تعتبر مشكلة الديون في الولاياتالمتحدةالامريكية من أخطر المشكلات التي تهدد الدولة صاحبة اكبر اقتصاد في العالم. وقد حذر المحللين الاقتصاديين من أنه إذا لم يتم التوصل إلى حل رئيسي للمشكلة وتقليل هذه الديون، فإن الولاياتالمتحدة ينتظرها مستقبل صعب يهدد سطوة الدولار الأمريكي، مما سيؤدي الى انهيار القواعد الهشة للهيمنة الأمريكية. ورغم هذه التحذيات، إلا أن الواقع ينذر بتفاقم المشكلة، فسياسة الحرب المتنامية والتكاليف العسكرية الباهضة والتدخلات، وما إلى ذلك، لن تسمح بتقليل الديون في الولاياتالمتحدة. ولتبسيط المشكلة بشكل أفضل، فإن ان ديون الولاياتالمتحدة الحالية مرتفعة جدا لدرجة أن كل مواطن أمريكي، من صغيرهم إلى كبيرهم، مديون بأكثر من 000 50 دولار أمريكي. وسيكون على عاتق كل دافعي الضرائب الأمريكية أيضا حوالي 139،000 دولار من هذه الديون، وإذا استمر هذا النهج في امريكا دون إجراء أية تغييرات، فإن الولاياتالمتحدة سوف تضطر في عام 2020 لدفع 2 تريليون دولار لتسديد الديون. أحدث رقم للديون في مطلع 2019، كشفت وزارة الخزانة الأمريكية عن ارتفاع الدين الأمريكي إلى 974.21 تريليون دولار نهاية 2018. وقالت الوزارة في بيان إن الدين الأمريكي زاد أكثر من تريليوني دولار منذ تولي الرئيس دونالد ترامب مهام منصبه في البيت الأبيض. وصعد الدين الأمريكي بمعدل متسارع في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008 ،عندما وافق الكونغرس وإدارة الرئيس السابق باراك أوباما على تمويل التحفيز من أجل الحفاظ على أداء الاقتصاد. وإبان ترشحه، وعد ترامب بالتخلص من الدين الوطني، وقال لصحيفة واشنطن بوست في 2016 إنه يمكن أن يجعل الولاياتالمتحدة خالية من الديون على مدى ثماني سنوات. ووفقا لمكتب الميزانية في الكونغرس، بلغ إجمالي الدين العام 78 %من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في السنة المالية 2018، وهي أعلى نسبة منذ عام 1950. ويتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس، في حال عدم اتخاذ تغييرات جذرية، أن يرتفع الدين العام الأمريكي إلى 96 %من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028. ووفق بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، فإن 70 %من الدين العام مستحق لوكالات حكومية ومستثمرين محليين، في حين تمتلك كيانات أجنبية 30 %المتبقية. أمريكا تقترب من الهاوية مجلة "The American Conservative" الأمريكية حذرت فى مقال نشرته، من خطورة السياسة التى تتبعها الولاياتالمتحدة، والتى قد تتسبب فى انهيار اقتصادى كبير، وربما يصل لحد الإفلاس. ووصل عجز الميزانية الفيدرالية الأمريكية فى الوقت الحالى ل800 مليار دولار، ويقترب الدين القومى من 22 تريليون دولار، وهو ما يعتبر بحسب المجلة أكبر مبلغ من الديون الحكومية وهو ما يجعل أمريكا مهددة بشكل كبير بانهيار اقتصادى. ويرى الكثير من الاقتصاديين الأمريكيين فى واشنطن، استحالة إفلاس أمريكا، فمن الناحية النظرية تستطيع البلاد طباعة العديد من الدولارات لسداد ديونها، إلا أن التضخم الناجم عن الديون سيحرم الدولار من قيمته، الأمر الذى سيؤدى لإغراق السوق العالمى بالعملة الأمريكية. وأضافت المجلة بأنه عندما يتوقف العالم عن الاعتقاد بقدرة الولاياتالمتحدة على سداد ديونها، أو عندما تصبح أسعار الفائدة على الدين العام مرتفعة بشكل كبير، ستضطر واشنطن إلى خفض ميزانيتها بشكل كبير، الأمر الذى سيدفع الإمبراطورية نحو الانهيار. ويقوم منطق المحافظين الجدد على دور الولاياتالمتحدة فى إنقاذ العالم من الشر، وأن الديون هى الأمر الوحيد الذى من الممكن أن يشكل عائقا أمام الجيش الأمريكى، لذلك يخوضون حربا بتريليونات الدولارات لإعادة بناء الإنسانية على الصورة التى ترغب بها الولاياتالمتحدة. كيف توجه أمريكا الديون؟ لا يزال الاتجاه التصاعدي للديون الخارجية للولايات المتحدة آخذ في الارتفاع بوتيرة متصاعدة. وفي الوقت نفسه، لا يوجد أي دليل على انخفاض في نسب ديون البلد. في الواقع، تشير الإحصائيات الحالية إلى أن نسب الدين الأمريكي تضاعف تقريبا خلال السنوات العشر الماضية. وعلى هذا المنوال، من المتوقع أن تزيد نسبة الديون الى 50٪ على مدى السنوات ال 10 المقبلة. وبعد ذلك ستستمر في النمو على نهجها السابق. وهذا التوقع سيكون في محله إذا ما استمرت سياسات أميركا (الاقتصادية والسياسية والعسكرية) على قوتها الحالية. ان الديون نفسها لم تكن ابدأ قضية إيجابية، ويمكن أن تكون تبعاتها واضحة داخل الولاياتالمتحدة وخارجها. ومع زيادة نسبة الضرائب، سيقل نمو القطاع الخاص. وبما أن القطاع الخاص هو أحد المحركات الرئيسية التي تقود اقتصاد اي بلد، فإن النمو الاقتصادي أيضا سينخفض نسبيا. ان انخفاض النمو الاقتصادي يعني خفض الإيرادات المالية. وستستمر هذه الدورة الى ان تجعل اقتصاد البلد ضعيف اكثر فأكثر. وبالإضافة إلى ضعف الدورة الاقتصادية، يرتبط ارتفاع مستوى ديون بلد ما ارتباطا مباشرا بمعدل الفائدة في ذلك البلد. ويعتقد كثير من الخبراء أن أهم إجراء يُمكن إتخاذه لتجنب زيادة حجم الدين الخارجي للولايات المتحدة هو تقليل الإنفاق الحكومي الأمريكي الإضافي قدر الإمكان. وكلما تم اتخاذ الإجراء أسرع، كلما انخفضت تكلفة خفض التكاليف. وعلى الرغم من ان تقليل نسبة بعض التكاليف الإضافية للولايات المتحدة لا ينجسم سياسيا مع الادارة الامريكية، فيُتوقع ان ترتفع نسبة ديون الولاياتالمتحدة في المستقبل.