عبده اللاه رئيسا للدفاع بالشيوخ    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل رئيس مجلس النواب    جامعة قناة السويس تنظم ندوة توعوية بمدرسة أبو خليفة الإعدادية حول محاربة العنف    المشاط: توطين التنمية الاقتصادية أبرز محاور "السرية الوطنية"    القنصل العام لدولة فلسطين يزور نظيره الصيني بالإسكندرية    القاهرة الإخبارية: اشتباكات في الفاشر بعد إعلان "الدعم السريع" السيطرة على الفرقة السادسة    عبور 30 شاحنة مساعدات إماراتية إلى معبر كرم أبو سالم تمهيدا لدخولها غزة    ديانج يعوض غياب مروان عطية في تشكيل الأهلي أمام بتروجيت    إسماعيل يوسف ل في الجول: مستعدون للقاء المصري ونأمل تحقيق الفوز    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    مدير الكرة بالزمالك يحذر شيكو بانزا من إثارة غضب الجماهير    ضبط سيدة بتهمة الاتجار في المخدرات بالأقصر    درجات الحرارة اليوم الأحد، العظمى والصغرى تتساوى في بنها    أحمد جابر قائما بأعمال رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    حكايتى مع روزاليوسف    وزير الصحة: تحقيق نقلة نوعية في الخدمات الطبية بمستشفيات الصعيد    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    نائب محافظ المنوفية يتابع نسب إنجاز منظومة تقنين الأراضي أملاك الدولة    الحضور الرسميون فى مئوية روزاليوسف    لتطوير برامج اللغة العربية.. "الشارقة للتراث" يعزّز التعاون الأكاديمي مع جامعة تشيجيانغ الصينية    القبض على المتهم بالاعتداء على ابنة عمه لخلافات أسرية في الجيزة    البديوي: احتفالية "وطن السلام" درس للأجيال الجديدة ورسالة من قلب العاصمة الإدارية    القومي للترجمة يقيم صالون «الترجمة وتحديات التقنية الحديثة» في دورته الأولى    وزيرا الخارجية والعمل يناقشان الهجرة والعمالة المصرية بالخارج    دخول الدفعة الثانية من المعدات الثقيلة من معبر رفح في طريقها إلى قطاع غزة    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    وزير العمل: إجازة للقطاع الخاص بمناسبة افتتاح المتحف الكبير.. السبت    قبل الكلاسيكو.. القلق يسيطر على معسكر برشلونة بسبب يامال    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    محافظ الجيزة: صيانة شاملة للمسطحات الخضراء والأشجار والمزروعات بمحيط المتحف المصري الكبير    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    خاص| إجراءات قانونية ضد مدرسة خاصة استضافت مرشحة لعرض برنامجها الانتخابي في قنا    مركز الازهر للفتوى :الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا يعد جريمة في ميزان الدين    الرياضية: اتحاد جدة يجهز لمعسكر خارجي مطول في فترة توقف كأس العرب    وزير المالية: «بنشتغل عند الناس.. وهدفنا تحسين حياتهم للأفضل»    وزارة الصحة تختتم البرنامج التدريبى لفرق الاستجابة السريعة لطوارئ الصحة    محافظ المنوفية يقرر استبعاد مدير مستشفى سرس الليان وإحالة 84 عاملا للتحقيق    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    «الداخلية» تكشف حقيقة اعتداء وسرقة «توك توك» بالإسماعيلية    التحريات: المتهمة بتعذيب طفليها منفصلة عن زوجها وارتكبت الواقعة قبل 3 أشهر    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    بحفل كامل العدد.. صابر الرباعي وسوما يقدمان ليلة طربية في ختام مهرجان الموسيقى العربية    سرايا القدس: المقاومة المسلحة الخيار الوحيد في مواجهة الإجرام الإسرائيلي    بوتين: قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى وتتفوق على الدول النووية الأخرى    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    ترامب يبدأ جولته الآسيوية بحركات راقصة في مطار ماليزيا    أمير قطر: لقائي مع الرئيس ترامب كان فرصة طيبة لمناقشة خطط السلام في الشرق الأوسط    رغم ارتفاع أسعاره.. ما هي الأبراج التى تحب الاستثمار في الذهب؟    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آن الأوان لعقد عالمي جديد
نشر في التغيير يوم 29 - 03 - 2005

وفي العصور الوسطى، كانت الحرب قاعدة والسلام استثناء. ولقد عرض هوغو غروسيو قضية العصور الوسطى، وقلبها رأساً على عقب، عندما أكد أنه من الآن وصاعداً سيكون السلام هو القاعدة، والحرب الاستثناء.. لكن قبل غروسيو، كان الاسباني فرانشيسكو دي فيتوريا قد رأى الحاجة إلى تشريع يثبت، انطلاقاً من غزو أميركا، معايير سلوك الدول القومية الجديدة، التي ظهرت في عصر النهضة.
\r\n
\r\n
\r\n
النظام العالمي الأول الذي أرسى دعائمه ماغلان وكولومبوس، تتطلب تشريعاً يواكب التطلعات الكولونيالية ومنافسات العائلات المالكة، وقبل كل شيء الصراعات الدينية بين الأمم الأوروبية.وحرب الثلاثين عاماً الدموية لم تنته إلا بمعاهدة وستفاليا للسلام، التي وقعت عام 1648، ومثلت أول ترتيب للمجتمع الدولي، يقوم على توازن القوى السياسية، انطلاقاً من ان الأمير يحدد دين الدولة.
\r\n
\r\n
\r\n
وبدورها جاءت الثورة الفرنسية لتقضي على النظام القديم للملكية المطلقة، ولم تسلم السيادة للدول وحسب، وإنما للشعوب أيضاً، وتوجت التحولات الاجتماعية والسياسية للثورة بالبونابارتية، حيث أعطى نابليون هوية اقتصادية وتقنيناً لصعود برجوازية جديدة، وحرر الطبقة العمالية من نهم الرأسمالية المنتصرة، وقنن النصوص التشريعية الجديدة، انسجاماً مع الواقع الجديد.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن مع عقد مؤتمر فيينا عام 1815 وسقوط نابليون ظهر واقع جديد آخر، تمثل بصعود البرجوازية بشكل لافت هذه المرة والثورة الصناعية والمطالبات القومية، ولقد راح هذا الواقع يفرض نفسه عن طريق حركات عام 1848 والتشريعات الخاصة بالعمل وإنشاء النقابات والاهتمام بما أطلق عليه فرديناند وننيس «القضية الاجتماعية».
\r\n
\r\n
\r\n
إن مسألة أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد لم يتمكن من طرد شرور الشياطين السياسية تثبتها الحرب العالمية الأولى، حيث خرجت القوى الكبرى للقتال في سبيل امتيازاتها الاقتصادية، ومات الملايين في معارك المارن وفردان، كي تتقاسم فرنسا وبلجيكا وانجلترا الكعكة الاستعمارية، بينما خسرت ألمانيا حصتها ودفعت امبراطوريتان، هما العثمانية والنمساوية المجرية، تمن الهزيمة بانقسام قومي لأراضيهما في البلقان وأوروبا الوسطى.
\r\n
\r\n
\r\n
وجاءت معاهدة فرساي بعد وستفالياوفيينا، وبالتالي فإنها تعتبر المحاولة الثالثة الكبرى لترتيب العالم وفقاً للقانون، لكنه قانون تعسفي قسَّم وحدات أوروبية متقدمة باسم حق تقرير المصير للشعوب، مستثنياً من هذا المبدأ العالم الاستعماري في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.شكلت معاهدة فرساي فشلاً ذريعاً، فلقد مثلت ستار الحرب العالمية الأولى وإعلان الحرب العالمية الثانية. والقوميون الممجدون في فرساي منحوا أجنحة لقومية موسوليني الفاشية في ايطاليا ولقومية هتلر الاشتراكية في ألمانيا.
\r\n
\r\n
\r\n
والغرامات الباهظة المفروضة على ألمانيا من خلال معاهدة فرساي أغرقت امكانية الديمقراطية لجمهورية فيمار، ووفرت الأرضية الملائمة لصعود هتلر، بينما قدمت القومية اللباس التنكري التام كي يغطي الواقع القمعي للاتحاد السوفييتي برداء الوطنية. وفرت الحرب العالمية الثانية احدث فرصة جدية لهيكلة النظام العالمي الجديد، حيث ثبتت منظمة الأمم المتحدة مبادئ دعمت استغلال الوقت والاستثناءات الوحشية أحياناً المفروضة من خلال الحرب الباردة.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة (1953 1961) داغ همرشولد، فإن «الأمم المتحدة لم يتم انشاؤها لتحملنا إلى السماء، وإنما لإنقاذنا من الجحيم» ومع ان كوريا وفيتنام كانتا جحيماً، وكذلك أميركا الوسطى والجنوبية وبولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا، إلا أن أزمة عام 1962 بينت مقدرات الدبلوماسية التي أدارها بصورة كفؤة كيندي وخروتشوف، وعلى الرغم من النزاعات المحلية إلا ان الخوف من الرعب النووي أعطى للأمم المتحدة مزايا خاصة وقوة لا غنى عنها.
\r\n
\r\n
\r\n
وبانتقالنا إلى الوقت الحالي، فإننا نجد مبدأين بارزين، شكلا العمود الفقري للنظام العالمي اعتباراً من عام 1945، وهما تعددية الاطراف كقاعدة للتعاون وحظر الحرب الاستباقية لصالح المفاوضات الدبلوماسية الى حد الحرب المصرح بها. ولقد ساد هذا النظام، مع كل عيوبه، بينما نسي العالم نفسه، عملياً، في كتلتين كبيرتين. ومع اختفاء الاتحاد السوفييتي، بقيت الولايات المتحدة، لاول مرة منذ الامبراطورية الرومانية، القوة العظمى الوحيدة.
\r\n
\r\n
\r\n
ولقد مارس كلينتون هذه السلطة برصانة لكن بوش تطاول كثيراً، وليس فقط اعتبارا من الحادي عشر من سبتمبر. فمنذ ان تولى السلطة، اظهر بوش احتقاراً عميقاً للاتفاقات الدولية حول البيئة (كيوتو) او العدالة الدولية (المحكمة الجزائية الدولية). وجاء تنظيم «القاعدة» ليقدم له الذريعة التي يحتاجها والحرب على الارهاب بررت له كل شيء، داخل الولايات المتحدة وخارجها.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن هذا الخطاب قد تبدل مع مطلع عام 2005 الجاري، حيث اصبح العراق مستنقعاً، والفراغ الذي خلفه سقوط صدام حسين يشغله المسلمون الذين لم يدخلوا العراق سابقاً، وجرت انتخابات كانت الولايات المتحدة تحتاجها لتبرير سقوط الطاغية ووجود قوات الاحتلال. ولقد ادلى العراقيون بأصواتهم للاشارة الى قدرتهم على حكم انفسهم لكن الحرب الاهلية الكامنة والخلافات الدينية والعرقية العميقة تنبيء ببقاء الجيش الاميركي. فهل سيقبل بوش بالخطوة اللازمة والمتمثلة باستفتاء وطني عراقي حول بقاء او خروج قوات الاحتلال؟
\r\n
\r\n
\r\n
لقد قامت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية برحلة الى اوروبا مع كيس من الرماد في الرأس، وسلمت بأخطاء متراكمة منذ 2002. وجاء بوش لرتق تحالف اطلسي لم يكسره سواه. ألمانيا وفرنسا ومن ثم اسبانيا لم تصوت ضد بوش بل صوتت لصالح القانون، صوتت لصالح الأمم المتحدة في موضوع العراق، وفي المقابل، فان بوش اكتشف انه من السهل اسقاط صدام، ومن الصعب احتلال العراق، ومهما حاول البيت الابيض احداث ضجة ضد ايران فان المنطق يشير الى ان الولايات المتحدة تفتقر اليوم للعناصر الكافية من أجل اختلال ثان في الشرق الاوسط.
\r\n
\r\n
\r\n
اما بالنسبة للتوقعات المستقبلية، فان موضوع النظام العالمي الجديد المعلن من قبل بوش الأب يعود للبروز على بساط البحث، حيث تواجه الولايات المتحدة الاختبار التالي: إما أن تساهم في انشاء نظام عالمي جديد وإما ان ترتهن للاحادية والحرب الاستباقية وثنائية الصراع بين الخير والشر الانتقائية. لا تكفي بلاغة الديمقراطية والحرية التي يتشدق بها بوش مرة تلو الاخرى.
\r\n
\r\n
\r\n
من أجل الخروج من الورطة التي وضعت الولايات المتحدة نفسها فيها، سيتعين عليها ان لم يكن اليوم فغداً، تقديم دعمها لأجندة العقد العالمي الجديد، عقد الأمم المتحدة الخاص بهذه الالفية، الذي ستكون فصوله التي لا غنى عنها، البيئة والاحتباس الحراري وحقوق المرأة وحقوق الاقليات وبرامج تطوير التعليم والصحة والحرب على الجوع وفي المقام الاول تأكيد «دولية القانون الدولي»، التي يمثل مجلس الأمن ذراعها التنفيذية ومحكمة الجزاء الدولية ذراعها القانونية.
\r\n
\r\n
\r\n
ان لم يكن الآن، فخلال اربع سنوات، سيتعين على الولايات المتحدة الاختيار: وحيدة على الرغم من الرفقة السيئة او متحدة لكن مع رفقة جيدة. المستقبل يكمن هنا.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.