أكد عدد ليس بقليل من الاقتصاديون والسياسيون والنشطاء، أن غالبية المصريين هم الخاسر الأكبر من قرار البنك المركزى المصرى، الذى صدر أمس الخميس بتحرير سعر صرف الجنيه، وترك تحديده لآليات العرض والطلب، وهو ما جعل البنك سوق سوداء لتداول العملة. وأكدوا أن أسعار السلع الأساسية سترتفع بشكل جنوني، وأن الطبقات الفقيرة والمتوسطة لن تتحمل هذا الارتفاع، ما سيلحق أبلغ الأذى بالغالبية العظمى من أفراد هذه الطبقات ومستوى معيشتها، في وقت يحقق فيه قرار "التعويم" مصالح طبقة رجال الأعمال، وسماسرة الاقتصاد المصري، وفق تعبيرهم. خبراء اقتصاد: الفقراء سيزدادون فقرا وقال الخبير الاقتصادي، عبد الخالق فاروق، وفق صحيفة "البديل"، إن قرارات البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، تعمق أزمات الاقتصاد، ويتحمل الفقراء وحدهم تبعاتها؛ بمزيد من ارتفاع الأسعار، بعيدا عن طبقة رجال الأعمال، و"سماسرة الاقتصاد المصري"، الموجودين حاليا تحت مسمى مستثمرين، بحسب تعبيره. ومن جهته، قال أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أحمد غنيم، بحسب صحيفة "أخبار اليوم"، إن التعويم سيسبب تضخما وارتباكا في الأسواق لفترة، بالإضافة إلى ازدياد معدلات الفقر. وشدد على أن "الإجراءات الإصلاحية لقرض الصندوق تنطوي على تكاليف باهظة، ليست للفقراء فحسب، بل للطبقة الوسطى أيضا، فمع انخفاض المستوى المعيشي لمليون ونصف المليون أسرة تحت خط الفقر في عام 2015، هناك ما يشير إلى انخفاض تدريجي من مستوى الفقر إلى مستوى الفقر المدقع". وأشار إلى أن الطبقة المتوسطة، التي تشكل الدعامة الأساسية للمجتمع، ستعاني من موجة ارتفاع أسعار عارمة مع ارتفاع غير مسبوق في سعر الخدمات العامة، الناتج عن تخفيض قيمة الجنيه المصري، على حد قوله. وائل النحاس: تراجع القوة الشرائية لرواتب المصريين في السياق نفسه، قال الخبير المالي والاقتصادي، وائل النحاس، إن القوة الشرائية لدخل المواطن العادي تتراوح بين 48 بالمئة إلى 58 بالمئة بحد أقصى. وأضاف، وفق موقع "مصراوي"، أنه حال حصول الفرد على الحد الأدنى للأجور المقدر ب1200 جنيه، فإنه يساوي حاليا 600 جنيه فقط من القوة الشرائية. وتابع: "سنواجه مشكلة في القطاع المصرفي؛ بسبب الودائع الجديدة، والمواطن سيلجأ لفك الوديعة التي تبلغ 9 بالمئة؛ لكي يأخذ ال20 بالمئة، وهذا يزيد من تكلفة الأموال على البنوك، فضلا عن ارتفاع الأسعار في شتى الخدمات، وكون فرصة المستثمرين قليلة، وبالتالي "ستطفش"؛ بسبب ارتفاع معدلات الفقر، وتخوفات المستثمر من الأحوال الحالية، وفق توصيفه. شريف الروبي: "الفقير هيموت بجد" ندد القيادي بحركة شباب "6 إبريل"، شريف الروبي، بقرار تعويم الجنيه. وقال في تدوينة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "حقيقي.. ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف في مصر لا يهمني، ولكن ما يؤلمني بجد، وربنا.. حال الفقير والفلاح ومحدودي الدخل، والارتفاع الجنوني للمواد والسلع الأساسية للمواطن مع تدني الدخل.. الفقير هيموت بجد". خالد علي: كارثة للطبقات الفقيرة والمتوسطة وندد المحامي والناشط الحقوقي، خالد علي، بقرار التعويم. وقال في تدوينة عبر حسابه بموقع "فيسبوك": "تعويم الجنيه كارثة على كافة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وخطة الحكومة التي نفذتها طوال الأشهر الماضية لجعل قيمة الدولار تساوى 18 جنيها بهدف تمرير قرار التعويم، وخلق قبول مجتمعي، بزعم أنه الحل الوحيد للحفاظ على الجنيه، ولجعل قيمة الدولار تتراوح بين 13 و 15 جنيها، ما هي إلا خطة سطحية لمحاولة خداع المجتمع". وتابع: "الأغرب أن النظام ورجاله يحاولون تصديق كذبتهم، وخداع أنفسهم، وهم أعلم الناس أن التعويم الآن ما هو إلا خضوع لمطالب المؤسسات المالية المانحة والشركات الكبرى، وسوف يحدث تخفيض مؤقت، لكن سرعان ما سيعاود الدولار الصعود على جثة الجنيه مرة أخرى، فقوة الجنيه أمام العملات الأخرى يحددها بالأساس قدرتنا على معالجة العيوب الهيكلية بالاقتصاد المصري، وليس هذا الخداع"، حسبما قال. محمود رفعت: سياسة الإمارات لتدمير مصر وغير بعيد، هاجم المحامي الدولي ورئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي، محمود رفعت، سياسات نظام حكم السيسي. وقال، في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر": "منذ 3 سنوات أكرر: السيسي ليس فاشلا، بل هو منفذ لسياسات محبكة وضعها توني بلير، وتمولها الإمارات؛ لهدم مصر، واليوم وصلت لتعويم الجنيه". وتابع: "انطلقت فكرة تعويم الجنيه كشرط لصندوق النقد لإقراض السيسي ما لا تحتاجه مصر، بل دفعها توني بلير له لتكبيلها لعقود برعاية الإمارات". وأردف: "تعويم الجنيه يعني عدم تدخل البنك المركزي بسعر الصرف، ما سيؤدي قريبا للعب مهول بالأسواق، خاصة في ظل منظومة الفساد التي يحكم السيسي بها مصر، كما سيؤدي تعويم الجنيه في ظل هذه المنظومة إلى ارتفاع الدولار وانخفاضه جنونيا، ودافع الثمن سيكون الطبقات المطحونة، ليزداد ثراء الجنرالات". يسري فودة: السيسي أسوأ من مبارك مرتين ومن جهته، قارن الإعلامي يسري فودة بين قيمة الجنيه مقابل الدولار في عهد السيسي، وقيمته في ظل الأنظمة السابقة. وقال، في برنامجه "السلطة الخامسة"، عبر فضائية "دويتشه فيله" الألمانية: "كيف لبلد كان يقرض بريطانيا في أوج إمبراطوريتها، أن تصل به الحال إلى هذا الواقع؟". واستعرض بالأرقام الاختلافات بين الأنظمة السابقة، قائلا: "السيسي استلم الجنيه رسميا في يونيو 2014، والدولار يشتري 7.15 جنيه، أما الآن في نوفمبر 2016، بعد التحرير المدار، وبعد أقل من سنتين و نصف السنة، يفقد الجنيه أكثر من 100% من قيمته، يعني بمعدل انحدار حوالي 40% كل سنة". عمار علي حسن: الأمن يدير الاقتصاد.. إنها مأساة وأدان الباحث في علم الاجتماع السياسي، عمار علي حسن، موقف وسائل الإعلام المصرية من قرار البنك المركزي. وقال، في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر": "قصف إعلامي حول تراجع الدولار أشبه بالدخان الذي تثيره الجيوش لتغطي انسحابها مهزومة.. الهدف تغطية تعويم الجنيه، الأمن يدير الاقتصاد.. إنها مأساة".