\r\n حلت مؤخراً الذكرى السنوية المئوية لرحيل هيرتسل، الصحفي الذي رأى الجمهور الباريسي يصرخ «الموت لليهود» في أعقاب محاكمة درايفوس، فأدرك ان مساواة الحقوق الحقيقية لليهود في الشتات غير ممكنة. لقد شخص اللاسامية كمرض نفسي للأمم وزعم أنه يمكن مواجهتها فقط بتطبيع حياة الشعب اليهودي وعودته الى أرضه. \r\n \r\n لهذا أوجد الصهيونية خطة لحل «ضائقة اليهود». بدت أرض إسرائيل له «ملجأ آمنا»، ومنذ الكارثة رسخ تصور مفاده أن هنا يكمن الضمان الوحيد لجوهر وجود الشعب اليهودي. ها هنا الملجأ الآمن. \r\n \r\n ولكن منذ ان قامت الدولة قُتل أكثر من 20 ألف يهودي في حروبها وفي اعمال ارهابية. لا توجد دولة اخرى في العالم قتل فيها عدد كبير كهذا من اليهود في هذه الفترة لمجرد كونهم يهودا. ايران، دولة اسلامية متشددة، نقشت على علمها تدمير إسرائيل، تسعى لامتلاك سلاح نووي، ويعتقد كثيرون انه خلال عامين ستصل الى هذا وستكون إسرائيل مُعرضة لخطر الفناء. هل كفت إسرائيل لذلك عن ان تكون «ملجأ آمنا» وفقدت التسويغ «الصهيوني» لوجودها؟. \r\n \r\n كان الاستيطان في كل أرجاء البلاد قيمة مؤسسية منذ بدء عودة صهيون. دار الصراع على تل حاي وحنيتا ونقبة وغوش عصيون ضد كل الاحتمالات ايضا وعلاقات القوى «الأمنية». ولكن شيئا ما انقلب. كانت العلل التي طرحها رئيس الحكومة للانسحاب من قطاع غزة وشمالي الضفة أمنية، وسكانية ايضا. \r\n \r\n تحت ذُعر الارهاب استقر رأي إسرائيل على التحصن من وراء جدار واقتلاع مستوطنات يهودية لاسباب أمنية. كانت هضبة الجولان لحينه في لُب الاجماع الأمني؛ قيل انه لا يجوز التنازل عنها حتى زمن السلام مع سوريا. وهنا جاء رؤساء حكومة في إسرائيل، وفيهم «أمنيون بارزون» ايضا، وكانوا مستعدين للانسحاب من الجولان. \r\n \r\n ارييل شارون، الذي زعم ان نتساريم هي كنز استراتيجي لإسرائيل، مستعد الآن لاخلائها بدون أي تعويض. لقد عارض الجدار لأنه كان على قناعة ان لا قيمة أمنية له ولكنه قد يكون حقيقة سياسية كارثية على إسرائيل بأن ينشيء في واقع الامر دولة فلسطينية في قلب البلاد. بعد ذلك غير رأيه والآن هو يسمع هذه النبوءة الصعبة من المحكمة الدولية في لاهاي. \r\n \r\n ويجدر بنا ان نذكِّر أن الانخفاض في عدد العمليات في الجبهة الإسرائيلية الداخلية ليس ثمرة الجدار الجزئي الذي أصبح قائما، ولكنه ثمرة وجود ونشاط الجيش الإسرائيلي في قلب أوكار الارهاب. السجود للأمن كتسويغ لوجود دولة إسرائيل والسجود للأمن كتسويغ لاقامة الجدار برغم الثمن التاريخي الباهظ الذي سندفعه عنه، كلاهما صفقة خاسرة. الجدار، والتحصينات أو التسويغات الأمنية لن تضمن على مدى الزمن سيادتنا على أرض إسرائيل. اذا لم ننتصر فسنفنى، ولا يربحون الحرب بطرد اليهود وانشاء الجدار. \r\n \r\n \r\n يديعوت احرونوت