توريد 67 ألف طن قمح إلى شون وصوامع الوادي الجديد منذ بداية الموسم    اندلاع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل أبيب    عمرو أديب: فرق الدوري الإنجليزي مبترحمش.. الصناعة بتجيب فلوس مش عزبة زي عندنا    حبس موظف بمحكمة أسيوط لحيازته كنزا أثريا في شقته    المخرج حسام جمال: "إلى ريما" مأخوذ عن رواية في قلبي انثي عبرية"    محافظ كفر الشيخ: تقديم خدمات طبية ل645 مواطنا بالقافلة العلاجية المجانية بمطوبس    مصر تواصل الجسر الجوى لإسقاط المساعدات على شمال غزة    تعليق ناري من أحمد موسى على مشاهد اعتقالات الطلاب في أمريكا    شرايين الحياة إلى سيناء    لميس الحديدي: رئيسة جامعة كولومبيا المصرية تواجه مصيرا صعبا    "مستحملش كلام أبوه".. تفاصيل سقوط شاب من أعلى منزل بالطالبية    جريمة طفل شبرا تكشف المسكوت عنه في الدارك ويب الجزء المظلم من الإنترنت    قطارات السكة الحديد تغطي سيناء من القنطرة إلى بئر العبد.. خريطة المحطات    رامي جمال يحتفل بتصدر أغنية «بيكلموني» التريند في 3 دول عربية    عزيز الشافعي عن «أنا غلطان»: قصتها مبنية على تجربتي الشخصية (فيديو)    حزب أبناء مصر يدشن الجمعية العمومية.. ويجدد الثقة للمهندس مدحت بركات    "اشتغلت مديرة أعمالي لمدة 24 ساعة".. تامر حسني يتحدث عن تجربة ابنته تاليا    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    افتتاح المدينة الطبية بجامعة عين شمس 2025    غدا.. إعادة إجراءات محاكمة متهم في قضية "رشوة آثار إمبابة"    80 شاحنة من المساعدات الإنسانية تعبر من رفح إلى فلسطين (فيديو)    ما هي مواعيد غلق المحال والكافيهات بعد تطبيق التوقيت الصيفي؟    صور.. إعلان نتائج مهرجان سيناء أولا لجامعات القناة    سمير فرج: مصر خاضت 4 معارك لتحرير سيناء.. آخرها من عامين    حبست زوجها وقدّمت تنازلات للفن وتصدرت التريند.. ما لا تعرفة عن ميار الببلاوي    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    «الحياة اليوم» يرصد حفل «حياة كريمة» لدعم الأسر الأولى بالرعاية في الغربية    أمل السيد.. حكاية مؤسِّسة أول مبادرة نسائية لتمكين المرأة البدوية في مطروح    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    طاقة نارية.. خبيرة أبراج تحذر أصحاب برج الأسد من هذا القرار    أنس جابر تواصل تألقها وتتأهل لثمن نهائي بطولة مدريد للتنس    بالصور.. مجموعة لأبرز السيارات النادرة بمئوية نادى السيارات والرحلات المصري    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    عاجل.. وزير الخارجية الأميركي يتوجه إلى السعودية والأردن وإسرائيل مطلع الأسبوع    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة| الأنابيب الكيني يفوز على مايو كاني الكاميروني    ليفربول يُعوّض فينورد الهولندي 11 مليون يورو بعد اتفاقه مع المدرب الجديد    النيابة تطلب تحريات إصابة سيدة إثر احتراق مسكنها في الإسكندرية    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    بلينكن في الصين.. ملفات شائكة تعكر صفو العلاقات بين واشنطن وبكين    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    ضبط عاطل يُنقب عن الآثار في الزيتون    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    عمرو صبحي يكتب: نصائح لتفادي خوف المطبات الجوية اثناء السفر    أستاذ «اقتصاديات الصحة»: مصر خالية من شلل الأطفال بفضل حملات التطعيمات المستمرة    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا دعاة الديمقراطية..
نشر في الشعب يوم 23 - 03 - 2007


بقلم: على القماش
رغم أن التعديلات الدستورية الأخيرة لم تتناول طرح تعديل المادة الثانية من الدستور والتى تنص على أن الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع إلا أن مجموعة من أصحاب الآراء السياسية أصدروا بياناً يطالبون فيه رئيس الجمهورية على تعديل المادة المذكورة
والسؤال هو لماذا لجأ هؤلاء إلى رئيس الجمهورية ولم يلجأوا إلى الشعب الحكم الأول والأخير فى التعديلات الدستورية وهم الذين يتشدقون بالديموقراطية ويطالبون فى كثير من الآراء أن الشعب هو الفيصل.. وفضلاً عن هذا فإن الشعب هو بالفعل الحكم فى أى تعديل دستورى فى أى بلد خاصة ممن ينادون بالديموقراطية..
فماذا لو تم طرح تعديل هذه المادة فى استفتاء شعبى ورفضت الأغلبية العظمى أى تعديل لهذه المادة وأصرت على الإبقاء بأن الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع؟!.. هل سيعيب هؤلاء على الديموقراطية ويخرجون عليها وهم الذين يوصمون مخالفيهم بهذه الصفة؟!
إن الخطأ الأول لمؤيدى تغيير نص المادة الثانية بعدم قصر الشريعة الاسلامية كمصدر رئيسى للتشريع إنهم يخلطون بين تيار الإخوان المسلمين وبين عامة الشعب ويظنون أن بقاء هذه المادة هو نصر للإخوان فيزيدوا الإخوان نصراً من حيث لا يدرون!
هذا المفهوم خاطئ من الأساس لأن غالبية الشعب يتمسك بهذه المادة بالعاطفة الدينية الطبيعية وليس انتصاراً منه لتيار الإخوان أو غيره.. والواقع العملى أن غالبية الشعب بعيد عن التيارات السياسية على مختلف أطيافها نتيجة أبعاد الحكومة له بطرق عديدة لضمان بقاء التزوير والانفراد بالسلطة.. وحتى كثير من تأييد الإخوان يجئ من باب العناد للفساد والقمع الحكومى!
الأمر الثانى أن ثقافة غالبية الشعب المصرى غير مؤهلة لمثل هذا التفكير- على الأقل فى الوقت الحالى- ولم ولن يفلح معها مقالات أو حتى ظن البعض التغيير بنشر الابتذال.. بل نخشى أن يرتد ذلك برد فعل عكسى يزيد من التعصب والتطرف
الأمر الثالث إن إثارة مناقشات هذه المادة أشبه بايقاظ الفتنة.. فالحكومة لا تلتزم حرفياً بتطبيق نصوص الشريعة الاسلامية طوال السنوات المكتوب فيها المادة بالدستور.. فقط الحكومة ناورت مرات عديدة ببعض مظاهر التمسك بالشريعة الاسلامية وادعت التمسك بها كما حدث فى أزمة تصريحات وزير الثقافة وكانت المناورات بغرض عدم سحب الإخوان للبساط من الشارع.. كما استفادت الحكومة من نصوص الشريعة باستخدام المذاهب التى أجازت "الخلع"!
الأمر الرابع: إن الشريعة الاسلامية تقر بمبادئ تعتقد أنه لا خلاف عليها مثل الشورى والمساواة والعدل واتقان العمل ومحاربة الظلم والفساد وتولى الأصلح وتقويم المخطئ وغيرها من المعانى السامية والتى تصب فى أن الديموقراطية جوهر الشريعة الاسلامية وليس الاستبداد.. إذ لا يعقل الاستبداد مع مثل هذه المبادئ.. فهل أخذت الحكومة بها منذ وضع مادة الشريعة بالدستور؟! لم يحدث وإلا كان حالنا شأن آخر!
الأمر الخامس: إن المطالبة بوجود مصادر أخرى إضافة للشريعة الاسلامية بالدستور موجود بالفعل وهو أمر ينهى الأزمة.. إذ أن كثير من نصوص الدستور تؤكد على الحفاظ على التراث والالتزام بالقيم والتكافل وحق الفرد وغيرها من المعانى (مع ملاحظة أن جوهر الشريعة الاسلامية أيضاً لا نختلف على هذه المعانى)..
إن أنصار إلغاء المادة الثانية من الدستور يسوقون مزاعم لمطالبتهم بالغاء هذه المادة فهم يزعمون أن التمسك بمادة الشريعة الاسلامية بالدستور تعنى التزام المجتمع بالطاعة العمياء للدولة حتى لو كانت فاسدة رغم أن المتأمل فى جوهر الشريعة الاسلامية بحق وفهم صحيح يجد غير ذلك.. وقول أول خليفة فى الاسلام- أبو بكر الصديق رضى الله عنه- معروف وهو "أطيعونى ما أطعت الله فيكم فان عصيت فلا طاعة لى عليكم".. فالحاكم لا يتحدث باسم الله بل يطيع الله فقط وهو فى تفكير المسلم العادى وإيمانه أنه- جل شأنه- خالق الكون وعالم بسبل إصلاحه ولا يريد فساداً فى الأرض
ويقولون إن القرآن لم يتحدث عن الدولة بالمعنى المؤسسى وهو أمر طبيعى نرى أن الحديث الشريف "أنتم أعلم بشئون دنياكم" أوضحه.. وهذا لا يتعارض بأن القرآن الكريم والشريعة الاسلامية بوجه عام أعطت أسس تنهض بأى دولة مؤسسية إذا تمسكت بها وأبرزها المساواة والعدل ونبذ الظلم والفساد وتعتقد أن أى نظام مؤسسى ناجح يقوم على هذه الأسس.
ويقولون ان الحكومات التى تدعى التمسك بالشريعة ما هى إلا تتخذ مظهر للاستبداد باسم الدين.. ولكن أليس المستبد هو المستبد سواء كان باسم الدين أو بجحافل الأمن المركزى وقمع المظاهرات وتزوير الانتخابات والطاعة العمياء بلا أدنى مناقشة!.. ونحن ضد هذا أو ذاك
إن الواقع العملى هو أن الأغلبية العظمى من الشعب المصرى يدينون بالاسلام.. وإذا حدث استفتاء نعتقد أن هذه الغالبية ستؤيد التمسك بالشريعة الاسلامية كمصدر رئيسى للتشريع- وهذا لا يعنى بحال أن الغالبية متعصبين- ولكن ربما تخشى الحكومة من هذا التعديل لأن الاستفتاء يكون على "حزمة" التعديلات وليس على مادة واحدة وبذلك تضيع منها ما تريد تمريره ولن ينفعها أصحاب البيان المطالب بتعديل المادة!!
ومرة أخرى نقول أن التأمل فى النص الدستورى بأن الشريعة الاسلامية كمصدر رئيسى للتشريع لا يعنى عدم وجود مصادر أخرى فكلمة (كمصدر) ذاتها تعنى وجود مصادر بجانبها..
والنص على شريعة دين أغلبية البلد أمر موجود فالعديد من البلاد بها أقلية إسلامية فهل ذكر أحد هناك وجوب أن تكون الشريعة الاسلامية مصدر رئيسى للتشريع؟! هناك دول غير إسلامية مثل الفاتيكان.. وفى فرنسا منعوا الحجاب وذكر رجال الدين فى مصر أن هذا جائز لأن فرنسا ليست دولة بها أغلبية مسلمة كما أن هناك أحزاب ليست مسيحية فحسب بل مذهبية مسيحية مثل البروتستانتية أو الكاثولوكية.. وهناك أحزاب دينية فى اسرائيل.. ولكن الأمر لدينا أبسط من هذا كله بعدم الخلط بين الدين والسياسة بصورة تؤدى إلى قصر استغلال الدين على فئة فإذا ما ارتكبت أخطاء يتصور الأمر كأن الخطأ فى الدين (وفى الوقت نفسه تكسب هذه الفئة تعاطف شعبى كبير تحت ستار الدين!!).. وقد نصت التعديلات الأخيرة على هذا المعنى بمنع تأسيس حزب على أساس دينى فقط فلماذا يريد البعض أن يتسع الانسحاب إلى كل ما هو دينى فيلغى دين الأغلبية كمصدر للتشريع؟!
نقطة أخرى وهى تخوف البعض بأن مادة الشريعة الاسلامية تضر بالأخوة الأقباط.. ورغم أن الواقع العملى طوال السنوات المذكور فيها النص بالدستور لم يحدث أى ضرر للأخوة الأقباط إلا أنه يضاف إلى هذا هو أن تطبيق نص الشريعة الاسلامية لا ينسحب بحال على الشعائر الدينية لغير المسلمين.. وطوال العهود الاسلامية كان المسيحيين واليهود يقيمون شعائرهم بشكل طبيعى.. بل أن القارئ للتاريخ يجد حتى فى الحروب الاسلامية الأولى النهى عن قتل متعبد أو هدم دور عبادة والمتعبد فى هذه الحالة هو مسيحى أو يهودى ودور العبادة هو صومعة أو كنيسة أو كنيس (المعبد اليهودى).. ولا يعقل أن ينهى الاسلام أصحاب الديانات الاخرى عن إقامة شعائرهم وإجبارهم على الدخول فى الاسلام "أأنت تكره الناس أن يكونوا مؤمنين".. "لا اكراه فى الدين" ولا يعقل أن يكون الاسلام دخل البلاد خاصة التى بها أغلبية غير مسلمة مثل الصين والهند وغيرها إلا بتقديم القدوة فى المعاملات وليس بقوة السيف كما يزعم البعض.. وفى مصر تعايش المسلمون والأقباط ثقافياً وحضارياً لقرون طويلة قبل الهجمة الأمريكية والعلمانية الأخيرة.. وإذا كانت الشعائر الدينية مكفولة لغير المسلمين سواء من قبل نصوص الشريعة الاسلامية أو أى دستور مدنى فإن ما يتبقى هو المبادئ.. وللعلم إن معظم القيم السامية وفى جميع الديانات بل وفى أصحاب الفلسفات التى يتخذها الذين لا يدينون بالأديان السماوية مثل أتباع كونفشيوس (بوذا) أو زرادشت كلها تدعو للفضيلة وتنهى عن الفساد!.
كما إن الاسلام يجعل الديانات السماوية الأخرى كأساس من الدين "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله" أى أن المسلمين يؤمنون بكل الأنبياء بلا تفرقة وكل الكتب السماوية بنص القرآن الكريم..
فكل الأديان تدعو إلى القيم وكم نتمنى بدلاً من الانشغال بتعديل المادة المذكورة الانشغال بأخذ من القيم الدينية ما ينفع فى بناء روح وأخلاق الإنسان المصرى وبناء أمته..
مرة أخرى إلى هؤلاء لا تنزعجوا من الإبقاء على المادة الخاصة بالشريعة خاصة أن الواقع العملى أكد عدم التطبيق... تماماً كما ينص الدستور على أن الشعب المصرى جزء من الأمة العربية بينما التطبيق والواقع العملى هو الانسلاخ بفضل الحكومة من الأمة العربية والانضمام للواء الحكومات الأمريكية بإثارة "فزاعة" نماذج إيرن والسودان وأفغانستان رغم وجود فارق كبير فى الظروف والمقومات..
أما الملاحظة الطريفة فإن كثير من التعديلات الدستورية المقترحة تأتى من "أجندة" أمريكية وأبرزها إلغاء الاشتراكية وانتهاج النظام الرأسمالى وكذلك فرض نسبة للمرأة حتى لو كان هذا بالإخلال بالمساواة التى يحددها الصندوق الانتخابى وحده.. إلا أن اقتراحات كتيبة تغيير مادة الشريعة الاسلامية ضمت بجانب اللواء الأمريكى الجناح اليسارى.. فشكراً لهذه المادة التى جمعت المتناقضين ولو لمرة واحدة وجعلت للجناح اليسارى دور فى اقتراحات تعديل الدستور!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.