بقلم د/ أحمد دراج [email protected] من ألف عام ونيف ومنذ أنشيء الأزهر لم تكن مؤسسته وجامعته بمثل هذا المستوى من التدهور الذي نراه اليوم ماثلا للعيان، فبعد أن كان منارة للحرية والتنوير، وتخرج فيه مصلحون عظام أمثال الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده صار مرتعا للخمول والاستبداد ومأوى لزائغي القلوب والضمائر وعبدة السلطان. وقبل مناقشة موضوع عرض طلاب الأزهر الرياضي أود أن أؤكد على أنني ومن وجهة نظر محايدة ( فلست ممن ينتمون للإخوان المسلمين أو غيرهم ) أرى أنه مهما اختلفنا مع بعض ممارسات الإخوان المسلمين إلا أن أمانة الكلمة تفرض على جميع العقلاء والمنصفين الوقوف في وجه وكلاء إشعال الحرائق والفتن الاجتماعية في مصر المحبوسة، وكلما حاول النظام تشويه صورة الإخوان فإنه يضيف رصيدا جديدا لفساده واستبداده. لقد انقضت أجهزة الإعلام الحكومية والخاصة من محطات تلفزيونية أرضية وفضائية وصحف ومجلات كما ينقض اللئام على ولائم السلطان، فلم تكد تلك الصحف والمحطات التلفزيونية تتلقى الأوامر بفتح النار على الإخوان المسلمين حتى وجدت في صور العرض الرياضي للطلاب المعتصمين في جامعة الأزهر- مع تحفظي علي أن تكون الجامعة مكانا للعرض- متنفسا لغيظها وحقدها فخرج من جحور الأمن الصحفية والتلفزيونية من تخصصوا في نصب المشانق للأبرياء والسذج( مثل سفاح بني مزار وغيره )، ومنهم هذا الشباب المطالب بحقه في انتخابات حرة بعيدا عن تدخل النظام الأمني ( وإن كان تعبيرهم يخلو من الخبرة والحصافة ) المتربص بهم وبغيرهم، وكان كل ذنب هؤلاء الطلاب أنهم أدور عرضا رياضيا لفنون الكاراتيه والكونج فو سبق أن قدموا مثله في عام 2002 بدون إشعال حرائق فتنة مماثلة. وها قد تحول العرض الرياضي بفعل سحرة فرعون إلى تشكيلات عسكرية ومهارات قتالية لقلب نظام الحكم بالتخطيط لعمليات العنف والإرهاب، ففي زمن أسود اعتلى فيه الأدعياء والجهلة واللصوص والقتلة قمة المشهد السياسي والاقتصادي والأمني والديني بات الشعب المصري بفئاته المختلفة متهما ومستسلما تحت قصف ميليشيات الأكاذيب والادعاءات والمغالطات وفرق التلفيق، ولكن كل هذا لا يمكن أن يحول دون فضح هؤلاء الأفاقين الكذبة. لقد اشتركت بعض قيادات جامعة الأزهر – بكل أسف- في عملية التآمر ضد شباب قليل الخبرة باستخدام كلمات كريهة كنا نظن أن بعض العلم قد ينزه ألسنتهم عن هذا التحريض لاستعداء النظام البوليسي ضد طلاب في مقتبل العمر، فلو كان وراءهم محرض من قيادات الإخوان ( كما روج رئيس الجامعة ) لرفضت هذا العرض لأنهم يدركون حجم تربص النظام بهم منذ أمد بعيد. وعندما يصف رئيس جامعة الأزهر طلاب جامعة التي يرأسها، وهم في مقام أبنائه بالأغنام الضالة والفئة المارقة ويعلن فشله في احتضان مطالب عادلة للطلاب فلماذا استمر في مكان ليس كفؤا له ؟! وما الذي يحول - بعد ادعاءاته تلك- بين سماسرة الحرائق وتجار الفتن وبين التدخل الأمني في شئون الجامعة ؟ وإذا كان هذا العرض الرياضي مخيفا ومرعبا كما زعم بعض المحرضين المغرضين فكيف يقبل أي عقول هذا الهراء في ظل الوجود المكثف لقوات الأمن المركزي وقيادات أمن الدولة المدججة بالأسلحة حول الطلاب " المتهمين " العزل في المكان نفسه ؟ ( كما هو واضح من الصور المعروضة ). وإذا كان رئيس جامعة الأزهر لا يدري أن جماعة الإخوان المسلمين التي اكتسبت الشرعية الشعبية عبر صناديق الاقتراع ( وليس بالتزوير ) لها أكبر عدد من نواب المعارضة في البرلمان ( 88 نائبا ) فإنه لا يستحق منصب رئاسة الجامعة لسببين: 1. أنه يتعامى بهذا التصريح عن حقيقة دستورية يعرفها القاصي والداني. 2. أنه وصف فريقا من نسيج المجتمع المصري باعتباره تنظيما محظورا وهو ما يعد توصيفا منحازا للنظام من رجل يشغل منصبا يفترض فيه الورع والتقوى!!!( لأن هذا التوصيف توصيف سياسي لحزب السلطة ضد كل خصومه ) وبما أن الأدعياء والمنافقين يحتكرون المقاعد الوثيرة في مفاصل مؤسسات الدولة ولكونهم الأقدر على صناعة وتسويق مباخر التضليل والشعوذة والتربص فقد تواطؤا و"طرمخوا " على كل جرائم النظام المستبد وهونوا منها، بل سوغوا للنظام وميليشياته للكاراتيه كل شيء بداية من قتل الناخبين واعتقال المعارضين وسحل القضاة في لجان الانتخابات وفي الشارع والتحرش الجنسي بالفتيات والشباب في الأربعاء الأسود يوم 25 مايو وما أعقبه ثم دفن التحقيقات ضد المعتدين من هذا النظام في ثلاجة سعادة النائب العام. وكل ما سبق نزل بردا وسلاما على الكابتن وأصحاب النفوس المرهفة " للتزوير"!! وأرهق عيونهم التي لم يمسسها النوم انتظارا لوليمة التشهير ونصب محاكم التفتيش لكل من يخالفهم في الرأي !!! أما ما تعرض له الطلاب من شطب وقهر وفصل واعتداء بالأسلحة البيضاء وقنابل المولوتوف داخل أسوار جامعة عين شمس والأزهر على يد بلطجية النظام فهو من قبيل ما يحسن السكوت عنه حياء وعفة إما من سيف النظام وإما لذهبه!!! ولو افترضنا جدلا أن طلاب الأزهر أخطأوا في التعبير عن اعتراضهم على سلوك قيادة الجامعة لفصل زملائهم في الاتحاد الحر بطريقة ساذجة، فما حدث من صحف أمن النظام وإدارة جامعة الأزهر ووراءهم نواب الحزب الانتهازي الحاكم يعد خطأ جسيما من جانبين: الأول: أنه تضخيم النتيجة وهي العرض الرياضي، وتجاهل السبب الرئيسي وهو عنف وعدوانية النظام ضد الشعب بجميع طوائفه في كل الانتخابات في الجامعات ونقابات العمال ومجلس الشعب ونوادي أعضاء هيئة التدريس ( الإسكندرية أخيرا). الثاني: محاسبة طلاب الأزهر على الاحتمال الظني وأوهامه، وتجاهل فعل العنف الحقيقي المجرم لأتباع النظام وحزبه الحاكم منذ ما يزيد عن ربع قرن. وهل علاج أي خطإ العرض يكون على قدر الجرم سواء أكان فاعله من أتباع النظام كما في أحداث البلطجة في جامعة عين شمس أو من بعض من ينتسبون لجماعة الإخوان في الأزهر؟ أم أن بلطجية الحكومة بأسلحتهم البيضاء والسوداء والجنازير والقنابل لهم الحصانة الحكومية الكاملة أما طلاب الإخوان فهم أولاد البطة السوداء ؟!! ألا ينتمون لشعب واحد أم أنها العنصرية ؟ وهل يمكن إصلاح خطإ عدد محدود من الطلاب( حوالي25 ) بارتكاب أخطاء فادحة من قيادة الجامعة وزوار الفجر من مؤسسات الدولة الأمنية باعتقال أكثر من140 طالبا وعدد من قيادات الإخوان المسلمين في منتصف الليل؟ إن الهجوم المتعدد الأبعاد والأهداف على شباب الإخوان في جامعة الأزهر وبعض قيادات الإخوان الأخرى سلوك عدواني لا يقبله أي شريف ولا صاحب ضمير حي في هذا البلد لأنه لا يمكن فصله مطلقا عن السياق الذي أحاط به ولا تفهم دوافعه بعيدا عن اكتساب الإخوان للشعبية يوما بعد يوم، ولا ينفصل كذلك عن اقتراب موعد انتخابات مجلس الشورى، ولا يمكن فهمه أيضا بمعزل عن جو الإحباط والظلم الذي طال المجتمع المصري بجميع فئاته من طلاب وعمال وقضاة وأساتذة جامعات ومهندسين وفلاحين وغيرهم. وإذا كانت الانتهازية تبرر لبعض المنافقين وأعضاء حزب الخراب العاجل الطامحين والطامعين من أمثال الكابتن أحمد تذاكر وعارضي برنو الصحافة السياسية مثل مصطفى جعير وعبد الله كلام وأبو طشة جنان وغيرهم في الإعلام المشبوه للحفاظ على مكاسبهم الشخصية لاستمرار التدليس على وعي الشعب، فما هو المبرر لذلك اللواء المتهم بقتل المعتقلين في السجون المصرية لاستكمال مسلسل التحريض والقتل المعنوي لخيرة شباب مصر وهو في أرذل العمر؟ أم يتمني استمرار غيبوبة الشباب وسطحيته وسيادة عروض التحرش الجنسي والعهر بين شباب مصر؟ لا أظن أن هناك مبررا لتضخيم ما حدث في جامعة الأزهر سوى إرهاب الشعب بإنشاء مصايد لمحاكم التفتيش في الصحف وقنوات التلفزيون لتنقب في الضمائر والنوايا وتحاكم كل الشعب المصري على معتقداته وسرائره !!!( وهذا بالضبط ما فعلوه مع التلميذة آلاء منذ بضعة أشهر).
رسالتان أيها المنافقون : اتقوا الله فينا وفي هذا البلد المنكوب بأمثالكم من المضللين وتجار الفتن وعتاة المحرضين !!! إلي أصحاب العقول في المعارضة الوطنية : لا تبتلعوا طعم النظام عن "ميليشيات" شباب الإخوان في الأزهر واعرضوا الأمر على عقولكم ، فكروا .. هل لإشعال موضوع العرض علاقة بإخفاء معالم جرائم عصابة( حكومة )التوربيني وأطفال الشوارع في مصر المحبوسة أو هو جزء من الثأر والانتقام لوزير الثقافة من الإخوان ؟!! وبعد ذلك صدقوهم أو كذبوهم، "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".