في تصريح مثير يؤكد أن التوجه الإعلامى هو الأهم في كل خطوات نظام السيسي قال الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، إن حفل افتتاح قناة السويس التى وصفها ب”الجديدة” سيكون أسطوريا وعالميا. ولم يتطرق مميش خلال حواره لجريدة “المصري اليوم” في عدد الأحد 26 يوليو الجاري إلى أي تفاصيل فنية حول القناة المزعومة, ولكنه راح يتحدث في أمور دعائية بحتة قائلا أن الشعب المصري أثبت قدرته على صنع المعجزات بإتمام حفر القناة، مشيراً إلى أن المصري هو “عريس” الاحتفال. لكنه قال بشكل مبهم أن تكلفة حفر قناة السويس الجديدة في ثلاث سنوات تزيد على التنفيذ في عام واحد، موضحًا أن اختصار الزمن كان “رسالة تحدي”. واعتبر مراقبون أن تصريحات مميش لا تليق إلا بمتعهد حفلات نظراً لكون مهمته هى أن يقول لنا حجم القيمة المضافة على دخل قناة السويس سنويا بعد الافتتتاح الاسطوري. وكانت تقارير صحفية عديدة وتصريحات لعدد كبير من الخبراء قد أكدت أن مشروع توسعة القناة هو مشروع دعائى لا طائل منه وأن النظام سعى فقط لتثبيت دعائم حكمه عبر دعايات كبري لمشروع قومى عملاق حتى ولو كان كاذبا. خزانة الدولة ستتحمل الفوائد من هؤلاء حازم عبد العظيم، مدير حملة السيسي وأحد المشاركين في حرق مقرات جماعة الإخوان آنذاك وممدوح الولى الخبير الاقتصادى المرموق ونقيب الصحفيين المصريين الأسبق ورئيس مجلس إدارة كبري الصحف المصرية سابقاً “الأهرام” حيث انتقد بشكل صارم وفاضح المشروع وما يرافقه من دعاية قائلاً أن رأس النظام في مصر سعى لعمل مشروع قومى يلهب به مشاعر الجمهور ، عملا بنصيحة فيلسوف نكسة يونيو هيكل ، للسير على خطى عبد الناصر ، فاختار عمل توسعة لقناة السويس ، وطلب أن تتم خلال عام واحد باعتبار أن الحفر سيتم فى الرمال لمسافة 35 كيلو متر . وأضاف في مقال له نشره موقع “الجزيرة نت” أنه تم الخلط بين مشروع محور قناة السويس ، الذى لم يتم إعلان مخططه العام حتى الآن ، وبين مشروع توسعة قناة السويس ، بالادعاء أن التوسعة للقناة ستوفر مليون فرصة عمل ، وهو زعم غير حقيقى بالمرة ، حيث وفر الحفر فرص عمل مؤقتة لعمالة محلية وأجنبية ، لن تستمر بعد انتهاء الحفر والتكريك وأضاف أنه فى ظل الشحن الإعلامى ، تم طرح شهادات استثمار لتمويل الحفر بنحو 60 مليار جنيه بفائدة 12 % ، رغم أن معدل الفائدة على الودائع بالبنوك حينذاك كان حوالى 5ر6 الى 7 % ، ومن الطبيعى أن أي عاقل يجد هذا الفارق فى سعر الفائدة ، أن يقوم بتحويل مدخراته الى الشهادات الجديدة للإستفادة من فارق سعر الفائدة . وأضاف أن المسؤولين طبلوا لذلك بأنه يعبر عن ثقة بالمشروع وفى صاحب المشروع ، رغم أنه لم يصاحب الاكتتاب أية بيانات اقتصادية تفصيلية ، ولقد انكشف الأمر حين أعلنت بيانات ودائع البنوك بشهر سبتمر 2014 ، وهو الشهر الذى شهد الاكتتاب فى شهادات الاستثمار ، حين انخفضت أرقام الودائع بالبنوك خلال الشهر بشدة . ومن ادعاءات قيادات البنوك وقتها ، أن شهادات استثمار القناة قد جذبت أموالا من خارج البنوك ، ولم يذكروا أن تلك الأموال جاءت من مودعى صندوق توفير البريد ، الذى كانت نسبة فائدته وقتها 5ر8 % ، قبل خصم نسبة منها لمصروفات الخدمة للإيداع والسحب . وعندما ظهرت مشاكل ميدانية فى الحفر الذى تسربت إليه المياه الجوفية ، تمت الاستعانة بالعديد من الشركات العالمية والعربية ، حتى يتم تنفيذ المهمة فى الموعد المحدد بصرف النظر عن التكاليف المرتفعة ، فلا مجال لأن يعرف أحد التكاليف الإضافية ولا حتى الأساسية . والحقيقة أنه من اللحظة الأولى للإعلان عن مشروع التوسعة ، لم يكابر أحد من المسؤولين بأن إيرادات القناة ستزيد فور اكتمال التوسعة ، وكان ما قالوه أن إيراداتها ستصل إلى 226ر13 مليار دولار عام 2023 ، أى بعد ثمانى سنوات من افتتاح التوسعة ، مقابل 5ر5 مليار دولار تمثل إيرادات القناة عام 2014 . ولأنه من المتوقع ألا ترتفع إيرادات القناة خلال السنوات القليلة القادمة بنسب كبيرة ، يظل السؤال من يدفع تكلفة فوائد شهادات استثمار القناة البالغة 7.680 مليار جنيه سنويا ، أى 38.4 مليار جنيه خلال السنوت الخمس التى تمثل عمر شهادات استثمار القناة . ومن يدفع ال 64 مليار جنيه التى تمثل أصل قيمة الشهادات ، بعد أربع سنوات ؟ .فى ضوء عدم وجود ايرادات متوقعة للقناة تغطى قيمة الشهادات وفوائدها ؟ المؤكد أن الخزانة العامة المثقلة بالديون هى التى ستتحمل دفع الفوائد وأصل الدين . لافائدة منه اما حازم عبد العظيم، فقد اعترف بفشل مشروع تفرعية قناة السويس الجديدة، وعدم وجود أي جدوى اقتصادية له على الإطلاق. وقال عبد العظيم في مداخلة على قناة “العاصمة” أن “الجدوى الاقتصادية وتحديدًا للتفريعة الجديدة وليس إقليم قناة السويس من حيث التكلفة والعائد لغاية دلوقتى مش واضحة ليه وفيه ناس بتحاول تستغل المشروع لزيادة شعبية السيسي بطريقة مش كويسة”. وأضاف “عبد العظيم”: “مشروع إقليم تنمية قناة السويس – الذي كان ينوي الرئيس محمد مرسي إقامته – لا جدال عليه ومعروف أنه سيفيد البلد وإن كانت الجدوى الاقتصادية غير منشورة حتى الآن، أما حفر التفريعية فلم أجد له أي جدوى اقتصادية حتى الآن بعد إجراء عدد من الأبحاث على الموضوع”. وتساءل قائلاً: “هناك 4 أو 5 تفريعات تم إقامتهم قبل ذلك فما الهدف من إقامة المشروع في هذا التوقيت؟”، لافتًا إلى أن تقليل فترة عمل المشروع من 3 أعوام إلى عام تسبب في ارتفاع التكلفة بشكل كبير بعد أن جلبت مصر 75% من كراكات العالم لإقامة مشروع ليس له أي جدوى اقتصادية”. وأبدى “حازم عبدالعظيم” ندمه على مشاركته يوماً في حملة تأييد عبد الفتاح السيسي إنتخابيا. حيث كتب في مقال بعنوان “معارضة السيسي أصبحت خيانة؟!” نشر بصحيفة “التحرير” الموالية للنظام أخطأت أنني وقفت يوما بجوار السيسي ومعارضته أصبحت خيانة”.