اتهم الرئيس السوداني عمر حسن البشير الولاياتالمتحدةالأمريكية بقيادة حملة تشويش كبيرة على بلاده في إطار ممارسة المزيد من الضغوط لقبول الخرطوم بما تريده الإدارة الأمريكية . وقال البشير -مخاطبا وفدا إعلاميا أميركيا يزور الخرطوم - إن السودان مستهدف بمؤامرة تقودها الولاياتالمتحدة ضمن الحملة التي تشنها على كثير من الدول التي تخطط لضربها. وأضاف البشير أن كل المشاكل التي يعاني منها السودان هي مشاكل مصنوعة خلقتها أجهزة المخابرات والمنظمات الغربية مشيرا إلى أن كل حركات التمرد التي تقود الحرب ضد حكوماتها في العالم تصنف بأنها تنظيمات إرهابية إلا في السودان حتى حركات المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي تصنف بأنها حركات إرهابية. وعلى سياق رد الفعل الدولي إزاء التلويح الأمريكي بفرض عقوبات جديدة على الخرطوم أعلنت كل من موسكو وبكين وجوهانسبرغ رفضهم لفرض هذه العقوبات الجديدة بشأن أزمة دارفور في الوقت الذي يستعد فيه مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس لصياغة مشروع قرار بهذا الشأن تتبناه لندنوواشنطن. ووجهت حكومات هذه الدول انتقاداتٍ حادَّةً إلى المحاولات الأمريكية والبريطانية لفرض هذه العقوبات من خلال مجلس الأمن الدولي بسبب غياب أي مبرر لفرض تلك العقوبات. وقال السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين إنه سيكون أمرا غريبا جدا فرض عقوبات جديدة بعد فترة قصيرة من قبول الحكومة السودانية على المرحلة الثانية من خطة الدعم الأممي لقوات الاتحاد الأفريقي في دارفور. وأضاف تشوركين أنه بعد أن انتظرنا طويلا وصلنا إلى تطور إيجابي في الحوار بين الأممالمتحدةوالخرطوم والعودة فجأة إلى عقوبات ليس عملا جيدا. وفي نفس السياق عبر ليو زهينمين مساعد السفير الصيني لدى المنظمة الدولية عن نفس الموقف الروسي قائلا إنه من الأفضل عدم السير في هذا الاتجاه مضيفا أن أطرافا عدة التزمت بحوار مع الخرطوم وتم التوصل لاتفاق على عملية دعم أممي للقوة الأفريقية. أما سفير جنوب أفريقيا دوميساني كومالو فعبر عن دهشته من أن يسعى الغربيون لفرض عقوبات في الوقت الذي أحرز فيه السودان تقدما كبيرا حول طلب الأممالمتحدة. وكانت السودان قد وافقت على تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة الدولية التي تقضي بنشر 21 ألف جندي وشرطي دوليين في الإقليم لدعم قوات الاتحاد الإفريقي العاملة هناك في مجال حفظ السلام. وتم تنفيذ المرحلة الأولى التي تضمَّنت نشْرَ خبراء ومعدَّات وتقديم الدعم اللوجيستي إلى القوات الإفريقية. وتنص المرحلة الثانية التي تم الاتفاق على تنفيذها على نشر 3 آلاف جندي وشرطي بينما تتضمن المرحلة الثالثة نشْرَ 17 ألفًا من الجنود ورجال الشرطة وقد تم الاتفاق على أن تكون قيادة القوات المشتركة من نصيب الاتحاد الإفريقي لا الأممالمتحدة. ويطالب السودان كلاًّ من الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالمساعدة تقديم التمويل لقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي الموجودة بالفعل في دارفور بدلاً من الضغط لقبول نشر قوة حفظ سلام أكبر تابعة للأمم المتحدة. وتأتي تلك التطورات بعد تصريحات رئيس الوزراء البريطاني توني بلير التي قال فيها إن بلاده وواشنطن ستبدآن اليوم العمل على إصدار قرار من الأممالمتحدة بشأن دارفور. وزعم بلير أن القرار يستهدف الأشخاص الذين اعتبرهم من المتورطين في أعمال العنف وأنه يسمح بمراقبة جوية أفضل للإقليم. واعتبر بلير أن ما يحدث بالسودان غير مقبول ومرعب ويشكل فضيحة للمجتمع الدولي متناسيا ما تقوم به قواته في كل من العراق وأفغانستان حيث شنت بريطانيا بالتحالف مع أمريكا عدوانا عسكريا غاشما على العراق وعن غير موافقة من المجتمع الدولي . وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد أطلق تحذيرا جديدا لحكومة السودان مؤكدا أن أمامها ما وصفه بالفرصة أخيرة لاتخاذ خطوات لوقف ما سماها الإبادة في دارفور وإلا فإنه سيقرر فرض عقوبات جديدة عليها. وقال بوش - خلال خطاب له في واشنطن- إنه قرر إعطاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مزيدا من الوقت لمواصلة جهوده الدبلوماسية مع الرئيس البشير لكنه أوضح أن صبره محدود. وأثار بوش احتمال فرض منطقة حظر طيران دولية بهدف منع الطائرات العسكرية السودانية من التحليق فوق دارفور فيما زعم أن السودانيين قاموا بطلاء الطائرات العسكرية باللون الأبيض لكي تتشابه مع طائرات الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي. وكان السودان قد نفى صحة ما جاء في تقرير سري للأمم المتحدة وضعته لجنة من خمسة خبراء ادعى أن الخرطوم تستخدم طائرات مطلية باللون الأبيض لكي تبدو مثل طائرات المنظمة الدولية لقصف ومراقبة قرى بدارفور. من جانب آخر وقعت الخرطوم وحركة تحرير السودان على اتفاق بينهما لتفعيل اتفاقية أبوجا. وشدد الطرفان في الاتفاقية على أهمية الحوار بين أهالي دارفور أنفسهم وضرورة مباشرته في أقرب وقت واستعجال نزع سلاح الجنجويد. كما حثت الاتفاقية الاتحاد الأفريقي لتنفيذ ما يليه من اتفاق أبوجا كما طالبت المجتمع الدولي بالإيفاء بتعهداته حيال ذلك الاتفاق. وقرر الطرفان أيضا تشكيل لجان مشتركة بينهما لمتابعة تنفيذ نصوص الاتفاق. ويأتي التهديد الأمريكي الجديد في أعقاب زيارة قام بها جون نيجروبونتي نائب وزيرة الخارجية الأمريكية إلى الخرطوم منذ يومين . وكان نيجروبونتي قد وصف موافقة السودان على نشر ثلاثة آلاف شخص من الأممالمتحدة لدعم القوة الأفريقية المنتشرة في دارفور بأنه شيء هام. لكن نيغروبونتي سارع إلى المطالبة بنشر قوات أكبر بكثير لحفظ السلام بحيث يصل العدد الإجمالي للقوة هناك إلى 20 ألفا. فيما وصف وزير الخارجية السوداني لام أكول موافقة حكومة بلاده على المرحلة الثانية من الخطة الأممية بأنها انفراج كبير على الطريق لحل أزمة دارفور، مؤكدا أنها تثبت أن الحكومة جادة للوصول إلى هذا الحل. وقال أكول إن الثلاثة آلاف جندي الذين سيتم نشرهم في دافور يمثلون العدد الكلي للقوة الأممية مضيفا أن المنظمة الدولية لن تقدم في المرحلة النهائية سوى دعم لوجستي للقوة الأفريقية.