اسعار الفاكهه اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025فى المنيا    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات بشوارع حى غرب سوهاج    التنمية المحلية: بدء أعمال إزالة 35 عقارا بدون ترخيص رصدتها المتغيرات المكانية في الشرقية    عاجل - "الفرصة الأخيرة" أمام حماس قبل فتح أبواب الجحيم.. آخر تحذيرات ترامب بشأن غزة    مبابى لاعب سبتمبر فى ريال مدريد متفوقا على فينيسيوس جونيور    سموحة يفوز على الإسماعيلى بثنائية نظيفة فى الدورى.. فيديو    وزير الخارجية يلتقي مندوبة الجابون الدائمة لدى اليونسكو    تابع الموسم السابع من مسلسل "المؤسس عثمان" 2025.. إليك قنوات العرض وبجودة عالية    افتتاح 3 مساجد بمراكز محافظة كفر الشيخ    خاص| ننشر صور تطهير مخرات السيول بالقاهرة استعدادًا لفيضانات النيل    ترامب: إذا لم توافق الفصائل الفلسطينية على الصفقة سيفتح أبواب الجحيم كما لم يره أحد    استقرار سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بختام اليوم    ترشح الخطيب.. غياب منسي.. تراجع صلاح.. مرض زيدان.. وكرة المونديال| نشرة الرياضة ½ اليوم    مسار يتفوق على الأهلي في قمة الدوري الممتاز للكرة النسائية    وزير الرياضة يهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم في بطولة العالم للأندية لكرة اليد    الأهلي يتحرك لتجديد عقد أحمد عبد القادر.. ويوسف: اللاعب أبدى مرونة كبيرة    السيطرة على حريق بشقة سكنية في بنها    محاكمة سارة خلفية وميدو وكروان مشاكل.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير نفق الشهيد مصطفى إبراهيم الصيفي    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    يحيى الفخراني: الفنان يجب أن يختار أعمالًا تحمل قيم تعيش مع الجمهور    الحلو وثروت وهانى شاكر يحيون حفل ذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    سنوات مع صلاح منتصر..حكايات ملهمة لتجربة صحفية فريدة    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال يواصل التقدم البري والقصف العنيف فى غزة    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    اسعار التوابل اليوم الجمعة 3-10-9-2025 في محافظة الدقهلية    صحة سيناء تعلن القضاء على قوائم الانتظار في المستشفيات    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بمحافظة الغربية ويُشيد بأداء الأطقم الطبية    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    الداخلية تكشف حقيقة فيديو شرطي يقود سيارة بلا لوحات في البحيرة    الكاريكاتير يسخر من الهزيمة ويحتفي بالنصر في معرض أكتوبر بدار الكتب    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة    عاجل- تعرف على سنن يوم الجمعة وفضل الدعاء وقراءة سورة الكهف    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    باراجواي تعلن دعمها الرسمي للدكتور خالد العناني في انتخابات اليونسكو 2025    الحاخام هنري حمرة.. أول مرشح يهودي سوري منذ 1967 يعلن الترشح لمجلس الشعب السوري    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    أحمد سليمان: جون إدوارد صاحب قرار رحيل فيريرا من الزمالك    ترامب يعلق 2.14 مليار دولار من مخصصات البنية التحتية في شيكاغو للضغط على الديمقراطيين    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    لقاء تعريفي حافل بكلية الألسن بجامعة قناة السويس للعام الأكاديمي 2025-2026    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة عائلية بسبب الميراث بالمنيا    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في أن يكون الإنسان – إنسانا، أو أشياء أخرى ..!!
نشر في الشعب يوم 26 - 06 - 2010


بقلم: عبد الرحمن عبد الوهاب

اجل ،خلق الإنسان ليحقق غايات عظمى من وجوده على سطح الكون ، وان كانت القضية أن يأكل ويشرب ويتناسل، فهو بهذا لن يختلف عن كثير من السوائم والانعام، لذا، هناك قضية كبرى . (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56 )
وجاء في التلمود: يقوم العالم على ثلاثة أشياء:على المعرفة والعبادة والإحسان .
فهو يعتبر ان "العبادة" ركيزة من الركائز التي يقوم عليها العالم، ولهذا قالوا الصلاة سلاح إسرائيل .
هذه تصورات الأعداء ،، ومع هذا لم يقتنع العلمانيين العرب أن الدين الإسلامي ركيزة النهوض.
أما بالنسبة للمعرفة فقد جعل المصطفى طلب العلم فريضة، وقال اطلبوا العلم ولو في الصين.. ولقد جاء في احد الأفلام الأمريكية" المعرفة هي القوة، اعرف ماهية العالم ".
كان ينظر الإنسان منذ بدء الخليقة إلى السماء وثمة إرهاصات وهواجس من الفلاسفة في قضية الماورائيات. لم تقطع لديه الشك باليقين.. وظلت السماء لغزا.. حتى الإسراء والمعراج، وأعطانا المصطفى الكريم الوصف التفصيلي لواقع السماء. اجل لقد نزلت من السماء الكتب. ونزلت رسل السماء من الملائكة إلى الصفوة من البشر. الأنبياء يحملون كلام الله تعالى وأوامره ونواهيه إلى البشر كي يرتقوا بالإنسان ويرفعوه إلى سماوات مجدهم. قال الأستاذ ميخائيل عيد "أتي الأنبياء إلى البشر ليرفعوهم إلى سماواتهم ولكن البشر أنزلوهم إلى الأرض. ولم يأخذوا إلا القليل وطمسوا وضيعوا الكثير ".
كانت قضية الأنبياء هي الارتقاء بالإنسان .
وقال الشاعر:
وشرعة الحر ان يسموا وان هبطت رغائب دنياه فالأشراف من سمقوا
وقال عيسى عليه السلام " ليس بالخبز يحيا الإنسان" فالإنسان بعد مجيء الأنبياء ثمة معايير أخرى لقياس الأشياء والحكم على الامور، بمعايير السماء وليس معايير الفلاسفة والحكماء..
فقد جاء في التوارة " كلمات في فمك خير من آلاف الذهب والفضة " من هنا لا قيمة للذهب والفضة حينما تقاس بكلمات نمجّد ونعّظم بها الله تعالى..
وقال تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت : 33 )
وكان معيار التقوى مقياسا هاما:
: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص : 83 )
أي ليس الأمر للعلو والفساد -العاقبة للمتقين وليست للمجرمين.
ارتقى العرب حينما طبقوا معايير وشريعة السماء على سطح الأرض. وحكموا العالم بناء على التقوى. ومفاهيم غير المعايير المادية والتنصل من قوانين السماء كما هو الواقع المعاصر.
وتفتق يومها الواقع الإسلامي المذعن لله والمسلم لله إلى أن انتهت أزّمة قيادة البشرية إليهم.. ليصرّفوها بالعدل وفي طاعة الله.. وما أن حادت عن الطريق.. تخلفت عن الركب. فالله تعالى يمّكن للدولة العادلة وان كانت كافرة ولا يمّكن للدولة الظالمة وان كانت مسلمة.
فميزان السماء هو العدل، وبالعدل قامت السماوات والأرض.. وهي المهمة الأساسية للرسل. أن يقوم الناس بالقسط. وضعنا الحالي.. كما قال ابو الدراداء في قبرص " ما أهون الخلق على الله إذا ضيعوا أمره.. بمعنى انها إذا ضيعت الأمة أمر الله، سلط الله عليها السبي، وإذا سلط الله السبي، لم يعد لله فيهم حاجة.. بمعنى أن لا قيمة لها في موازين السماء ولاثمة مبرر لوجودها..
قيل انه يأتي بالرجل العظيم السمين فلا يزن يوم القيامة جناح بعوضة.
قال تعالى
( فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً) (الكهف : 105)
تابعت آراء المفكرين الغربيين نحو الحضارة الغربية. وكانت تتقارب نحو مضمون واحد هو البحث عن منهج مختلف.. يقول "ودرو ويلسون" لنختصر الأمر في هذا القول: أن حضارتنا لا يمكن أن تستمر ماديا مالم تعدل روحيا "
The sum of the whole matter is this, that our civilization cannot survive materially unless it be redeemed spiritually." —Woodrow Wilson


And the wind shall say "Here were decent godless people; Their only monument the asphalt road, And a thousand lost golf balls."
~T.S. Eliot
وهو ما قاله ت اس اليوت .. وستقول الريح : كان هناك شعوب "كافرة" نصبهم التذكاري الوحيد طريق الإسفلت وآلاف من كرات الغولف الضائعة.
قال البرت أينشتاين "نحتاج بشكل جذري إلى نوع جديد من الفكر إذا أرادت البشرية ان تستمر الحياة .":
We shall require a substantially new manner of thinking if mankind is to survive. ~Albert Einstein
هناك معايير تحكم الأرض ترتكز على " تقوى الله" ليس بمعنى أن تختلف مع إنسان ما ان تستعمل كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للتدمير.. انه بدون كوابح من تقوى، فلن يستمر العالم، لان واقع الأرض سيكون غابة لا تحتمل حال اذا أطلق للإنسان العنان بدون كوابح من تقوى، فان الوضع كارثي. كما رأيناه في هيروشيما ونجازاكي او العراق على مدى العشرين يوما الأولى من الغزو الأمريكي.
ان يسقط القنبلة على الأرض. دون أن يعبأ إذا كان هناك طفل صغير يركض خلف فراشه.
وقال توماس كارليل: الحضارة فقط غلاف والذي مازالت تنفجر من خلاله الطبيعة الوحشية للإنسان الدنيئة دوما..
Is man's civilization only a wrappage, through which the savage nature of him can still burst, infernal as ever? ~Thomas Carlyle, The French Revolution, vol III, book V, chapter 7.
إذا كان الإنسان يسير بلا تقوى فانه يحث الخطى نحو الكارثة وهذا الوضع العالمي من الانحدار الأخلاقي والإباحية، لم يرتق بالإنسان، وانحدرت إنسانيا، لا تحترم السماء، ولا تخشى الله.. ولا يرجون لله وقارا، اذا لابد أن يحترم الإنسان نفسه.. ولن يحترم الإنسان ولن يعرف الغاية من الوجود إلا إذا نظر إلى السماء ووقف تبعا لما نصت عليه كتب السماء ووحي الأنبياء. وان يتوقف عند ما نهت عنه كتب السماء وما نهى عنه الانبياء.. مهما كانت عوامل الخداع والاستدراج.. أو الركون إلى القوة في بعض الاحيان.
قال تعالى (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً) (فاطر : 44 )
فالإنسان إذا انتهى به الهوى والشيطان إلى عبادة الدولار والدينار والشيطان ورأس المال تحول من الذروة إلى المنحدر.
المبادئ أمر هام ولهذا لن تستقيم مبادئ الغرب مع مبادئ العالم الإسلامي المنزلة من السماء..
فنحن في واد وهم في واد آخر.
أساء رجل إلى أبي ذر فقال ابو ذر "نحن لا نكافيء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه".
شتم رجل أعرابي وعيّره بعيوب فيه، فقالوا له لم لا ترد عليه، فقال الأعرابي، لا اعرف له عيوب فخشيت ان أبهته. أي أصفه بما ليس فيه يهتانا.
الله هو الأساس في المعاملات والعبادات. والحركة في الحياة. وصلب الأمور في الواقع البشري .
وان تقواه مصدر الارتقاء..
جاء في مجلة الحوادث ان طالبه جامعية وضعت صورة مفبركة. للدكتورة التي تدرس لها على الشبكة وذيلتها بكلمات توحي أنها امرأة ساقطة ذلك لان الطالبة أرادت الانتقام منها لأنها ضبطتها وهي تغش.
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، فالإنسان ليس له قيمة اعتبارية إلا بالمبادئ التي يعيش من اجلها.. وكذا يموت، المباديء لا يمكن التنصل منها تحت أمور الحاجة والعوز والفاقة او تحت أي مبررات، أي ان يبيع مبادئه لمن يدفع ويبيع ضميره وأخلاقه لمن يشتري, أو يترك دينه مقابل صفقة ماديه. هناك أشياء في الوجود ليست قابلة للبيع والشراء.
ندرك ان هناك مؤامرة.. اذا اقتصر الإنسان في حياته على دائرة الخبز ومحاولة من الكدح المتواصل نظرا لعدم تواجده. كي ينحصر جهده في دائرة كفلها الله له ولعامة الكائنات من دواب وطير. فيجعلها الاستبداد مستحيلة جراء التجويع من اجل التطويع فهنا جريمة يقترفها الاستبداد في إقصاء الإنسان عن الدائرة الأهم. واهيمتها لأنها بها تحديدا تتحقق بها القيمة العليا للإنسان والتي بها يمضي الإنسان بنفسه إلى قمة نفسه. الإنسان بالمبادئ هو كيان وحيثية فلا يمكن أن يعيش الإنسان بلا شرف وبلا أمانة وبلا كرامة وبلا أخلاق وكل هذه الأمور مصدرها الأساسي هو الدين.
قد يعيش الانسان للمباديء ودائرة اكبر من اهتماماته الصغيرة فيصعب عليه الموازنات.. الا انه احيانا بل قطعا يقع في دائرة الاتهام ممن قّصر في حقهم فيمن يخص الدائرة القليلة المسئول عنها.. مثل ابنائه... كأن يقف ابنك الصغير. ويقول لك انا ذاهب للعمل غدا.. فتفيق على هول الصدمة.. يا بني أما كان أن تنتظر قليلا حتى يشتد عودك.. تخنقك الغصة وتفر من عينك الدمعة.. وتناشده ما زال الوقت بدري لتحمل أعباء الايام وعركة الحياة. مازال كاهلك ضعيف.. حتى تتحمل قسوة الأيام..
تستشعر الحسرة ان تجد ابناءك، لم ينالوا منك الوقت الكافي، والاهتمام .. بينما من عاشوا بدون مباديء.. حققوا لابناءهم مالم تحققه انت..
انها نفس المساحة التي وقف عندها.. محمد جلال عبد القوي في حضرة المتهم ابي.
اعتقد ان هناك دولاً لم تتأثر بفكر العولمة، فهي ليست لها أسس أو مرتكزات مسبقة من المبادئ كي تحتفظ بها، أو أنها تلتقي مع الغرب حتى النخاع، ولم يأت الغرب لها بجديد أكثر مما هو كائن عندها, فهناك الدول أو المدن الساحلية في أوربا أو أسفل المتوسط قد تكون مؤهلة لاستقبال العولمة. ولكن المؤلم أن يكون هناك مجتمع مسلم ويتنصل من منظومته الأخلاقية.
كنت سعيد بموقع Islamic finder وهو موقع يضم اكبر قاعد بيانات تضم مساجد المسلمين في العالم، وكنت سعيد أنني وجدت موقع قريتنا الصغيرة عليه بالإضافة إلى تحديد المسافة للوصول إليه بالكيلو متر.
فانا اعتبر المسجد كونه بيت الله فهو يمثل مصدر إشعاع لمبادئ السماء على الجوار السكني والارتقاء بالبشر ممن يسكنون في جواره. وأيضا له الدور البارز في تأهيل الامراض الاجتماعية إذا كان هناك عجز وتقصير فان المسجد يقوم بإصلاح الاعوجاج القائم تبعا لمبادئ السماء. من هنا اعتبر ان المسجد ذو أهمية كبرى في الواقع الإسلامي. لان المسجد يرتبط بحركة المسلم في الحياة فهو يرتاده خمسة مرات يوميا..
الا ان قريتنا الصغيرة تأثرت بعوامل العولمة وتخلت عن مبادئ السماء. فان كنت سعيد بالوصول إلى مسجدي عبر الانترنت. إلا أن أثار العولمة على قريتي كانت واضحة. ثمة ظاهرة بدت في قريتنا في الآونة الأخيرة. وهو أن يبحث الشباب عن الثراء السريع دون جهد بذل بغية تحقيق الثراء، وان كان عبر طريق غير شريفة، اكثر من شخص ذهبوا الى الخليج وعادوا بثروة طائلة وعاد في أثرهم الخليجيين يبحثون عنهم ليسترجعوا ما سرقوه، جاء احد الخليجيين إلى القرية وعندما يأس من استرجاع المال عاد إلى وطنه بخفي حنين وقال سأدعو عليه في الكعبة..
ان السياق الطبيعي والمتداول منذ القدم، أن يتعلم الإنسان ويكتسب خبرات ويؤهل نفسه علميا واحترافيا، لكي يوظف خبراته العلمية للعمل الشريف عند الآخرين مقابل مبلغ مادي شهريا، على أسس من الأمانة والشرف وليس أن يوظف خبرات اللصوصية في الانقضاض والاختلاس والسطو على مال الآخرين..
ان الوضع يقتضي أن نؤهل المهندس المسلم والطبيب المسلم والصحفي المسلم على أسس من الأمانة وإلا فالنضع قسم في كليات التجارة والطب والاعلام كيف يتم النصب والسرقة والاختلاس والتلفيق والتدليس.
نعم هناك ثمة خطأ.. وقد يذهب إنسان بخبراته إلى الخليج ولا يرجع بمال. اجل هذا رزقه وهذه اقدار الله وهذا ليس عيب. ولكن العار أن يكون الإنسان لصا..!!
قال الإمام علي من أكل لقمة حرام لم تقبل منه صلاة أربعين يوما.. وكل جسد بنت من حرام فالنار أولى به. واللقمة تنبت اللحم..
وثمة آخر من قريتنا بعد أن عاد من الخارج لابد أن يرتكب النصب حتى آخر طلقة في الميدان ولا ثمة تضييع وقت.. وهاهو ركب تاكسي أجرة القاهرة ليقله إلى قريتنا، فيصل عند أذان الفجر، وترجل من التاكسي قائلا للسائق سآتيك بالأجرة من المنزل. ودخل في دهاليز القرية واختفى.. وبقي الرجل إلى القيلولة ليرجع بعدها أدراجه إلى القاهرة وهو يدعو عليه والقرية الظالم أهلها. كان هناك حلف الفضول في الجاهلية حيث قال المصطفى لو دعي إليه في الإسلام لأجاب. وكان من بين مبادئ حلف الفضول أن لا ُيظلم بمكة غريب.
فهل قريتنا تحتاج في عصر العولمة والجاهلية الحديثة إلى حلف فضول. لرد المظالم إلى الغرباء. أم أن التقصير يقع على دور المسجد انه لم يؤد الدور كما ينبغي، أم عائد الى تقليص عدد حصص الدين بالمدارس، أم للتنشئة في البيت المسلم، أم أن ثقافة العولمة لها الدور السلبي في تردي ثقافة البشر بعدما صار النصب واللصوصية سياق اجتماعي كأمر طبيعي على مستوى الدول العظمى والشعوب والأفراد وانتهت بنا إلى الكفور والنجوع..
لا عيب أيها السادة أن يكون الإنسان فقيرا معدما.. ولكن العيب أن يكون لصا.
قال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ) (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ) (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون : 12-13-14 )
انها المبادئ هي التي جعلت الحسين ثائرا. وهي التي جعل مصعب يستشهد محتضنا اللواء.. والمبادئ هي التي جعلت خالد يشهر السيف في وجوه العالمين. بالمبادئ يرتقي الإنسان، ويرتفع إلى الذروة. وبدون مبادئ. ليت أمه لم تلده. هناك مثل في بلاد اليمن يقال لمن لا يؤدي الدور المناط به في الوجود على خير وجه. ياليت أمك جحدتك. أو ياليت أمك جابتك دم.. أي يا ليت أمه أنزلته سقاطا ومات قبل أن يكتمل النمو.. كما مر في نظرية الخلق التي صورها القران. هناك بالمبادئ المرتكزة على العقيدة تتحقق القيمة المثلى للإنسان، فالإنسان ليس حيوان ناطق كما قال الغرب.. والإنسان بمباديء السماء يسمو ويرتقي.. والإنسان المؤمن عند الله عظيم القدر.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء : 70 )
فالله قد اغرق الكون بطوفان ..من اجل حفنة مؤمنه قليلة .آمنت مع نوح ..
قال تعالى : (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ) (هود : 40 )
وهذا التكريم للإنسان لابد أن ُيتلقى من قبل الإنسان بالتقدير وأن يكون عند حسن ظن الله به بهذا التكريم.
ولا يكون كمن قال الله فيهم:
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف : 179 )
أي لا قلوب ولا أعين ولا أذان.
أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ.
بل أضل ..
إن إنسان بدون مبادئ.. ماهو إلا أشياء أخرى وليس كانسان.. انه دم أو سقاط لم يكتمل كخلق أو نوع من الإفرازات كريهة الرائحة ، لا يمكن أن نضعه ضمن المعايير المتداولة كانسان.. لأنه لم يحقق الدور المناط به من تكريم الله له.
قال دعبل الخزاعي:
إذا أهان امرؤ نفسه فلا أكرم الله من أكرمه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.