يمكنك ان تلبس ثوبا وطنيا وتجمله بجميع مفردات النضال ثم تعتاد التمتع بالمال العام الحرام فتمتلك ارصدة في شتى بنوك العالم , وقصورا تبهر الناظرين على امتداد بلاد العرب والأعاجم, يمكنك ان تفعل هذه الأفاعيل وانت متربعا مع المتربعين فوق منصة القاده الماسكين بزمام امور قضيتهم وربما المحتكرين لها والناطقين بإسم شعبهم المكلوم وبلدهم المسلوب.
لم يكن محمد دحلان اول من لبس ذلك الثوب , ولا أول أو آخر من ملأ جيوبه بعشرات ملايين الدولارات من مال شعبه وبلده المحتل, إن لدحلان شركاء كثر لا تخطيء العين الفلسطينيه رؤيتهم ولا تتوه عن تشخيص هويتهم أو أشخاصهم الآثمه , لقد استقال دحلان لكن شركائه لم يستقيلوا واياديهم ما زالت مؤتمنه على المال الفلسطيني العام وعلى القرارات الوطنيه .
طالعتنا الأخبار مؤخرا بقبول الرئيس عباس لإستقالة محمد دحلان من منصبه كمستشار أمني له , لم يكن دحلان مجرد مستشار امني بل كان يملك جميع اوراق الأمن الفلسطيني في قطاع غزه , كان يحكم ويرسم يعتقل ويعبث بأمن وبمال الغزيين , كان يوجد تحت إمرته آلاف العناصر المدربه على مواجهة الشرفاء من أبناء جلدتهم وكان يحتكم على عشرات ملايين الدولارات, بعضها زودته بها اميركا بمباركه اسرائيليه من أجل تصفية المقاومه الغزيه المسلحه (وفق خطة دايتون) تمهيدا لتمرير الحلول الإسرائيليه- الأميركيه الهادفه لإخضاع الشعب الفلسطيني وسلبه حقه في العوده والتعويض وحقه بإقامة دولته و إستعادة سيادته على بلاده المغتصبه.
تقول الأخبار ويؤكد رئيس السلطه ان محمد دحلان قدم إستقالته طوعا وأن الرئيس قبلها و أحدا لم يقل انه عزل من منصبه ويفهم من هذه المناوره المشتركه ان المدعو دحلان سوف لن يخضع للمساءله او المحاسبه, أي ان له الحق في الإبقاء على ما غنمه من مال(عشرات ملايين الدولارات) وعقارات هنا وهناك , فهل مطلوب من المواطنين الفلسطينيين ان يعلنوا عن فرحتهم باستقالة دحلان ثم يباركون ماله المجير له مقابل اشتراكه في المؤامرات ضدهم ؟
لقد نفّذت المناوره فاستقال دحلان ونجا من العقاب, ربح الرجل الجوله لأنه حقق الهدف, فأدرك الثراء والعيش الرغيد ووصل الى ما كان يصبو اليه بل وأكثر وسوف لا يضيره العيش بهدوء وسكينه في بلاد الغرب (بعيدا عن جميع المكدرات) وقد يصبح مثلا يحتذى وسنّة تتبع من قبل مسؤولين آخرين ممن ما زالوا يتربعون فوق نفس منصة القاده التي هبط عنها آمر الأمن المستقيل . نعم لقد إستقال دحلان ففاز بغنائمه...!