت تأملاتي في غير أوانها عن 11 سبتمبر بالرفض والامتناع عن نشرها كذلك) نشر ماير مقاله في الجريدة اليومية الفرنسية (لوموند). وكتب يقول في جانب من مقاله:
\r\n
\r\n
\r\n
«حتى الآن، في الأزمنة الحديثة، كانت الأعمال الإرهابية الفردية هي سلام الضعفاء والفقراء، بينما كانت الأعمال الإرهابية الرسمية والاقتصادية هي أسلحة الأقوياء. ومن المهم، بالطبع، ان تميّز في هذين النمطين من الإرهاب معاً، بين الهدف والضحية. وهذا التمييز واضح تماماً في الهجوم المميت على مركز التجارة العالمي. فالهدف كان رمزاً كبيراً ومحوراً بارزاً من رموز ومحاور القوة المالية والاقتصادية للشركات العولمية.
\r\n
\r\n
\r\n
والضحية كانت القوة العاملة المنكودة الطالع والتابعة جزئياً. ومثل هذا التمييز لا ينطبق على الضربة التي سددت إلى البنتاغون. لأنه يضم القيادة العسكرية العليا القوة النهائية الأخيرة للعولمة الرأسمالية، حتى ولو أنها تنطوي، في اللغة الخاصة بالبنتاغون، على (أضرار جانبية) للحياة البشرية».
\r\n
\r\n
\r\n
تاريخ ثقيل على الظهور
\r\n
\r\n
\r\n
مهما يكن الامر، فإن أميركا كانت منذ سنة 1947 هي الدولة الرئيسة والرائدة في ارتكاب أعمال الإرهاب الرسمي «الاستباقي»، على العالم الثالث حصراً وتحديداً، ولذلك جرى إخفاء تلك الأعمال على نطاق واسع. وبالإضافة إلى أعمال تخريب الحكومات وإسقاطها بدون نقد أو اعتراض في منافسة مع الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة، فإن واشنطن قد لجأت إلى استخدام الاغتيالات السياسية، وفرق القتل بالوكالة، ومقاتلين غير لائقين من أجل الحرية.
\r\n
\r\n
\r\n
وكانت العقل المفكر والمدبّر في قتل لومومبا وألليندي. وحاولت بلا جدوى أن تغتال كاسترو والقذافي وصدام حسين. واستخدمت حق النقض ضد جميع المحاولات الرامية إلى وضع حد ليس فقط للخرق الإسرائيلي للاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، بل أيضاً ممارستها لإرهاب الدولة الاستباقي. وينبغي أن أشير إلى أن (اللوموند) هي جريدة محافظة معتدلة تتوجه إلى النخبة من ذوي الثقافة الرفيعة، وأنها كانت طوال عقود من السنين مؤيدة لإسرائيل، وآرنو ماير نفسه قد قضى «أياماً مدرسية» في معتقل ألماني.
\r\n
\r\n
\r\n
أما مقالي عن 11 سبتمبر فإنه نشر لاحقاً بالإيطالية في كتاب شبيه بهذا الكتاب. ولدهشة الجميع، فإن ذلك الكتاب أصبح فوراً من أفضل الكتب في المبيعات. وتُرجم بعد ذلك إلى دزينة من اللغات الأخرى، وبالنسبة إلى بن لادن وماكفي معاً، فكرّت أنه من المفيد أن أتولى وصف الاستفزازات المختلفة من جانبنا، التي دفعتهما إلى ارتكاب مثل تلك الأعمال الرهيبة.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الحادي عشر من سبتمبر 2001، عندما كان طيارون انتحاريون ينقضّون بطائرات مدنية تجارية على أبنية أميركية مزدحمة، لم أكن أحتاج للنظر إلى الروزنامة لكي أعرف أي يوم كان ذلك اليوم: الثلاثاء المظلم كان يُلقي بظلِّه الطويل عبر مانهاتن وعلى امتداد نهر البوتوماك. كما لم أشعر بالدهشة لأنه لم يكن هناك إنذار مسبق من مكتب التحقيقات الفيدرالي أو من وكالة المخابرات المركزية أو من وكالة الاستخبارات الدفاعية، على الرغم من أننا قد أنفقنا منذ سنة 1950 ما يقرب من سبعة آلاف مليون دولار على ما سُمِّي بتعبير مخفَّف ومُلطَّف «دفاعاً».
\r\n
\r\n
\r\n
عندما كان البوشّيّون يعدون بشغف للحرب ما قبل قبل الأخيرة صواريخ من كوريا الشمالية، تحمل علامات مميزة واضحة هي الرايات، ستمطر على بورتلاند في أوريغون، لكي تعترضها مناطيد درعنا الواقي من الصواريخ كان الثعلب الماكر أسامة بن لادن يعلم ان كل ما يحتاجه هو في حربه، أن يكون لديه طيارون مستعدون لقتل أنفسهم بالإضافة إلى أولئك المسافرين العابرين الذين يتفق وجودهم في الطائرات التجارية المخطوفة.
\r\n
\r\n
\r\n
الهاتف يواصل الرنين، إنّي أقضي فصل الصيف في جنوب نابولي بايطاليا. الجرائد ومحطات التلفزيون والإذاعة الإيطالية تريد تعليقاً. وكذلك أريد أنا. وكنت قد كتبت مؤخراً عن بيرل هاربر. والآن يواجهونني بالسؤال نفسه مرة بعد أخرى: أليس هذا بالضبط مثل الأحد صباحاً في السابع من ديسمبر سنة 1941؟ فأجيب: كلا، إنه ليس كذلك. وعلى حد ما نعلم الآن، لم يكن لدينا إنذار بالهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء. بالطبع، لدى الحكومة الأميركية اسرار عديدة جداً يبدو أن أعداءنا يعرفونها مسبقاً دائماً، ولكن شعبنا لا يخبره أحد عنها إلا بعد سنوات، هذا إذا أخبره أحد على الإطلاق.
\r\n
\r\n
\r\n
الرئيس روزفلت استفز اليابانيين للهجوم علينا في بيرل هاربر. وقد وصفت الخطوات المختلفة التي اتخذها في كتابي (العصر الذهبي). ونحن نعلم الآن ما الذي كان يدور في ذهنه: أن يذهب لنجدة بريطانيا ضد هتلر حليف اليابان. وهي مكيدة مبررة أخلاقياً انتهت بانتصار لصالح الجنس البشري. ولكن ما الذي دار يدور في ذهن بن لادن؟
\r\n
\r\n
\r\n
طوال عدة عقود من الزمن، كانت هناك عملية دائبة حثيثة لتقديم العالم الاسلامي في أجهزة الإعلام الأميركية بوصفه شيطاناً. وبما أنني أميركي مخلص، لا يُفترض فيّ أن أخبركم لماذا حدث ذلك، ولكن ليس من غير المعتاد لنا في الوقت نفسه أن نتفحص لماذا يحدث أي شيء؟ وحينذاك نتهم الآخرين بكل بساطة بأنهم يقومون بعمل شرير بلا دافع أو سبب. هكذا يصرّح جورج دبليو بوش «نحن أخيار هم أشرار». مما يحسم الوضع ويجمعه في رزمة أنيقة.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي وقت لاحق، أوضح بوش ما يعنيه في خطاب ألقاه في اجتماع مشترك لمجلسي الكونغرس حين شاركهم وشارك بقيتنا نحن غير المحظوظين في مكان ما على الجانب الآخر من الطريق الدائرية المطوِّقة بعلمه العميق الذي يسبر خدع وأساليب «القاعدة»: «إنهم يكرهون ما يرونه هنا في هذه القاعة بالذات». وأنا أظن أن مليوناً من المواطنين الأميركيين أحنوا رؤوسهم موافقين بحزن أمام شاشات تلفزيوناتهم. «إن زعماءهم قد نصّبوا أنفسهم. إنهم يكرهون حريتنا، حريتنا في الدين، حريتنا في الكلام، حريتنا في التصويت والاجتماع والاختلاف مع بعضنا البعض». وفي هذه اللحظة المدوية، أي أميركي لن تدفعه عاطفته الجياشة إلى ابتلاع الطعم؟
\r\n
\r\n
\r\n
إذا ثبت أن العربي البالغ الرابعة والأربعين من عمره، بن لادن، هو المحرِّك الأساسي، فمن دواعي العجب إننا لا نزال لا نعرف عنه حتى الآن إلا القليل. أسامة، الذي يصل طوله إلى ستة أقدام وسبع بوصات، يدخل إلى التاريخ في سنة 1979 كمقاتل من رجال العصابات، يعمل جنباً إلى جنب مع وكالة المخابرات المركزية للدفاع عن أفغانستان ضد الغزاة السوفييت. هل كان معادياً للشيوعية؟ سؤال لا علاقة له بالموضوع، فهو لا يريد وجود كفّار من أي نوع في العالم الإسلامي.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد وُصف أسامة بأنه ثري فاحش الثراء، ولكنه على رأي أحد أقربائه، لا يملك إلا ملايين قليلة من الدولارات فقط، وكان والده هو الذي قام بتكوين ثروة طائلة بشركة للانشاءات وتساوي تلك الشركة الآن عدة مليارات من الدولارات، من المفترض أن يشارك فيها (54) فرداً من أشقاء وشقيقات أسامة.
\r\n
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من أنه يتكلم الإنجليزية بطلاقة تامة، إلا إنه كان قد نال تعليمه كلياً في جدة. ولم يسافر أبداً إلى خارج شبه الجزيرة العربية. وعاش عدة أشقاء في منطقة بوسطن وتبرعوا بمبالغ كبيرة إلى جامعة هارفارد. وقيل لنا أن العديدين من أفراد عائلته يبدو أنهم قد تبرأوا منه، وأن الكثير من أرصدته في السعودية قد جرى تجميدها.
\r\n
\r\n
\r\n
سؤال مؤرق
\r\n
\r\n
\r\n
أسامة بن لادن جامع أموال ممتاز ، ولكن في العالم العربي فقط. وخلافاً لما يشاع، فإنه لم يقبض مالاً من وكالة المخابرات المركزية. وقد أنذر السلطات السعودية بأن صدام حسين سيغزو الكويت، وافترض أسامة أنه بعد انتصاراته كمقاتل في حرب العصابات ضد الروسيين، فإنه سيكون له دور في العمل لوقف العراقيين عند حدهم ولكن الامور لم تسر على هذا النحو.
\r\n
\r\n
\r\n
أقنع أسامة أربعة آلاف عربي بالذهاب إلى أفغانستان لكي تقوم جماعته بتدريبهم عسكرياً.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي سنة 1991، انتقل أسامة إلى السودان، وفي سنة 1994، كان أسامة قد أصبح بالفعل شخصية أسطورية في العالم الإسلامي. وعلى هذا النحو مثل الشخصية الشيكسبيرية كوريولانوس فإنه يستطيع أن يقول «إنني هناك عالم في مكان آخر». ولسوء الحظ، فإن ذلك العالم هو نحن. في «إعلان للحرب» يتألف من اثنتي عشرة صفحة قدّم أسامة نفسه كالمحرّر الممكن للعالم الإسلامي من الشيطان الأكبر للفساد الحديث، الولايات المتحدة.
\r\n
\r\n
\r\n
قامت منظمة أسامة بتفجير اثنتين من سفاراتنا في إفريقيا، وأحدثت ثقباً في جانب سفينة حربية أميركية بمحاذاة اليمن، وقذف كلينتون صاروخاً على معمل سوداني للأسبرين، وهكذا سرنا إلى أحداث الثلاثاء الاسود، وعندئذ تحوّل جورج دبليو بوش أمام أنظارنا إلى رئيس للمشجّعين كما كان في المدرسة الثانوية. فوعدنا أولاً ليس «بحرب جديدة» فقط بل «بحرب سرية»، والأفضل من كل ذلك، بحسب الومضة في عينه، «حرب طويلة جداً»، وفي الوقت نفسه، فإن «هذه الإدارة لن تتحدث عن أية خطط قد تكون لدينا أو لا تكون. . . ونحن سنعثر على هؤلاء الأشرار، وسنعتبرهم مسئولين ونحاسبهم»، جنباً إلى جنب مع الأشرار الآخرين الذين قاموا بإيواء أسامة.
\r\n
\r\n
\r\n
اعتباراً من الشهر الأول من عام 2002، تزعُم قيادة البنتاغون أن تخريب أفغانستان بقوتنا الجوية المحلِّقة على ارتفاعات عالية كان نصراً عظيماً (لا يذكر أحد أن الأفغانيين لم يكونوا أعداءً للأميركيين كان هذا الأمر شبيهاً بتدمير باليرمو للقضاء على المافيا). وعلى كل حال، فإننا قد لا نعرف أبداً ماذا تحقق، إذا كان قد تحقق أي شيء على الإطلاق، من كسب أو خسارة (سوى الكثير الذي خسرناه من لائحة الحقوق).
\r\n
\r\n
\r\n
رامسفيلد، وهو عضو في قيادة البنتاغون، جعل شغله الشاغل أن يسخر يومياً من ثلة من «الصحافيين» على شاشات محطات التلفزيون في نشراتها الإخبارية. بتطويل فائق لا يخلو من جوانب مسلية، لا يخبرنا «رامي» شيئاً عن خسائرنا ولا عن خسائرهم. ويبدو إنه يعتقد بالفعل أن أسامة العاطفي الحسّاس يختبيء في كهف يقبع على حدود باكستان، بدلاً من أن يستقر في قصر في إندونيسيا أو ماليزيا، وهما بلدان معروفان بكثافتهما السكانية العالية، ويتمتع هو فيهما بإعجاب لا نحظى نحن به.
\r\n
\r\n
\r\n
ومهما يكن الأمر، فإننا لم يسبق أبداً في تاريخنا الطويل من الحروب غير المعلنة وغير الدستورية أن عومِلْنا، نحن الشعب الأميركي، بمثل هذا الازدراء الفظ (مجرد عدد كبير من حملة الرماح الذين تفرض عليهم ضرائب باهظة)، ويتم استدعاؤهم من حين إلى آخر للمشاركة في تصويت عرضي يتعرض إلى التلاعب.
\r\n
\r\n
\r\n
ذكريات قاهرية
\r\n
\r\n
\r\n
عندما كان أسامة في الرابعة من عمره، وصلت إلى القاهرة لإجراء حديث مع عبدالناصر تنشره مجلة (لوك). واستقبلني محمد حسنين هيكل، المستشار الأقدم للرئيس عبدالناصر. لم تحدث المقابلة مع عبدالناصر، كان موجوداً في المتراس (معتكفه الذي يطل على النيل). وكان قد نجا تواً من محاولة اغتيال. وكان هيكل يتكلم الإنجليزية بطلاقة تامة. وكان تهكمياً، خبيراً بشئون الدنيا والناس. وتبادلنا الأحاديث على نحو متقطع بين فترة وأخرى طوال أسبوع. عبدالناصر يريد تحديث مصر.
\r\n
\r\n
\r\n
ولكن هناك عنصراً رجعياً، يقف في طريقه. وبعد ذلك مفاجأة. «لقد اكتشفنا شيئاً غريباً جداً، الشبان القرويون الصغار الأذكياء منهم الذين نتولى تعليمهم لكي يصبحوا مهندسين وكميائيين وما إلى ذلك، ينقلبون علينا وينتمون إلى الجناح اليميني؟».
\r\n
\r\n
\r\n
كان هيكل ابناً روحياً للتنوير الأوروبي في قرننا الثامن عشر. وعاد هيكل إلى ذاكرتي في يوم الثلاثاء المظلم، عندما قام أحد أبناء جيله العربي الذي أُنجز تحديثه بتسديد ضربة هجومية إلى هدف كان قبل أربعين عاماً نموذجاً للدولة العصرية في نظر عبدالناصر. ومع ذلك، كان أسامة يبدو في جميع الروايات ليس أكثر من مسلم عادي يؤدي جميع فروض الدين، في مقابل المسلم المتعصب المتحمس. والمفارقة الساخرة هي إنه قد أكمل تعليمه كمهندس.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن المفهوم أنه يكره الولايات المتحدة كرمز وكواقع. وأطلق أسامة على العدو الأساسي اسم «التحالف الصليبي الصهيوني». وهكذا، في عبارة واحدة، عرّف نفسه وذكّر منتقديه بأنه مسلم ، وناشط يشبه ناشطينا المتزمتين المهرجين المضحكين من زمرة فالويل وروبرتسون، ولكنه يختلف عنهم بأنه جاد، يعني ما يقوله، ويفعل ما يعلنه. وسيذهب إلى الحرب ضد الولايات المتحدة، «رأس الافعى».
\r\n
\r\n
\r\n
الزناد الخطر
\r\n
\r\n
\r\n
على الرغم من أن إدارة بوش حمقاء إلى درجة مخيفة في جميع مهماتها باستثناء مهمتها الأساسية، وهي إعفاء الأغنياء من الضرائب!، فإنها قد مزّقت برعونة متناهية معظم المعاهدات التي تقرّها الأمم المتمدنة مثل اتفاقيات كيوتو حول حماية البيئة أو اتفاقية الصواريخ النووية مع روسيا. ويواصل البوشيون نهبهم المتفاقم للخزينة الوطنية. والآن، وبفضل أسامة، ذهبت أموال الضمان الاجتماعي (التي يفترض أنها وديعة ائتمانية لا تُمس) إلى تسديد نفقات حرب تكلفنا حالياً ثلاثة مليارات دولار شهرياً. وسمحت لمكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية إما أن تنفلت جامحة من عقالها أو أ�� لا تتزحزح قيد أنمله، عن موقفها.
\r\n
\r\n
\r\n
وتركتنا مع أول إمبراطورية «ضرورية»، وبطلب شعبي، مع آخر امبراطورية عالمية، تماماً مثل «ساحر أوز» الذي يحاول أن يقنع مشاهديه أن خدعه وحيله هي منجزات سحرية حقيقية، آملاً ألا يكتشفه أحد. وفي هذا الوقت نفسه، يهدر بوش قائلاً: «إما أن تكونوا معنا، أو تكونوا مع الإرهابيين». ومثل هذا القول يعني أن قائله يجلب الويل على نفسه، ويدعو العدو إلى مهاجمته.
\r\n
\r\n
\r\n
لكي يكون المرء منصفاً، لا يسعه أن يضع اللوم في تشوشنا كلياً على عاتق الرئيس الحالي صاحب المكتب البيضاوي. وعلى الرغم من أن أسلافه من الرؤساء كانوا على درجة من الذكاء أعلى منه، إلا أنهم بدورهم كانوا قد خدموا باجتهاد دائب أولئك الذين يشكلّون واحداً بالمئة من السكان ممن يملكون البلاد تاركين الآخرين تائهين على غير هديً.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان بيل كلينتون يستحق اللوم بوجه خاص. وعلى الرغم من كونه أكفأ وأقدر رئيس منذ فرانكلين ديلانو روزفلت، إلا أن كلينتون، في سعيه المحموم لتحقيق انتصارات انتخابية، فإنه وضع الزناد في مكانه المناسب لقيام دولة بوليسية، ذلك الزناد الذي يضغطه خلفه الآن بكل انشراح وسرور.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.