أراد الألمان أن يجربوا الوصفة الكاتالونية فوقعوا ضحية التطبيق السيئ لها أمام الند التاريخي لبرشلونة ريال مدريد، فخرج غوارديولا والبايرن من مولد دوري أبطال أوروبا بلا حمص، ومثله حدث لمورينيو وتشلسي بعد خروج مذل أمام الأتلتيكو العائد بعد أربعة عقود من الغياب إلى نهائي الأبطال. أكبر الخاسرين في هذه المعارك الكروية هما غوارديولا الذي سحب منه عشاقة لقب أينشتاين بسبب الهزيمة المشينة، لكنه قال لن أغير أسلوبي، وكذلك مورينيو الذي سمع الناس للمرة الأولى اعترافا بهزيمته وتهنئة منافسه، لسبب بسيط هو أن العالم كله شاهد تشلسي خارج المباراة، ومدرباً خارج الملعب.. بينما ارتفعت أسهم أنشيلوتي لأنه نجح في رفع التحدي في قيادة النادي الملكي بعد أعوام الإخفاق وأعاد الأمل إلى عشاق الأبيض، ويبقى مفاجأة أوروبا الكروية سيموني الأرجنتيني الذي كسر كل الحواجز وهدم كل الأسوار وفعل بخصومه ما لم يفعله عتاة المدربين، فهو في النهائي ويقود الليغا ويقسم جماهير مدريد نصفين.. فإذا كان نهائي الموسم الماضي ألمانياً خالصاً بين دورتموند وميونيخ، وجعل ميركل ترقص فرحاً، فإن نهائي 2014 هو مدريدي بامتياز بين القلعة البيضاء والحصن الأحمر، و ربما هو ما يدفع خوان كارلوس إلى الرقص على إيقاع الفلامينكو، وفي ذلك اعتراف أوروبي بتفوق الكرة الإسبانية على كرة العالم على رغم خروج برشلونة التي تحولت إلى ظل لنفسها هذا الموسم. ومما زاد الأوروبيين اقتناعاً بأن الكرة اتجهت إلى أقصى الجنوب الغربي للقارة، وبالضبط إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، هو وصول فرق الريال والأتلتيكو وإشبيلية إلى النهائي إلى جانب بنفيكا، وبذلك يستعيد قدامى عشاق الريال وبنفيكا أيام العجوز دي ستيفانو والراحل أوزيبيو، وفي ذلك ما يعزز كبرياء هذه الفرق التي نشأت لتكون في ريادة اللعبة الأكثر شعبية في العالم. لم يبق أمام الألمان والإيطاليين والإنكليز سوى غلق الأبواب والنوافذ وممارسة عملية جلد الذات لمعرفة أسباب السقوط الحر على أراضيها، وعجزها عن اختراق أسوار الأندية الإيبيرية العنيدة. ولا شك في أن إعادة قراءة المباريات الأربع تكشف أن شيئاً من الغرور كان يتملك الفرق العائدة بنتائج مشجعة على التأهل، لكن الضربة القاصمة من الضيوف جعلت الحسابات تسقط في الماء، ولا سبيل إلا الاعتراف بأن الكرة الإيبيرية لم تفقد شيئاً من قوتها وسيطرتها، وفرض سطوتها على غيرها من الفرق ذات الشأن الكبير. ومن نتائج هذا التفوق الإسباني والبرتغالي السعادة التي تطبّع بها ديلبوسكي لكونه سيدخل المونديال معززاً بلاعبين هم الأفضل في القارة والعالم أيضاً، ومثله منتخب البرتغال الذي سيكون أكثر انشراحاً بالعودة القوية لنجمه رونالدو هداف الدوري الأوروبي، وتألق بنفيكا الذي يموّن المنتخب بلاعبين ذوي نجاعة عالية. ويبقى الرابح الأكبر هو الكرة الأوروبية التي يتنقل فيها مشعل التفوق من جهة إلى أخرى مع زيادة منسوب المتعة والتشويق.. رابط المقال: كرة إيبيريا تقود أوروبا..