أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 20 ديسمبر    أسعار الأسماك اليوم السبت 20 ديسمبر في سوق العبور للجملة    أسعار البيض اليوم السبت 20 ديسمبر    ترامب يعلن نجاح الضربة الأمريكية «عين الصقر» ضد "داعش" في سوريا    شباب بيراميدز يتحدى الجونة اليوم بكأس عاصمة مصر    حالة المرور اليوم في القاهرة والجيزة والقليوبية.. انتظام حركة السيارات بالطرق    أحمد العوضي: همي كل سنة إني أعمل مسلسل الناس تلمسه    حياة كريمة فى المنيا.. تنفيذ 3199 مشروعا داخل 192 قرية    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    هام بشأن سعر الذهب اليوم السبت 20 ديسمبر| عيار 21 يسجل رقم جديد    أمطار وأعاصير تضرب دول الخليج| مطار دبي يلغي رحلاته الجوية "تفاصيل"    «مشاجرة عنيفة واتهامات بالتزوير».. تفاصيل القبض على إبراهيم سعيد وطليقته    الولايات المتحدة تخطط لنشر مفاعل نووى على سطح القمر    مواعيد قطارات الإسكندرية – القاهرة اليوم السبت 20 ديسمبر 2025 ذهابا وعودة    لازاريني: 1.6 مليون شخص فى غزة يعانون انعدام الأمن الغذائى    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    فصل مؤقت للكهرباء عن مناطق بالحي الترفيهي في العبور لأعمال صيانة اليوم    «ترامب» يعلن حربًا مفتوحة على داعش.. ضربات عنيفة تستهدف معاقل التنظيم في سوريا    غارات أمريكية مكثفة على تنظيم داعش | وزير الحرب يصف العملية بأنها إعلان انتقام.. وترامب يؤكد استمرار الضربات القوية بدعم الحكومة السورية    ماذا يحدث لأعراض نزلات البرد عند شرب عصير البرتقال؟    وزير الثقافة: سلسلة فعاليات فنية ب«العريش» لعام كامل    إرث اجتماعي يمتد لأجيال| مجالس الصلح العرفية.. العدالة خارج أسوار المحكمة    المسلسل الأسباني "The Crystal Cuckoo".. قرية صغيرة ذات أسرار كبيرة!    كيف تُمثل الدول العربية في صندوق النقد الدولي؟.. محمد معيط يوضح    محمد عبدالله: عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في مباريات الزمالك    مصر للطيران تعتذر عن تأخر بعض الرحلات بسبب سوء الأحوال الجوية    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    موهبة الأهلي الجديدة: أشعر وكأنني أعيش حلما    حريق في مول تجاري بأسوان والحماية المدنية تسيطر على النيران    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محاكمة 9 متهمين في قضية خلية البساتين.. اليوم    خلال ساعات.. عصام صاصا و 15 آخرين أمام المحكمة بسبب مشاجرة المعادي    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    وزير العمل يلتقي أعضاء الجالية المصرية بشمال إيطاليا    السفارة المصرية في جيبوتي تنظم لقاء مع أعضاء الجالية    روبيو: أمريكا تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية    زينب العسال ل«العاشرة»: محمد جبريل لم يسع وراء الجوائز والكتابة كانت دواءه    محمد سمير ندا ل«العاشرة»: الإبداع المصرى يواصل ريادته عربيًا في جائزة البوكر    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    إقبال جماهيري على عرض «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه بمسرح الغد بالعجوزة.. صور    ضربتان موجعتان للاتحاد قبل مواجهة ناساف آسيويًا    حارس الكاميرون ل في الجول: لا يجب تغيير المدرب قبل البطولة.. وهذه حظوظنا    مدرب جنوب إفريقيا السابق ل في الجول: مصر منافس صعب دائما.. وبروس متوازن    الجبن القريش.. حارس العظام بعد الخمسين    التغذية بالحديد سر قوة الأطفال.. حملة توعوية لحماية الصغار من فقر الدم    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا أفلت عرفات من شرك باراك؟، الاسرائيليون يضعون خطة استعمارية متكاملة تحت واج
نشر في التغيير يوم 02 - 10 - 2004

واخبرهم بأني اقوم بتأليف كتاب عن الصراع العربي الاسرائيلي فإن نصف هؤلاء المواطنين الخيرين.. يجيبون: ان هؤلاء ظلوا يحاربون بعضهم بعضا لمئآت السنين. والنصف الآخر من المواطنين الاميركيين لا يريد ان يسمع اي شيء آخر عن اخبار هذا الصراع واسراره وعموماً فإني آخذ ملاحظة المواطنين الخيرين مأخذها الصحيح.
\r\n
\r\n
وأغض النظر عن خطئها، والمأخذ الصحيح لها يفيدني ان ضمناً فنحن لا نريد ان تتحدث إلينا في مثل هذا الموضوع، هذا امر لا يخصنا كثيرا، ولا نفهم فيه إلا قليلا.
\r\n
\r\n
كل هذا مع ان اسرائيل تتسلح بأسلحة أميركا وتتحرك بدعمها وكل ما تفعله هناك محسوب على أميركا. لقد عاش اليهود مع العرب لمئات السنين في سلام تحت حكم الاتراك. وقد ظل اليهود والعرب كلاهما يكرهون الاتراك اشد الكره ويخافونهم اشد الخوف، وكان ذلك يمنع كل فريق من الاعتداء على الطرف الآخر، فالاتراك يريدون للكل ان يعيشوا بسلام، وهذا ما لم نفعله نحن هناك على ا لاطلاق.
\r\n
\r\n
ولا اعفي اوروبا من تأجيج صراع الطرفين اذ ان جرثومة الصراع جاءت اصلاً من هناك وهي جرثومة «عداء السامية» فهي منتج اوروبي في الصميم، وليس له وجود في الشرق، فالعرب واليهود ساميون فكيف يكرهون بعضهم بعضاً وهم من اصل واحد على التقريب. لقد انتجت نزعة (عداء السامية) فكرة (الحركة الصهيونية) فكلاهما منتجان من غربي أوروبا.
\r\n
\r\n
لم يبدأ الصراع بين الفلسطينيين واليهود بسبب قدوم المهاجرين الاوائل، ولا قدوم المهاجرين الذين بعث بهم الصهيونيون بعد ذلك، لم يبدأ بانشاء دولة اسرائيل، ولا حتى بحرب 1967. لقد بدأ العنف الفلسطيني ضد العسكريين والمدنيين الاسرائيليين حديثاً عندما تجرأت اسرائيل متجاهلة على القوانين والمواثيق الدولية، وشرعت في انشاء المستوطنات على أرض فلسطين. هذه الحقيقة تساعد في فهم اسباب الصراع العنيف المحتدم حالياً بين الطرفين. انها تعنى بالنسبة لي، على الاقل ان الفلسطينيين لا يقاتلون اليهود لمجرد انهم يهود.
\r\n
\r\n
انت «فتح» حركة علمانية يسارية تماماً كالحركة الصهيونية، وكان مهوى فؤادها نحو موسكو. وحدثني الصحافي داني روبنشتاين من صحيفة «هآرتس» قائلاً انه كان يرقب الحركة الثقافية وسط الناشئة الفلسطينية عن كثب، وما كانوا يقرأون في الزمان الماضي سوى كتب ماركس وانجلز ولينين وستالين.
\r\n
\r\n
أما الآن فقد انقلبوا على كل ذلك وصاروا لا يقرأون في الغالب الا الكتب الاسلامية. ولكن بينما كان قراء الكتب اليسارية يقاتلون اسرائيل بالامس، فإن قراء الكتب الاسلامية يقاتلونها اليوم. وإذن فالاسلام ليس هو بحد ذاته الذي يقود القتال ضد اليهود، وإنما الظلم المرتكب ضد الفلسطينيين هو الذي يدفع إلى ذلك.
\r\n
\r\n
ولكن السؤال يمكن مع ذلك ان يطرح نفسه بهذه الصيغة: لماذا استلم الاسلاميون الدفة في العمل العنيف ضد اسرائيل؟ حدث ذلك بعد ان عاد ابوعمار إلى فلسطين، ولم يجلب لشعبه شيئاً مما كان يتطلع اليه، بل رأى الفلسطينيون الظلم يتضاعف بتضاعف عدد المستوطنات الاسرائيلية على ارضهم.
\r\n
\r\n
وبتشديد القبضة الامنية الاسرائيلية عليهم اكثر من ذي قبل. لقد انخدع ابوعمار او خدع، ولكن الشعب الفلسطيني لم يخدع. وقبل ذلك فإن الاسلاميين الذين رفضوا اتفاقيات الصلح جملة وتفصيلاً لم يخدعوا، وبذلك زادت شعبيتهم وسط الفلسطينيين لاسيما بعدما عهدوهم يستخدمون الاموال التي يجمعونها من التبرعات استخداماً نزيهاً، رشيداً في تقديم خدمات صحية وتعليمية للمواطنين.
\r\n
\r\n
ومن اين اتى الاسلاميون بالمال اولاً؟ ليس من خارج اسرائيل، وليس بغير عون الحكومات الاسرائيلية التي ارادت استخدامهم لموازنة نفوذ ياسر عرفات.
\r\n
\r\n
لاجئون للأبد
\r\n
\r\n
هكذا لم تكن اسرائيل مخلصة في تعاملها مع ياسر عرفات منذ البدء. وهذا ما يفند دعايات الصهيونييين في اميركا وهم يقولون ان اسرائيل قدمت كل شيء ممكن لياسر عرفات الا انه ابى. لقد اعطاه ايهود باراك 97% من الارض، ولكنه رفض ذلك العرض على رؤوس الاشهاد، وفضل ان يقاتل في سبيل ال 3% الباقية!
\r\n
\r\n
ما هي هذه الفضلة اليسيرة التي يقاتل في سبيلها الفلسطينيون؟ لقد طالب الاسرائيليون بأن يحتفظوا ب 6% من اراضي الضفة الغربية.
\r\n
\r\n
بها اضخم ثلاث مستوطنات اسرائيلية والطرق الممهدة التي تقود اليها. وبالنظر إلى الخريطة التي اعدت بموجب ذلك بدت الدولة الفلسطينية عبارة عن ثلاث غيتوهات معزولة بعضها عن البعض الآخر.
\r\n
\r\n
ويحد كل منها سور اسرائيلي مدجج بالجند، ولا يكاد سكانها يبرحونها حتى تتخطفهم نقاط التفتيش. فلا يستطيع الفلسطيني ان يتحرك في دولته كما يشاء، وعلى سبيل المثال فإن المسافر من نابلس إلى الخليل لابد له ان يتعرض للتفتيش والمساءلة من قبل السلطات الاسرائيلية.
\r\n
\r\n
بالاضافة إلى ذلك فقد اشترطت اسرائيل ان تحتفظ بثلاث قواعد عسكرية على ضفاف نهر الاردن، وان تكون لها السيطرة على اجواء فلسطين كلها، وعلى مياهها الجوفية، وعلى سواحلها كذلك وهكذا اقترح الاسرائيليون تغيير احتلالهم بالاسم فقط.وقد اتخذوا لخطتهم الاستعمارية هذه المرة اسماً جميلاً هو اسم الدولة الفلسطينية.
\r\n
\r\n
ازاء ذلك كله لم يكن مستغرباً ان ينفض ابوعمار يده من مقترح الصلح، مهما قال متطرفو اسرائيل عنه. ولكن من حسن الحظ ان مؤرخاً اسرائيلياً منصفاً هو توم سيجيف دافع عن ابي عمار بافضل مما يدافع عادة عن مواقفه. فقال:
\r\n
\r\n
عندما حاول باراك ان يجبر الفلسطينيين على اعلان نهاية الحرب مع اسرائيل بدون ان يعطيهم اي تنازلات رئيسية كان ذلك ضماناً لفشل المفاوضات تماماً. كيف يمكن لابي عمار ان ينظر في عيون ثلاثة ملايين لاجيء فلسطين ويقول لهم ان الحرب قد انتهت وعليكم ان تظلوا كما كنتم لاجئين. ان الحقيقة لا تكمن في ان ابا عمار ليس شريكاً مخلصاً في تحقيق السلام، كما يقولون عنه، وانما في الطريقة الخاطئة التي يعاملونه بها في مفاوضات السلام».
\r\n
\r\n
ومع ذلك فلا يحق للاسرائيليين ان يقولوا ان مفاوضات السلام قد فشلت. فإنها لم تفشل من منظورهم على الاقل، طالما انها ضمنت لهم مواصلة احتلال اراضي الغير، ورجوع الجيش الاسرائيلي لادارة نقاط التفتيش المهينة داخل اراضي الفلسطينيين التي ارجعها لهم من قبل رابين. وهذا ما يفسر لنا من ناحية اخرى لماذا استقبل ابوعمار في رام الله استقبال الابطال بعد ان ارتاب قومه فيه ونظروا إليه شذراً لسنوات طوال.
\r\n
\r\n
الطريق الخاطيء
\r\n
\r\n
دعنا ننزع الاقنعة ونتكلم بصراحة. كان طريق السلام خاطئاً منذ الخطوة الاولى. بل من الفكرة الاولى التي وجهته. قال الاسرائيليون: حسنا سنعطي الفلسطينيين دولة. ولكنها الدولة التي نصممها نحن لهم، لا التي يشتهونها. اننا نعطيهم بقدر ما نريد لا بقدر ما يريدون، ومن هم حتى يفرضوا ارادتهم علينا؟».
\r\n
\r\n
هل هذا منطق صحيح؟ انى له ان يكون صحيحاً والفلسطينيون قوم لهم قطر من قديم الزمان. وهذه مسألة حسمها القانون الدولي وصادقت عليها مرات عديدة الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الامن بما فيه عضوه الاكبر الولايات المتحدة.
\r\n
\r\n
وهناك حقيقة اخرى يضحك المرء حينما يرانا نجهد في تقريرها، وما كنا لنجهد في تقريرها لولا ان البعض ينكرها، وهي ان الفلسطينيين بشر مثل سائر البشر وينبغي بالتالي ان يكون لهم مكان يعيشون فيه احراراً على سطح الارض. هذه الحقيقة توافق عليها كل دول العالم إلا اسرائيل!
\r\n
\r\n
عندما تثار هذه الحقيقة على الملء من بني اسرائيل فإنهم سيجيبون: لقد تحدثنا إلى هؤلاء الفلسطينيين مرة بعد مرة ولكن في غير طائل او جدوى، فإنهم ليسوا بشراً كالبشر والا لفهموا منا وقبلوا ما نملي عليهم من شروط. هكذا قالها رئيس الوزراء باراك عندما فشل في فرض شروطه على الفلسطينيين وآثر ان يجد سبباً في العلة التي تنهش عقل الفلسطينيين فقال «انهم نتاج ثقافة مختلفة اساسها الغش والخداع».
\r\n
\r\n
وهكذا فربما لم تكن صدفة ان الاسم الوسطى لباراك عني حرفياً: الغرور والاستعلاء. ومع ذلك فباراك ليس اشد الزعماء الاسرائيليين غروراً واستعلاءً والا فقد سمعنا من قبل لمناحيم بيغن غروراً يقول عن الفلسطينيين انهم وحوش تمشي على قدمين وان عرفات وحش.
\r\n
\r\n
وقال رافال ايتال رئيس الاركان في عهد ريغان ان حل المشكلة الفلسطينية يكمن في اقامة مزيد من المستوطنات الاسرائيلية وسحق الفلسطينيين كما تسحق الصراصير. وقال خلف بيغن وهو اسحق شامير ان الفلسطينيين وباء كالطاعون واقسم امام المستوطنين ليسحقن الفلسطينيين كما تسحق اسراب الجراد.
\r\n
\r\n
وظل القادة الاسرائيليون المتطرفون يجودون بأمثال هذه الأوصاف الشنيعة حتى يؤسسوا منها وصفا يسمون به صورة الشعب الفلسطيني «انه شعب شره كالتمساح كلما اطعمته طلب المزيد» وانهم عنيفون لا يبالون بإرسال ابنائهم ليفجروا انفسهم من اجل ان يصفونا نحن الاسرائيليين بالظلم. انهم لا يقدرون الحياة الانسانية قط، والا لما قتلوا ابناءهم بهذا الاسلوب الرهيب انهم ليسوا بشراً قط».
\r\n
\r\n
بهذا الاسلوب الدامغ يستطيع الاسرائيليون ان يروجوا لمشروع السلام من تخطيطهم. فشعب بهذه الصورة الشنيعة لا يستحق ان يعطى اكثر مما اعطيناه. ان هؤلاء لا يستحقون تنازلات حتى يقال عن مشروع السلام، كما يقال عن كل مشروع سلام حقيقي، انه حقق مكاسب لكل الاطراف.
\r\n
\r\n
لو كان الاسرائيليون جادين في السلام لأعطوا لاهل فلسطين كل اراضي الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية كدفعة اولى تشكل ضمان تحقيق السلام ثم يبدأ البحث بعد ذلك عن تفاصيل الموضوعات الاخرى كموضوع المياه والحدود ونقاط التفتيش الخ. هذا الاقتراح العادل يصعق لسماعه السياسيون الاسرائيليون .
\r\n
\r\n
ومن يجيبك لابد قائل: وماذا يعطينا الفلسطينيون في المقابل؟ وهذا السؤال الانكاري يبطنه الافتراض بان الفلسطينيين ليس لديهم شيء اصلاً فلا ينتظر بالتالي ان يتنازلوا عن شيء. وهذا قول باطل. لقد تنازل الفلسطينيون عن اشياء كثيرة تنازلوا عن 78% من ارضهم لاسرائيل، واعترفوا بها بالتالي، وتنازلوا عن اللاءات الثلاث الشهيرة، وتنازلوا عن منازلهم القديمة التي طردوا منها، وغير ذلك مما ملكوا قبل النكبة.
\r\n
\r\n
مهما يكن فموقف الزعماء الاسرائيليين من الفلسطينيين الآن هو خير مما كان على ايام غولدا مائير التي كانت تنكر وجود الفلسطينيين على الاطلاق. وهو خير نسب متأجج يخطو بالامر ثلاث خطوات على الامام ثم خطوتين ونصف إلى الخلف من مثل تصرف مناحيم بيغن صاحب جائزة نوبل للسلام بالاشتراك!
\r\n
\r\n
فإنه وافق على مشهد من كارتر على مبدأ الاستقلال للفلسطينيين ثم بعد إحدى عشرة ساعة طلب الوثيقة وراجعها فرآها تقول (الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني) فطلب شطب كلمة الفلسطينيين لانه لا داع لها في نظره.
\r\n
\r\n
وفي منتصف التسعينيات عندما اعترف اسحق رابين بعبارة الشعب الفلسطيني كان جزاؤه القتل على ارتكاب ذلك التجاوز الخطير، ذلك مع انه لم يعمد إلى اعطاء الفلسطينيين حقوقهم الا لكي يسلمهم لقمع السلطة الفلسطينية ويعفي جيش الدفاع الاسرائيلي من ذلك الواجب وصرح في بعض اقواله دع ابا عمار يأتي من تونس ويتولى عنا تلك المهمة القذرة.
\r\n
\r\n
نصائح لأبي عمار
\r\n
\r\n
واذا انتقدنا فيما مضى تصرفات زعماء اسرائيل، فلأبي عمار نصيبه الوافر من الانتقاد كذلك. ان مناصريكم قلائل جداً في اميركا لذا فمن الافضل ان ترفع صوتك لتسمع الناس بحقيقة القضية كما تراها. ومن الحسن كذلك ان تقدم التنازلات حتى يرونك «براغماتيا» حقيقيا لا ثوريا طائشاً.
\r\n
\r\n
ودعنا نبدأ بالاشياء الصغيرة التي تتجاهلها عن غير وعي بأهميتها. اذا دعيت مرة ثانية إلى اميركا لزيارة البيت الابيض. حاول ان تأتي بوفد كبير. وحاول ان تبذل جهداً جدياً في التحضير للدفاع عن القضية. حاول مثلاً ان تحضر خريطة او خريطتين من اعدادكم الخاص بدل التحديق طوال الوقت في خرائط من اعداد الآخرين.
\r\n
\r\n
وفي المرة المقبلة حاول ان تحضر معك قانونياً يفهم فعلاً في مسائل القانون ويحترمه رجال القانون. واحضر شخصين على الاقل يمتلكان ناصية اللغة الانجليزية ولا يعبثان بمفرداتها وتراكيبها بما يدعو للهزء والاشمئزاز. لا يمكن ان تضع على شاشات التلفاز الاميركي من يتحدث بمفردات مريضة ثم تنتظر من المشاهدين ان يحترموه ويتعاطفوا مع ما يقول.
\r\n
\r\n
ثم دع المغالطات الساذجة والبحث عن المهارب كلما ووجهت بسؤال جدي. مثلا عندما سألك الرئيس بوش عن مسئولية حكومة في سفينة السلاح انكرت كل صلة لحكومتك بذلك. ولكنك نسيت ان المخابرات الاسرائيلية كانت داهمت مقر حكومتك وحصلت على تصديق مالي بتوقيع وزير ماليتكم يغطي ايجار تلك السفينة «حاول ان تحرق الوثائق الخطيرة قبل ان تحرقك!».
\r\n
\r\n
ومثال آخر: لا تشحب الهجمات الاستشهادية ثم تسمح لوزير التربية الفلسطيني ان يرسل بطريق الفاكس السيرة الذاتية لاحد الاستشهاديين إلى جميع مدارس التعليم العام.
\r\n
\r\n
وبمناسبة الهجمات الاستشهادية اقول لك وقد دخلنا في الامور الكبيرة الآن انها هي التي جلبت لكم شارون رئيساً للوزراء، ثم اعادت انتخابه. وما كان الاسرائيليون ليصوتوا لشارون لولا انهم علموا انه النقيض المكافيء للاستشهاديين الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
عليك ان تمنع الهجمات الاستشهادية ليس في الدولة الفلسطينية فقط، وانما في كل من اسرائيل وفلسطين. فإذا انطلق استشهادي من الخليل. فإنك مسئول عنه كذلك، لان شارون سيوجه صواريخه في هذه الحالة إلى غزة. ولا ننتظر من العالم حينها ان يدين تصرف شارون، لان الناس خارج منطقتكم لا يعرفون عن جغرافيتها شيئاً.
\r\n
\r\n
الشراكة الحقيقية
\r\n
\r\n
ان اي حرب مثل تلك يشنها شارون لا تهدد عرفات في ذاته، وانما تهدد الشراكة الحقيقية. يستطيع شارون ان يقتل عرفات، ولكنه لا يريد ذلك. انما يريد ان يشن الحرب على الفلسطينيين العاديين وهم الشركاء الحقيقيون في اي سلام، فهم اصحاب المصلحة الحقيقية في السلام لا عرفات. وانني لاخيب توقعات الاميركيين كثيراً، عندما اقول لهم ان اميركا لا مصالح لها حقيقية هناك. فالمصالح الحقيقية هي مصالح الاسرائيليين والفلسطيينين.
\r\n
\r\n
من الجانب الفلسطيني خذ هذا المثال. رب اسرة فلسطيني عادي، له متجر في غزة، نجح في تجارته حتى بنى لاسرته مسكناً. الآن ابنه يريد ان يتزوج لكن الابن لا وظيفة له ولا سكن. الاب يريد ان يوسع في المسكن قليلاً حتى يفسح مجالاً للاسرة الجديدة لتسكن هناك.
\r\n
\r\n
كل شيء في البناء والتجهيز لابد من جلبه من اسرائيل، والبنزين الذي تجلب به هذه الاشياء نفسها لابد من جلبه من اسرائيل.. ان اقتصاد البلدين اصبح مرتبط بعلاقة تبعية وهي اقوى من علاقة الشراكة. ولا تظن ان التبعية من الجانب الفلسطيني وحده، بل من الجانب الاسرائيلي ايضاً لانه يستفيد كثيراً من مبيعاته للفلسطينيين باسعار باهظة.هذا مثال بسيط ولكنه معبر، ولكن ما رأيك ان تستعرض واحداً من الامثلة العليا.
\r\n
\r\n
كان هناك فلسطيني يدعى «حمدوني» يملك ثلاثين فداناً في الصحراء قرب الخليل، ونظرت السلطة إلى ذلك المكان ورأت انه مناسب جداً لاقامة مشروعها المهم «الواحة للقمار» احد كبار المساهمين في المشروع وهو مستشار كبير لعرفات كان له 30% من اسهم المشروع. رفض حمدوني ان يبيع الارض للحكومة الفلسطينية فاختطفه زبانية الامن وعذبوه عذاباً نكراً لمدة سبعة عشر يوماً وانتزعوا توقيعه ببيع الارض واقاموا عليها المشروع.
\r\n
\r\n
وجاء رجل اعمال يهودي من النمسا يسمى مارتن سكلاف واشترى 45% من اسهم المشروع. هذا الرجل اتضح انه حليف وثيق لارييل شارون حاول لعدة سنوات ان ينشيء كازينو في اسرائيل ولم يفلح لأن القمار ممنوع في اسرائيل. ثم جاء مستثمر آخر هو بنك «بي إيه دبليو إيه سي» .
\r\n
\r\n
واشترى 10% من اسهم المشروع. واحتاج هذا البنك ان يتعاقد مع محام اسرائيل نافذ يحمي مصالحه هناك، ووجد ان شيمون شيفز الذي كان يعمل بمكتب اسحق رابين شخص مناسب لكي يتعاقد معه.
\r\n
\r\n
وعمل هذا المحامي جيداً في خدمة البنك إلى ان اتهم هو نفسه بتلقى بعض الرشاوى واحتاج ان يتعاقد مع محام آخر نافذ ليدافع عنه هو دوف مايز قلاس الذي كان بالصدفة المحضة وصدق انها صدفة المحامي الاول لارييل شارون، ولذلك فلا عجب ان استطاع هذا المحامي الناقد ان ينتزع من المحكمة العليا حكما بالغاء الحكم السابق بادانة متلقي الرشاوى.
\r\n
\r\n
وصدفة اخرى صدق ايضاً انها صدفة محضة في اثناء حملة شارون لاعادة انتخابه رئيساً للوزراء انفجرت فضيحة تلقيه لبعض الرشاوى. واتضح انه خلال حملته الانتخابية الاولى خرج مدينا فاضطر إلى استدانة مليون او مليونين من الدولارات من صديقه كيرن من جنوب افريقيا.
\r\n
\r\n
ولكن تحريات الشرطة اثبتت ان المال لم يأت من جنوب افريقيا وانما من بنك «بي إيه. دبليو إيه سي» آثار شبهة قوية بأن المال انساب من مشروع «كازينو الواحة» اياه وتلك تهمة لا اشنع منها في اسرائيل، ان تتلقى حكومته مالاً له صلة بالسلطة الفلسطينية ولكن ليست تلك هي دلالة الحدث الكبرى فيما يعنيني انا وانما تنصب تلك الدلالة على ما ازعم من اهمية الشراكة على كل المستويات ما بين حكومة اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.