كل المؤشرات والمعطيات والتصريحات والأجندات السياسية الإسرائيلية لا تبشر بأفق سياسي جديد في المشهد، بل العكس هو المنتظر، فالمؤشرات الانتخابية مثلا تتوقع تشكيلة حكومية إسرائيلية اشد يمينية وتطرفا، وقد يكون فيها زعيم"البيت اليهودي" نفتالي بينيت الذي يشار له انه الأشد تطرفا وعنصرية وصهيونية من كافة القادة والزعماء الإسرائيليين في تاريخ تلك الدولة، تصوروا...!، هذا البينيت أكثر تطرفا من بيغن أو شارون أو نتنياهو أو ليبرمان، مع أنهم كلهم يتغذون من ذات المستنقع الصهيوني، لذلك ليس من المنتظر أن تتطور الأمور باتجاه تسوية سياسية مثلا، وحينما يغيب صهيونيا منطق السلام والتعايش، ليحل محله تماما برنامج الاستيطان والتجريف والتهجير والتهويد، فإنما ينطوي ذلك على بعد واحد فقط، هو البعد الحربي التطهيري الصهيوني، فالاحتلال سيواصل حروبه في فلسطين والمنطقة في العام /2013، هكذا هي المعطيات والمؤشرات. غير أن الحرب الأوسع والأخطر وهي الحرب المفتوحة دائما تجري على الأرض الفلسطينية، حيث تواصل دولة الاحتلال سياسات التطهير العرقي في القدس والضفة، في سياق حرب وجودية بالنسبة لهم، فهم يجمعون على أن التهديد الوجودي الفلسطيني هو الأخطر، لذلك يجمعون على سلب وتهويد واستعمار الأرض وإفراغها من اكبر عدد من أهلها، بهدف تدمير مقومات الصمود والبقاء على الأرض، فهاهو نتنياهو يتحدى الفلسطينيين والعرب والعالم بطوفان استيطاني في القدس والضفة، ويؤكد مواصلة الاستيطان في القدس، زاعماً "أن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل"، مضيفا:"نحن موجودون هنا في القدس ليس منذ 25 عاما، وإنما منذ 3000 عام، ونحن موجودون في البلاد قرابة 4000 عام، ولدينا إرادة قومية قوية وصلبة ووعي تاريخي متواصل، وعظمة نفسية لشعب كافح من أجل وطنه ويعرف كيف يبقي دولته في الوجود 16/12/2012"، مردفا: "بالأمس أشعلت شمعة ثامنة لعيد حانوكا (عيد الأنوار اليهودي)، في أقرب مكان للموقع الذي جرت فيه معجزة جرة الزيت، وقد لمست الحائط وقلت هناك وأكرر القول اليوم إن الحائط المبكى (البراق) ليس أرضا محتلة"، مؤكدا:"أن حائط المبكى لنا، وهو يرمز إلى صخرة الأساس لوجودنا منذ آلاف السنين، وسنقف بصلابة أمام جميع أولئك الذين يريدون طردنا من هنا، ودولة إسرائيل والقدس والحائط المبكى ستبقى بأيدينا إلى الأبد"، وبعد أيام يذهب نتنياهو في إطار حملته الانتخابية إلى شمال الضفة الغربية، إلى مستعمرة وجامعة ارئيل ليعلن:"أن مدينة أريئيل ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية الى الأبد-: 08/01/2013"، ويواصل نتنياهو تصعيده ضد الفلسطينيين فيزعم:"إن الرئيس محمود عباس تجاهل جميع المحاولات لاستئناف عملية التفاوض الإسرائيلية الفلسطينية ووضع شروطا مسبقة تعجيزية"، داعيا الرئيس عباس للشروع فورا في مفاوضات بدون شروط مسبقة بهدف التوصل إلى اتفاق تعترف إسرائيل بموجبه ب"دولة فلسطينية" مقابل اعتراف فلسطيني ب"دولة يهودية"، والمسالة ليست فردية، فقد طالب أربعة من مرشحي "الليكود بيتينو" البارزين، الاثنين-:1/01/2013 -، في مناظرة سياسية نظمتها حركة "نساء بالأخضر" اليمينية، ب"فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية"، وهم وزير الإعلام والدعاية الإسرائيلي، يولي إدلشتاين، ورئيس الائتلاف الحكومي زئيف إلكين، وعضو الكنيست يريف لفين، والمرشح موشيه فيغلين زعيم مجموعة "القيادة اليهودية" داخل الليكود، بل أن أفصح الناشط اليميني موشيه فيغلين المرشح عن حزب الليكود للكنيست المقبلة في مهرجان انتخابي عن اقتراح مضمونه "دفع مبلغ نصف مليون دولار لكل عائلة فلسطينية في الضفة المحتلة إذا وافقت على هجرة المناطق طوعا". إلى ذلك، فان العين الصهيونية لا تنام، فهناك عين صهيونية على الجنوب، على ما يجري في مصر وغزة، تتابع وتترصد، بينما العين الأخرى تتابع ما يجري في الشمال، بل إن سلاح الجو الإسرائيلي ينظر إلى العام الجديد بعيون بعيدة عن قطاع غزة ويركز على حزب الله، وامتلاكه صواريخ باليستية إستراتيجية تهدد إسرائيل، وبعض التقديرات العسكرية الإسرائيلية تتوقع حربا على مستوى إقليمي بذريعة الأسلحة الكيماوية السورية، التي باتت ذريعة صريحة كما"أسلحة التدمير الشامل العراقية" للتحريض على شن حرب دولية على سورية. فالأجندة السياسية الإستراتيجية الصهيونية ستكون أجندة حربية بامتياز، إن على الأرض المحتلة هناك في فلسطين، أو على مستوى التدخلات المختلفة في سورية والمناطق الأخرى، ويبقى أن لا تترك الساحة والمساحة ل"إسرائيل" كي تلعب كما تشاء، فالأنظار الفلسطينية تتطلع في العام 2013 إلى تحركات وتدخلات وادوار عربية تخلخل هذه المعادلة الصهيونية...!.