بعد الجرائم الممنهجة التي ارتكبها زبانية الشرطة المصرية ( وما زال عرض التنكيل والقتل مستمرا ) لوحظ تركيز وسائل الإعلام الحزبية والمستقلة على ضباط الأمن والشرطة وأمنائها ومساعديهم من المخبرين مع أن شركاءهم بالتدليس والبرطسة والصمت ليسوا أقل خطرا، وهؤلاء جميعا متهمون وجرم بعضهم أشد باعتبار وظائفهم الرقابية ونبل مهنهم والأماتة الملقاة على عاتفهم أمام الله قبل الضمير والوطن.
ومن الواضح أن جرائم التعذيب والحرق وهتك أعراض الشعب المصري وقتله نحرا وصعقا لا يرتكبها زبانية وزارة الداخلية ومخبريها وحدهم، ولكن هناك هيئات تابعة لوزارات أخرى تشارك في هذا العمل الإجرامي بتخلي بعض مسئوليها عن دورهم الرقابي ومنهم ذلك الفريق المساعد لهؤلاء الجزارين من الأطباء وأصحاب المهن المساعدة من الممرضات والإداريين العاملين بالمستشفيات الحكومية ومصلحة الطب الشرعي وغيرها، هؤلاء يمثلون الوجه الآخر لنفس الفئة اللاإنسانية التي تهدر كرامة الشعب وتنكل به، وهم الظهير الخفي المدعم لمنظومة التعذيب الذين فقدوا آدميتهم كليا ولم تنقطع كل علاقة لهم بالإنسانية فحسب، بل انحدروا إلى درجة أحقر من الوحوش الكاسرة والحيوانات لأنهم تجردوا من كل معاني الرحمة والشفقة التي تتطلبها مهنهم وصار من المنطقي إما نقلهم كليا إلى وظائف معاون تعذيب بدرجة طبيب أو ممرضة في سلخانات وزارة الداخلية وأقسامها المسماة أقسام شرطة، وإما إنشاء معازل خاصة لنفي أو علاج أصحاب الأرواح الشريرة التي تنشر خرابها في بعض المستشفيات المصرية متسترة خلف هيئة ملائكية المهنة وثياب بيضاء بينما قلوبهم أشد سوادا وغلظة من أفئدة خزنة جهنم.
هذه المخلوقات اللاأدمية واللاحيوانية التي " تبرطع " وتزهو بقسوتها وغلظتها في بعض المستشفيات الحكومية والهيئات والمصالح المشتركة بين وزاتي العدل والصحة مثل مصلحة الطب الشرعي التي يقوم بعض منتسبيها بدور مزدوج حقير هو : العمل على إخفاء آثار الجرائم التي يرتكبها زبانية الشرطة ومخبريهم، والمشاركة في إجراء عمليات خارج القانون لضحايا التعذيب والتنكيل والصعق بالكهرباء في أماكن حساسة ثم إصدار شهادات براءة للقتلة من ضباط الشرطة ومعاونيهم.
هؤلاء وأمثالهم ليسوا أقل جرما من جزاري الداخلية وزبانيتها، وهم يتحركون كالجراد لتنفيذ أوامر ضباط الأمن والشرطة المصابين بلوثة الصلف والعجرفة والفجر حتى مع الله فيقتلون النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق دون أن يطرف لهم جفن، هذه المخلوقات الغريبة موجودة بالفعل في أكثر من موقع من بينها مستشفي الصدر بالمنصورة ومصلحة الطب الشرعي التي أصدر بعض أطبائها تقريرا أنكروا فيه وجود آثار التعذيب على جسد الطفل المليء بالتقرحات والندوب وتخثر الدم.
لقد اشترك عدد من أطباء مستشفى الصدر وممرضاتها ومسئوليها الإداريين في جريمة قتل الطفل اليتيم محمد ممدوح ابن قرية شها بالمنصورة تحت التعذيب والصعق بحرق مؤخرة الطفل وهو طفل لم تتجاوز 12 عاما من أسرة فقيرة معدمة فزادوها شقاء ولوعة بحرق قلب أمه وتمزيق نياط قلب كل مصري لدية مثقال ذرة من إحساس بكرامة الإنسان أيا كان لونه أو دينه أو مستواه الاجتماعي.
يا جزارو البشر إن قلب الإنسان الطبيعي يتفطر ألما لرؤية قط أو كلب أو حتى حيوان يتعثر أو يسقط في حفرة وتتحرك بداخله تلقائيا نوازع الشفقة والرحمة ويهب لنجدة هذا الحيوان ، أما قتل حيوان فإنه يسقط حكومات ويقيل وزراء في الدول الحرة، ولا يتورع المجتمع عن إنزال أقصي العقوبات على الجاني لأن الإحساس بالألم والمرارة لايتوقف عند حد الكتابة وشجب الفعل دون إجراء رادع ( مثلما يحدث في مصر الآن ).
أيها الأشقياء المجرمون : كيف طاوعتكم أنفسكم بمساعدة وحماية قتلة الطفل اليتيم والتدليس على أفعال زبانية الشرطة وفي النهاية زورتم شهادة براءتهم الجناة !!! وكيف تنظر تلك الممرضة وأشباهها في عيون أبنائها أو أسرتها بعد ألقاء جثة الطفل محمد ممدوح بين الحياة والموت في مقلب للقمامة !!! أهؤلاء من جنس البشر ؟ مستحيل !! أهم من الحيوانات الكواسر ؟ بالتأكيد لا، فالحيوانات أكثر رحمة وأرق حاشية منهم جميعا، ووالله لقد شاهدت بأم عيني ( في حظيرة لصديق ) وفي مشهد لاينسي الدموع تتساقط من عيني عجل صغير مع مسحة من الحزن عندما رأى أمه تسقط بجواره تتألم بعد سقوطها في حفرة فرق قلبه لحالها.
والأسئلة التي ستظل بلا جواب شاف هي : كيف يشارك في جريمة القتل والتعذيب والتنكيل طبيب حصل على درجة من العلم بأموال الفقراء وأقسم بأغلظ الأيمان قبل مماسة عمله على حمل أمانة علاج المرضى والجرحي وإغاثة الملهوفين ؟!! وبأي حاسة ينظر أمثال هؤلاء في وجوه أطفالهم وجيرانهم في الصباح أو المساء!!! وماذا يكون رد فعلهم إذا وقع مثل هذا التعذيب على أطفالهم أو إخوتهم ؟ ألا يتجمد الدم في عروقهم عندما امتدت أيديهم لمنح صك البراءة لكبار المجرمين الذين قتلوا طفلا أو شابا بريئا في بلده تحت التعذيب والقهر لاتهامه بسرقة باكو شاي بينما لصوص المليارات يسرحون ويمرحون وينالون أقصي درجات الاحترام في أي قسم من أقسام الشرطة وأفضل رعاية في أفخم الأجنحة في المستشفيات الخاصة ؟ وكيف يقوم من يفترض أنهم ملائكة الرحمة ولمسة الحنان والرعاية بدور شريك الجزار أو مساعده في تعذيب الضحايا الأبرياء في أقسام الشرطة والسجون وإخفاء معالم جرائمهم ؟ هؤلاء الذين حنثوا تحت القسم وخانوا الأمانة لابد من القصاص منهم ومحاكمتهم مهنيا وقانونيا وشعبيا ومحاكمة المسئولين عنهم سياسيا فهم ليسوا أقل جرما من زبانية الداخلية !!!.
وماذا يقول هؤلاء القتلة ومحترفي التعذيب وكبار المسئولين في النظام الحاكم أمام الله الحكم العدل في يوم آت لا محالة، وعسى أن يكون قريبا وآيات القرآن الكريم تتوعد هؤلاء القتلة بمصير أسود من أفعالهم في قوله تعالى ( من قتل نفسا بغير نفس أوفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) والحديث الشريف يذكر الغافلين منهم بأن " امرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض " ؟ وهؤلاء لم يعذبوا هرة بل عذبوا وقتلوا بشرا من روح ودم.. شباب وشيوخ وأطفال كلهم من أبناء مصر البسطاء الفقراء الأبرياء يقتلونهم ويمثلون بهم بقلوب قدت من حجر !!.
وفي هذا المقام لابد من طرح عدد من التساؤلات على نقابات الأطباء ومنظمات حقوق الإنسان الحكومية الساكتة عن الحق " الشيطان الأخرس "، لابد من سؤالهم عن دور نقابة الأطباء حيال هذه الفئة التي خانت وغشت ودلست من الأطباء وأعوانهم الذين ينتسبون إلي نقابة الأطباء وظيفة ولأقسام التعذيب بوزارة الداخلية فعلا وممارسة ؟ وكيف يتغافل المجتمع عن دور هذه الشياطين في تعذيب المعتقلين والمحبوسين على ذمة قضايا مختلفة ؟ ولماذ تتقاعس المنظمات الحقوقية الحكومية وتغمض عينيها عن ملاحقة أمثال هؤلاء السفاحين وفضحهم كما تفعل المنظمات الأهلية المستقلة ؟
عندما يقف المجتمع مشلولا أمام جرائم ضباط وأفراد الشرطة والأمن ومساعديهم في مستشفيات وزارة الصحة والهيئات التابعة لوزارة العدل بلا رد فعل مناسب فإن هذا إما إيذان بهلاك أمة وموات ضميرها أو تصريح لالبس فيه بزيادة العنف دون حد بين طوائف الشعب المختلفة بناء على سيادة قانون القوة.. قانون الغابة.. قانون البقاء للأقوى، وعلى من يتصور أنه الأقوي اليوم أن يدرك " أن دوام الحال من المحال " وسيكون انتقام الضعفاء الخائفين أعنف غدا أو بعد غد، وحينئذ لن ينفع الندم " ولات ساعة مندم "!!!.