رئيس جامعة أسيوط يفتتح المعرض والحفل السنوي للأقسام العلمية بكلية التربية النوعية    البنوك تحقق أرباحا بقيمة 152.7 مليار جنيه خلال 3 أشهر    في أول هجوم نهارا.. إسرائيل تعلن إطلاق إيران صواريخ نحوها وتفعيل حالة التأهب في عدة مناطق    كريم رمزي: مروان عطية نجح في ايقاف خطورة ميسي    توقعات بتأثيرات سلبية على سلاسل الإمداد العالمية بسبب الضربات الإسرائيلية الإيرانية    محافظ المنيا عن امتحانات الثانوية العامة: اليوم الأول مر بلا شكاوى    دينا نبيل عثمان رئيسًا لقناة النيل الدولية Nile TV    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بسبب وفاة شقيقها: الله يرحمك يا روحي    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    تجديد تعيين جيهان رمضان مديرا عاما للحسابات والموازنة بجامعة بنها    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    تأجيل نهائي كأس أمير الكويت لأجل غير مسمى بسبب أحداث المنطقة    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    المصرف المتحد الأفضل للحلول الاستثمارية في مصر خلال 2025    إحالة أوراق المتهم بخطف طفل وقتله لسرقة دراجته في الشرقية إلى المفتي    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    ما يقرب من 2 مليون.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدة    فيلم "شرق 12" يشارك في الدورة الثامنة من أيام القاهرة السينمائية    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    لطلبة الثانوية العامة.. تناول الأسماك على الغداء والبيض فى الفطار    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    بالأرقام.. كل ما قدمه أحمد زيزو في أول ظهور رسمي له بقميص الأهلي في مونديال الأندية    ماشى بميزان فى سيارته.. محافظ الدقهلية يستوقف سيارة أنابيب للتأكد من الوزن    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط: استمرار حملات تطهير الترع لضمان وصول المياه إلى نهاياتها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    انقلاب ميكروباص يقل 14 من مراقبي الثانوية العامة وإصابة 7 بسوهاج    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد الثاني من بؤونة بكنيسة العذراء والشهيدة مارينا بالعلمين (صور)    دراسة: لقاح كوفيد يحمى من تلف الكلى الشديد    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    التعليم العالى: المؤتمر ال17 لمعهد البحوث الطبية يناقش أحدث القضايا لدعم صحة المجتمع    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    تعرض مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران لهجوم إسرائيلي    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإبداع والثورة ومحطات الغد..!!
نشر في الشعب يوم 05 - 05 - 2007


بقلم عبد الرحمن عبد الوهاب
[email protected]

انه مهما كان نوعية الفساد الماثل لن تكون المعالجة والحل الأمثل كما قال نزار.. أن يبول أولئك على النصب التذكاري للإسلام.. أو كما قال البياتي.. لطخ هذه الصفحات.. فعالمنا العربي فساد في فساد..
ومن هنا تكمن قيمة الإبداع.. كونه يمثل الطاقة الهائلة. في مضمار النهوض بالأمم.. وليس انكساراتها.. بل يتلخص في كيفية البعث من تحت الركام.. وأن يأخذ على عاتقه آليات النهضة من عالم الخيبات الى حيثيات المجد.. وتحويل زوايا الانكسار الى سلالم للمجد والارتفاع.. حيثيات الروية الانتقال من حيز الموهوم إلى حيز المحسوس.. ومن حيز الماوراء. إلى حيز المجد الآتي..
قال ان التصور الفكري يظل حاملا.. لضمير الإنسان وتصوراته ومعالجاته الذهنية وطموحاته.. لذلك قال سينكا.. سحقا لمن سبقوني فقد قاتلوا أفكاري كلها.
ومن هنا. كانت قيمة التراث الإنساني. لا يستهان بها في هذا المضمار وقد تتشابه.. في معطيات الاستبداد والخروج من أزمته.. قد اتفق.. إسلاميا من خلال الحسين رضي الله عنه.. وغربيا من خلال الثورة الفرنسية.. على بعد واحد ألا وهو الثورة..
إسلاميا.. ثمة أمور.. تبعث على الاطمئنان كون كلمة الله سبقت بالنصرة لعباده المرسلين.. وبالغلبة لجنده (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ) (: 171 ) (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ) (: 172 ), (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات : 173 )..
فقيمة الإبداع هو تحريك العالم من على الورق.. تجاه فضاءات رحبة من الحرية.. وبإيجاد نافذة ينطلق من إسار الواقع المؤلم.. بعقباته وآلامه إلى واقع الطموح والمعالجات الفذة.. إلى الشاهق من القمم..
لهذا قال.. هنري وردز ورث الإبداع ينقل المرء من العبودية إلى الحرية.. "Thought takes man out of servitude, into freedom."
فقيمة الإبداع هى إيجاد كيانات من مليء فراغات لواقع مستبد.. إلى واقع أكثر صفاء ونقاء.. بأن
تزهر أشجارنا المحترقة.. ويظلل نوافذ الغد بزهور الفل و الياسمين..
قالوا ان الكلمة الحرة تعد عملا ثوريا في واقع الاستبداد.. ذلك لأنها لا تتهيب ذهب المعز وسيفه. ومما لا شك فيه.. ان لا اله الا الله كانت عملا ثوريا.. ضد النمرود.. وكانت عملا ثوريا ضد فرعون.. وكانت عملا ثوريا ضد ابا لهب وكسرا وقيصر.. وهي ما زالت ذات بريق أخاذ من المجد في زمن جورج بن أبي بوش.. وصناديد الكفر في واشنطن..
ومما لا شك فيه أن تكسير الاصنام كان عملاً ثورياً رائعاً من ابراهيم عليه السلام.. وكانت عملاً ثوريا رائعا من محمد صلى الله عليه وسلم.. ولا شك أن كلمة الحق.. كانت عملاً ثوريا رائعا من يحي عليه السلام..
قالوا.. بكلمة واحدة تملأ الفضاء الشاسع.. وعليه كانت. لا اله إلا الله هي تلك الكلمة.. فملأت أرض الكون زهرا وحبا وعدلاً..
ومما لا شك فيه.. ان كلمة سحرة فرعون بعد اليقين. كانت بمثابة كلمة ثورية حرة.. في واقع الاستبداد..
(قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) (طه : 72 )
(إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طه : 73 ) انها كلمات تقطر .. ايماناً وثورة.
قالوا أن الفكر هو ذلك النحات الذي من خلاله تستطيع أن تبدع نحتا أي وجه تريد وأي واقع تريد أن تعيش.. وقالوا أن الاستنتاج النهائي للواقع هو ما استهلكته سلفا من ناحية التفكير..
وقالوا أن قامة الإنسان في الوجود هي ما على قدر ما يحمله من شاهق الفكر للذات لديه.. وقالوا أن بعض الأفكار لم تنضج خبزا.. لأنها لم تتعرض على النحو الكاف لحرارة المثل.. فتخرج مسلوقة حينذاك ولا تؤتي أُكلها.... وقالوا ان عظمة الانسان تتمحور حول قوة الفكر.
وكان مضمار الإبداع في المجال الإسلامي.. يختلف عن التصور للإبداع الأوربي.. في الأسس والمنطلقات..
فالإبداع الإسلامي.. يمضي على وضوح الرؤية.. بلا إرهاصات.. أو الوقوع في منتصف الطريق بين الصح والخطأ أوالحق والباطل..
ولهذا قالها المصطفى, لعمر بن الخطاب حينما وجد بين يديه صحيفة من التوراة.. أتتهوكون فيها يا بن الخطاب.. لو كان أخي موسى حيا بين أظهركم ما خلا له إلا أن يتبعني..
فالإبداع الإسلامي.. يعرف جيدا على أي أرض يقف. وعلى أي شيء تكون المنطلقات.. وهو تصور.. يعطي إجابات على الواقع وحيثياته وتصوراته..
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56 )
وهو تصور.. يعطي الحلول القطعية.. عما يظل مفتوحا وبلا إجابات في الذهنية الأوربية منذ أرسطو.. حتى اللحظة.
فالتصور الخاص بالتراث الفلسفي اليوناني والروماني.. ما زال يتخبط.. ولم يعط إجابات شافية حول منطلقات الحياة.. والغرض منها.. وما هي نهاية المطاف.. أو كما قال احد العلماء.. أنه بعد الإجرام لديه أن يشعل شمعه بجوار صنم وانتهى الأمر.. لا وكلا. ان السياق الإسلامي يختلف..
في حين ان الرؤية الإسلامية.. تكاد تكون قاطعة وشافية الى حد بعيد.. (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام : 162 ) فالإبداع الأوربي في حل من أي قيود. تجاه مقام الإله أو البشرية.. أو محطات الغد. وان كان ما قصد (اتش .ال .منكن) تخيل الخالق كممثل كوميدي... هنا فقط فالعالم قابل للشرح. تعالى الله عما يصفون.."Imagine the Creator as a low comedian, and at once the world becomes explicable."
--H. L. Mencken [More Quotes from H. L. Mencken]
فهذا التصور. به سوء الأدب.. وقله الحياء.. والوقوف تجاه من خضعت له الجباه. موقف الصفيق.. وعليه لا نستبعد ان تخرج علينا مسرحية لدانماركي تقول في السماء اضطرابات عقليه.. تعالى الله عما يصفون.. ومع هذا ما زال يصدر لنا ويتقبل من العصابات العلمانية بقبول حسن..
إلا أن هذا التصور الصفيق يصدر لنا من آن لآخر. وما خرج به من قصائد على شاكلة إبداع.. ووليمة أعشاب البحر.. ولا مانع أن نجد من يتطاول على رب العزة.. من آن لآخر..
ناهيك عن فقدان التصور الأوروبي لمنهجية الحياة وحيثيات البقاء في الكون.. والتعامل مع الواقع من خلاله..
ومن هنا.. ممكن أن نعزو الأسباب.. أن الغرب بافتقاده للإسلام .. يفتقد إلى بعد الحقيقة برمتها.. بتصورها الراقي.. تجاه مفهوم الربوبية والإلوهية.. وحيثيات التوحيد.. والذي ينتج من خلاله حيثيات البقاء في الحياة.. والتفاعل معها.. وإعطاء المعالجة النهائية عبادة على نحو من الرقي بالذهن البشري.. وإدراك المصير والمآل النهائي.. هل إلى جنة او إلى نار...
ولهذا.. كان التصور غير واضح المعالم لدى شيكسبير.. حينما قال .. ليس هناك.. حقا وباطل.. ولكن الفكر الذي يحوله الى هذا السياق..
There is nothing good or bad, but thinking makes it so.
ومن ناحية أخرى يقول.. لا تكون أسيرا لأفكارك.. إلا أن التصور.. للحق والباطل.. في التصور الإسلامي انتهى منذ 1400 بشكل حاسم وقاطع وينطلق التصور الحياتي.. والمعالجة الفكرية على مرئياته.. ولا يمكن يُرى بهذه العبثية.. والإنسان في التصور الإسلامي مرتهن بمبادئه.. ويظل أسيرا لها.. ملتزما بها.. فالحياة ما هي إلا مبدأ من اجله يعيش ومن أجله يموت.
ولذلك قالوا ان علي بن أبي طالب فشل في ميدان السياسة. لأن مثالية هذه الشخصية أبت أن تنزل به إلى حمأتها. وعليه.. قد يخسر الإنسان صفقات في معترك الحياة.. لأن المثالية تكون عائقا. أو بمعنى أخر انه أسيرا للمثل والمبادئ.. ولكن هذا لا يقلل شيئا من قيمة المثالية.. وقد يختلف التصور من قبل آخرين.
حيث قالوا عن الفكر. انه نوع من الأفيون.. انه ممكن أن يسممنا وانك إذا تعاطيته.. ستظهر لك الجبال والوجود ومتعلقاته..Thought is a kind of opium; it can intoxicate us, while still broad awake; it can make transparent the mountains and everything that exists.
Henri Frédéric Amiel (1821-1881) Swiss writerوهذا التصور الأوربي خاطئ.. ويحملنا إلى تصورات مخزني القات.. في اليمن. حينما يقولون خزّن تبصر القاهرة..
أو خّزن القات تبصر دجاج مصر.. الإبداع. يحمل أبعاده الرسالية.. قبل أي شيء آخر.. وعليه تكون المعالجات.. في إثراء الحياة.. والنهضة من الكبوات.. قالوا.. حاول أن تثري ذهنك بالعظيم من الأفكار..
Nurture your mind with great thoughts
Benjamin Disraeli (1804-1881) British politician and author. وعليه.. اذا أردنا أن نثري وضعنا الفكري.. فإن التصور الفكري للإسلام.. يحمل الأشياء على رواسخ من الأسس والثوابت.. ويبقى الإسلام. هو الحقيقة بين عالم من الزيف..
وكما قال شارل بيجي: أن من يعرف الحقيقة ولا يجاهر بها بأسلوب عنيف، فهو يتواطأ مع الكذابين والمزيفين. ومع هذا لن. نقف يوما بجانب الزيف وما علينا إلا الجهر بالحقيقة.. أن الله هو الحق المبين..
(يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (النور : 25 )
وإذا بحث ديزالي عن عظمة الأفكار. فلنا أن نقول. أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم..وهذا القرآن .. يمثل العظمة والذروة الشامخة.. من قمة المبادئ السماوية. وعليه كان الواقع مرهونا. بتفعيل هذه المبادئ السماوية على الواقع الأرضي.. فتبلغ الأمة الذروة من المجد.. ان قيمة هذه الأمة في الوجود مرتبط.. بإعلاء كلمة الله في الأرض.. والقيام على لا اله الا الله كمشروع حياة.. فكري وحضاري وإنساني.. وما يرتبط به من رفض ومحاربة الشركيات.
وأصنام البشر من الطغاة من فرعون الأمس إلى فراعنة القرن العشرين ..وأصنام الحجر ابتداء من ُهبل.. إلى تمثال الحرية..
يرتبط بأ لا اله إلا الله مشروع كفاح وجهاد. يتلخص في تربيب الله عبادة.. وتأليه الله سبحانه وتعالى إلهاً.. وهذا يأخذ شكله المحوري. في تطبيق شرع الله.. وانه مالم تطبق الأمة شرع الله.. فهي لم تربب ربها.. ولن تتخذه سبحانه إلها.. (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (النساء : 65 )
وبالتالي فقد كفرت النعمة.. ولم تحز على قيمة الخيرية.. ولا لمضمار السبق ولمقام المجد الذي خلقت له..
في ميدان الحياة. كانت القضية الكبرى إعلاء كلمة الله في الأرض.. وأن تبذل في هذا غاية الجهد..
قد تتعرض للابتلاء والمحن.. ولكن كما قال الإمام علي.. كل نعيم دون الجنة محقور وكل بلاء دون النار عافية..
وعليه. قد يخسر الإنسان الكثير.. في مضمار التضحية في سبيل الله.. قد ينتهي من صفقة الوجود صفر اليدين.
ولكن حسبه من مكسب (الله ) من صفقة الوجود.. شيء طبيعي في مضمار الإيمان والتضحيات.. أن يخسر الإنسان الكثير.. كرجل خرج بنفسه وماله في سبيل الله ولم يرجع بشيء..
ومن هنا كان حبنا لله والتضحية.. لن يكون موسوما بالخيبة.. مهما كانت نوعية التضحية.. فمجرد الزحزحة عن النار ودخول الجنة هو الفوز.. (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران : 185 )
فأنا اعتقد ان الاستشهاد يعطينا شيء من السعة.. بجنة عرضها السماوات والارض..
ومن هنا كان التصور.. كما قال الشافعي..
انا ان عشت فلست أعدم قوتا***وان مت فلست أعدم قبرا
همتى همة الملوك ونفسي ****نفس حر ترى المذلة كفرا
ومن هنا كان قول المتنبي ..
أطل على الدنيا عزيزا اضمني إليه**** ظلام السجن أم ضمني القبر
او كما قال أحد العابدين ..
فالدنيا ليست لي بدار انما*** الراحة في دار القرار
قال احد الطغاة لأحد الثائرين.. والله لتنتهين او لأطيرن بك طيرة بطيء وقوعها.. فقال الثائر "هل الى الله ثم اقع"
ومما سلف من مواقف وأبيات يتضح مدى أن الأرضية الفكرية للتصور الإسلامي للواقع والوجود واضحة لا غبش في منطلقات الشافعي.. الى الذي قال هل إلا إلى الله فأقع.
أو كما قال أحدهم.. وهو يرى السيف يشحذ لتضرب عنقه.. فقال للطاغية لا تصرفن اليً انيابك كما يصرف البعير.. أقضي ما أنت قاض.. والموعد الله.
قيمة الفكر.. تتلخص في مشاعر مكثفة. وعطاء بالغ التركيز في الفكر. وقيامة فكرية تضطلع الأمة من خلالها بمهام الأمر والنهي في الكون.. بما لديها من الحق. (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران : 110 )
دورنا في الوجود.. ليس كما قاله شيكسبير.. على لسان جراتيانو.. في مسرحية تاجرا البندقية.
وما الدنيا إلا مسرح كبير.. هل تعرف ما كان دوري يا جراتيناو. كان عليّ أن أمثل دور العبيط..
لا بل هو دور الفارس أيها السادة... الذي كان يمضي على ساحة الكون.. شاهرا سيفه ,,تضاف بقاع الى حوزة الإيمان.. وعندما تتوقف سنابك فرسه يتوقف التاريخ والجغرافيا..
لابد أن تتجاوز.. المرحلة الفكر. حيثيات اللطم. وبكاء الحظ.. وبكاء الأطلال.. غرناطة.. سراييقو.. كابول.. بغداد القدس.. حالنا اليوم. كما قال جورج غرداق.. بحار تئن فيها الرياح .. ضاع فيها المجداف والملاح
أما ان الأوان.. أن نقول إلهنا هذه أزمة أمورنا عقلناها بعقال مشيئتك.. وتنتقل إلى حيثيات المجد والجهاد والكفاح وتحرير الأوطان..
الشعوب دجنت الى ان وصلت الى مستوى الخراف..
الحكام فسدوا إلى ان وصلوا إلى مستوى الخيانة..
علماء الدين يديرون شئون الملائكة في السماء السابعة..
الحياة في حيثياتها قد ترنكز على ما قاله أحد السلف.. أنما المرء مجزي بما أسلف وقادم على ما قدم..
الحياة اليوم تحولت إلى قصرا لجبار.. أو كوخ لأيتام.. وهكذا إذا انتصب الطغيان تعاظم الحرمان.. ولهذا قال الامام علي.. والله لولا ما أخذ الله على العلماء من ميثاق على ألا يقروا على كظة ظالم وسغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها. إن الواقع الذي تكلم عنه الإمام: اتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، والصالحين حربا، والفاسقين حزبا..
لاحظ كلمة الصالحين حربا. فالحرب قائمة على الصالحين منذ الأزل.. منذ أصحاب الأخدود.. وفتية أهل الكهف.. وتنتهي الى غوانتنامو..
وعل النقيض تنتهي الأمور في ميزان الله ان ميراث الأرض للعباد الصالحين.. واللعنة دوما كانت على الظالمين.
ان كل ما لا يبتغى به وجه الله يضمحل وان كانت أمجادا فسرعان ما تخبو.. إن قضية المجد من الأفكار المحجور عليها.. لأن ذلك سيفضي الى يوم مجد يركع الكفر ويدفعوا من خلاله الجزية وهم صاغرون.. وكانت محاولات الشنق المعنوي لأفكار المجد في صدورنا مستمرة.
ان المجد من الأفكار الخطرة التي حاولوا طمسها وردمها واستمرت مسيرة بنو علمان في تعطيل طاقات الأمة الإبداعية عبر سماسرة الكلمة.. فكان التصور لأبي فراس.
وهل لقضاء الله في الناس غالب وهل*** من قضاء الله في الناس هارب
اذا الله لم يمنعك مما تخافه فلا*** الدرع مناع ولا السيف قاضب
وعليّ طلاب المجد من مستقره*** ولا ذنب علي اذا حاربتني المطالب
إننا اليوم بإزاء الأفكار الإسلامية الملتهبة المضغوطة تحت السطح السياسي العربي.. كان النهوض الكائن مجملا مداساً تحت النعل الأميركي.. نريد ان ننتشله.. نريد أن نزيح ذلك النعل لتستنشق الأمة عبير المجد تحت سماء زرقاء صافية وشمس حرية وارض لا نرى عليها إلا مصلينا..
انه واقع من الباطل والمتداول عالميا.. ومتى عاد الحق سترتفع الهامة..
والحق يبدأ في آهات مكتئب وينتهي بزئير ملؤه نقم
ويل للشعوب لم تسق من دمها ***ثاراتها الحمر أحقادا وإضغانا
ان الدنيا ايها السادة دار ممر الى دار مقر والناس فيها رجلان رجل باع فيها نفسه فاوبقها ورجل ابتاع نفسه فاعتقها.
ولا خير في نفس ما عرفت الكفاح ولا حملت الأثقال ولا حاربت الطغيان.. ولا قالت للظلم كلا.. بمليء الفم. وهكذا يظل واقع الطغيان يراوح مكانه.. محطات الغد.. واقع من العزة. جزية تدفع من قبل الكفر.. الله اكبر.. في الافق البعيد.. لا يحدث ذلك الا قبل أن يمر.. بما قاله .كما قال توماس جيفرسون. كل جيل يحتاج إلى ثورة جديدة
.. واقع لابد ان تدفع فيه “Every generation needs a new revolution.” ضريبة (لا اله الا الله) من تضحية كما دفعها السابقين. بعد أن عاد الزمان دورته, وأسفر الكفر عن وجهه القبيح.. وإلا ما هو الفرق.. بين جورج بوش.. وأبي لهب.. الواقع هو الأمس والمسميات تختلف.. ما الفرق بين واقع غوانتنامو وواقع اصحاب الاخدود.. حيث ما نقموا منهم.. إلا أن آمنوا بالله العزيز الحميد.. انه واقع من فتنوا المؤمنين والمؤمنات ولم يتوبوا.. (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (البروج : 12 )
اننا اليوم بصدد القول الإلهي العظيم.. الذي يتعلق بمنطلقات التغيير وحيثياته..
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد : 11 )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.