أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي جورج بوش الأخيرة التي دعا فيها إلى منح إستراتيجية الأمن في العراق الفرصة لإثبات نجاحها انتقاداتِ الديمقراطيين في الكونجرس الذين طالبوا في المقابل بإنهاء الحرب والتوقف عن تمويلها وإعادة القوات الأمريكية. وكان بوش قد صرح يوم الثلاثاء الماضي في خطابٍ ألقاه في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو أنَّه ينبغي انتظار الاطلاع على مستجدات إستراتيجية الأمن في العراق والتي سيرفعها الجنرال ديفيد بتريوس- قائد قوات الاحتلال الأمريكية في العراق- إلى الكونجرس بشأن التقدم في حرب العراق وأثر زيادة القوات وفق إستراتيجية بوش الجديدة في العراق التي أعلنها في فبراير الماضي. وقوبلت دعوة بوش إلى الانتظار والصبر بانتقادٍ كبيرٍ من الديمقراطيين الذين دَعَوا إلى إنهاء الحرب والبدء في الانسحاب من العراق وإعادة القوات الأمريكية حيث قال النائب الديمقراطي دينيس كوسينيتش إن الرئيس طالب بوقت إضافي لإستراتيجيته الخاصة بالعراق.. وقتًا لماذا؟! كي يقوم بخصخصة نفط العراق؟! وقتًا كي يغيِّر القضية بهجوم على إيران؟! إنَّ الكونجرس يجب عليه أن يتصرف لإنهاء هذه الحرب وأن يُنهيها الآن. وأضاف كوسينيتش محدِّدًا بعض الإجراءات اللازمة للتعامل مع الموقف الراهن في العراق أنه يجب علينا أن نقول لبوش لا في أي تمويل إضافي.. لا يوجد تشريع مطلوب ولا تصويت مطلوب.. الشيء الوحيد المطلوب هو الأمانة والنزاهة والرغبة في إنهاء الحرب. وأوضح كوسينيتش أن هذه الحرب مبنية على الأكاذيب مضيفًا أنَّ الرئيس ونائبه ريتشارد تشيني "لا يتمتعان بأية مصداقية من أي نوع في الأمور المرتبطة بدفاعنا القومي". وعن الزيادة الأخيرة للقوات الأمريكية في العراق قال كوسينيتش : لقد أرسلوا أكثر من 3600 من رجالنا ونسائنا الشجعان إلى حتفهم.. إنهم مسئولون عن خلق الظروف التي قادت إلى وفاة ما يُقدَّر بمليون عراقي بريء. وأشار كوسينيتش إلى أنَّ إنفاق إدارة بوش الابن على العراق يمكن أنْ يتجاوز تريليون دولار كما أشار إلى أنَّ الولاياتالمتحدة لديها ثلاث حاملات طائرات في الخليج، والتي اعتبرها موجودةً في الخليج من أجل الإعداد لشنِّ هجوم على إيران. ودعا كوسينيتش الكونجرس الأمريكي إلى الاستيقاظ وإخبار الحقيقة للشعب الأمريكي مضيفًا لسنا مضطَّرِّين إلى تمويل الحرب ولدينا الأموال لإعادة القوات إلى الوطن الأمر لا يتطلب تصويتًا إنَّه يتطلب التصميم والحقيقة. من جانبه وتعليقًا على خطاب بوش اتهم عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي السيناتور روس فينجولد في بيانٍ له سياسةَ بوش في العراق بأنَّها تواجِهُ فشلاً بعد آخر. وقال فينجولد- الذي يمثِّل ولاية ويسكنسون في مجلس الشيوخ- في بيانه إنَّ قرار الرئيس بتصعيد هذا الخطأ قادَ إلى المزيد من عدم الاستقرار.. المزيد من العنف.. والمزيد من حالات الموت التي لا لزوم لها مضيفا أنَه من المشجع أنْ نرى بعض الجمهوريين يصِلون أخيرًا إلى حقيقة أنَّ مسار الرئيس في العراق قد فشل.. نحن في حاجة إلى إقرار تشريع حاسم يُنهي تورُّطَنا العسكري في هذه الحرب الأهلية العراقية؛ حتى نستطيع إعادة التركيز على الحرب العالمية ضد القاعدة. على الصعيد الميداني تُواصل قوات الاحتلال الأمريكية والقوات العراقية عملياتها العسكرية والأمنية في أنحاء عدة من العراق، بينما استمرت الهجمات المتفرقة في حصد أرواح المزيد من المواطنين العراقيين بسبب الفوضى الأمنية التي تسبَّب فيها كلٌّ من الاحتلال وحكومة الفشل والطائفية التي يقودها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وذكر بيانٌ لجيش الاحتلال أن قوةً أمريكيةً- عراقيةً مشتركةً شنَّت عمليةً في محيط قرية شيروين بمساعدة سلاح الجو الذي ألقى ثماني قنابل ضخمة دمَّرت جسرًا زعم الاحتلال أن المسلَّحين يستخدمونه . من جهة أخرى قال جيش الاحتلال إن 11 شخصًا على الأقل قتلوا عندما فجَّر مسلَّحون منزلاً في منطقة الكرمة قرب مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار غرب البلاد. وقال متحدث عسكري أمريكي إن مسلحين قاموا بما وصفه عمليةً انتقاميةً من أصحاب المنزل الذين يعتقد صلتهم بقوات الأمن المحلية متهمًا المسلَّحين بإرغام سكان المنزل على البقاء داخله قبل أنْ يفجِّروه لينهار فوق رؤوسهم إلا أنَّ مصدرًا بالشرطة العراقية ذكر أنَّ المنزل يخصُّ أحد القضاة، وأنَّ عدد القتلى يصل إلى 25 من أقاربه وليس 11 كما ذكر الأمريكيون. كما أعلنت مصادر أمنية عراقية مقتل ثلاثة أشخاص في هجمات متفرقة أحدهم قائمقام مدينة سامراء بالوكالة، وفي بغداد والفلوجة والنجف قُتل ستةٌ من قوات الشرطة والأمن العراقية بينهم ضابط استخبارات وأصيب أربعة آخرون، وفي الإسكندرية قُتل ثلاثة أشخاص وأصيب 17 آخرون في هجومَيْن منفصلَيْن. من جانبها أعلنت وزارة الداخلية العراقية أنَّ الشرطة عثرت على 200 حزام ناسف وعبوات متفجرة على متن شاحنة أوقفت عند الحدود السورية- العراقية. وقالت الشرطة العراقية أيضًا إنَّها عثرت على جثث 70 شخصًا قُتلوا رميًا بالرصاص بعد تعذيبهم في بغداد وتكريت والحصوة خلال اليومَيْن الماضيَيْن، كما تسلم مستشفى الطب الشرعي في محافظة صلاح الدين من قوات الاحتلال الأمريكية 12 جثة لأشخاص مجهولي الهوية قُتلوا رميًا بالرصاص بعد تعرُّضهم جميعًا للتعذيب في محيط مدينة تكريت. على الصعيد السياسي العراقي ما تزال الخلافات والنقاشات محتدمةً بشأن القانون الجديد للنفط والغاز الذي تسعى الحكومة لتمريره في البرلمان، وفي هذا الإطار أعلن مسئولون في إقليم كردستان العراقي رفْضَ التعديلات التي أدخلها مجلس شورى الدولة على النسخة الأخيرة من المشروع مؤكدين أنَّهم سيعترضون عليها لدى مناقشتها في مجلس النواب. وقال وزير الموارد الطبيعية في حكومة الإقليم أشتي هورامي: إنَّ مجلس الشورى أجرى "تعديلات جوهرية" على قانون النفط، معتبرًا ذلك "انتقاصًا من صلاحيات الإقليم". وأضاف- خلال جلسة مشتركة بين المجلس الوطني لكردستان العراق والبرلمان العراقي- أنَّه تمَّ الاتفاق مع الحكومة المركزية على إرسال مسودة القانون مرفقةً بعدة ملاحق لكن لم يتم إعداد سوى ملحق توزيع العائدات. وأشار الوزير إلى أن هناك فقرةً أخرى أقرَّها مجلس الشورى وهي أن تكون صلاحية منح تراخيص التنقيب مركزيةً وقد وقَّعت حكومة الإقليم عقودًا للتنقيب والاستخراج مع شركات أجنبية وخصوصًا من كندا وتركيا والنرويج. وكان المسئولون الأكراد قد أعلنوا أنَّهم توصلوا إلى اتفاق مع بغداد يتسلَّمون بموجبه نسبة 17% من العائدات النفطية. من جانبه قال عضو مجلس النواب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان – بحسب وكالة الصحافة الفرنسية - إن مشروع القانون بهذه الصيغة لن يحصل على موافقة الأكراد في المجلس.