أكد السفير الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ القانون الدولي، أن إصدار المحكمة الجنائية الدولية أمس مذكرة اعتقال ثانية بحق الرئيس السوداني عمر البشير؛ يمثل عصا أمريكية من أجل عدم تراجعه عن استفتاء انفصال الجنوب. وقال د. الأشعل، في مداخلة له عبْر فضائية (الجزيرة)، صباح اليوم الثلاثاء، إن قرار المحكمة الثاني صدر بعدما تردَّدت بعض الأنباء عن وجود عقبات أمام الاستفتاء، وتزايدت الرؤى التي تنادي بعدم انفصال الجنوب السوداني عن شماله، وهو ما أزعج الولاياتالمتحدةالأمريكية.
وأشار إلى أن أمريكا تضغط بكل قوتها من أجل انفصال الجنوب وتفتيش السودان، وهو ما لا يوافق عليه الكثيرون من الشعب السوداني، وعلى رأسهم الرئيس البشير نفسه، ويتمنَّون ألا يحدث.
واختتم "إذا خفَف البشير لهجته بشأن الانفصال، أو أعلن تأييده هذا الانفصال، فإن المحكمة سترفع، وفورًا، المذكرة والقرار، وتزيل التهم الموجَّهة إليه".
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت أمس الاثنين، مذكرة اعتقال ثانية بحق الرئيس السودانى عمر حسن البشير لاتهامه بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
وزعمت المحكمة ومقرها لاهاى فى بيان أن "هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن البشير مسئول جنائيا عن ثلاث جرائم إبادة جماعية بحق الجماعات الإثنية للفور والمساليت والزغاوة".
وأوضحت أن تلك الجرائم هى "القتل وإلحاق ضرر جسدى أو عقلى جسيم وإخضاع الجماعات المستهدفة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلى".
ولا تنقض مذكرة الاعتقال الثانية أمر القبض الأول الصادر بحق البشير فى مارس من العام الماضى أو تحل محله.
وكانت المحكمة قد زعمت فى مذكرة الاعتقال الأولى أن "هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن البشير مسئول جنائيا عن خمس جرائم ضد الإنسانية وهى القتل والإبادة والنقل ألقسرى والتعذيب والاغتصاب" فضلا عن جريمتى حرب وهما "النهب وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم تلك، أو على مدنيين لا يشاركون مشاركة مباشرة فى الأعمال العدائية".
محكمة سياسية من ناحيته، اعتبر وزير الإعلام السودانى كمال عبيد، أن المحكمة الجنائية الدولية "محكمة سياسية"، وذلك رداً على إضافة تهمة الإبادة بحق الرئيس السودانى عمر البشير لدوره المفترض فى أعمال العنف فى إقليم دارفور.
وقال المتحدث الرسمى باسم الحكومة ووزير الإعلام كمال عبيد إن "إضافة تهمة الإبادة تؤكد أن المحكمة الجنائية الدولية هى محكمة سياسية لأنها تعلن دائما قراراتها حين يواجه السودان رهانات دقيقة مثل السلام فى دارفور أو تطبيق اتفاق السلام الشامل".
ويلحظ اتفاق السلام الشامل الذى وضع العام 2005، حداً لحرب استمرت عقدين بين شمال السودان وجنوبه، إجراء استفتاء فى يناير المقبل حول استقلال جنوب السودان. وأضاف الوزير السودانى لوكالة الأنباء السودانية الرسمية أن "قرار المحكمة الجنائية الدولية لا يعنينا، نحن (الحكومة) نهتم بالتنمية".
وتابع أن "القرار يتناقض مع جهود غازى صلاح الدين (المستشار الرئاسى المسئول عن ملف دارفور) الذى تمت الموافقة على استراتيجيته من جانب أعضاء البرلمان المنتخبين الذين يمثلون شعب السودان ودارفور".
وكان صلاح الدين كشف الأسبوع الفائت للنواب السودانيين استراتيجية جديدة تهدف إلى تعزيز التعاون مع دارفور بهدف إيجاد حل للنزاع فى هذا الإقليم. وأمر قضاة محكمة البداية فى المحكمة الجنائية الدولية الاثنين بإصدار مذكرة توقيف ثانية بحق البشير بتهمة الإبادة، إضافة إلى تلك التى صدرت بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى الرابع من مارس 2009. وهى أول مذكرة توقيف بتهمة الإبادة تصدرها المحكمة الجنائية منذ إنشائها فى 2003.
وأعلن قضاة المحكمة "هناك أسباب تدفع إلى الاعتقاد بمسئوليته الجنائية فى ثلاث تهم إبادة بحق "اثنيات فور ومساليت وزغاوة" الرئيسية فى دارفور الذى يشهد حربا أهلية منذ 2003". وكانت غرفة الاستئناف فى المحكمة الجنائية الدولية أمرت فى الثالث من فبراير قضاة محكمة البداية بإعادة النظر فى قرارهم عدم إضافة تهمة الإبادة فى مذكرة التوقيف التى صدرت فى الرابع من مارس 2009 بحق البشير.
وفى تصريح لوكالة الأنباء السودانية، أكد السفير السودانى لدى الأممالمتحدة عبدالمحمود عبدالحليم أن المحكمة الجنائية الدولية ضحية "هزيمة نفسية" بعد فوز البشير فى انتخابات أبريل.
وقال الموفد الأمريكى إلى السودان سكوت جراتيون فى نهاية الأسبوع على مدونته، إنه ينوى التوجه إلى السودان قبل نهاية يوليو، وخصوصا إلى دارفور. وتوقع بيان لوزارة الخارجية السودانية وصول جراتيون الجمعة المقبل إلى الخرطوم.