دق إحكام الهند سيطرتها على مياه أنهار كشمير عبر بناء عشرات السدود ناقوس الخطر في باكستان وسط مخاوف من تحول أراضي إقليمي البنجاب والسند إلى صحراء قاحلة. وقد دفع هذا الواقع إسلام آباد إلى مطالبة جارتها نيودلهي بتركيب معدات قياس على سدودها، والمطالبة بتدخل أميركي لحل خلاف يصفه مراقبون بأنه جبهة جديدة فتحتها نيودلهي ضد إسلام آباد. وانتهت محادثات وفدي الهند وباكستان في مدينة لاهور الاثنين الماضي بشأن موضوع المياه، إلى مطالبة إسلام آباد نيودلهي بتركيب معدات لقياس كميات المياه التي تسمح اتفاقية "أندس" للمياه -الموقعة بين البلدين بداية الستينيات- بتدفقها إلى باكستان من أنهار كشمير الخمسة، وذلك وسط تراجع كبير في كميات المياه التي تسمح الهند بتدفقها إلى باكستان. وكانت الحكومة الباكستانية قد استبقت هذه المحادثات بمطالبة الولاياتالمتحدة في حوارها الإستراتيجي الأخير معها في واشنطن بالضغط على الهند للاستجابة لمطالبها بشأن المياه. وقال رئيس وزراء إقليم البنجاب شهباز شريف إن ما تقوم به الهند من السيطرة على مياه أنهار كشمير يعكس موقفا عدوانيا. وذهب برلمانيون إلى أبعد من ذلك عندما وصفوا ما يحدث بأنه حرب مياه تشنها الهند ضد بلادهم.
خطر الجفاف ويقول المحلل السياسي سيد طارق بيرزاه إن الهند تقدم منذ سنوات متطلبات إنعاش اقتصادها من المياه في الزراعة وتوليد الكهرباء على تطبيق اتفاقية أندس التي تنظم حصة كل بلد من أنهار كشمير، يدعمها في ذلك تقاربها مع الولاياتالمتحدة. وهو ما فجر الخلاف بين البلدين حول المياه. ويضيف بيرزاده أن استمرار الهند في سياستها المائية على هذه النحو لعدة سنوات مقبلة سيحول أراضي إقليمي البنجاب والسند إلى صحراء قاحلة، مشيرا إلى أنه من الصعب فصل أزمة المياه عن قضية كشمير التي تنبع منها الأنهار الخمسة وهو ما يزيد الأمور تعقيدا. ووصف محادثات المياه الأخيرة بين البلدين بأنها مجرد لعبة هندية لكسب الوقت في ظل عدم استجابة نيودلهي لحق باكستان في إرسال خبراء لمعاينة سدودها وهو ما تسمح به اتفاقية أندس. يشار إلى أن الحكومة الهندية تقوم حاليا ببناء 69 سدا على أنهار كشمير منها 19 قد اكتملت بتكلفة تصل إلى 200 مليار دولار، وذلك بحسب بيان صادر عن اتحاد المزارعين الباكستانيين الذي هاجم حكومة رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني واتهمها بأنها لا تعي تبعات "سرقة الهند للمياه" على قطاع الزراعة في البلاد ولا تقوم بالإجراءات اللازمة لدفع هذا الخطر.
حصار اقتصادي من جهته يرى المحلل السياسي منصور جعفر أن الهند عبر سياستها المائية إنما تفتح جبهة جديدة ضد باكستان في ظل اعتماد 70% من الدخل القومي الباكستاني على قطاع الزراعة، و60% من توليد الكهرباء على المياه والسدود، مضيفا في حديثه مع الجزيرة نت أن نهر ستلوج أصبح جافا تماما وقد تلحقه أنهار أخرى مثل شيناب ورافي وغيرها. ويرى جعفر أن فتح جبهات مواجهة جديدة يدخل في إطار إستراتيجية نيودلهي البعيدة المدى في عدائها لباكستان بعد إدراكها أن المواجهة العسكرية لم تعد خيارا عقب امتلاك إسلام آباد للسلاح النووي. ولم تخف صحف باكستانية مخاوفها مما ستؤول إليه الأمور عقب انتهاء الحكومة الأفغانية من بناء سد على نهر كابل الذي يمر بأراضي إقليم الحدود الشمالي الغربي في باكستان بدعم وتشجيع هندي وهو ما قد يضع البلاد أمام كارثة بدأت تطال في الوقت الراهن مياه الشرب ناهيك عن قطاع الزراعة والأضرار التي قد تهدد مستقبله.