اليوم الكل يهاجر، أو إذا شئنا الدقة كل قادر على الهجرة يهاجر، من مصر والعراق وسورية ولبنان والمغرب العربي. قبل قرن كان اللبناني يهاجر وهو ينوي العودة إلى بلاده، وكان العربي في كل بلد يهاجر إلى مصر لينجح، فنجاحه في بلده لا يكفي من دون شهادة مصرية. كان السوداني يهاجر إلى مصر، واليوم أصبح في نصف بلد، والمصري يبحث عن بلد يهاجر إليه. وكان اليوناني أو الإيطالي يأتي للعمل في مصر طاهياً أو مجرد «جرسون» وأصبحنا نطلب الخدمة في بلادهم. اليوم اللبناني يهاجر ولا يريد العودة، والمصري ينافسه، ويختار بدل «أم الدنيا» كندا حيث فصل الشتاء عشرة شهور. بلاد الرافدين تصدِّر إلى العالم المهندسين والأطباء. الباقون من هؤلاء يُقتَلون. كم من أبناء المغرب والجزائر وتونس غرق في طريقه إلى أوروبا وهو يعرف أنها لا ترحب به؟ نحن أمة كانت سلة غلال العالم، والآن تستورد القمح والذرة والرز وكل طعام آخر. سلّمنا كل ما نعرف إلى أوروبا لتخرج من عصور الظلام إلى عصر النهضة، ونمنا. نحن أمة تصدِّر البشر. تصدر بشراً حصلوا على تعليم عالٍ أو نجحوا في التجارة وعندهم القدرة على الهجرة طلباً للأفضل، أو تصدر شباباً يريدون حياة أفضل. ومَنْ يبقى في البلد؟ البضاعة الكاسدة من أميين وفقراء ومساكين... والمرشد. «كنتم خير أمة أخرجت للناس». والآن كيف أصبحتم؟ آخر أمة. كنا نسمي آخر طالب في الصف «الطّش»، والآن الأمة كلها «الطش» في موكب الأمم. لست من عمر أذكر معه الاستعمار، ولكن كبرت على رواياته من الجد والأب والعم والخال. كانت روايات رهيبة في زمانها، وما كنا نتصور أن نرى أسوأ منها. «ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعمار». هل أقول «اخفض رأسك يا أخي فأنت في عهد الاستقلال؟» هل أطالب بعودة الاستعمار؟ لا أفعل وإنما أقول إن المستعمِر كان غريباً عنا والآن لنا عدو، أو أعداء، من أنفسنا. رحمتك يا رب. لقراءة المقال كاملا اضغط هنا