قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها السنوي أن على الحكومات الغربية أن تعترف بأن الإسلام السياسي ربما يمثل اختيار الأغلبية، شرط الإصرار على أن تلتزم الحكومات الإسلامية بأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان. واعتبرت المنظمة في"التقرير العالمي 2012 " ان "بإمكان المجتمع الدولي أن يلعب دوراً هاماً في مساندة تطور نظم ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبدلاً من رفض صعود الإسلام السياسي – كما حدث في بعض الحالات في الماضي – على الحكومات الديمقراطية أن تعترف بأن الإسلام السياسي ربما يمثل اختيار الأغلبية". وقالت المنظمة ان السياسة الغربية كانت منذ فترات طويلة تجاه الدول العربية هي سياسة احتواء، مع دعم مجموعة من المستبدين العرب من أجل ضمان "الاستقرار" في المنطقة، حتى مع انتشار الديمقراطية في مناطق العالم الأخرى. ولاحظت أن الكثير من الحكومات الديمقراطية التزمت فكرة "الاستثناء العربي"؛ خوفاً من الإسلام السياسي ، مع الحاجة لاستمرار تدفق النفط، وبناءً على سياسة قائمة منذ زمن طويل أساسها الاعتماد على الحُكام المستبدين من أجل الحفاظ على السلام العربي الإسرائيلي ولمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا. وقال كينيث روث المدير التنفيذي ل هيومن رايتس ووتش "يظهر من أحداث العام الماضي أن الصمت الإجباري الذي اضطرت إليه شعوب عاشت في نظم استبدادية يجب ألا يُرى أبداً على أنه مساندة شعبية لهذه النظم"، مضيفاً ان "الوقت حان لإنهاء "الاستثناء العربي" والاعتراف بأن شعوب المنطقة تستحق أن تُحترم حقوقها وحرياتها مثل كل الشعوب الأخرى". والتقرير الذي جاء في 676 صفحة، هو سجل هيومن رايتس ووتش السنوي بممارسات حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم، ويلخص قضايا حقوق الإنسان الأساسية في أكثر من 90 دولة، ويعكس العمل البحثي الموسع الذي أجراه العاملون في المنظمة خلال عام 2011. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الدعم القوي للتظاهرات السلمية ومعارضي الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو أفضل سبيل للضغط من أجل كف النظم المستبدة عن الانتهاكات ولزيادة هامش الحريات الأساسية، ورأت ان الإصرار على احترام حقوق الإنسان هو أيضاً أفضل سبيل لمساعدة الحركات الشعبية على تفادي التعصب وانعدام التسامح وعدم احترام القانون والانتقام، وهي مشكلات من شأنها أن تهدد أي ثورة من الداخل. وقال روث، "تستحق الشعوب التي تحرك الربيع العربي دعماً دولياً قوياً حتى تنال حقوقها، ولكي تبني نظماً ديمقراطية حقيقية. يجب ألاّ يقف الولاء للأصدقاء المستبدين عقبة في طريق التحيز للمصلحين الديمقراطيين". وأضاف أن "الضغط الدولي مطلوب لضمان توفير الحكومات الجديدة لحقوق الإنسان وسيادة القانون للجميع، خاصة النساء والأقليات". وإذ لاحظت أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وقفا بقوة ضد القمع في ليبيا وسوريا، إلاّ أنهما كان بطيئين في الضغط على الرئيس المصري حسني مبارك، باعتبار أنه دعامة قوية ل"استقرار" المنطقة حتى اتضح أن مصيره حتمي. وأشارت إلى أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي أخفقا في معارضة منح الحصانة للرئيس اليمني على عبد الله صالح، عن مسؤوليته عن قتل المتظاهرين لأنهما يعتبرانه خط دفاع ضد القاعدة في الجزيرة العربية، ولم يمارسا ضغطاً حقيقياً على حكومة البحرين التي سحقت حركتها الديمقراطية، خوفاً من المساس بحساسيات تخص السعودية، وخوفاً من النفوذ الإيراني، ورغبة في حماية القاعدة البحرية الأميركية في البحرين. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحكومات الانتقالية في تونس وليبيا ومصر تحتاج للمساعدة أثناء مراجعتها لقوانينها القمعية، وفي بناء مؤسسات حاكمة تركها المستبدون عن عمد ضعيفة واهنة، وتحتاج قبل أي شيء إلى مؤسسات عدالة وطنية كي يصبح لقوات الأمن والمسؤولين الحكوميين سبباً معقولاً للاعتقاد بأن إساءتهم التصرف ستؤدي بهم إلى قاعات المحاكم. وقال روث إن "الحكومات التي تحترم الحقوق عليها دعم العدالة الدولية بغض النظر عن الاعتبارات السياسية"، مضيفاً ان "من المضلل الاعتقاد بأن السماح للدول بإخفاء انتهاكات الماضي وعدم التحقيق فيها سيؤدي إلى تفادي ظهور نظم مستبدة جديدة". وخلص إلى أنه "مع إحياء الذكرى الأولى للربيع العربي، علينا أن ننحاز بوضوح إلى حقوق الإنسان ومطامح الأفراد التي يعيقها حُكم الطغاة".