\r\n إن أمامنا فرصة سانحة لتفعيل الإصلاحات الضرورية الماسة إذا ما أردنا أن ننتشل منظمة الأممالمتحدة من العقم السياسي والفضيحة التي تمسك بخناقها مؤخراً حتى تستعيد مكانتها ومصداقيتها السابقة. فلقد أقر كوفي عنان السكرتير العام لهذه المنظمة التي ظلت تكبلها القيود البيروقراطية، أنها باتت تواجه هجوماً عنيفاً بعد أن تصدر هو قائمة المنتقدين المطالبين بإجراء التغييرات اللازمة. وبعد أن أعلن في العام الماضي أن منظمة الأممالمتحدة أصبحت على مفترق طرق، سارع إلى تعيين لجنة من الحكماء من الرجال والنسوة من أجل التقدم بتوصياتها الخاصة بالإصلاح وإعادة الهيكلة. وعادت اللجنة في ديسمبر الماضي وهي تحمل العديد من التوصيات والحلول القاسية وهي تتضمن انتقادات حادة لأداء العديد من الوكالات التابعة للمنظمة، وطالبت بإجراءات تفضي إلى المزيد من تفعيل دور المنظمة عبر التخلص من الإجراءات البيروقراطية، كما حملت منظمة الأممالمتحدة مسؤولية الفشل الذريع في مكافحة الإرهاب. وأشارت إحدى التوصيات المهمة التي تقدمت بها اللجنة من أجل إعادة الهيكلة إلى ضرورة العمل على توسعة مجلس الأمن إلى أكثر من وضعه الحالي الذي يتألف من خمسة أعضاء دائمين لديهم حق \"الفيتو\" -الولاياتالمتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين- بالإضافة إلى عشرة أعضاء آخرين يتناوب كل منهم على العمل لفترة عامين. ويبدو أن الهدف من ذلك توفير تمثيل أكثر واقعية من ذلك الذي تم تحديده إبان فترة تأسيس المنظمة. \r\n \r\n وفي الأسبوع الماضي أفرج كوفي عنان عن تفاصيل التوصيات الخاصة به وهي تعتمد بشكل أساسي على اقتراح يطالب باستقلالية اللجنة التابعة له، ولكنه مضى إلى أبعد من ذلك ليتطرق إلى مسألة حقوق الإنسان. وطالب تحديداً بإعادة تشكيل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي طالما استهدفتها الانتقادات الأميركية بسبب ما تعتبره الولاياتالمتحدة مهادنة لبعض الدول في مسألة حقوق الإنسان والسماح لدول طالما عرفت بارتكاب ممارسات مهينة للإنسانية مثل كوبا وليبيا والسودان. وفي معرض تقريره اعترف كوفي عنان بأن اللجنة فقدت الكثير من مصداقيتها بعد أن أصبحت نهباً للتحايل والخداع الذي تمارسه مثل هذه الدول. واقترح عنان التخلص من لجنة حقوق الإنسان الحالية والعمل على استبدالها بلجنة أصغر حجماً تتألف من الدول الأعضاء الملتزمة بتطبيق أفضل المعايير في مجال حقوق الإنسان. ويرغب عنان في أن تتم مناقشة مقترحاته خلال الأشهر القليلة القادمة وإنفاذها في الجولة القادمة للجمعية العامة في شهر سبتمبر المقبل. \r\n \r\n على أن الولاياتالمتحدة الأميركية التي من دون دعمها المالي والسياسي الهائل كان يمكن للمنظمة أن تواجه شبح الاحتضار، أصبحت فيما يبدو في عجلة من أمرها لإحداث الإصلاحات في المنظمة. فقد عمدت إدارة بوش لتوها إلى تعيين \"جون بولتون\" ليصبح السفير الأميركي القادم لدى المنظمة وهو من أشد المنتقدين للأمم المتحدة. وبلا شك فإن تعيينه في هذا المنصب يبعث برسالة قوية مفادها أن الولاياتالمتحدة ترى أن صبرها اقترب من النفاد. \r\n \r\n وإلى ذلك فلا أحد يمكنه إنكار المساهمات الضخمة التي بذلتها الأممالمتحدة في مجال المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء العالم. فقد نجحت في توفير المياه في العديد من القرى القاحلة وجلبت الأغذية للملايين من الأطفال الجوعى، ووفرت المأوى لجموع اللاجئين وتمكنت من إبطال مفعول كميات هائلة من الألغام الأرضية، إلى جانب العديد من الخطوات التي يتعذر حصرها في مجال المحافظة على الحياة أو إنقاذ حياة الملايين من البشر. بيد أن الأممالمتحدة باتت عرضة للكثير من الانتقادات والضغوط في المجال السياسي. فقد برهنت عبر عضويتها المتنافرة والمتناقضة على أنها غير قادرة على تحقيق الوحدة في مواجهة بعض أكثر مشاكل العالم تعقيداً. ومن وجهة نظر إدارة بوش فإن عدم فعالية المنظمة قد تجلي بوضوح في فشلها في إنفاذ مجموعة من القرارات التي صدرت بحق صدام حسين وعدم تجاوبها بشكل فعلي عندما نجحت الولاياتالمتحدة في الإطاحة به. \r\n \r\n والآن وبعد أن وضع الرئيس بوش مسألة إرساء قواعد الحرية والدفاع عن حقوق الإنسان في مقدمة أجندته الخاصة بالسياسة الخارجية في فترته الثانية، فإن التركيز على إعادة تشكيل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة سيصبح دون شك موضع ترحيب وإشادة من واشنطن. وإذا ما قدر لهذه الخطوة أن تترجم إلى جهود مخلصة تتسم بالقدرة على الإنفاذ والتطبيق من جانب الأممالمتحدة وبشكل يؤدي إلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان - حتى في تلك الدول التي لا تلتزم حالياً بهذه القيم والمعايير- فإن هذا الأمر من شأنه أن يفضي إلى تحسن كبير في علاقة أميركا بالمنظمة الدولية. \r\n \r\n إن الأممالمتحدة مؤسسة مثقلة بالقيود والتعقيدات بشكل لا يجعلها قادرة على إحداث التغيير بالسهولة المتوقعة. ولكن المشاكل والتحديات التي أصبحت تواجهها مؤخراً ربما تحفزها على النهوض والتخلي عن حالة السبات التي تعيشها. \r\n \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n