تستمر أعمال التهويد التي تستهدف المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدسالمحتله على الجانبين الديني الثقافي واليموجرافي على قدمٍ وساق ، فبين الاقتحامات المتتالية للمسجد المبارك وبين الإستيلاء على منازل داخل البلدة القديمة وخارجها واقتطاع أشجار الزيتون وتهجير السكان نجد صمتًا معيبًا للحكومات العربية وأنظمتها التى باتت حليفة للكيان الصهيوني. وبعدما شهدت البلدة القديمة فى القدسالمحتله مؤخرًا احتفال سلطات الاحتلال بمهرجان الأنوار الذي يمتد على مدى أسبوع تقام فيه العروض الضوئية والراقصة في إطار يسعى إلى تقديم رواية تلمودية وتوراتية وتعزيز الوجود الاستيطاني في البلدة القديمة وكذلك الاقتحامات التى تستمر إلى يومنا هذا وبلغت ذروتها في "الفصح العبري" و"ذكرى استكمال احتلال القدس" بالتوازي مع استمرار الاحتلال في منع المرابطات من دخول المسجد وتدخله في عمل الأوقاف. ويرصد هذا التقرير تطور الأحداث في مدينة القدس على المستويين الميداني والسياسي ويقدم قراءةً منهجية لهذه الأحداث تضعها في سياق الصراع بين مشروعٍ تهويدي شامل يطال مختلف جوانب الحياة في المدينة، تُنفذه وترعاه دولة الاحتلال والجمعيات المرتبطة بها، وبين محاولات مقاومة هذا المشروع من قبل المقدسيين المعتمدين على قدراتهم الذاتية وقليل من الدعم الخارجي. عمليات التهويد الديموجرافي تدفع سلطات الاحتلال بالمزيد من المشاريع الاستيطانية في القدس كما تعطل البناء للفلسطينيين بقرارات سياسية حيث دعا الوزير السابق عن حزب الليكود "جدعون ساعر" كلّاً من مرشحي الرئاسة الأميركية "دونالد ترمب" و"هيلاري كلينتون" إلى تبني دعم البناء الاستيطاني في القدس بشكل علني. وقال "ساعر" في مؤتمر داخل صحيفة "جيروزاليم بوست" السنوي الذي عقد في نيويورك في في منتصف مايو الماضي إن الفلسطينيين يبنون بشكل غير قانوني لخلق تواصل جغرافي بين رام اللهوالقدس. وحذر أنه في حال عدم تدارك الأمر فإن ذلك سيؤدي إلى أغلبية عربية في القدس خلال 15 عامًا. وأكد "ساعر" ضرورة الربط بين مستوطنة "معاليه أدوميم" والقدس قائلاً إن المعركة من أجل القدس تحددها الحقائق على الأرض زاعمًا أن ثمة تجميدًا للبناء الاستيطاني بحكم الأمر الواقع فيما العرب يبنون بشكل غير قانوني. "معاليه أدوميم".. هي مستوطنة صهيونية بالضفة الغربية مقامة على أراضي بلدة ابوديس بالقدسالمحتله تقع على بعد 7 كيلومترات شرق مدينة القدس، محاذية لبلدتي أبوديس والعيزرية وبلغ عدد سكانها سنة 2013 نحو 39 ألف ساكن أسست المستوطنة سنة 1975 ويعتبرها الصهاينة اليوم ضاحية إسرائيلية للقدس يعمل أغلب سكانها في مدينة القدس وتل ابيب. وخطة توسيع "معاليه أدوميم" وربطها بالقدس، هي جزء من خطة أكثر توسعا، يطلق عليها اسم خطة باب الشرق، وتهدف إلى خلق تواصل للمستوطنات الإسرائيلية في قطاع عرضي واسع يمر من القدس عن طريق "معاليه أدوميم"، أريحا، والبحر الميت سرع عقد مؤتمر مدريد في عمليات توسيع المستوطنة، إذ أن هدف تحويلها إلى مدينة استيطانية كان محددا له العام ألفين 2000م، ولكنه تحقق عمليا قبل هذا التاريخ بكثير، واستوعبت المستوطنة أعدادا كبيرة من المسجلين الجدد من الاتحاد السوفياتي السابق. وأظهر استطلاع أجراه مركز "مدكام" الإسرائيلي أن أغلبية الإسرائيليين يؤيدون السيادة الإسرائيلية على مستوطنة "معاليه أدوميم" حيث قال 78% من المستطلعين إنّهم يؤيدون ضم المستوطنة حتى من دون التوصل إلى اتفاق نهائي مع السلطة الفلسطينية. وقال 70% من المستطلعة آراؤهم إنّهم يؤيّدون بسط السيادة الإسرائيلية على "معاليه أدوميم" بصرف النّظر عن ارتدادات تلك الخطوة. وقد تعهد لوبي "أرض إسرائيل" في "الكنيست" الذي يضم 20 نائبًا من الأحزاب اليمينية والدينية بإعداد مسودة قانون تقضي بضم المستوطنة على أن يتمّ طرحها في دورة "الكنيست" الصيفية. امنعوا الاستيطان وقال نائب رئيس بلدية الاحتلال ورئيس لجنة التخطيط والبناء فيها، "مائير ترجمان" إنه عازم على بناء 15 ألف وحدة استيطانية للحريديم في مطار قلنديا، أو المنطقة التي يسميها الاحتلال "عطروت"، شمال القدسالمحتلة، وأضاف أن الفكرة موجودة في البلدية منذ مدة طويلة، وهو ينوي تحقيقها. ودعا "ترجمان" وزير الإسكان في حكومة الاحتلال والجهات المطلوب موافقتها على المشروع إلى الموافقة على الخطة، ولكن الوزير نفى في أوائل يونيو الماضي وجود هكذا مخطط في المنطقة مشيرًا إلى وجود مخططات للبناء الاستيطاني في القدس، و"لكننا لا نريد إثارة المشكلات في هذا الوقت". تجميد البناء وفي مقابل ذلك كشف محام يمثل الحكومة الإسرائيلية أن سبب تجميد البناء للفلسطينيين في جنوبالقدس مرتبط بقرار سياسي سري على مستوى عال وقال المحامي للمحكمة إنه مستعد لتزويدها بالمزيد من المعلومات بشرط اعتبارها سرية. ويأتي هذا التصريح من المحامي في إطار نظر المحكمة بشكوى مقدمة من المركز الجماهيري في بيت صفافا وشركة إخوان علي شقيرات منذ أكتوبر 2015 تقول بأنه في الوقت الذي تجمد فيه مخططات البناء لمئات الوحدات السكنية العائدة لهم فإن مشاريع مشابهة للمقاولين اليهود يتم المصادقة عليها في المكان ذاته. ووفق صحيفة "هآرتس" تشير القضية إلى الفرق في المصادقة على مخطط للبناء في مستوطنة "جفعاتهماتوس" الواقعة إلى الشرق من بيت صفافا، ومملوكة من "سلطة الأراضي الإسرائيلية"، ومخطط آخر سيقام على أرض فلسطينية. وعلى الرغم من أن المخططين سلكا الطريق ذاته وأعطيا موافقة أولية منذ 3 سنوات إلا أن المخطط اليهودي فقط انتقل إلى مرحلة المصادقة النهائية التي يسمح خلالها للجمهور بتقديم الاعتراضات، أما المخطط الفلسطيني فتم تجميده. وقد طلبت الحكومة مرات عدة إمهالها للرد على الاعتراض، وأخيرًا كان ردها في أول يوليو حيث قالت إن القرار سياسي وأسبابه سرية. وكان للحكومة البريطانية في منتصف يونيو موقف عبرت فيه عن قلقها العميق من رصد الحكومة الإسرائيلية مبلغ 18 مليون دولار لمستوطنات الضفة الغربية، كما عبرت عن قلقها من قرار البلدية السماح ببناء مبنى للمستوطنين في سلوان بشرق القدس. الاحتلال يعزز الوجود الاستيطاني في البلدة القديمة وحولها بالإضافة إلى البناء في المستوطنات، يركّز الاحتلال على تعزيز الوجود الاستيطاني في البلدة القديمة بالقدس حيث تسهل سلطات الاحتلال تغلغل المستوطنين في الأحياء ذات الأغلبية العربية، وتصادر منازل المقدسيين وأراضيهم لهذه الغاية، وتتولى عمليات الاستيلاء، بشكل رئيس، جمعيتا "العاد" و"عطيرت كوهنيم" الاستيطانيتان اللتان تتمددان بدعم من حكومة الاحتلال والأجهزة الرسمية. وفي منتصف يونيو الماضي صادقت اللجنة المحلة للتخطيط والبناء في بلدية الاحتلال في القدس على مخطط لإنشاء مبنى استيطاني مكون من 3 طبقات في حي بطن الهوى بسلوان في مقابل البؤرة الاستيطانية "بيت يوناثان". وكانت اللجنة أجلت في الأول من يونيو الماضي المصادقة على المخطط بعد نقاش بين أعضاء المجلس البلدي، حيث قالت "هآرتس" إن التأجيل نتج عن ضغوطات سياسية، مع العلم أن الحكومة باعت الأرض لجمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية عبر الوصي على أملاك الغائبين في القدس التابع لوزارة القضاء الإسرائيلية. ووفقًا لنائب رئيس البلدية دوڤكالمانوفيتش التابع لحزب "البيت اليهودي" الذي يؤيد مخطط البناء، كان من الممكن للمخطط أن يمر لولا الضغط السياسي الخارجي. القدس يحاصرها الاستيطان وكشفت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر فى الخامس من مايو الماضي عن بدء تشييد مبنى كبير على أرض في حي الشيخ جراح صادرتها سلطات الاحتلال من عائلة أبو طاعة وسلمتها لشركة "أمانا" التي تعنى بإنشاء وتوسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الأراضي المحتلة. كما استولى مستوطنون في أوائل مايو الماضي على عقار من ثلاث طبقات في حارة السعدية في البلدة القديمة بدعوى ملكيته. وقد تمت عملية الاستيلاء بهدوء حيث استعمل المستوطنون مفتاحًا كان بحوزتهم فيما كانت عائلة "اليوزباشي" التي تسكن العقار غادرته قبل أيام وقطع الاتصال بها. وقبل ذلك سيطرت جمعية "عطيرت كوهنيم" على بناية سكنية مؤلفة من 3 شقق لعائلة "أبو ناب" في حي الحارة الوسطى ببلدة سلوان، بحجة ملكيتها لليهود من اليمن قبل عام 1948. وفي البلدة القديمة العديد من المنازل الأخرى المهددة بخطر المصادرة، ومنها منزل "مازن قرش" الذي رفضت المحكمة العليا للاحتلال الاستئناف المقدم من العائلة المقدسية لطلب إبطال قرار المحكمة المركزية للاحتلال والقاضي بإخلاء المنزل لمصلحة جمعية "عطيرت كوهنيم". وتقيم عائلة "قرش" في المنزل منذ عام 1963، وتقول المحكمة إنها فقدت مكانة "المستأجر المحمي" بادعاء أن القانون يشمل فقط ثلاثة أجيال. وتمكن المستوطنون من الاستيلاء على عدد من المنازل والعقارات في سلوان جنوب الأقصى وفي البلدة القديمة عبر السنوات الماضية، حيث شكلت هذه الاستيلاءات بؤرًا استيطانية وصل عددها إلى أكثر من 80 في البلدة القديمة و39 في سلوان. وكانت أبرز عمليات الاستيلاء من عام 2014 إلى 2016 على الشكل الآتي: وبهذه العمليات تحاول سلطات الاحتلال تعزيز الوجود الاستيطاني، خصوصًا في الأحياء التي تحضن الأقصى، وهي تحرص من خلال البؤر الاستيطانية على أن يتمدد وجود المستوطنين إلى أن يطغى الوجه الاستيطاني على الوجود العربي والإسلامي، ويبقى من المهم التصدي لهذه المحاولات عبر توثيق ملكيات المقدسيين، وتعزيز الوعي لدى المقدسيين بخطورة مخططات الجمعيات الاستيطانية التي تسعى إلى الاستيلاء على بيوتهم بشتى الوسائل، وإيجاد صناديق استثمارية فلسطينية وعربية وإسلامية أمينة للاستثمار في مجال الإسكان.