\r\n في كتابه المعنون\"نظرة على الماضي: مأساة ودروس فيتنام\" الصادر في عام 1996، يرى \"ماكنمارا\" أنه وزملاءه في إدارتي الرئيسين جون كنيدي وليندون جونسون في الستينيات، قد ارتكبوا أحد عشر خطأ، أثناء إدارتهم لشؤون الحرب في فيتنام. \r\n \r\n الخطأ الأول، ولعله الأكثر فظاعة، هو المبالغة في تقدير درجة الخطر الذي يمثله أعداؤنا بالنسبة لنا، وهو ما قامت به إدارة بوش في العراق عندما بالغت في تقدير المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل العراقية، والروابط التي تربط نظام صدام مع تنظيم القاعدة الذي يقوده أسامة بن لادن. \r\n \r\n والتعليقات التي أدلى بها بوش وقال فيها إننا نقاتل العدو في العراق حتى لا نجد أنفسنا مضطرين لمقاتلته في مدن أميركية مثل بوسطن أو بروكلين.. تذكرنا بالتعليقات المشابهة التي أدلى بها الرئيس جونسون إبان الحرب الفيتنامية وقال فيها إننا نقاتل الشيوعيين في \"سايجون\" حتى لا نجد أنفسنا مضطرين إلى مقاتلتهم في \"سان فرانسيسكو\". \r\n \r\n أما الأخطاء الأربعة التالية التي ذكرها \"ماكنمارا\" في كتابه، فهي تتعلق بالأخطاء التي ارتكبناها في تقدير مصادر قوتنا السياسية، والمشاعر القومية للشعب الفيتنامي وثقافته، وكذلك قدرتنا على إعادة صياغة تلك الدولة وفقا للنموذج الأميركي. \r\n \r\n من الواضح الآن أن نقص معرفتنا عن العراق، جعلنا نعتقد أن أميركا قادرة على إعادة صياغة العراق على صورتها، فإدارة بوش افترضت أننا سوف نقابل هناك كمحررين لا كمحتلين، وأن الطوائف العرقية والمذهبية: السنة، والشيعة، والأكراد، سوف توافق على إقامة جمهورية فيدرالية وفقا للنموذج الأميركي. \r\n \r\n بعد ذلك وفي جزء آخر من كتابه، تناول \"ماكنمارا\" ثلاثة من المعايير التي يرى أننا أخطأنا فيها في فيتنام وهي معايير تركز على موضوع استخدام القوة العسكرية. ويحذر روبرت ماكنمارا في هذا الجزء من أن المعدات العسكرية فائقة التقنية ليست كافية في حد ذاتها لكسب عقول وقلوب الشعوب التي تنتمي إلى ثقافات مختلفة عن ثقافتنا تمام الاختلاف. \r\n \r\n إلى ذلك يرى \"ماكنمارا\" أيضا أنه يجب العمل على إشراك الكونجرس والشعب الأميركي في مناقشة عامة وشاملة وصريحة تناقش مزايا ومساوئ التدخل العسكري الواسع النطاق، كما تناقش أيضا فكرة أن العمل العسكري يجب أن يتم جنباً إلى جنب مع دعم حقيقي من المجتمع الدولي برمته. \r\n \r\n وهكذا فإن الذي حدث بشأن العراق، هو أن إدارة بوش، وبعد أن غضت النظر عن هذه الدروس وطرحتها جانبا، لم تقم أيضا بالاستماع إلى نصيحة الخبراء العسكريين التي كانت تقول إن قوتنا العسكرية التقليدية الساحقة، لن تكون كافية لترجمة النصر العسكري إلى سلام مستقر، دون أن تقوم بحشد أعداد ضخمة من القوات البرية على الأرض لفترة طويلة من الوقت. \r\n \r\n كما فشلت الإدارة الأميركية أيضا في إشراك الكونجرس والشعب الأميركي في مناقشة شاملة وصريحة حول الأسباب التي اعتمدت عليها الإدارة في تبرير ذهابها للحرب، والمدى الزمني الذي ستستغرقه، والأعباء المادية والبشرية التي ستحتاجها. وهكذا فإن ما نراه في نهاية المطاف هو أنه وبعد قيام 30 دولة من دول العالم بتقديم دعمها ومؤازرتها السياسية لقضية الحرب، فإن الدعم الوحيد الذي يمكن الاعتداد به هو ذلك الذي قدمته بريطانيا وعلينا أن نعرف في هذا السياق أن 90 في المئة تقريباً من الخسائر البشرية والأعباء المادية التي تكبدناها- والتي سنتكبدها - في العراق سوف تقع على كاهل الولاياتالمتحدة الأميركية دون غيرها. \r\n \r\n هناك أيضا خطآن من الأخطاء التي ذكرها \"ماكنمارا\" يتعلقان بعدم قيام الإدارة الأميركية في ذلك الوقت بتوضيح الكيفية التي تسير بها الأمور في الحرب، وكيف أنه قد تحدث أحيانا في تلك الحروب أحداث غير متوقعة تؤدي بنا إلى الخروج عن المسار المرسوم، وكيف أننا قد نجد أنفسنا- على ضوء الظروف الدولية السائدة- مضطرين إلى العيش في عالم تسوده الفوضى، وبعيد عن الكمال. \r\n \r\n إن إدارة بوش لم تشرح لنا حتى الآن الأسباب التي جعلتها تخطئ في الأسباب الأولية التي اعتمدت عليها في شن تلك الحرب. وحتى إذا ما أخذنا في اعتبارنا النكسات الأخيرة التي حدثت في ذلك البلد، فإنه لا زال يتعين على الإدارة الأميركية أن تعترف أيضا بأن الهدف الخاص بإقامة عراق مستقبلي سوف يحتاج إلى جهود طويلة ومرهقة ومكلفة، وأنه قد لا يمكن إنجازه قبل الموعد النهائي الذي حددناه وهو 30 من يونيو المقبل. بالإضافة إلى ما تقدم فإننا نجد أيضا أن الرئيس بوش لم يدرك بعد أننا قد نضطر إلى التعايش مع عراق قد لا يكون ديمقراطيا على الطراز \"الجيفرسوني\"، نسبة إلى الرئيس الأميركي الثالث الذي كتب إعلان الاستقلال الأميركي. \r\n \r\n الخطأ الأخير الذي ارتكبناه في فيتنام حسب القائمة التي أوردها ماكنمارا في كتابه، هو عدم القيام بتنظيم الفرع التنفيذي من حكومتنا للتعامل مع ذلك النطاق المعقد من القضايا السياسية والعسكرية التي تسفر عنها الأوضاع. وبجميع المقاييس، يمكننا القول إن الأخطاء التنظيمية التي ارتكبناها في العراق كانت أسوأ كثيرا من تلك التي ارتكبناها في فيتنام. فمن المعروف على سبيل المثال أن وزارة الخارجية الأميركية بدأت التخطيط لإعادة إعمار العراق قبل 18 شهرا من انطلاق الغزو، ولكن، وعندما تم على نحو غير متوقع تحويل المسؤولية عن هذا الموضوع إلى البنتاجون، فإن البنتاجون قام بإرسال مندوبه الأول الجنرال \"جاي جارنر\" إلى العراق دون أن يسمح له حتى بمجرد التشاور مع وزارة الخارجية بشأن الخطط الموجودة لديها، وإمكانية الاستفادة منها من عدمه. علاوة على ذلك، لم يتم منح القوات الغازية أية إرشادات بشأن ما يتعين عليها القيام به عند سقوط النظام، وهو ما جعلنا حتى بعد مرور عام على سقوط بغداد، غير قادرين على معرفة الجهة المسؤولية عن إعادة إعمار العراق وتحقيق الاستقرار به. \r\n \r\n إن عدم قيامنا بالتعلم من الأخطاء التي ارتكبناها في فيتنام هو الذي سيمثل أكبر إساءة نلحقها بقواتنا وبلدنا. وفي الحقيقة أن التعلم من هذه الأخطاء قد يكون هو الطريقة المثلى، إن لم تكن الوحيدة، لفهم الكيفية التي وقعنا بها في الورطة الحالية في العراق والكيفية التي يمكن لنا بها الخروج من تلك الورطة. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"