حالة من الفرح العارم الذي يصل الى درجة الهستيريا، هكذا يمكن وصف المشهد الصهيوني امس الاربعاء عقب النجاح المنقطع النظير للقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع الرئيس الامريكي باراك اوباما، في العاصمة واشنطن، كما عادت وكررت المصادر الرسمية في تل ابيب. وسائل الاعلام الصهيونية على مختلفها اكدت على انّ العلاقات بين الدولتين عادت الى طبيعتها، معتبرةً الازمة التي عصفت بالعلاقات بين تل ابيب وواشنطن بعد الاعلان عن البناء في القدسالمحتلة، خلال زيارة نائب الرئيس الامريكي، جوزيف بايدن، الى الدولة الصهيونية، بمثابة سحابة صيف عابرة.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة "هآرتس" الصهيونية عن مسئولين كبار في واشنطن قولهم ان المفاوضات المباشرة بين الصهاينة والسلطة الفلسطينية سوف تتجدد بعد بضعة اسابيع، كما عبّر مرافقون لرئيس الوزراء الصهيوني عن الرضا الصهيوني بشان تصريحات اوباما بما يتصل بالضبابية النووية الصهيونية.
وبحسب المصادر عينها فانّ باراك اوباما وبنيامين نتنياهو، قد ناقشا سوية التقدم في المفاوضات التقريبية، وسبل الدفع باتجاه المفاوضات المباشرة. وشدد الاعلام العبري، نقلا عن مصادر في حاشية نتنياهو، على انّ العلاقات الشخصية بين اوباما ونتنياهو قد رُممت، مشيرًا الى اللقاء الحميمي الذي عقدته عقيلة الرئيس الامريكي، ميشيل اوباما، مع عقيلة رئيس الوزراء، ساره نتنياهو، والذي تركّز على المونديال وعلى هوايات الاولاد.
من ناحيتها قالت "يديعوت احرونوت"، كبرى الصحف الصهيونية، انّ موضوع تجميد البناء في المستوطنات المقامة على اراضي الضفة الغربية، بما في ذلك البناء الاستيطاني في القدسالمحتلة، قد طرح في اللقاء، الا ان الطرفين امتنعا عن ذكر ذلك في المؤتمر الصحفي، وبذلا جهودهما لتجاوز هذا الموضوع.
وكانت وزيرة صهيونية قد اعلنت، الثلاثاء، انّ اعمال البناء في مستوطنات الضفة الغربيةالمحتلة ستستأنف في الخريف المقبل حالما تنتهي مفاعيل القرار الذي جمدت الحكومة بموجبه التوسع الاستيطاني في هذه المستوطنات.
وقالت وزيرة الثقافة والرياضة ليمور ليفنات، وهي من اقطاب حزب الليكود الحاكم برئاسة نتنياهو، للاذاعة العسكرية انّه ليس هناك ادني شك على الاطلاق في انّ اعمال البناء ستستانف في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) فور انتهاء مهلة التجميد المقررة في 26 سبتمبر.
واضافت الوزيرة انّ الحكومة "امرت بتجميد مؤقت للبناء، وهذا القرار لا يمكن المساس به، كما انّه ليس من الوارد بالنسبة لاسرائيل انْ تحاول، عبر تقديم تنازلات، اقناع الفلسطينيين ببدء مفاوضات مباشرة"، على حد قولها.
وكانت حكومة بنيامين نتنياهو قررت بضغط من واشنطن تجميد الاستيطان في الضفة الغربيةالمحتلة لمدة عشرة اشهر بغية تسهيل احياء عملية السلام بين الصهاينة والفلسطينيين.
وفي تصريح لاذاعة الجيش الصهيوني اكد النائب اوفير اكونيس القريب من نتنياهو على ان تجميد الاستيطان في يهودا والسامرة لن يستمر بعد 26 سبتمبر، وزاد قائلا "انّ رئيس الوزراء نتنياهو سيحاول اقناع الرئيس اوباما بممارسة ضغوط على الفلسطينيين لبدء مفاوضات سلام مباشرة مع اسرائيل"، على حد قوله.
يشار الى انّه وفي اللقاء الذي استمر ساعة و 40 دقيقة، قال نتنياهو "انّ المطلوب من اسرائيل هو تقديم تنازلات، في حين لا يتم فحص جدية الفلسطينيين في القضايا الجوهرية". وبحسبه فانّه على الفلسطينيين ان يوضحوا في المفاوضات المباشرة موقفهم بشأن قضيتي حق العودة ونهاية الصراع.
وقالت مصادر سياسية امريكية انّ اللقاء، الذي وصفه اوباما بالممتاز، كان ناجحًا، خلافًا للقاءات السابقة، وان علاقات العمل التي نشات بين الطرفين ليست استعراضية تهدف تمرير الوقت المتبقي لانتخابات الكونغرس بهدوء، في المقابل قالت مصادر مرافقة لنتنياهو ان الحديث عن عمل مشترك وتعزيز الثقة بين الطرفين.
وبحسب المصادر الصهيونية، كما افادت صحيفة "يديعوت احرونوت" فانّ تصريحات اوباما بشان الضبابية النووية الصهيونية لم يصرح بمثلها اي رئيس امريكي سابق، وخاصة في ظل القلق الصهيوني مؤخرا من امكانية حصول تغيير في سياسة الولاياتالمتحدة التي ادت الى اتخاذ قرار في مؤتمر منع انتشار الاسلحة النووية يجعل من الدولة الصهيونية حالة خاصة، حيث نقل عن اوباما قوله "نعتقد انه على ضوء عظمة اسرائيل، وتاريخها والمنطقة التي تقع فيها والتهديدات الموجهة اليها فان لها احتياجات امنية خاصة، يجب انْ تكون لديها القدرة على الرد على اي تهديد او عدة تهديدات في المنطقة".
يذكر ان اوباما قد امتدح ما اسماه "رغبة اسرائيل بالسلام"، واعتبر انها جدية بشأن نواياها للعودة الى المفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية.
على صلة بما سلف، راى المحلل السياسي في صحيفة "هاآرتس" الوف بن، في مقال نشره الاربعاء انّ الصورة العامة التي يُمكن رصدها بعد اللقاء المذكور هو انّ المشهد الشرق اوسطي لم يتغير من الناحية الاستراتيجية، وما زال مبدأ اقامة الدولة الفلسطينية، حلما بعيد المنال والتحقيق، مشددًا على انّ ما اسماها بالتنازلات التي قدّمها نتنياهو بضغطٍ من الامريكيين لا تعدو كونها تجميلية، ليس الا.
وبحسبه، اذا لم يتمكن الرئيس اوباما من "ابتزاز نتنياهو بالنسبة لاقامة دولة فلسطينية، فانّ الرئيس الامريكي سيكون الرابح، لانّه سيحصل على تاييد اليهود والصهاينة في الولاياتالمتحدة، والذين سيصوتون الى جانبه في الانتخابات التي ستُجرى في شهر نوفمبر القادم".
وزاد المحلل قائلا انّ رئيس الوزراء الصهيوني خرج من الاجتماع في البيت الابيض رابحا جدا، فقد اثبت للجميع ما كان يؤكده دائما وهو انّه لن يخضع للضغوط الامريكية، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى فانّ رئيس الوزراء الصهيوني تمكن من ارضاء الامريكيين دون ان يمس بالمرة بالائتلاف الحاكم في تل ابيب، وتحديدا قوى اليمين في حزبه وفي حكومته، على حد تعبيره.