بعد ملاحظات الرئيس.. النواب يؤجل تطبيق قانون الإجراءات الجنائية إلى 2026    طلاب صيدلة بني سويف يزورون مستشفى 57357 ويدعمون الأطفال    المعينين بمجلس الشيوخ يتسلموا كارنيهات العضوية    وزير الري يلتقي مدير عام المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة    سفيرة الاتحاد الأوروبي: مصر شريك أساسي في رؤية مشتركة للتنمية والاستقرار    المنتدى السعودي للإعلام يشارك في معرض MIPCOM 2025    مدبولي يستعرض خطة طرح 261 ألف وحدة سكنية جديدة    أخبار مصر: افتتاح مهرجان الجونة السينمائي، قفزة للذهب، سرقة جواز سفر حصان السقا، عبد القادر يصدم الأهلي، إعلان هام ل ترامب    السفير البريطاني: إعادة إعمار غزة خطوة على طريق السلام    الأهلي يطير اليوم إلى بروندي استعدادا لمواجهة إيجل نوار بدوري الأبطال    حالة الطرق اليوم، اختناقات مرورية بالقاهرة الكبرى أبرزها صلاح سالم ومحور صفط    ضبط قضايا إتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    التجهيزات النهائية لمسرح النافورة استعدادا لانطلاق فعاليات مهرجان الموسيقى العربية ال33    منها إبعاد «خالد أزريق» خارج البلاد.. الجريدة الرسمية تنشر قرارين جديدين لوزارة الداخلية    البورصة تتعاقد مع شركة إعلامية للترويج للقيد والاستثمار في الأسهم    الهلال الأحمر المصري يدفع ب10 آلاف طن مساعدات إغاثية عبر قافلة «زاد العزة»    البورصة المصرية تستهل نهاية تعاملات الأسبوع بارتفاع جماعي    سعد شلبي يكشف كواليس استعدادات الأهلي للانتخابات    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    حقيقة رغبة توروب في رحيل بعض لاعبي الأهلي    وزير العمل: المشروعات العملاقة في مصر أدت إلى تراجع البطالة من 13% في 2014 إلى 6.1 % الآن    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    المؤبد لفران وصاحب مغسلة بتهمة حيازة وترويج المخدرات بالقليوبية    السيطرة على حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم دون إصابات    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    مهرجان البحر الأحمر يكشف قائمة الأفلام القصيرة الدولية المشاركة في دورته الخامسة    ظهورها أثار الجدل.. من هى الفنانة عزة سعيد؟    «التعاون الصحي وصناعة الدواء».. قضايا هامة على طاولة وزيرا الصحة المصري والسعودي    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    الأولى من نوعها.. جامعة أسيوط تنجح في أول جراحة باستخدام مضخة "الباكلوفين" لعلاج التيبس الحاد بالأطراف    صدر الآن| قرار جمهوري من الرئيس السيسي والجريدة الرسمية تنشره    حصاد زيارة الشرع لروسيا.. ومصير الأسد في يد بوتين    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 24 فلسطينيا في الضفة    حلقات ذكر ومديح وانشاد في الليلة الختامية لمولد "السيد البدوي" بمدينة طنطا    بعد توقف 7 سنوات.. انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب    مجلس الوزراء يكشف اللمسات الأخيرة قبل افتتاح المتحف المصري الكبير    الصور الأولى من تحضيرات غادة عبد الرازق لمسلسل "عاليا" مع محمد رياض وصبري فواز    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 16اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    «رجال يد الأهلي» يتحفز لتخطي «البوليس الرواندي» في بطولة أفريقيا    ضبط 2 طن دقيق مدعم قبل تهريبه وبيعه في السوق السوداء بالعريش    ضبط شخصين بتهمة استخدام أحد التطبيقات الهاتفية للترويج لممارسة أعمال الفجور بالجيزة    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    التحالف الوطني يستعد لإطلاق قافلة دعم غزة 12 لدعم الأشقاء في فلسطين    شبكة بريطانية تحذر منتخبات كأس العالم 2026 من ثنائية محمد صلاح ومرموش    سياسي ألماني: نزع سلاح حماس شرط أساسي لتحقيق السلام في غزة    أغذية الشتاء الذهبية.. 10 أطعمة تمنحك الطاقة والمناعة والدفء    كوريا الجنوبية.. عودة خدمة "يوتيوب" للعمل بشكل طبيعي بعد انقطاع مؤقت    امتداد لتاريخ من الحضور الوطني تحت القبة.. وجوه سياسية وفنية وإعلامية ضمن المعيّنين ب«الشيوخ»    دوري المحترفين.. «وي» يواجه الترسانة في الجولة التاسعة    ننشر أسماء مرشحي انتخابات النواب 2025 بالفيوم بعد غلق باب الترشح    مشكلة الميراث    بعض المهام المتأخرة تراكمت عليك.. حظ برج الدلو اليوم 16 أكتوبر    أسعار التذاكر بعد حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    أوسكار يجتمع مع حكام تقنية الفيديو بعد عودته من تشيلي    أحمد الجندي: هدفي ذهبية أولمبياد لوس أنجلوس.. وظروف طارئة منعتني من التواجد بقائمة أسامة أبوزيد في نادي الشمس    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صمت حول وقائع كشفها الكونغرس، هكذا انتقل صدام من موقع الشريك إلى دائرة العدو لأم
نشر في التغيير يوم 08 - 03 - 2005


\r\n
فإذا كان غورباتشوف قد اصبح «تحت السيطرة» فإن الأمر نفسه لم يكن كذلك بالنسبة للوضع السوفييتي كله. وكانت هناك هموم الموازنة على صعيد الداخل، كما كانت الحرب الاهلية في ليبيريا تثقل على أمن الرعايا الأميركيين فيها.
\r\n
\r\n
\r\n
في هذا السياق يروي جورج بوش الاب في كتابه الذي يحمل عنوان: «في البيت الأبيض» والذي كتبه مع برنت سكوكروف، الذي كان احد اكثر المقربين منه في ادارته ما يلي: يوم الاربعاء الأول من اغسطس 1990، حوالي الساعة الثامنة مساء كنت في العيادة الطبية بقبو البيت الأبيض، عندما ظهر فجأة برنت سكوكروف متجهم الوجه ويرافقه ريتشارد هاس، الاختصاصي بشئون الشرق الأوسط لدى مجلس الأمن القومي».
\r\n
\r\n
\r\n
كان الرئيس بوش يتلقى علاجاً بسبب آلام كان يعاني منها في الظهر، بعد جهود كبيرة كان قد بذلها اثناء ممارسته للعبة الجولف. وقد فاجأه برنت سكوكروف بالقول: «ان الوضع خطير، سيادة الرئيس، ويبدو ان العراق على وشك اجتياح الكويت».
\r\n
\r\n
\r\n
هل فوجيء بوش؟
\r\n
\r\n
\r\n
ليس بالفعل. فقد بقي جورج بوش قريباً من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بل قام بدمجها في منظومة اتخاذ القرارات بميدان السياسة الخارجية. وكان بذلك جيد الاطلاع، لاسيما وإنه كان يعقد كل صباح اجتماعاً سريعاً يتم خلاله تصفح تقرير مقتضب اعدته وكالة الاستخبارات الأميركية ويحضره برنت سكوكروف ومساعده روبرت جيتس، هذا الى جانب وليام ويستر، مدير الوكالة الذي كان يحضر مرتين أو ثلاث مرات كل اسبوع ذلك الاجتماع.
\r\n
\r\n
\r\n
كان العمل احترافياً، متقناً، حيث كان الناطق باسم تلك الوكالة يقدم تقريراً مركزاً عن الاخبار الدولية، وكان بوش يطلع على الوثيقة ويكون فكرة شخصية عن المسائل التي يرى انه ينبغي مناقشتها مع مجلس الأمن القومي.
\r\n
\r\n
\r\n
كانت بحوزة بوش معلومات موثوقة عن العراق منذ منتصف يوليو 1990. وكان يعرف تماماً منذ 24 يوليو أن العراق قد اتخذ جميع الاجراءات لاجتياح الكويت، لكنه كان يقول إنه يتساءل حول النوايا الحقيقية لصدام حسين. فهل كان مثل هذا التساؤل مجرد خدعة يتم اخراجها بعناية ام مشروعاً فعلياً؟
\r\n
\r\n
\r\n
وفي 25 يوليو 1990 أطلق شارل آلن، ضابط الاستخبارات الأميركي، صرخة الحرب وأكد ان العراق قد هيأ جيشاً كافياً لاحتلال الكويت. وفي 26 يوليو اي في اليوم التالي، حضر هذا الضابط الى مكتب ريتشارد هاس كي يطلق على الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية وقام هاس بدوره في الأول من اغسطس باطلاع سكوكروفت، لكن البيت الأيض ظل يرفض الانخراط في الأزمة.. في الوقت الذي كانت القوات العراقية تتحرك لغزو الكويت عند الساعة الواحدة صباحاً من الثاني من شهر أغسطس 1990.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الثالث من اغسطس قام وبستر رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بتقديم تقرير لمجلس الأمن القومي وللرئيس بوش حول حقيقة تعزيز الرئيس صدام حسين لقواته في الكويت وانه ليس مستعداً للانسحاب منها. انه يريد السيطرة على الاحتياطات البترولية ويؤمن منفذاً على الخليج، بحيث يمكنه التزود على المدى البعيد بقوات عسكرية كبيرة.
\r\n
\r\n
\r\n
رأت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أن ذلك الغزو للكويت يشكل تهديداً للنظام الدولي وللاقتصاد العالمي.. وأن صدام حسين هو بصدد ان يجعل من العراق قوة عظمى عربية. بل وذهبت الوكالة أعد عندما قدرت بان القوة العسكرية العراقية تهدد المملكة العربية السعودية. وبان القوات المسلحة العراقية قادرة على بلوغ الرياض في مدى ثلاثة أيام فقط.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن لم تكن الوكالة هي الجهة الوحيدة التي تمتلك معلومات إذ كان كولن باول قلقاً هو الآخر منذ مطلع شهر يوليو 1990 بعد ان كان قد زار كلاً من تونس ومصر والأردن ولاحظ بشكل خاص عندما وصل الى اسرائيل حيث ظهر الاسرائيليون قلقين ايضاً من نوايا الرئيس العراقي صدام حسين.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان مسئول الاستخبارات لديه الاميرال مايك مكونيل قد أطلعه على صور مأخوذة بواسطة قمر صناعي، حيث بدت قوات الحرس الجمهوري العراقي مدعومة بدبابات «تي 72» سوفييتية الصنع وهي تنتشر بالقرب من الحدود مع الكويت.
\r\n
\r\n
\r\n
اعترافات ذات دلالة
\r\n
\r\n
\r\n
إن الرواية التي قدمها الرئيس جورج بوش في «مذكراته» عن تلك الأيام العصيبة وعن مراحل التحضير للحرب بدت واضحة. ولكن هذا لا يمنع واقع ان الرئيس الأميركي قد ألمح من بعيد الى بعض الاعترافات ذات الدلالة حول نواياه الأكثر عمقاً. ويقول انه في الأول من اغسطس 1990 اقترح ريتشارد هاس عليه ان يتصل هاتفياً بصدام حسين لاقناعه بعدم الهجوم على الكويت.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن عندئذ جاءه احد المسئولين الكبار في الخارجية الأميركية كي يخبره بانه تسمع من سفارة الولايات التحدة بالكويت اصوات اطلاق النار في المدينة، وعندها قال جورج بوش حسب تصريحاته هو نفسه: «عظيم ان هذا يسوي المسألة ولن اتصل هاتفياً بصدام حسين».
\r\n
\r\n
\r\n
كان بوش يتمنى في البداية أن تنخرط منظمة الأمم المتحدة في اصدار ادانة ضد العراق. لذلك طلب من سفيره لدى المنظمة الدولية أن يتعاون مع الكويتيين. لكنه لم يكن في الواقع حسب قوله ايضاً ينتظر الشيء الكثير من الأمم المتحدة، وقد ردد بهذا الصدد ما كان قد أكده العديد من الرؤساء الأميركيين حول ضعف هذه المنظمة منذ اشكالها الأولى، انطلاقاً من عصبة الأمم التي قامت بناء على اقتراح من الرئيس الأميركي الأسبق ويلسون ثم جمعية الامم المتحدة خلال عقد الثلاثينيات الماضي ووصولاً الى منظمة الأمم المتحدة بصيغتها الحالية.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن الملاحظ أن جورج بوش الابن استخدم هو الآخر في الفترة 2002 2003 الحجة نفسها للتقليل من وزن منظمة الأمم المتحدة ومن مشروعيتها وحيث خلط بين جمعية الأمم المتحدة، التي لم تنتسب الولايات المتحدة لها ابداً ومنظمة الامم المتحدة، التي كانت اميركا وحلفاؤها وراء قيامها عند نهاية الحرب العالمية الثانية.
\r\n
\r\n
\r\n
كذلك قدم جورج بوش الاب معلومة اضافية لكنها مجزوءة ومبتسرة الى درجة انها كانت بمثابة تضليل اعلامي. لقد قال: «كان الاتحاد السوفييتي لفترة طويلة احد مصادر الدعم السياسي والعسكري للعراق، وقد باع لصدام حسين صواريخ سكود وانظمة دفاع جوية ودبابات وتجهيزات أخرى. وكان هناك حوالي 200 خبير سوفييتي عسكري في العراق وعدة آلاف من التقنيين المدنيين».
\r\n
\r\n
\r\n
ما لم يقله جورج بوش وهو ما اصبح معروفاً اليوم ان السوفييت لم يكونوا وحدهم من زود العراق بالسلاح والخبراء العسكريين. بل ان اميركا نفسها كانت من الدول المتقدمة التي فعلت ذلك، كما اثبتت التحقيقات التي اجراها الكونغرس ووزعتها وسائل الاعلام الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
ان مثل هذا الصمت حول وقائع كشف عنها الكونغرس منذ عام 1992 نشر بوش مذكراته في اميركا عام 1998 يثير الدهشة، بل يثير الصدمة. لقد كانت عملية الكذب تلك، عبر التغطية وعدم الكشف عن كل المعلومات، ساذجة إذ تبدّي بأنها كانت غير مفيدة أثناء ازمة 2002 2003 ذلك ان مختلف وسائل الاعلام في العالم قد وجدت بأن هناك شركات اميركية متورطة في نشر التكنولوجيات وبيع الاسلحة للعراق حتى عام 1990، وكذلك شركات فرنسية والمانية وايطالية وغيرها.
\r\n
\r\n
\r\n
وتشير تحقيقات الكونغرس وعدة تقارير صحافية إلى ان الاعتدة والتجهيزات الاميركية قد ذهبت مباشرة الى البرامج العراقية لاسلحة الدمار الكامل: كذلك دلت على ان القيادات السياسية الاميركية كانت تدرك ذلك لكنها «غضت النظر». وقد جاء في نتيجة احد التحقيقات التي اجراها جاري ميلهولن، استاذ الحقوق في جامعة ويسكونسن: «هل كانت حكومتنا تعرف ما كان يستطيع ان يفعله صدام حسين؟ وهل كان قد تم اخطارها قبل وقت كاف لوضع حد لعمليات التصدير الخطيرة تلك؟ الجواب بوضوح هو نعم».
\r\n
\r\n
\r\n
لقد كان ميلهولن يشير بشكل دقيق، ومن دون ان يكذبه احد لاحقا، الى المراسلات بين صدام حسين ووزارة الدفاع الاميركية، كذلك تشير الى صيحات الانذار التي اطلقتها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية حول نوايا صدام حسين، كما انها كانت قد أخبرت عن استخدام العراقيين للاسلحة الكيماوية ضد الايرانيين ثم ضد الاكراد خلال شهور فبراير 1986 وابريل 1987 ومارس 1988.
\r\n
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من معرفة الوضع وتجاوزات الرئيس العراقي اصرت ادارة ريغان، وبعدها ادارة بوش الاب، على الاحتفاظ بصدام حسين كشريك. ومما يثير الاستغراب هو ان مذكرة صدرت عن وزارة الخارجية الاميركية في 23 مارس 1989 وتؤكد ان العراق يعمل بإصرار على برامجه للاسلحة الكيماوية والبيولوجية.
\r\n
\r\n
\r\n
ورغم هذا وفي 2 اكتوبر 1989 قال بوش الاب: «ان قيام علاقات طبيعية بين الولايات المتحدة والعراق ستخدم مصالحنا على المدى الطويل كما انها سوف تشجع الاستقرار في الشرق الاوسط. وبالتالي قد ينبغي على حكومة الولايات المتحدة الاميركية ان تحث العراق اقتصادياً وسياسيا من اجل تلطيف سلوكه وبنفس الوقت زيادة نفوذها في هذا البلد».
\r\n
\r\n
\r\n
وهناك العديد من المؤلفات الجدية التي اكدت هي الاخرى على استمرار سياسات التعاون التجاري مع العراق، ومن بين هذه المؤلفات الدراسة التي قدّمها المؤرخ هربرت.س. بارمت، الذي قال: ان «الاستياء الذي سببته هذه المبادلات داخل الادارة الاميركية لم يكن له وزنه على الاعمال والصفقات التجارية».
\r\n
\r\n
\r\n
ثم انه من جهة جرت في عام 1989 ادانة العراق اثناء مؤتمر دولي في باريس، ولكن من جهة اخرى كان جيمس بيكر يمارس الضغط على وزير الزراعة الاميركي كلايتون ويتر من اجل الموافقة على تقديم الضمانات لقروض بمليارات الدولارات للعراق.
\r\n
\r\n
\r\n
ويؤكد المؤرخ بارمت في كتابه ان الادارة الاميركية انتظرت حتى بداية العمليات العسكرية كي تقرر اخيرا منع نقل الحمولات الموجهة بواسطة السفن الى العراق، الذي كان يسعى الى تعزيز قدراته العسكرية. بل وان ذلك لم يتوقف على أرض الواقع من قبل اولئك الذين لم يمتثلوا لقرارات المنع.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان الرئيس بوش الأب قد دافع عن تلك السياسة اثناء مقابلة اجرتها معه قناة «سي.ان.ان» التلفزيونية واوضح فيها ان الهدف من تلك السياسة كان دفع العراق للدخول في جوقة الامم، لكن يبقى السؤال مفتوحاً: كيف يمكن تفسير التبدّل الشديد لصدام حسين الذي كان قطباً للاستقرار، وشريكاً ليصبح فجأة هتلرجديداً». وسؤال آخر: «كيف يمكن تفسير التبدل الراديكالي ايضا لجورج بوش ولفريقه؟».
\r\n
\r\n
\r\n
لعله يمكن القول ان جورج بوش قد احس عام 1990 وما بعده بأنه قد تعرّض للخيانة من قبل «الزبون السابق». ولعله يمكن القول ايضا ان الرئيس الاميركي الذي عرف كيف يلعب بفعالية مع الرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف قد رأى انه من غير المحتمل ان يستطيع معرفة نوايا صدام حسين ولم يستطع ايضاً كبحه.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن المعروف لدى بوش الاب، والابن ايضا، اعتزازهما بقوة الفراسة لديهما، وبان غرائزهما الفطرية تحسن توجيهها والرئيس بوش الاب كان على اقتناع بأنه قد استعان ب «القوة السيكولوجية من اجل قتل الشيوعية».
\r\n
\r\n
\r\n
وكان بوش الأب قد كتب بتاريخ 22 يناير 1991 الى الكاردينال «برنار لاو» رسالة جاء فيها: «لو استطيع وقف عدوان هتلر بوقت مبكر اكثر، لما كان عدد الضحايا الذين ربما امكن انقاذ حياتهم؟» وأضاف: «بالطبع ان الحرب عمل جهنمي، لكن علي ان اختم بالقول اننا، انت وأنا، لدينا تفسيران مختلفان لهذه الحرب، انها بالنسبة لي حرب الخير ضد الشر، انها حرب العالم ضد الدكتاتور العراقي الطاغي بقسوته وغطرسته الدولية وطريقته في تحدي العالم كله».
\r\n
\r\n
\r\n
مفهوم الحرب العادلة
\r\n
\r\n
\r\n
تقول رواية جورج بوش وفريق ادارته بأن صدام حسين قد تغير منذ مطلع عام 1990 في سياسته حيال الولايات المتحدة. كان منطق الحرب يتعزز في الوقت الذي كان يتم اعداد خططها. لم يكن الكويتيون او السعوديون قد طالبوا حتى آنذاك مساعدة واشنطن ولكن بوش رأى انه ينبغي على الولايات المتحدة ان تبرهن بسرعة على دعمها فأمر بأن تتوجه السفن الحربية المبحرة في المحيط الاطلسي الى مياه الخليج، ثم اتخذ قرار تجميد الاموال العراقية والكويتية.
\r\n
\r\n
\r\n
في هذا السياق، استقبل جورج بوش القرار الايجابي الذي اتخذه مجلس الامن الدولي، اي القرار 660 الذي تم تبنيه ب 14 صوتا والذي ادان الغزو العراقي للكويت.
\r\n
\r\n
\r\n
كان بوش يقول ان: «الخط الاساسي هو ان يبقى الغرب متضامنا». لكن لم تكن نواياه واضحة في البداية حتى بالنسبة لكولن باول الذي اعرب عن جهله بها في 5 اغسطس، وفي السادس من ذلك الشهر تحادث بوش طويلا في الهاتف مع مرغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك بحضور ديك تشيني وطلب منها ان لا تطلع احدا على ما جاء في حديثهما وهذا ما تتحدث عنه في مذكراتها كما يلي:
\r\n
\r\n
\r\n
«كان الرئيس الاميركي بعد اجتماعه مع لجنة مصغرة في البيت الابيض اكثر ثقة وثباتا مما كان عليه في محادثاتنا السابقة. لقد كان مصمما وعلى مستوى القرار المطلوب من اكبر قوة عالمية. كنت احترم جورج بوش دائما، لكن احترامي له تضاعف آنذاك».
\r\n
\r\n
\r\n
وتؤكد تاتشر في السياق نفسه انها قد تأثرت كثيرا عندما اطلعها القادة الاميركيون على الصور التي التقطوها للدبابات التي حشدها العراقيون على حدود المملكة العربية السعودية. وفي نفس الاطار برزت بعض التحليلات التي رأت بأن ترك صدام حسين يفعل ما يريد يشكل سابقة خطيرة بعد نهاية الحرب الباردة وظهور ملامح النظام الدولي الجديد. هذا لا سيما وان العراق كان يشكل تهديدا مباشرا للسعودية.
\r\n
\r\n
\r\n
كان جورج بوش على اقتناع كامل بأنه الزعيم الجديد للعالم.. وقد اعرب عن ذلك صراحة في السابع من شهر سبتمبر 1990 حيث قال: «ان اهمية الزعامة الاميركية تبدو واضحة تماما بالنسبة لي، اذ ليست هناك سوى الولايات المتحدة من يستطيع ان يكون هذا الزعيم.
\r\n
\r\n
\r\n
وينبغي على جميع بلدان الغرب ان تتجه نحونا» وعلى الرغم من التأكيد على الاحترام المشترك للقانون الدولي فإن جورج بوش اعتبر انه مكلف بمهمة امبريالية كونية وبأن بلاده تمتلك سبل تحقيق ذلك، وذلك مثلما كانت عليه حال البلدان الاوروبية الاستعمارية في القرن التاسع عشر، وكان جورج بوش يعتقد انه لا يمكن للضغط الدبلوماسي ان يدفع صدام حسين الى الانسحاب من الكويت، وكانت مرجريت تاتشر تتساءل عن السلوك الذي يمكن للجيش العراقي ان يقوم به، وهو الذي كان قد استخدم الاسلحة الكيماوية اثناء الحرب ضد ايران.
\r\n
\r\n
\r\n
وكانت الصورة السائدة عن صدام حسين انه لا يمكن ان يرضخ سوى بالقوة، لا سيما وأنه يمتلك حرسا جمهوريا قويا، وان العديد من كبار مستشاري الرئيس بوش ممن كانوا من اصحاب النفوذ في ظل ادارة ريغان كانوا يقولون كذلك بهذا الرأي.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن بينهم ريتشارد بيرل الذي احتفظ دائما بمثل هذه الفكرة وقال في حديث له يعود الى منتصف شهر اكتوبر 2001 «لعل صدام حسين هو الرجل الاكثر خطورة في العالم اليوم» ثم اضاف: «انه رمز التحدي الذي يواجه العالم الغربي» ولا شك بأن مثل هذا التصريح يثير الاستغراب كونه صادرا عن رجل عمل كمساعد لوزير الدفاع خلال فترة 1981 1987 اي اثناء الفترة التي شهدت علاقات اميركية جيدة مع الرئيس العراقي.
\r\n
\r\n
\r\n
اذا كان بوش الاب قد قام بشن حرب ضد العراق عام 1991، فإنه كان يعبر عن حساسيته حيال الابرياء من العراقيين، لكن مع ذلك كانت تحضيرات الحرب على قدم وساق بنفس الوقت الذي كانت فيه المفاوضات الدبلوماسية مستمرة وكانت منظمة الامم المتحدة بصدد تحضير قراراتها لقد كانت الدبلوماسية مستمرة من اجل فتح آفاق تجنب الحرب، لكن الولايات المتحدة كانت قد اطلقت منذ الثامن من شهر اغسطس عملية «درع الصحراء» التي تمثلت خلال الاشهر الاولى بجمع القوات الاميركية في المنطقة.
\r\n
\r\n
\r\n
لقد بذل جورج بوش جهوداً لا تكل ولا تملّ من اجل اقامة التحالف الدولي ضد العراق، لقد كان يملك بعض الاوراق الرابحة، ولكنه كان يعاني ايضاً من بعض نقاط الضعف والتي لم يكن اقلها مواقف الكونغرس ورجال الطبقة السياسية.
\r\n
\r\n
\r\n
كان بوش على عجلة ل«التحضير للحرب» ولكن كان لابد من المرور في القنوات الدبلواسية والامم المتحدة التي جاءت قراراتها تباعاً في الاتجاه الذي ارادته واشنطن اي في اتجاه اللجوء الى استخدام القوة. لقد كان «منطق الحرب» هو الذي ينتصر.. وكانت تاتشر تبارك الخطوات الاميركية بينما لم يكن الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران يعارضها. مع هذا ينبغي القول بأن جورج بوش الاب كان في حالة انهاك جسدي شديد كما تدل اليوميات التي كتبها عن الفترة.
\r\n
\r\n
\r\n
رسالة للأبناء
\r\n
\r\n
\r\n
كان مصدر الاطمئنان الكبير بالنسبة لجورج بوش تأكيد الجنرال نورمان شوارزكوف له باستمرار ان تلك الحرب سوف تكون قصيرة، وكان يأسف لكون الرأي العام الاميركي يخشى بأن تكون العراق بمثابة فيتنام جديدة. لقد كان موزعاً في الواقع بين الأمل بإمكانية تجنب الحرب وبين الاقتناع بأن هذه الحرب واقعة لا محالة، وتدل رسالة له كتبها بتاريخ 30 ديسمبر 1990 على انه كان لايزال هناك «أمل ما» في ان ينسحب الدكتاتور العراقي من الكويت.
\r\n
\r\n
\r\n
لكنه كان في الوقت نفسه غير مقتنع بذلك لانه كان يرى بأن صدام حسين على درجة كبيرة من الجهل لن تسمح له بأن يتصور ما الذي ينتظره، وذلك بسبب عناده الكبير.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي مواجهة هذا اعلن بوش بأنه كان قرير النفس ويحس براحة ضمير كبيرة، اذا حسب رأيه: لقد ذهبنا الى منظمة الامم المتحدة وشكلنا تحالفاً تاريخياً وقمنا بمبادرات دبلوماسية مع جميع البلدان كانت تلك هي المحصلة بعد 16 يوماً من انتهاء الانذار الاخير الذي وجهته منظمة الامم المتحدة لصدام حسين خلال شهر نوفمبر.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان بوش قد وجه هذه الرسالة الى ابنه البكر جورج بوش والى جميع ابنائه الآخرين كي يتشكل عبر ذلك مفهوم «الحرب العادلة» أي «الخير» ضد «الشر» مما اعطى الشرعية للحرب على الرغم من احتمال سقوط العديد من الاطفال العراقيين، ان جورج بوش الأب وسع نطاق دائرة اولئك الذين وجه رسالته لهم خارج صفوف العائلة كي تغدو الرسالة مسموعة ووجه بتاريخ 9 يناير 1991 رسالة الى الطلبة الاميركيين حول ازمة الخليج.
\r\n
\r\n
\r\n
لقد تم نشر هذه الرسالة في 460 صحيفة جامعية وكان مما جاء فيها «كل يوم يمر يعني ان العراقيين يثبتون اقدامهم اكثر في بلد مسروق. وكل يوم آخر يعني ان صدام حسين قادر على بناء ترسانة نووية وزيادة قدراته في ميدان الاسلحة الكيميائية والبيولوجية». ان هذا النص يمثل بوضوح التطور الذي عرفته طريقة تقديم جرائم صدام حسين، فمن خرق القانون الدولي ثم الوصول الى التحذير من اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها الدكتاتور.
\r\n
\r\n
\r\n
لقد انتقل صدام حسين اذن من موقع الشريك و«عنصر الامن والاستقرار» في المنطقة الى موقع العدو الذي ينبغي تكسيره. لماذا؟..
\r\n
\r\n
\r\n
لقد قال الرئيس في خطاب له امام الكونغرس بتاريخ 11 سبتمبر 1990 «اذ سمح لصدام حسين بامتصاص الكويت فإنه سيمتلك، بالاضافة الى الغطرسة القوة الاقتصادية والعسكرية الضرورية من اجل ان يلوي ذراع جيرانه، الذين يمتلكون نصيب الاسد من الاحتياطات البترولية في العالم. اننا لا نستطيع ان نسمح بأن تكون مثل هذه الثروة الحيوية تحت سلطة طاغية مستبد. ولن نسمح بذلك وأن الاحداث القريبة اثبتت بأنه ليس هناك بديل عن الزعامة الاميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
البترول، اذن، هو السر والزعامة الاميركية ايضاً. لقد قامت الحرب، وانتصرت واشنطن، لكن بوش انهزم أمام كلينتون.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.