قبل نحو أربعة أعوام، كان الشاب الهولندي توماس فان ينج يتابع تقريرا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية حول الربيع العربي في مصر، حيث تأثر بالشباب الغاضب الذي يقاتل من أجل حريته في ميدان التحرير، وبحسب نشأته في نظام حر، كان يتمني بالمثل أن يصبح بقية الشباب أحرارا مثله. ومن هنا ألهمته متابعته أحداث الثورة في مصر، والتي أعقبتها الأحداث الدامية للصراع الدائر في سوريا، أن يعكف على احتراف رسم الخرائط التوضيحية لأبرز مناطق الصراع في العالم.
إن توماس فان ينج.. الذي لم يتعد عمره ال19، قد تكون هذه المرة الأولى التي تسمع فيها اسمه لكنك بالتأكيد شاهدت عددا من أعماله إذا كنت مهتما بمتابعة التقارير الإخبارية التي تدور حول مناطق الصراع بالعالم والشرق الأوسط تحديدا.
وبحسب مجلة "دير شبيجل" الألمانية، يعد فان ينج، أحد أهم رسامي الخرائط لمناطق الصراع في شتى أنحاء العالم، خاصة الصراعات الدائرة في سوريا والعراق وليبيا وتحديدا ضد تنظيم "داعش".
وأشارت المجلة إلى أن وسائل إعلامية شهيرة مثل شبكة "سي إن إن" الأمريكية وصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تستخدم معظم أعمال فان ينج في تقاريرها حول مناطق نفوذ "داعش" وتزايد رقعة الأراضي التي يسيطر عليها عناصره في منطقة الشرق الأوسط.
وبرع الشاب الهولندي الذي تخرج توا من المدرسة الثانوية، في رسم خرائط احترافية توضح وترصد انتشار مقاتلي "داعش" وتتنبأ بالمناطق التي قد يتوجهون إليها لاحقا، من خلال تحليل لتحركاتهم وكيفية نشر التنظيم لمقاتلي وطريقة تحركهم.
وعن السر في كيفية قدرته على رسم مثل هذه الخرائط الاحترافية من منزله الصغير الذي يقع بالقرب من مطار "يفول"، يقوم فان ينج بمتابعة وتلقى آلاف الرسائل على موقعي "فيسبوك" وتويتر" وكما يعكف على التواصل مع المقاتلين على الجبهة في سوريا والعراق عبر سكايب، لاسيما مع الجمعيات الخيرية والنشطاء، بالإضافة إلى تواصله مع رسامي الخرائط الآخرين. ويؤكد الشاب الهولندي أنه قد يستخدم نحو ألف ومائة مصدر حتي يستطيع رسم الخرائط التفاعلية حول الصراع الدائر في سوريا.
وتوضح خرائط فان ينج، الذي يقول إنه تعلم العربية عبر مقاطع فيديو على موقع "يوتيوب"، أماكن انتشار مقاتلي "داعش" تحديدا خلال غزوهم لمناطق جديدة، وكانت آخر الخرائط التي رسمها هجوم لمقاتلي "داعش" على مدينة الرحاب بالعراق، لاسيما مناطق نفوذهم في مدينة سرت القريبة من الساحل الليبي، بالإضافة إلى تقهقرهم من مدينة "تل بيض" إثر مواجهات مع الأكراد، وانتشارهم في وسط مدينة تدمر السورية.
ونوهت المجلة إلى أن الشاب الهولندي، لا ينصب أعماله على تنظيم "داعش" فحسب"، ولكنه يتابع عن كثب أيضا آخر تحركات كل من "الجيش السوري الحر" و"جبهة النصرة" و "حزب الله" اللبناني في سوريا. وكما يرصد تحركات وانتشار كتائب الزنتان في ليبيا، وتحركات "بوكو حرام" في نيجيريا، لاسيما المناوشات بين الانفصاليين في شرق أوكرانيا.