شن الدكتور محمد جمال حشمت القيادي البارز بجماعة الأخوان المسلمين، هجوما حادا على الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية إزاء تصريحاته الأخيرة، والتي أكد فيها علمانية الدولة، مؤكدا أن هذه التصريحات تعارض الدستور المصري، متهما إياه بتعطيل الدستور وتعطيل السلام الاجتماعي وازدراء القانون. وقال حشمت، إن الحكومة غالبا ما توجه تهمها إلى جماعة "الإخوان المسلمين" لإصرارها على شعار المرجعية الدستورية "الإسلام هو الحل"، وإيمانها بضرورة إنشاء حزب سياسي مدني بمرجعية دستورية إسلامية، رغم يقين الحكومة بأن أعضاء الجماعة مؤمنون بالدستور، خاصة قبل تعديله بالتزوير الذي شمل 34 مادة من مواده، في محاولة لإقصاء الإخوان والقضاة من الحياة السياسية في مصر، وتكريسا لنظام الرئيس مبارك واستمراره في الحكم بشكل قانوني ودستوري، على حد قوله.
وكان الدكتور مفيد شهاب قال في تصريحاته: "أكدت لدول العالم أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان أن مصر تنادى بحرية الأديان، وأن مصر ليست دولة دينية، وكتابة الإسلام في البطاقة إنما هو إشارة إلى أن أغلبية السكان في مصر مسلمون، وليس لأننا نطبق الإسلام، فمصر دولة مدنية لا تطبق الإسلام في معاملاتها والمسلم والمسيحي متساويان، إلا في الأحوال الشخصية الخاصة لكل منهٌما، كما أن مبادئ الشريعة الإسلامية ليست إلا مظهرا رئيسيا لا إعمال لها إلا في الأحوال الشخصية وأن مصر بها 1500 بهائي لهم احترامهم ".
في غضون ذلك، طالب حشمت بتقديم الدكتور شهاب إلى النيابة العامة بمحاكمته بتهمة تعطيل الدستور في حال إثبات هذه التصريحات، مشيرا إلي وجود تناقض واضح في حديث وزير الشئون القانونية، حيث انه أثبت علة ذكر الديانة في البطاقة ليعرف المسلم من المسيحي كإشارة لدين الأغلبية، هذا رغم عجزه عن الإجابة علي تساؤل مفاده لماذا يشار إلى أن الأغلبية مسلمة طالما أن الدولة علمانية بتصريح رئيس الوزراء ولا تطبق الإسلام كما ذكر الوزير؟.
ووجه حشمت كلامه لشهاب قائلا: "يا دكتور مفيد كلامك غير مفيد بل ضار جدا على الصحة والعقل والدين والدنيا، واعلم أن المناصب زائلة، وقدر الإنسان في ظل نظام الفساد والاستبداد يتناقص ويتضاءل باستمرار، ولن يترك النظام أحدا ممن خدمه إلا بعد أن يحترق، وكنا نتمنى لك لدماثة خلقك ازدهارا لا احتراقا، والكيس من حاسب نفسه وسيد الشهداء من قال كلمة حق عند سلطان جائر.
وتسائل حشمت: "كيف ينكر الدكتور شهاب هذه الشرائع الإسلامية، رغم علمه بأن أي تشريع يخالف أي حكم من أحكام الإسلام يعتبر غير دستوري، رغم تأكيده على أنه تم رفض إلغاء عقوبة الإعدام، وهو يعلم أنها تستخدم ضمن الحدود في الإسلام ولا يمكن إلغائها إلا بتعديل دستوري؟ ورغم علمه أن البابا شنودة لم يمتثل إلى أحكام القضاء فيما يخص الزواج والطلاق بين الإخوة المسيحيين تنفيذا لنص المادة الثانية التي تلزم الدولة بتطبيق قوانين الأحوال الشخصية لكل من المسلمين والمسيحيين بما لا يتعارض مع ديانتهم؟".
وأوضح أن مدنية الدولة تعنى بشرية الاجتهاد بما يناسب الواقع احتراما لدولة المؤسسات وللحريات ولحقوق الإنسان وسيادة للقانون التي لا تخرج عن قواعد ومقاصد المرجعية العليا للدستور وهى الشريعة الإسلامية، بعيدا عن مفهوم الدولة المدنية الذي نشأ نتيجة فصل الدولة وشئونها عن هيمنة الكنيسة وتدخلانها، وهى هنا تعنى ما يقصده السادة الوزراء بعلمانية الدولة وهو تفسير يعارض الدستور وعقيدة أغلبية أبناء الوطن، والتي تعتبر في نفس الوقت معيار احترام وحماية وحرية كل المصريين على مختلف أديانهم .