دعا الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية البروفسور فرانسوا بورغا دول الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة الانفتاح على الحركات الإسلامية بالعالم العربي وإجراء حوار معها، والابتعاد عن التبعية لأميركا في المواقف السياسية. وقال بورغا في محاضرة بصنعاء عن "تحديات العلاقات العربية الأوروبية" أقامها المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية إن موقف دول الاتحاد الأوروبي المقاطع للحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد الفوز في الانتخابات التشريعية تعود أسبابه بدرجة رئيسية إلى الانصياع للموقف الأميركي. وأكد أن ثمة عائقين يقفان أمام تطور العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي، الأول يتعلق بالسياسة الخارجية الأوروبية التابعة للموقف الأميركي المؤيد والداعم للكيان الصهيوني في احتلالها وإجراءاتها العسكرية في فلسطين، والعائق هو الثاني تعامل أوروبا مع أنظمة عربية غير ديمقراطية في مواجهة الحركات الإسلامية دون تمييز. وقال الخبير الفرنسي إن "الاتحاد الأوروبي يكيل بمكيالين فيما يخص الصراع العربي الصهيوني ودوله تساند قانون القوة الأميركي أكثر من مساندة قوة القانون الدولي". وأضاف أنه "كلما تمايز الاتحاد الأوروبي عن الولاياتالمتحدة الأميركية، أصبح شريكا أكثر تمتعا بالتقدير". وأشار بورغا إلى أن أطروحاته هذه متوفرة على مستوى البرلمان الأوروبي، وقال "منذ 15 عاما وأنا أقول إن الحركات الإسلامية تنتمي للمجتمعات العربية، وأطالب بضرورة التفريق بين كل الاتجاهات الإسلامية، فهناك حركات تؤمن بالديمقراطية والحوار، ويجب قبولها". كما أشاد بقدرة الإسلاميين على التواصل مع القوى اليسارية والقومية في المنطقة العربية، وخاصة تجربة اللقاء المشترك في اليمن التي جمعت الإسلاميين بالحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وقوى محسوبة فكريا على المذهب الشيعي.
واعتبر أن "شرعية الأنظمة العربية تمر بفترة صعبة، ما لم يتم الانفتاح الديمقراطي الذي يعطي للمجتمعات العربية حق المشاركة في السلطة، وأن تعبر هذه السلطات عن طموحات الشعوب"، مشيرا إلى أن المسؤول الوحيد في الدولة العربية صار هو المسؤول الوحيد غير المسؤول. وتطرق إلى وضع منظمات المجتمع المدني في العالم العربي التي قال إنها تعاني من محاولتين لوضع اليد عليها بطريقة تقيّد حركتها، فغالبا ما تخضع هذه المنظمات للأنظمة السلطوية التي تفرغها من محتواها الحقيقي، كما تستغلها في الاتصال بالأوروبيين للحصول على دعم مادي وسياسي، وتحسين صورتها في مجال الديمقراطية. وكشف أن برنارد لويس أول من استعمل مفهوم "حرب الحضارات" عام 1964م، وليس صموئيل هنتنغتون، وأعلن بورغا تأييده لحوار الحضارات، لكنه عبر عن أمله في قيام قطب دولي في مواجهة القطب الأميركي، وقال "نريد اتحادا سوفياتيا جديدا ليعيد التوازن للعالم، ويحد من تدخل أميركا في المنطقة العربية، وربما تلعب الصين هذا الدور". كما لفت إلى أن هناك اتجاهات داخل أوروبا عنصرية تسعى للانغلاق على الانتماءات الدينية والقومية، وشدد على ضرورة الخروج من سجن هذه الانتماءات الدينية والقومية والنظر إلى المستقبل، وقال" أعتقد أن مستقبلكم كعرب أفضل من مستقبلنا". يذكر أن البروفيسور فرانسوا بورغا من مواليد 1948، وقد قضى 18 عاما من حياته في الجزائر واليمن، وهو مختص في شؤون الحركات الإسلامية، ومن مؤلفاته "الإسلام السياسي.. صوت الجنوب" و" الحركة الإسلامية.. وجها لوجه"، كما صدر له مؤخرا كتاب "الإسلام السياسي في زمن القاعدة"، وعمل مديرا للمعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية بصنعاء في الفترة من 1997 حتى 2003.