«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في أن يكون الإنسان – إنسانا ، أو أشياء أخرى ..!!
نشر في المصريون يوم 26 - 06 - 2010

اجل ،خلق الإنسان ليحقق غايات عظمى من وجوده على سطح الكون ،
وان كانت القضية أن يأكل ويشرب ويتناسل ، فهو بهذا لن يختلف عن كثير من السوائم والانعام ،لذا . هناك قضية كبرى . (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56 )
وجاء في التلمود : يقوم العالم على ثلاثة أشياء:على المعرفة والعبادة والإحسان .
فهو يعتبر ان "العبادة" ركيزة من الركائز التي يقوم عليها العالم ، ولهذا قالوا الصلاة سلاح إسرائيل .
هذه تصورات الأعداء ،، ومع هذا لم يقتنع العلمانيون العرب أن الدين الإسلامي ركيزة النهوض .
أما بالنسبة للمعرفة فقد جعل المصطفى طلب العلم فريضة ، وقال اطلبوا العلم ولو في الصين .. ولقد جاء في احد الأفلام الأمريكية" المعرفة هي القوة ، اعرف ماهية العالم "
والاحسان كما قال المصطفى : أن تعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك .
كان ينظر الإنسان منذ بدء الخليقة إلى السماء وثمة إرهاصات وهواجس من الفلاسفة .في قضية الماورائيات . لم تقطع لديه الشك باليقين .. وظلت السماء لغزا .. حتى الإسراء والمعراج
وأعطانا المصطفى الكريم الوصف التفصيلي لواقع السماء. اجل لقد نزلت من السماء الكتب . ونزلت رسل السماء من الملائكة إلى الصفوة من البشر . الأنبياء يحملون كلام الله تعالى وأوامره ونواهيه إلى البشر كي يرتقوا بالإنسان ويرفعوه إلى سماوات مجدهم . قال الأستاذ ميخائيل عيد ، أتي الأنبياء إلى البشر ليرفعوهم إلى سماواتهم ولكن البشر أنزلوهم إلى الأرض . ولم يأخذوا إلا القليل وطمسوا وضيعوا الكثير "
كانت قضية الأنبياء هي الارتقاء بالإنسان .
وقال الشاعر:
وشرعة الحر ان يسموا وان هبطت رغائب دنياه فالأشراف من سمقوا
وقال عيسى عليه السلام " ليس بالخبز يحيا الإنسان" فالإنسان بعد مجيء الأنبياء . ثمة معايير أخرى لقياس الأشياء والحكم على الامور، بمعايير السماء وليس معايير الفلاسفة والحكماء..
.فقد جاء في التوراة " كلمات في فمك خير من آلاف الذهب والفضة " من هنا لا قيمة للذهب والفضة حينما تقاس بكلمات نمجّد ونعّظم بها الله تعالى ..
وقال تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت : 33 )
وكان معيار التقوى مقياسا هاما :
: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص : 83 )
أي ليس الأمر للعلو والفساد -العاقبة للمتقين وليست للمجرمين .
ارتقى العرب حينما طبقوا معايير وشريعة السماء على سطح الأرض . وحكموا العالم بناء على التقوى . ومفاهيم غير المعايير المادية والتنصل من قوانين السماء كما هو الواقع المعاصر.
وتفتق يومها الواقع الإسلامي المذعن لله والمسلم لله إلى أن انتهت أزّمة قيادة البشرية إليهم .. ليصرّفوها بالعدل و في طاعة الله .. وما أن حادت عن الطريق .. تخلفت عن الركب . فالله تعالى يمّكن للدولة العادلة وان كانت كافرة ولا يمّكن للدولة الظالمة وان كانت مسلمة .
فميزان السماء هو العدل ، وبالعدل قامت السماوات والأرض .. وهي المهمة الأساسية للرسل . أن يقوم الناس بالقسط . وضعنا الحالي ..كما قال ابو الدراداء في قبرص " ما أهون الخلق على الله إذا ضيعوا أمره .. بمعنى انها إذا ضيعت الأمة أمر الله، سلط الله عليها السبي ،وإذا سلط الله السبي ، لم يعد لله فيهم حاجة ..بمعنى أن لا قيمة لها في موازين السماء ولاثمة مبرر لوجودها..
قيل . انه يأتي بالرجل العظيم السمين فلا يزن يوم القيامة جناح بعوضة .
قال تعالى
( فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً) (الكهف : 105)
تابعت آراء المفكرين الغربيين نحو الحضارة الغربية . وكانت تتقارب نحو مضمون واحد .. هو البحث عن منهج مختلف .. يقول "ودرو ويلسون" لنختصر الأمر في هذا القول :أن حضارتنا لا يمكن أن تستمر ماديا مالم تعدل روحيا "
The sum of the whole matter is this, that our civilization cannot survive materially unless it be redeemed spiritually." —Woodrow Wilson
وهو ما قاله ت اس اليوت .. وستقول الريح : كان هناك شعوب "كافرة" ومحترمة نصبهم التذكاري الوحيد طريق الإسفلت وآلاف من كرات الغولف الضائعة .,.
And the wind shall say "Here were decent godless people; Their only monument the asphalt road, And a thousand lost golf balls."
~T.S. Eliot
قال البرت أينشتاين "نحتاج بشكل جذري إلى نوع جديد من الفكر إذا أرادت البشرية ان تستمر الحياة .".:
We shall require a substantially new manner of thinking if mankind is to survive. ~Albert Einstein
هناك معايير تحكم الأرض ترتكز على " تقوى الله" ليس بمعنى أن تختلف مع إنسان ما ان تستعمل كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للتدمير .. انه بدون كوابح من تقوى ، فلن يستمر العالم .لان واقع الأرض سيكون غابة لا تحتمل حال اذا أطلق للإنسان العنان بدون كوابح من تقوى ..فان الوضع كارثي . كما رأيناه في هيروشيما ونجازاكي او العراق على مدى العشرين يوما الأولى من الغزو الأمريكي .
ان يسقط القنبلة على الأرض . دون أن يعبأ إذا كان هناك طفل صغير يركض خلف فراشة .
وقال توماس كارليل : .الحضارة فقط غلاف والذي مازالت تنفجر من خلاله الطبيعة الوحشية للإنسان الدنيئة دوما ..
Is man's civilization only a wrappage, through which the savage nature of him can still burst, infernal as ever? ~Thomas Carlyle, The French Revolution, vol III, book V, chapter 7.
إذا كان الإنسان يسير بلا تقوى فانه يحث الخطى نحو الكارثة وهذا الوضع العالمي من الانحدار الأخلاقي والإباحية ، لم يرتق بالإنسان ، وانحدرت إنسانيا ، لا تحترم السماء . ولا تخشى الله .. ولا يرجون لله وقارا .اذا لابد أن يحترم الإنسان نفسه ..ولن يحترم الإنسان ولن يعرف الغاية من الوجود إلا نظر إلى السماء ووقف تبعا لما نصت عليه كتب السماء ووحي الأنبياء . وان يتوقف عند ما نهت عنه كتب السماء وما نهى عنه الانبياء ..مهما كانت عوامل الخداع والاستدراج .. أو الركون إلى القوة في بعض الاحيان.
.قال تعالى
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً) (فاطر : 44 )
فالإنسان إذا انتهى به الهوى والشيطان إلى عبادة الدولار والدينار والشيطان ورأس المال تحول من الذروة إلى المنحدر ,.
المبادئ أمر هام ولهذا لن تستقيم مبادئ الغرب مع مبادئ العالم الإسلامي المنزلة من السماء ..
فنحن في واد وهم في واد آخر.
أساء رجل إلى أبي ذر .
فقال ابو ذر . نحن لا نكافيء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه .
شتم رجل أعرابي وعيّره بعيوب فيه ، فقالوا له لم لا ترد عليه ، فقال الأعرابي ، لا اعرف له عيوب فخشيت ان أبهته . أي أصفه بما ليس فيه يهتانا .
الله . هو الأساس في المعاملات والعبادات . والحركة في الحياة . وصلب الأمور في الواقع البشري .
وان تقواه مصدر الارتقاء..
جاء في مجلة الحوادث ان طالبه جامعية وضعت صورة مفبركة . للدكتورة التي تدرس لها على الشبكة وذيلتها بكلمات .توحي أنها امرأة ساقطة .ذلك لان الطالبة أرادت الانتقام منها لأنها ضبطتها وهي تغش .
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان .فالإنسان ليس له قيمة اعتبارية إلا بالمبادئ التي يعيش من اجلها .وكذا يموت . المبادئ لا يمكن التنصل منها تحت أمور الحاجة والعوز والفاقة أو تحت أي مبررات ،أي أن يبيع مبادئه لمن يدفع .ويبيع ضميره وأخلاقه لمن يشتري , أو يترك دينه .مقبل صفقة ماديه . هناك أشياء في الوجود ليست قابلة للبيع والشراء .
ندرك ان هناك مؤامرة ..اذا اقتصر الإنسان في حياته على دائرة الخبز ومحاولة من الكدح المتواصل نظرا لعدم تواجده . كي ينحصر جهده في دائرة كفلها الله له ولعامة الكائنات من دواب و طير. فيجعلها الاستبداد مستحيلة .جراء التجويع من اجل التطويع فهنا جريمة .يقترفها الاستبداد في إقصاء الإنسان عن الدائرة الأهم . واهميتها لأنها بها تحديدا تتحقق بها القيمة العليا للإنسان والتي بها يمضي الإنسان بنفسه إلى قمة نفسه .الإنسان بالمبادئ هو كيان وحيثية فلا يمكن أن يعيش الإنسان بلا شرف وبلا أمانة وبلا كرامة وبلا أخلاق وكل هذه الأمور مصدرها الأساسي هو الدين .
قد يعيش الإنسان للمبادئ ودائرة اكبر من اهتماماته الصغيرة فيصعب عليه الموازنات .. إلا انه أحيانا بل قطعا يقع في دائرة الاتهام ممن قّصر في حقهم فيمن يخص الدائرة القليلة المسئول عنها .. مثل ابنائه... كأن يقف ابنك الصغير . ويقول لك أنا ذاهب للعمل غدا .. فتفيق على هول الصدمة .. يا بني أما كان أن تنتظر قليلا حتى يشتد عودك .. وتناشده ما زال الوقت بدري لتحمل أعباء الأيام وعركة الحياة . مازال كاهلك ضعيف .. حتى تتحمل قسوة الأيام ..
تستشعر الحزن ان تجد ابناءك ، لم ينالوا منك الوقت الكافي ، والاهتمام .. بينما من عاشوا بدون مباديء ،
.. حققوا لابناءهم مالم تحققه أنت ..
انها نفس المساحة التي وقف عندها .. محمد جلال عبد القوي في حضرة المتهم ابي .
ولكن دوما العقبات مخيفة اذا اغمضت عينيك عن الهدف.. ما اروع ان تعيش لفكرة ان يهيمن القرآن على العالم .
اعتقد ان هناك دولاً لم تتأثر بفكر العولمة ، فهي ليست لها أسس أو مرتكزات مسبقة من المبادئ كي تحتفظ بها ، أو أنها تلتقي مع الغرب حتى النخاع ، ولم يأت الغرب لها بجديد أكثر مما هو كائن عندها , فهناك الدول أو المدن الساحلية في أوربا أو أسفل المتوسط . قد تكون مؤهلة لاستقبال العولمة . كأن يكون هناك بعض الطوائف في لبنان مثلا تلتقي مع العولمة قالبا وموضوعا ، قد يكون جراء المذهب الديني ،أو الهجرات المتتالية ، منه ما قرأته في القدس العربي عن بديعة مصابني " أنها كانت لا تعترف بشيء اسمه" شرف " من هنا لن تأت العولمة لفكر قائم مثلا، على هذا النسق المصابني بجديد . ولكن المؤلم أن يكون هناك مجتمع مسلم ويتنصل من منظومته الأخلاقية .
كنت سعيد بموقع Islamic finder وهو موقع يضم اكبر قاعد بيانات تضم مساجد المسلمين في العالم ، وكنت سعيد أنني وجدت مسجد قريتنا الصغيرة عليه بالإضافة إلى تحديد المسافة للوصول إليه بالكيلو متر .
فانا اعتبر المسجد كونه بيت الله فهو يمثل مصدر إشعاع لمبادئ السماء على الجوار السكني والارتقاء بالبشر ممن يسكنون في جواره .وأيضا له الدور البارز في تأهيل الامراض الاجتماعية إذا كان هناك عجز وتقصير فان المسجد يقوم بإصلاح الاعوجاج القائم تبعا لمبادئ السماء .من هنا اعتبر ان المسجد ذو أهمية كبرى في الواقع الإسلامي .لان المسجد يرتبط بحركة المسلم في الحياة فهو يرتاده خمسة مرات يوميا ..
رأيت مشاهد استوقفتني على العاشرة مساء .. ان استضافت المذيعة لصا . وتناقشة في سرقة البيوت وخبراته السابقة . هل اللصوصية شعار المرحلة .
الا ان قريتنا الصغيرة تأثرت بعوامل العولمة وتخلت عن مبادئ السماء .فان كنت سعيد بالوصول إلى مسجدي عبر الانترنت .إلا أن أثار العولمة على قريتي كانت واضحة . ثمة ظاهرة بدت في قريتنا في الآونة الأخيرة . وهو أن يبحث الشباب عن الثراء السريع .دون جهد بذل بغية تحقيق الثراء .وان كان عبر طريق غير شريفة ,اكثر من شخص ذهبوا الى الخليج وعادوا بثروة طائلة وعاد في أثرهم الخليجيين يبحثون عنهم ليسترجعوا ما سرقوه .جاء احد الخليجيين إلى القرية وعندما يأس من استرجاع المال عاد إلى وطنه بخفي حنين وقال سأدعو عليه في الكعبة ..
ان السياق الطبيعي والمتداول منذ القدم ،أن يتعلم الإنسان ويكتسب خبرات ويؤهل نفسه علميا واحترافيا ،لكي يوظف خبراته العلمية للعمل الشريف عند الآخرين مقابل مبلغ مادي شهريا ، على أسس من الأمانة والشرف وليس أن يوظف خبرات اللصوصية في الانقضاض والاختلاس والسطو على مال الآخرين..
ان الوضع يقتضي أن نؤهل المهندس المسلم والطبيب المسلم والصحفي المسلم على أسس من الأمانة وإلا فالنضع قسم في كليات التجارة والطب والأعلام كيف يتم النصب والسرقة والاختلاس والتلفيق والتدليس.
نعم هناك ثمة خطأ ..وقد يذهب إنسان بخبراته إلى الخليج ولا يرجع بمال . اجل هذا رزقه وهذه اقدار الله وهذا ليس عيب . ولكن العار أن يكون الإنسان لصا ..!!
قال الإمام علي من أكل لقمة حرام لم تقبل منه صلاة أربعين يوما ...وكل جسد بنت من حرام فالنار أولى به . واللقمة تنبت اللحم..
وثمة آخر من قريتنا بعد أن عاد من الخارج لابد أن يرتكب النصب حتى آخر طلقة في الميدان ولا ثمة تضييع وقت .. وهاهو ركب تاكسي أجرة القاهرة ليقله إلى قريتنا ، فيصل عند أذان الفجر ، وترجل من التاكسي قائلا للسائق سآتيك بالأجرة من المنزل . ودخل في دهاليز القرية واختفى.. وبقي الرجل إلى القيلولة ليرجع بعدها أدراجه إلى القاهرة وهو يدعو عليه والقرية الظالم أهلها .كان هناك حلف الفضول في الجاهلية حيث قال المصطفى لو دعي إليه في الإسلام لأجاب . وكان من بين مبادئ حلف الفضول أن لا ُيظلم بمكة غريب .
فهل قريتنا تحتاج في عصر العولمة والجاهلية الحديثة إلى حلف فضول .لرد المظالم إلى الغرباء . أم أن التقصير يقع على دور المسجد انه لم يؤد الدور كما ينبغي ، أم عائد الى لتقليص عدد حصص الدين بالمدارس ، أم للتنشئة في البيت المسلم ، أم أن ثقافة العولمة لها الدور السلبي في تردي ثقافة البشر بعدما صار النصب واللصوصية سياق اجتماعي كأمر طبيعي على مستوى الدول العظمى والشعوب . والأفراد وانتهت بنا إلى الكفور والنجوع ..
لا عيب أيها السادة أن يكون الإنسان فقيرا . معدما .. ولكن العيب أن يكون لصا .
****
قال تعالى :
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ) (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ) (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون : 12-13-14 )
انها المبادئ هي التي جعلت الحسين ثائرا . وهي التي جعل مصعب يستشهد محتضنا اللواء .. والمبادئ هي التي جعلت خالد يشهر السيف في وجوه العالمين . بالمبادئ يرتقي الإنسان ، ويرتفع إلى الذروة . وبدون مبادئ .
ليت أمه لم تلده . هناك مثل في بلاد اليمن يقال .لمن لا يؤدي الدور المناط به في الوجود على خير وجه. ياليت أمك جحدتك . أو ياليت أمك جابتك دم .. أي يا ليت أمه أنزلته سقاطا ومات قبل أن يكتمل النمو .. كما مر في نظرية الخلق التي صورها القران . هناك بالمبادئ المرتكزة على العقيدة تتحقق القيمة المثلى للإنسان .فالإنسان ليس حيوان ناطق كما قال الغرب .. والإنسان بمباديء السماء يسمو ويرتقي .. والإنسان المؤمن عند الله عظيم القدر .
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء : 70 )
فالله قد اغرق الكون بطوفان ..من اجل حفنة مؤمنه قليلة .آمنت مع نوح ..
قال تعالى : (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ) (هود : 40 )
وهذا التكريم للإنسان .لابد أن ُيلقى من قبل الإنسان بالتقدير و أن يكون عند حسن ظن الله به بهذا التكريم .
ولا يكون كمن قال الله فيهم :
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف : 179 )
أي لا قلوب ولا أعين ولا أذان .
أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ.
بل أضل ..
إن إنسان بدون مبادئ ..ماهو إلا أشياء أخرى وليس كانسان .. انه دم أو سقاط لم يكتمل كخلق أو نوع من الإفرازات .. كريهة الرائحة ، لا يمكن أن نضعه ضمن المعايير المتداولة .كانسان .أو لأنه لم يحقق الدور المناط به من تكريم الله له .
قال دعبل الخزاعي :
إذا أهان امرؤ نفسه فلا أكرم الله من أكرمه
سألت ابني : ماهو تصورك عن المباديء ؟ فأجاب لا شيء فقط ،ادفع الضريبة وارقد بسلام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.