\r\n وهذه ليست سوى البداية. ولكن, ضمن مجمل الاطار الاسيوي - الشرق اوسطي, فان بالامكان تحقيق ذلك في المستقبل القريب, بحيث يتم اعادة رسم السمات الاستراتيجية, التي تسمح لايران (الدولة المارقة), بالافلات من الحصار الدولي. كما ستسمح للقوة الصينية الطارئة بتدعيم زحفها على جبهتي اسيا الوسطى, ومنطقة الشرق الاوسط. وبناءً على مثل هذا الوضع الجديد, يكون بالامكان الحديث عن وجود تقارب مصالح فيما يخص الطاقة: بوجود ايران المهتمة باستغلال الغاز والنفط من أجل نسج علاقات تعاون اقتصادية وسياسية, مع الصين النشطة بمجال تأمين ما يلزم من الوقود لتدعيم الطفرة الاقتصادية السريعة الجامحة. \r\n \r\n وكانت الدولتان قد وقعتا على اتفاقية تاريخية في بيكين, تقضي بتوريد 10 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً, وعلى مدى الخمسة وعشرين عاماً القادمة. اتفاقية بقيمة اجمالية تصل الى 100 مليار دولار, على ان يضاف اليها في القريب العاجل واحدة شبيهة في الحقل البترولي, ستؤدي الى التقرير بشأن شمول شركة سينوبيك التابعة للدولة الصينية بعملية تطوير الحقل النفطي الايراني الضخم في ياد أاران. \r\n \r\n وهو ما يمثل ضربة قاصمة بالنسبة للسياسة الخارجية الامريكية, سواء بسبب الابطال الكلي لمفعول طوق العقوبات, المقرة بموجب قانون العقوبات الاقتصادية, الصادر بحق ليبيا وايران, في العام ,1996 الرامي الى معاقبة رؤوس الاموال الاجنبية العاملة في ايران بمجال الطاقة, والذي كان قد تعرض لامتحان قاس نتيجة الاتفاق الموقع بين ايران واليابان في شهر شباط الماضي, او لكون الصين, المنافس العالمي المستقبلي, سوف تتمكن عبر ذلك من اكتساب شريك استراتيجي معتبر في منطقة تعتبر مفتاحاً للتوازنات الدولية. ففي حقيقة الامر, فان الاتفاق »الطاقي« الموقع بين بكينوطهران, بالامكان ان يتحول الى اتفاق سياسي, وذلك من خلال انضمام ايران الى منظمة التعاون في شنغهاي (المجموعة الاقليمية العاملة في مجالي الامن والتكامل الاقتصادي, التي تضم روسيا ودول منطقة آسيا الوسطى, باستثناء تركمانستان. وبالمجمل, يكون بالامكان الحديث عن انبعاث محور جديد قوامه بكين - موسكو - طهران, وذلك من اجل السيطرة على المنطقة الاوروبية - الاسيوية في تعارض مع الولاياتالمتحدةالامريكية. \r\n \r\n ولكن بالنسبة لايران, فان الاتفاقية مع الصين لا تعدو كونها مجرد ترقيعة اكثر وضوحاً, لاستراتيجية اوسع, واكثر ترابطاً, باتساق وانتظام, قائمة على اساس التشييد المكثف لانابيب النفط والغاز, والمعابر الخاصة بالنقل والانتقال. آليات تطور اقتصادي, وفرص للتعاون السياسي. وهذا ما ينطبق على ما يسمى »خط انابيب الغاز الخاص بالسلام«, الذي سيربط بين ايران والهند, مروراً في الباكستان: 2670 كيلو متراً ما زالت في مرحلة التخطيط; او خط انابيب الغاز الارضي - الايراني, الخاضع لدراسة التقنيين الروس العاملين بشركة غاز بروم, مع امكانية تحقيق هدف نهائي لمثل هذه الاستراتيجية يتمثل في اعادة الاستحواذ على الدور التقليدي, كجسر بين الشرق والغرب, الذي كان قد اوكل امره على مر العصور الى بلاد فارس, الثرية, المهيبة, صاحبة النفوذ. وفي حقيقة الامر, فان طهران جادة في البحث عن اعادة احياء طريق الحرير القديمة, التي كانت تصل الصين باوروبا, عبر افغانستان واسيا الوسطى. وذلك بفضل تحديث الطرق السريعة وتمديد الاف الكيلو مترات من خطوط السكك الحديدية, وتوسيع منشآت الموانىء الواقعة على بحر قزوين. وعلاوة عى الدعم المضاعف الذي تقدمه الصين, فان بامكان ايران التعويل على شراكة كافة الدول الاخرى (الجمهوريات الخمس بمنطقة اسيا الوسطى, الباكستان, افغانستان, اذربيجان, وتركيا), التي تشكل جزءاً من منظمة التعاون الاقتصادي, المهيأة لكي تصبح المحور الجغرافي - السياسي, والجغرافي - الاقتصادي, ونقطة المرجعية الضرورية لتحقيق الاستقرار والتطور في المنطقة. \r\n \r\n وهو طموح يعمل على جذب قوة اضافية لما يسمى بالممر الشمالي - الجنوبي... تخطيط متعدد الدول, عن طريق البر والبحر, من بومباي بالهند الى ميناء اوليا الروسي على بحر قزوين, عبر المرفأ الايراني في بندر عباس. بمدة تقل عن اثني عشر يوماً من السفر من الشرق الى اوروبا, بالمقارنة مع طريق السويس. حركة نقل بضائع في اتساع (8 ملايين طن من تلك البضائع في عام 2003), بطاقة تصل الى 15 - 20 مليون طن في العام الواحد. طريق حرير متجدد يصل الى الهند, وحوض المتوسط, والمنطقة العربية. \r\n \r\n اما بالنسبة لايران, التي تسعى الى الدخول للاسواق العالمية, وتدعيم مسألة التعاون الاقتصادي والسياسي في اوروبا - اسيا, فمطلوب من الغرب اعطاء اجابات شافية, وذات قيمة استراتيجية, بعيداً عن النزاعات المرتبطة بالحرب العالمية على الارهاب, وعن التطلعات النووية لطهران. وكما يوحي تقرير رفع مؤخراً الى مجلس العلاقات الخارجية من قبل مستشار الامن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر, زبيغنيو بريجينسكي, ومدير السي. آي.ايه. السابق, روبيرت غيتس, فلقد بات من المحتم استبدال بلاغة »محو الشر« بمشروع طويل الامد, مكون من المقام الاول من عمليات انفتاح سياسي, وحوافز اقتصادية, تعترف بالمصالح الحيوية ايران, وتعمل على تقييم دورها المفصلي بين الشرق والغرب, وكمحور استقرار في منطقة الشرق الاوسط. مشروع محفوف بالمخاطر, ويتوجب انبعاثه نتيجة التعاون بين اوروبا والولاياتالمتحدة.0 \r\n \r\n \r\n \r\n * جوزيبي مانشيني: خبير العلاقات الدولية. \r\n \r\n عن: اسبوعية بانوراما الايطالية \r\n \r\n \r\n \r\n