فرضت الأحداث السياسية التي تعيشها غزة بشكل يومي نفسها على الساحة في شكل سلسلة من الهجمات والاغتيالات، ليغفل الجميع الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه المنطقة وتردي مستوى المعيشة للمواطن الفلسطيني الذي عانا سنوات طويلة من الجوع والفقر والحصار دون داعم جماعي وحقيقي من الدول العربية التي وقفت موقف المتفرج رغم ارتفاع نسبة الأثرياء بها. ورغم مبادرة إعلان قطر اعتزامها ضخ 254 مليون دولار في مشاريع لإعادة إعمار قطاع غزة، في أول زيارة لأمير قطر لتشمل إقامة مدينة سكنية وتعبيد طرق ومشاريع بنية تحتية ومشاريع أخرى إلا أن هذه المواقف جاءت متأخرة وضعيفة في وقت تحتاج فيه غزة إلى مزيد من ضخ الاستثمارات، حيث بلغ معدل البطالة بها حالياً أكثر من 28 % في منطقة مكتظة يعيش بها نحو 1.6 مليون نسمة. كما تراجعت الآمال الفلسطينية أيضاً التي قامت على فرضية إقامة منطقة تجارة حرة بين مصر وقطاع غزة بعد مضي أكثر من الشهر والنصف على عرض إسماعيل هنية هذه المسألة على المسؤولين المصريين في زيارته الأخيرة إلى القاهرة لتعود المدينة إلى سابق عهدها من اليأس والمعاناة. وكانت بعض الدراسات أكدت أن أكثر من 85 % من أهالي قطاع غزة يعيشون في فقر متزايد يعتمدون على المعونات الإنسانية الخارجية مع ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير جداً، ومواصلة الاعتداء على صيادي القطاع وحرمانهم من تأمين القوت الضروري لأسرهم إضافة لحرمان أهل القطاع من المأكولات البحرية في ظل عدم السماح بدخول معظم المنتجات الغذائية اللازمة لحياة صحية سليمة بسبب الحصار الذي استمر لفترة طويلة. وكان استشهاد أحمد الجعبري قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في غزة، ونجله في غارة جوية شنها الكيان الصهيوني يوم الأربعاء على القطاع قد فتح الباب أمام الكيان الصهيوني ليعود للضغط والحصار مجدداً. في الوقت نفسه يري الخبراء أن المنطقة لا يمكن أن ترى النور على وضعها الحالي؛ لأنها تحتاج إلى أسس قانونية وسياسية واستقرار أمني وسلطة كاملة السيادة على الأرض التي تقوم عليها حتي يمكن مساعدتها وضخ المزيد من الاستثمارات بها وهو غير متوفر في حالة غزة التي تخضع للاحتلال. وتعليقاً علي ذلك يقول عبدالرحمن طه الخبير الاقتصادي :"إن غزة وشعبها يتم معاقبتها منذ عام 2006 على ديمقراطيتها تلك التي لا تتفق ومفهوم الديمقراطية – ديمقراطية المصالح – لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ أن اختار الشعب الفلسطيني حركة فتح ممثلاً له في الانتخابات التشريعية بفلسطين وقد كان هذا العقاب اقتصادياً تارة وسياسياً تارة أخرى، وعسكرياً في بعض الأحيان كالتي نعيشها في تلك الأيام إلا أن العقاب الاقتصادي للشعب الفلسطيني وخاصة غزة والتي استأثرت بها حماس هي أكثر أساليب العقاب المتخذة تجاه هذا القطاع بصفة خاصة والصفة الغربية بصفة عامة". وأضاف طه ل "التغيير" أن اقتصاد عزة يعاني الكثير إذ تصل نسبة البطالة وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى ثلث الشعب الفلسطيني بصفة عامة وإلى 45 % من قطاع غزة بصفة خاصة وفقا لاحصائيات وكالة "الاونروا" التابعة للأمم المتحدة. وأوضخ طه أن هذا الحصار أدى إلى خفض الأجور ووجود أكثر من 300 ألف شخص في فقر مدقع لقطاع بيلغ تعداد سكانه حوالي مليوني نسمة, لافتاً إلى أن قوافل الإغاثة لا تكفي سواء تلك التي تأتي من مصر أو قطر أو تركيا أو بعض الدول الأوربية كالسويد بل يجب أن تكون هناك مؤسسة اقتصادية دولية ينشئها الجانب العربي مع بعض الدول الصديقة لايجاد تكتل اقتصادي ضاغط لإنقاذ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وأكد أنه يمكن الضغط أيضاً على الدول المساهمة في دعم دولة الكيان الصهيوني اقتصادياً بتحذيرها من تعرض مصالحها الاقتصادية في مصر والوطن العربي للخطر إذا لم يقوموا بالضغط على تل أبيب لتخفيف الحصار الاقتصادي ورفعه عن غزة والشعب الفلسطيني بأكمله، متوقعاً أن يكون اغتيال قائد الجناح العسكري لحماس بداية جديدة لمزيد من الحصار خلال الفترة المقبلة.