\r\n \r\n لقد استبق ايفان سؤاله بقصص حول اطفال تعرضوا للتعذيب. \r\n \r\n مثل طفلة عمرها سبع سنوات ضربت حتى الهذيان من قبل والديها، ومن ثم سجنت في بيت خلاء من الثلج واجبرت على اكل برازها وولد صغير لم يتجاوز عمره الثماني سنوات، قطعت اوصاله كلاب الصيد امام امه لامتاع مالك الارض، امور حقيقية مكتشفة من قبل ديستوفسكي في صحف ذلك الزمن تلمح بشكل مطلق لوحشية لايمكن تخيلها تقريبا كانت في انتظار البشرية في قابل الايام. \r\n \r\n ترى كيف تفاعل ايفان مع الطرق التي انتهى اليها القرن العشرون لاتقان الالم وتصنيعه وانتاجه بمستويات جماعية ومنطقية وتقنية، وامام قرن اوجد كتبا تعليمية عن الالم وكيفية احداثه ودورات تدريبية حول كيفية زيادة ذلك الالم وكتالوجات توضح اين يمكن اقتناء الادوات التي تضمن عدم انتهاء ذلك الألم، قرن اغدق العطايا والهدايا على رجال كتبوا تلك الكتب التعليمية، وهنأ الذين صمموا تلك الدورات واثرى الذين انتجوا ادوات الموت تلك؟ \r\n \r\n ان سؤال ايفان كرامازوف: «هل كنت ترضى بذلك؟» يتمتع بأهمية بالغة اليوم كما في الامس، وذلك في عالمنا المعاصر، حيث يمارس بصورة اعتيادية ذلك الاذلال والاذى في 132 بلدا، والذي يحتجزنا في القلب المرعب والخفي للتعذيب، ويجبرنا على التحقق من المأزق الحقيقي والقاسي الذي تطرحه سياسة الامعان في التعذيب بيننا، خاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، وكلمات ايفان كرامازوف تذكرنا بأن الذين يوظفون التعذيب ليس لديهم مشكلات في معرض تبريره. \r\n \r\n حيث يدعون ان ذلك هو الثمن اللازم الذي يتعين دفعه من قبل بعض من يعانون، لضمان سعادة بقية المجتمع او الغالبية الساحقة التي تتمتع بالسلام والامن مقابل ما يجري في قبو مظلم او في نفق قصي او في مخفر شرطة كريه ولذلك لا يتعين علينا التحلي بعبقرية خارقة لنكتشف ان كل نظام يمارس التعذيب. \r\n \r\n او يسمح لحلفائه بممارسة التعذيب، انما يفعل ذلك باسم الانقاذ الذي يمثل الهدف الاسمى والوعد بجنة آتية. سمه شيوعية او سوقا حرة او عالماً حراً، او زعيماً جليلاً او حضارة او حاجة للحصول على المعلومات سمه ما شئت لان ذلك لن يغير من الامر شيئا فلايزال ايفان كارامازوف يهمس في مسامعنا قائلا ان ثمن تلك الجنة سيبقى جحيما متزامنا بالنسبة لشخص بعيد في مكان قريب. \r\n \r\n والحقيقة المزعجة هي ان الجنود الاميركيين والبريطانيين في العراق، والذين يمارسون التعذيب في مواقع اخرى عديدة، لا يعتبرون انفسهم اشرارا بل بالاحرى حراسا للصالح العام ووطنيين يلطخون ايديهم وقد يمضون ليلة او اخرى من الارق لتحررهم مما مارسوه من العنف والارهاب بحق الغالبية الجاهلة والعمياء. \r\n \r\n حتى انه يتعين على اولئك الذين يمارسون التعذيب ادراك حقيقة انه قد يكون هناك واحد بريء على الاقل من بين الاسرى والذين يمارسون الانتهاكات ضد ذلك الرجل او تلك المرأة كانوا قد قرروا بشكل مسبق عدم اهمية ان يكابد ذلك الكائن الذي لا حول له ولا قوة المصير الوحشي للمعتقلين الآخرين المذنبين افتراضيا. \r\n \r\n وانا لا اعرف على وجه الدقة كم مواطنا اميركيا او من بلد آخر، كي لا نذهب بعيدا سيتفاعلون اذا كان عليهم مواجهة السؤال الهجومي لايفان كرامازوف ولا اعرف اذا كانوا قادرين على ان يقبلوا بشكل واعٍ ان تعتمد احلامهم السعيدة على الخسارة الابدية لطفل بريء او كما اجاب اليوشا بشكل ناعم: «لا. لا ارضى بذلك». \r\n \r\n مع ذلك فهناك سؤال اكثر قسوة وربما اكثر غموضا ايضا لم يتمكن ايفان من التعبير عنه وهو: ماذا يمكن ان يحدث لو ان كان مذنبا ذلك الشخص المعذب بدون توقف وانه عذب كي نكون سعداء؟ \r\n \r\n ما الذي يمكن ان يحدث لو تمكنا من بناء صرح مستقبل من الوئام والحب على انقاض ألم دائم لاحد ما مارس هو نفسه ابادة عنصرية وعذب الاطفال الذين تحدث عنهم ديستوفسكي؟ ما الذي يمكن ان يحدث اذا دعينا للتمتع بجنة عدن مرة اخرى في حين يتلقى كائن بشري محتقر الاهوال التي فرضها على آخرين كثر؟ وثمة سؤال اكثر الحاحا: وماذا لو ان ذلك الشخص الذي يحرق ويقطع ويصعق بالكهرباء كان يعرف اين تخبأ قنبلة ما على وشك الانفجار وقتل الآلاف؟ \r\n \r\n ترى هل كنا لنجيب بلا؟ هل نجيب بأن التعذيب مهما كان التهديد ومهما كان خوفنا، هو نهائي وغير مقبول بشكل مطلق دائما؟ \r\n \r\n \r\n ذلك هو السؤال الحقيقي للانسانية عند مواجهة صور تلك الاجساد العارية التي تعاني في الزنازين في عراق الامس، ذلك الاحتضار الذي يجب ان لا ننساه والذي يتكرر اليوم من جديد وسيتكرر غدا ايضا في كثير من السجون الاخرى في كوكبنا الحزين والمغفل حيث يقترب في هذه اللحظة بالذات، انسان ذو سلطة مطلقة من كائن بشري آخر مهجور بشكل ابدي. \r\n \r\n كم من الخوف لدينا؟ \r\n \r\n كم من الخوف نحن على استعداد لان نترك الآخرين يعانون منه باسمنا وبعلمنا التام، ذلك الخوف الذي يحمل بين طياته اعمالا مرعبة يفترض ان الزمان اكل عليها وشرب، والتي تفسدنا الى الابد. \r\n \r\n عن «البايس» اسبانيا \r\n \r\n