الفول البلدي ب 40 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الأحد 8 يونيو 2025    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الأحد 8 يونيو 2025    استشهاد 5 مدنيين بينهم طفلتان في قصف على خيام النازحين غرب خان يونس    وزير الدفاع الأمريكي يهدد بقمع احتجاجات الهجرة في لوس أنجلوس    استمرار خروج مصر من القائمة السوداء يعكس التزامًا دوليًا بالإصلاحات    أسعار الذهب في بداية ثالث أيام عيد الأضحى المبارك    ترامب يهدد بتدخل فيدرالي في كاليفورنيا ولوس أنجلوس لوقف الشغب والنهب    مسؤولون أمريكيون: الرد الروسي على هجوم المسيرات الأوكرانية لم ينته بعد    إصابة المرشح الرئاسي الكولومبي ميغيل أوريبي بطلق ناري في العاصمة بوجوتا    مواجهات بين الشرطة ومعارضين للمداهمات ضد المهاجرين في لوس أنجلوس    الشناوي: مباراة باتشوكا إعداد مثالي لمواجهة إنتر ميامي ووجود صورنا مع ميسي فخر لكل الأهلاوية    ألمانيا وفرنسا يتنافسان على برونزية دوري الأمم الأوروبية 2025    إنذار جوى بشأن حالة الطقس: استعدوا «بؤونة» أبو الحرارة الملعونة    انتشال جثمان غريق من ترعة الإبراهيمية بالمنيا    هشام عباس يتألق بأغانيه في حفله بعيد الأضحى على مسرح البالون (صور)    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    مقتل امرأة برصاص الشرطة بعد طعنها شخصين في ميونخ    مقتل شاب على يد آخرين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة الكبرى    بالأسماء| إصابة 4 من أسرة واحدة فى انقلاب سيارة ملاكي بصحراوي سوهاج    موعد مباراة البرتغال ضد إسبانيا والقنوات الناقلة في نهائي دوري الأمم الأوروبية    الدولار ب49.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 8-6-2025    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    مجلس الشيوخ الأمريكى يقر شطب سوريا من قائمة الدول المارقة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    تريزيجيه يعلق على انضمام زيزو ل الأهلي    زيزو: إدارة الكرة في الزمالك اعتقدت أن الأمر مادي.. وأنا فقط أطالب بحقي وحق والدي    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    مصرع طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة ربع نقل في قنا    إصابة أسرة كاملة في تصادم سيارة بموتوسيكل أعلى دائري الهرم    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    عرض مسلسل فهد البطل على قناة MBC1    نسرين طافش جريئة وميرنا نور الدين أنيقة..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بعد تناول لحمة عيد الأضحى.. 5 أعشاب لتنظيف وتطهير القولون والتخلص من السموم    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    أصابوه بعاهة.. التعدي على مسؤول حماية الأراضي خلال تنفيذ إزالة بأرض زراعية بسوهاج "فيديو"    «المشروع إكس» يتصدر إيرادات أفلام عيد الأضحى    معتز التوني: الإخراج أقرب لقلبي.. وأتمنى تقديم مسلسل اجتماعي بعيدا عن الكوميديا    محافظ الغربية: ذبح 1168 أضحية مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    كل عام ومصر بخير    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد الإسلامى.. وحل المشاكل الاقتصادية
نشر في الشعب يوم 02 - 11 - 2011

طالما أن الأمَّة الإسلاميَّة لها هويتها الإسلاميَّة فلا بد أن يكون لها فكر وعلم اقتصادي إسلامي يغاير تمامًا الاقتصاد الاشتراكي من ناحية والاقتصاد الرأسمالي من ناحية أخرى‏,‏ مما يؤكِّد ضرورة تطبيق علم الاقتصاد الإسلامي إذا كنا نريد أن نحافظ على هويتنا الإسلاميَّة‏.‏
‏ القضية التي تثار بين وقت وآخر حول هل هناك اقتصاد إسلامي أم لا قضية لا أساس لها من الصحة‏,‏ والذين ينكرون وجود الاقتصاد الإسلامي لا يعرفون حقيقة علم الاقتصاد‏,‏ لأن علم الاقتصاد ليس من العلوم الطبيعيَّة كالكيمياء أو الفيزياء أو الرياضيات مما يتفق فيها البشر، بل هو علم اجتماعي بمعني أنه علم يعبر عن ثقافة أمَّة معينة أو ثقافة شعب من الشعوب‏,‏ وطالما أن الثقافة تختلف من شعب إلى آخر فعلم الاقتصاد يختلف أيضًا من مجموعة ثقافية إلى مجموعة ثقافيَّة أخرى، وهؤلاء الذين يعترضون على وجود اقتصاد إسلامي بحجَّة أن الاقتصاد علم محدَّد لم يستطيعوا الحديث عندما قامت روسيا في الماضي بابتكار علمٍ جديد في ذلك الوقت هو علم الاقتصاد الاشتراكي لأن ثقافة روسيا كانت ثقافة اشتراكيَّة تغاير تمامًا الثقافة الرأسماليَّة، ومن ثَمَّ كان لا بد أن يظهر فيها علم الاقتصاد الاشتراكي‏,‏ وعامة طالما أن الأمة الإسلاميَّة لها هويتها الإسلاميَّة فلا بد أن يكون لها فكر اقتصادي وعلم اقتصادي يغاير علم الاقتصاد الاشتراكي من ناحية وعلم الاقتصاد الرأسمالي من ناحية أخرى‏,‏ مما يؤكد أن تطبيق علم الاقتصاد الإسلامي ضروري إذا كنا نريد أن نحافظ على هويتنا الإسلاميَّة‏.‏
أما إذا أردنا أن نذوب في غيرنا من الشعوب التي تطبق النظم الرأسماليَّة مثل أن نطبق الاقتصاد الرأسمالي على الرغم من أنه مشتق من سلوكيَّات شعب آخر‏,‏ ولذلك فمن الخطر الشنيع ألا تكون لنا ذاتيتنا الاقتصاديَّة وأن نستورد الفكر الاقتصادي من الشرق أو الغرب‏,‏ بل ونزيد الطين بلَّة بأن ننكر أن يكون لنا اقتصاد إسلامي، فنحن لدينا اقتصاد إسلامي لأن لنا هوية وذاتية إسلاميَّة مختلفة تمامًا عن الهويَّة الغربيَّة أو الشرقيَّة، مما يعني أننا لن نكون مسلمين في الحقيقة إذا تخلينا عن قيمنا وثقافتنا وهويتنا الإسلاميَّة، ولذلك فطالما نحن أمَّة إسلاميَّة وشعوب وثقافة إسلاميَّة فلا بد أن يكون لنا علم اجتماع إسلامي وعلم اقتصاد إسلامي وسياسة إسلاميَّة لأن كل العلوم الاجتماعيَّة ينبغي أن تختلف من شعب إلى آخر لأنها علوم ليست على التحقيق كالعلوم الحقيقيَّة كعلم الرياضيات والكيمياء التي لن تختلف من مكان إلى آخر‏,‏ أما العلوم الاجتماعيَّة فهي ثقافة شعوب‏.‏
غياب الاقتصاد الإسلامي ظلم
الاقتصاد الإسلامي يستطيع أن يحلَّ كل المشكلات الاقتصاديَّة التي تعاني منها مصر الآن‏,‏ بل إن هذه المشكلات ما حدثت إلا لغيبة الاقتصاد الإسلامي وعدم تطبيقه‏,‏ فإذا كان الاقتصاد الإسلامي يطبَّق في مصر لما كان هناك فقر‏,‏ ولما كانت هناك بطالة ولما عانت مصر من الاحتكار والظلم والفساد والإفساد‏,‏ لأن مبادئ الاقتصاد الإسلامي تحارب كل هذه المشاكل‏,‏ بل إن الاقتصاد الإسلامي جاء لكي لا تظهر هذه المشكلات فعلى سبيل المثال مشكلة الفقر لم تظهرْ في أمَّة تطبق الاقتصاد الإسلامي لأنه من مبادئه الإسلاميَّة الزكاة التي شرعها الله سبحانه وتعالى لإغناء الناس‏,‏ فالزكاة ليست مهمتها أن تعطي للفقير أموالا يستهلكها في يوم أو شهر أو حتى سنة وإنما مهمة الزكاة أن تغني الإنسان العمر كله‏,‏ فمن القضايا المثارة في الفكر الإسلامي ما الذي نعطيه للفقير‏,‏ هل نعطيه كفاية السنة أو نعطيه كفاية العمر والرأي الصواب والأصح في هذا هو أن نعطي الفقير كفاية العمر بمعنى أن الفقير إذا أخذ الزكاة مرة فلن يعود إلى أخذها مرة أخرى إلا استثناء لأن الغني معرض أيضًا للفقر‏,‏ ولذلك فالأصل هو أن الفقير الذي أخذ الزكاة مرة فلن يعود إلى أخذها بل سوف يداوم على دفعها‏.‏
ويستطيع الإسلام من خلال الزكاة أن يقدم للفقراء رءوس أموال يستخدمونها؛ ففي كتاب الإمام النووي‏:‏ إن الزكاة مهمتها إغناء الناس كفاية العمر حيث يقول‏:‏ يعطيان (‏ يقصد الفقير والمسكين‏)‏ ما يخرجهما من الفقر إلى الغنى‏,‏ فبائع البقل (‏أي بائع الفجل والبقدونس‏)‏ يعطي عشرة دراهم (‏الدرهم في أيامه كان يشتري شاة‏),‏ وبائع الجواهر يعطي مائة ألف درهم أو أكثر‏,‏ ومن كان حدادًا أو نجارًا أو تاجرًا يعطي أدوات حرفته أو رأس مال تجارته‏.‏
بهذا يصبح الفقير غنيًّا ليس من هذا المال ولكن من عمله ومجهوده‏,‏ وهذا بالنسبة إلى الناس الذين يجيدون الحرف المختلفة‏,‏ أما من كان أخرق ( أي ليس لديه قدرة على تعلم أي مهنة ولا يعرف حرفة‏)‏ قال الإمام النووي‏:‏ تشتري له ضيعة أو حصة في ضيعة تكفيه غلتها عمره كله وتوقف عليه ولا يسمح له ببيعها، هذا هو علاج الإسلام لمشكلة الفقر‏,‏ وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك فقير في ظلّ تطبيق الاقتصاد الإسلامي‏,‏ وقد قال عمر بن الخطاب للعاملين على الزكاة‏:‏ إذا أعطيتم فأغنوا‏,‏ ويقول أيضًا‏:‏ كرروا عليهم الصدقة ولو راح على أحدهم مائة من الإبل‏,‏ والغني هنا مختلف طبقًا لكل عصر من العصور‏,‏ فأيام عمر بن الخطاب كان يتمّ إعطاء الفقير ناقة ليصبح غنيًّا ليس من هذه الناقة ولكن من عمله عليها‏,‏ ولكن في ظروفنا الحالية يمكن للفقير أن يصبح غنيًّا من خلال إيجاد عمل له سواء في مصنع أو مزرعة حتى ولو لم يكن مالكًا لهما من خلال قيام الدولة ببناء المصانع وتوظيف الناس فيها وبذلك نكون قد أغنينا هؤلاء الناس، وبهذا نقضي على المشكلة الثانية التي تواجهنا وهي مشكلة البطالة لأن الإسلام لا توجد فيه بطالة.
الزكاة وحل المشكلات
والإنسان في الإسلام مكلَّف بالعمل ومعيار التفاضل بين الناس في الإسلام هو العمل، وليس مدى امتلاكهم للأموال‏,‏ فالخليفة عمر بن الخطاب يقول‏:‏ إنه ليعجبني الرجل طوله وعرضه فأسأل ألديه حرفة؟ فإذا قيل لا سقط من النظر‏,‏ وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ "ما أكل أحد طعامًا قطّ خيرًا من أنَّ يأكل من عمل يده‏,‏ وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"‏‏ وقد ذكر نبي الله داود أنه كان نبيًّا وملكًا أي كان غنيًّا‏,‏ كما يوضح لنا الله سبحانه وتعالى في سورة الملك أن الإنسان خلق للعمل ولإعمار الأرض‏,‏ كما أن كل الفرائض المكلَّف بها المسلمون عبارة عن عمل؛ فالصلاة والصوم والحج أعمال يقوم بها المسلم‏.‏
في عصرنا الحاضر لم يطبقْ أحد فريضة الزكاة التطبيق الصحيح كما شرعها الإسلام‏,‏ ولكن في العصور الإسلاميَّة الأولى لم يكن هناك فقراء لأن الزكاة كانت تكفي الناس وتفيض عن حاجتهم‏,‏ وعامة في أيامنا المعاصرة لا توجد دولة تطبق نظام الزكاة إلا دولتان؛ السودان وماليزيا‏,‏ أما السعوديَّة فلها نظام خاص بها في الزكاة حيث تطالب الأغنياء بها بتحديد قيمة الزكاة التي يدفعونها وتأخذ منهم نصفها وتترك لهم النصف الآخر من الزكاة لينفقوه بمعرفتهم على من يعرفون من الفقراء‏,‏ بمعني أن 50%‏ من أموال الزكاة تدفع للدولة‏,‏ و‏50%‏ يدفعها الأغنياء لمن يريدون من الفقراء.
في مصر يتم جمع مبالغ كبيرة من أموال الزكاة بالفعل ولكن هذه المبالغ غير منظَّمة ولا يتمُّ إنفاقها على المجتمع ككل‏.‏
يجب أن تكون علاقة الزكاة بين الدولة والمواطنين بحيث تقوم الدولة بجمع الزكاة من الأغنياء للإنفاق على المشروعات التي تنقل الفقراء إلى مستوى الأغنياء‏,‏ ومن الممكن أن يتحقق هذا الأمر من خلال إنشاء جهاز للزكاة في كل دولة إسلاميَّة وعربيَّة يقوم بتحصيل أموال الزكاة من كل من تجب عليه واستخدام حصيلتها في بناء المشروعات الزراعيَّة والصناعيَّة والتجاريَّة التي تخدم فقراء هذه الدول بشكل يجعلهم قادرين على كسب ما يسد احتياجاتهم‏,‏ وهذا الأسلوب تطبقه دولة قطر من خلال صندوق الزكاة، وهو مثال جيد لتطبيق الزكاة بالأسلوب الصحيح والمفيد‏,‏ ومعظم الدول التي تطبِّق نظام الزكاة لديها مؤسَّسات معنيَّة بصرف أموال الزكاة في مصارفها الشرعيَّة‏.‏
وقد سبق أن خصَّص الرئيس الراحل أنور السادات نسبة 2.5%‏ من أرباح شركات القطاع العام لبنك ناصر ليوزعها كزكاة على الجمعيات الخيريَّة بحيث أن كل جمعيَّة تجمع مائة ألف جنيه من أموال الزكاة تحصل من بنك ناصر على مائة ألف جنيه أخرى لتصرفها على المنطقة التي جمعت منها المائة ألف جنيه الأولى في صورة تقديم ماكينات خياطة وأبقار للأُسر الفقيرة‏,‏ وقروض حسنة للزواج بجانب تمليك تاكسيات للسائقين‏,‏ ولا يزال بنك ناصر يعمل بهذا النظام حتى الآن ولكن بدون الحصول على نسبة ال 2.5%‏ من أرباح شركات القطاع العام‏.‏
الاستثمارات الإسلاميَّة في الأسواق
حجم الاستثمارات الإسلاميَّة في الأسواق العالميَّة متقلب من يوم إلى يوم، ومع ذلك فهي أموال طائلة لا تقل عن 10‏ تريليونات دولار، ولا تقلّ الاستثمارات العربيَّة بالأسواق العالميَّة عن 6‏ تريليونات دولار، وهذا الرقم لا تدخل فيه الأموال التي تم تهريبها من مصر أو الجزائر أو ليبيا بمعرفة رؤساء هذه الدول وقياداتها كما يقال أن العرب فقدوا نحو خمسة تريليونات دولار في الأزمة الماليَّة العالميَّة في عام 2008‏ بصورة صكوك وأسهم وسندات في الشركات العالميَّة التي انهارت بسبب الأزمة‏.‏
وقد تأثرت البنوك الإسلاميَّة بالأزمة الماليَّة العالميَّة ولكن في حدود أقل من غيرها بكثير، والسبب الأساسي لذلك أن البنوك الإسلاميَّة لا تعمل بنظام الربا ولا بالأصول الورقيَّة ولكنها تعمل بأصول حقيقيَّة، وبالفعل تعرضت البنوك الإسلاميَّة لبعض الكساد بسبب الأزمة مثل البنوك التجارية لأنها جزء من السوق العالمي، ولكن البنوك الإسلاميَّة لم تتأثر سلبًا كالبنوك الربويَّة لأن تعاملاتها الماليَّة تعاملات حقيقيَّة فالبنوك الإسلاميَّة تشتري أصولا حقيقية وتبيع أصولا حقيقيَّة وتستثمر في استثمارات ومشروعات حقيقيَّة وليست ورقيَّة بجانب دخولها في المشاركات الاستثماريَّة‏.‏
ومع تزايد نجاحات البنوك الإسلاميَّة فالمستقبل سيكون لهذه البنوك وتوجد العديد من المؤشرات التي تؤكد ذلك منها اتجاه دولة الإمارات العربيَّة لتحويل مؤسساتها المصرفيَّة إلى بنوك إسلاميَّة وقرار الجمعيَّة التشريعيَّة الفرنسيَّة بإنشاء بنوك إسلاميَّة بجانب تجربة البنوك الإسلاميَّة في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكيَّة‏.‏
الأموال الإسلاميَّة تستثمر في كافة المجالات وكل دولة تختلف عن الأخرى في مجالات استثمار أموالها‏,‏ فالقذافي مثلا استثمر الأموال الليبيَّة في محطات الغاز‏,‏ والسعوديَّة مثلا تستثمر في عدة مجالات كالغذاء والأراضي الزراعيَّة كما في توشكي بمصر‏,‏ والكويت تستثمر في بناء المطارات كما في مرسى علم بمصر أو في أوروبا بالقرى السياحيَّة وللأسف على الرغم من وفرة الأموال العربيَّة فإنها ليست لها سياسة محددة لخدمة القضايا العربيَّة مثلما فعل اليهود في استثماراتهم في الولايات المتحدة‏,‏ فاليهود يستثمرون أموالهم في مجال الإعلام للسيطرة على الإعلام الأمريكي لتوجيه سياسته لخدمة الأهداف الإسرائيليَّة وهذا طبعًا وفقًا لسياسة معينة‏,‏ أما العرب فلا يستثمرون أموالهم طبقًا لسياسة محددة ولكن للحصول على أرباح ماليَّة فقط‏.‏ ولذلك فالبنوك المركزيَّة العربيَّة هي التي تستطيع أن تحدد مجالات استثمارات الأموال العربيَّة‏,‏ مع ملاحظة صعوبة هذا التحديد؛ لأن كثيرًا من العرب يهربون أموالهم عبر الطرق غير الشرعيَّة‏.‏
‏ معظم استثمارات البنوك الإسلاميَّة يتمّ استثمارها في الدول الإسلاميَّة لأن أساليب استثمارها يستجيب لها غالبية المسلمين‏,‏ وحتى الدول الغربيَّة عندما فتحت بنوكًا إسلاميَّة لا أعتقد أنها نجحت مثل نجاح البنوك الإسلاميَّة في الدول الإسلاميَّة لأن البيئة الإسلاميَّة مواكبة لأهداف ومبادئ البنوك الإسلاميَّة‏,‏ ولذلك لدينا كثير من الناس يضعون أموالهم في البنوك الإسلاميَّة ولا يضعونها في البنوك الربويَّة حتى ولو لم يحصلوا على عائد من البنوك الإسلاميَّة خوفًا من شبهة الربا‏.‏
الاقتصاد الإسلامي لديه القدرة والمكونات التي تجعله يحلّ كافة المشاكل الاقتصاديَّة فقط أعطوا الإسلام فرصة لكي يطبَّق وسوف يقوم بحل كافة المشاكل‏,‏ وعقب ثورة‏ 25‏ يناير طفت بالفعل العديد من المطالب الفئوية وإضرابات المدرسين والأطباء وسائقي النقل العام وكل هؤلاء لو كان لديهم فكر إسلامي كان يجب عليهم أن يصمتوا الآن ويصبروا حتى تتحسن ظروف البلاد الاقتصاديَّة خاصة إذا تَمَّ إعطاؤهم وعودًا وبرنامجًا زمنيًّا لزيادة المرتبات وتحقيق مطالبهم مع ملاحظة أن زيادة المرتبات لا تكون عن طريق القروض التي تقترضها الدولة من الدول والمؤسَّسات المختلفة ولكن عن طريق زيادة الإنتاج‏.‏
ويمكن لمصر من خلال تطبيق مبادئ ومعاملات الاقتصاد الإسلامي أن تحل مشاكلها الاقتصاديَّة وإذا كنا قد طبقنا كل أشكال الاقتصاد من اشتراكيَّة إلى رأسماليَّة إلى اقتصاد مختلط وكلها فشلت في مواجهة مشاكلنا فلماذا لا نعطي فرصةً للاقتصاد الإسلامي لتطبيق قواعده لمواجهة المشاكل الاقتصاديَّة التي تعاني منها مصر حيث يملك الاقتصاد الإسلامي كل المقومات التي تحقق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعيَّة.
* مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.