يحاول بشار الأسد أن يبث الرعب مرارًا وتكرارًا في قلوب السوريين تارة ومغازلتهم تحت مسمى الوطنية تارة أخرى، حيث نشر النظام السوري في شوارع دمشق لوحات اعلانية تحث المواطنين على الالتحاق بالجيش، تحت عبارات وطنية "التحقوا بالقوات المسلحة" و"الجيش كلنا" و"بجيشنا نكسب بلدنا". وكشفت تقارير عن تخلف عدد كبير من الشبان عن الخدمة العسكرية الالزامية، وعن خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجيش الذي يقاتل على جبهات عدة. ويبدو في احدى اللوحات شاب يرتدي زيا عسكريا ويحمل على كتفه بندقية والى جانبه طفلة مبتسمة ترفع يدها اليسرى باشارة النصر، كما ظهرت في الصورة امراة من الخلف تضع حجابا ابيض وترفع كذلك اشارة النصر. وتظهر في لوحة اخرى شابة بالزي العسكري وهي تسدد صوب هدف ببندقيتها، فيما يقف في خلفية الصورة جندي يؤدي التحية. وفي لوحة ثالثة تقف سيدة ترتدي وشاحا ابيضا كتفا الى كتف الى جانب شاب بالزي العسكري ويحمل كل منهما بندقية على كتفه. وحملت اللوحات توقيع "مجموعة سيدات سوريا الخير"، وتقدم هذه المجموعة نفسها على صفحتها على موقع "فيسبوك" بانها مؤلفة من "أمهات واخوات وبنات حماة الديار 'الجيش'"، مشيرة الى ان هدفها المساعدة في تقديم "حصص غذائية وأدوية والبسة وبطانيات وحليب اطفال، بالاضافة الى الدعم المعنوي". وتتداول حسابات ومواقع على الإنترنت منذ يومين صورة تعميم صادر عن مديرية التجنيد في القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة وموجه الى "رؤساء شعب التجنيد في حمص"، ويدعو الى "إبلاغ كافة المكلفين الفارين والاحتياطيين والمكلفين المتخلفين" بالالتحاق بخدمتهم في حمص. انما لا يمكن التأكد من صحة هذه الوثيقة التي لم تؤكدها اي جهة رسمية. ويقول المرصد السوري لحقوق الانسان ان هناك "أكثر من 70 ألف حالة تخلف عن الالتحاق بالخدمة الالزامية" في سوريا. وتسمح السلطات للشبان بتاجيل الالتحاق في حال كانوا مسجلين في احدى الكليات الجامعية او المعاهد حتى تخرجهم. ويفيد من الاعفاء الابن الوحيد في العائلة، أو معيل العائلة، ومن يعاني من مرض او اعاقة يمنعه من الخدمة. وتبلغ مدة الخدمة العسكرية الالزامية سنتين. ويرى محللون أن قدرات الجيش السوري وحجمه في انخفاض مستمر، وعلى أن القدرة القتالية لنحو 220 الف جندي هم العدد الأصلي للقوات المسلحة السورية تراجعت، وان النظام السوري لا يستطيع الاعتماد حاليا سوى على آلاف قليلة من جنود الطائفة العلوية وينتمون الى قوات الحرس الجمهوري وبعض "الشبيحة" والفرقتين الثالثة والرابعة. ويعود النقص الهائل في جيش الاسد الى انشقاق أكثر من نصف القوات، والإحباط الذي بات يسيطر على معنويات الجنود بسبب كمية الخسائر البشرية الفادحة التي كان لها الأثر الأكبر في إضعاف الجيش. وتشير تقارير لمعاهد بحوث عالمية أن خسائر الجيش السوري في الأربع سنوات الماضية وصل إلى أكثر من 40 ألف جندي. وفي اطار تشجيع الشباب على الالتحاق بالجيش، اعلن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي ان السلطات ستبدأ اعتبارا من الاول من، يوليو، وبتوجيه من الرئيس بشار الأسد بدفع مكافأة مالية للجنود الموجودين على الجبهات الامامية تبلغ قيمتها عشرة آلاف ليرة سورية شهريا (33،5 دولارا)، كما سيحصل هؤلاء على وجبة طعام ساخنة اضافية يوميا. واشار مصدر امني في حينه الى ان هذا "يندرج في اطار الدعم والتحفيز". وبحسب المرصد السوري، قتل منذ بدء النزاع في، منتصف مارس 2011، أكثر من 230 الف شخص، بينهم حوالى خمسين الفا من القوات النظامية. ويعمل النظام جاهداً في الفترة الأخير على ملئ هذا النقص الهائل في القوى البشرية من خلال الدفع لتجنيد العديد من جنود الإحتياط ومتطوعين جدد، لكن الإستجابة لدعوات التجنيد تلك أصبحت سيئة للغاية، وأعداد الفارين من الجيش يتزايد باضطراد وبشكل ملفت. ويقوم النظام باعتماد قوات الشرطة العسكرية وميليشيات الشبيحة بمداهمة منازل المتهربين من الخدمة وسوقهم بالقوة للإلتحاق بوحداتهم ومعاقبة أهالي العسكريين المتخلفين في كثير من الأحيان. ويؤكد متابعون ان هذه الإجراءات لا تجلب للأسد سوى نفوراً وتذمراً بين صفوف المواطنين الذين لا يزالون يناصرون نظامه.