قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة وضع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي أمام واحدة من أصعب المعضلات الدبلوماسية التي واجهها خلال فترة منصبه. وأضافت الصحيفة، في تقرير أعده مراسلها من روما جيمس بوليتي، وترجمه بوابة القاهرة، أن هذه القضية روعت العديد من الايطاليين وسلطت دائرة الضوء الدولية على انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها نظام عبد الفتاح السيسي، لافتة إلى تظاهر الالاف للمطالبة بمحاسبة قتلة ريجيني. وتابعت: هذه الحادثة أجبرت رينزي على النظر في مجموعة من التدابير الانتقامية ضد القاهرة- من استدعاء السفير الإيطالي، إلى فرض عقوبات اقتصادية وتحذيرات السفر. ولفتت إلى أن رئيس الوزراء الإيطالي سعى لرعاية العلاقات مع مصر منذ توليه منصبه في عام 2014 لكن الخطوات التي سيتخذها يمكن أن تؤثر سلبا على العلاقة الوثيقة جدا مع السيسي والصفقات التجارية والاستثمارية الثنائية، فضلا عن التعاون في قضايا الأمن مثل ليبيا ومكافحة الإرهاب والهجرة. ونقلت الصحيفة عن ماتيا تولادو، الباحث البارز بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله: "رينزي احتضن السيسي حقا، وكانت علاقته معه واحدة من أكبر إنجازات سياسته الخارجية، وقد بناها أساسا من الصفر". وأضاف: "لذلك من المحرج أن يكون اختياره ما بين الحفاظ على علاقة بهذه الطريقة أو فعل شيئ لتهدئة الرأي العام المحلي". تقول الصحيفة إن الضغط السياسي على رينزي لاتخاذ موقف صارم ضد مصر في تزايد مستمر منذ مقتل ريجيني، كما أثارت شهادة والدته باولا في البرلمان الإيطالي الشهر الماضي المزيد من الغضب الشعبي في هذه القضية، حيث قالت: "لا يمكنني أن أصف لكم ما فعلوه به..لقد تعرفت عليه فقط من خلال طرف أنفه. ما تبقى منه لم يعد ريجيني". وتنقل الصحيفة عن حركة النجوم الخمسة، وهي حزب المعارضة الرئيسي في إيطاليا، قولها إن على رينزي قطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع مصر. وقال نوابها في لجنة الشؤون الخارجية في فبراير: "هذا هو الثمن الذي تدفعه إيطاليا لسياستها الخارجية عديمة الضمير، وصياغة الصفقات القذرة مع الأنظمة التي يوجد فيها قمع شرس". كما أشارت الصحيفة إلى أن منظمة العفو الدولية أطلقت حملة من أجل "الحقيقة" حول مقتل ريجيني بشعار أصفر شوهد في أنحاء إيطاليا خلال الأشهر الأخيرة. ونقلت عن تولادو مجددا قوله: "أي شيء لا يتضمن اعترافا بالمسؤولية من قبل الأجهزة الأمنية المصرية لا يمكن قبوله في إيطاليا". وأوضحت "فايننشال تايمز" أن سلسلة من الاجتماعات بين كبار المسؤولين المصريين وأعضاء النيابة العامة الايطالية يومي الخميس والجمعة ينظر إليها على انها الفرصة الاخيرة لمصر لتقديم تفسير ذو مصداقية لحادث القتل، مشيرة إلى أن القاهرة ادعت بأشكال مختلفة أن الطالب الإيطالي كان قد اختطف من قبل عصابة انتحلت صفة رجال شرطة. وأضافت: لأسابيع، شكا مسؤولون إيطاليون أن مصر حجبت معلومات ووثائق أساسية عن القتل، في محاولة لإخفاء تورط الأجهزة الأمنية، مشيرة إلى أن ريجيني الذي اختطف في الذكرى السنوية لثورة مصر عام 2011، كان يجري أبحاثا عن النشاط النقابي في مصر، وهو أمر لا يروق لنظام السيسي. ونقلت الصحيفة قول وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني هذا الأسبوع: "ما لم يكن هناك من وتيرة التغيير (من مصر)، فإن الحكومة الإيطالية مستعدة للرد من خلال اعتماد تدابير فورية ومتناسبة. لن نسمح أن تداس كرامة إيطاليا". وتابعت الصحيفة: لكن مسؤولين إيطاليين يعترفون أنه يمكن أن يكون هناك عوائق لاتخاذ موقف متشدد تجاه مصر. ونقلت عن أحد المسؤولين قوله: " الصفقات التجارية الجديدة جمدت بالفعل، وهناك خطر أن المشاريع الاستثمارية القائمة، بما في ذلك تطوير حقل ايني للغاز في البحر المتوسط، قد تواجه انتكاسات. كما أن مصر شريك أساسي في مكافحة تنظيم "داعش" وفي الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا". وأشارت الصحيفة في نهاية تقريرها إلى أن بعض المسؤولين في لإيطاليا اقترحوا أن تحصل إيطاليا على توقيعات حلفائها في الاتحاد الأوروبي قبل اتخاذ موقف أكثر تشددا، وذلك لتقليل احتمال رد انتقامي من القاهرة.