كتب السفير البريطاني في القاهرة دومينيك اسكيوس مقالاً نشره على مدونته في الموقع الإلكتروني للسفارة، أشاد فيه بهجوم شيخ الأزهر، الدكتور محمد سيد طنطاوي، علي النقاب وإجباره فتاة أزهرية على خلعه، وقارن بينه وبين ما فعله بابا الكاثوليك الروم جون ال 23 في عام 1959 عندما اتخذ نفس الخطوات في تحقيق الانفتاح بالكنيسة الكاثوليكية. وقال دومينيك اسكيوس إن :"التعليقات والاعتراضات على موقف شيخ الأزهر من النقاب ذكّرته بما حدث منذ خمسين عاما في بريطانيا بالنسبة لديانته المسيحية". وفي إشارة إلى ما فعله بابا الكاثوليك الروم عام 1959، تذكّر السفير دومينيك كيف أن والدته تخلت عن ارتدائها حجابها أثناء دخولها الكنيسة، وتابع قائلا: "كطفل كاثوليكي في ذلك الوقت، كان بعض الأشياء التي لاحظتها أيضا أن أمي لم تعد تدخل الكنيسة مرتدية حجابا على رأسها، وكذا فعلت عمتي التي كان إيمانها أسطوريا في عائلتي، وقد أعطاها البابا مسبحة ما زلت أحتفظ بها". وأضاف مشككا في فرضية النقاب وإلزام الإسلام به، قائلا: "لا أحد يجادل بأن ارتداء النقاب أمر غير إسلامي، ولكن فقط هل يلزم الإسلام بارتدائه أم لا، وهل ارتداؤه جزءا رئيسيا في الدين أم تقليدا". وفي محاولة منه للإيحاء بأن الحملة المناهضة لمنع ارتداء النقاب سرعان ما تزول وتتلاشى، كتب قائلا: "أتذكر كم كان صعبا على بعض الكاثوليك منذ خمسين عاما قبول التغييرات – على الرموز والتقاليد الدينية في الخمسينات". وفي مقارنة بين ما فعلة شيخ الأزهر في قضية النقاب وما فعله مجلس الفاتيكان الثاني في بريطانيا، قال السفير البريطاني: "لقد تعدت التغييرات التي أدخلها مجلس الفاتيكان الثاني على تقاليد قائمة منذ وقت طويل، وإن بعض الكاثوليك رحبوا بتلك بالتغييرات، في حين تشكك البعض الآخر بينما صدم البعض الآخر واعتبروا أن تلك التغييرات بها تحول وانشقاق عن العقيدة ورفضوها". وتابع: "فيما يتعلق بارتداء الحجاب في الكنيسة انتهى الأمر إلى أنهم أدركوا أنه كان مزيجا من التقاليد والثقافة، وأنه أصبح جزءا من الماضي"، واستدرك "لقد ذهبت النقاشات إلى الأمام قدما - إلى ما هو أبعد بكثير من الحجاب، ولكن العواقب كانت عميقة، لقد كان تأثير مجلس الفاتيكان الثاني هو تحقيق التواصل مع الكاثوليك – وأعتقد مع غير الكاثوليك. وبدا أن الكنيسة الكاثوليكية أصبحت أقل تشددا". وقال إن الذي لم يتغير تماما هو معتقداتنا الدينية الرئيسية، معتقدا أن للعاطفة دورا هاما في الدين، ويمكن أن تكون قوة مؤثرة نحو الخير، وأضاف السفير البريطاني أن كلامه سيقابل بالرفض من المسلمين، "..أعتقد أن بعض من يقرءون هذا الكلام سوف يرفضون أي محاولة لاستخلاص الدروس بين الأديان". ودعا المسلمين في مصر إلى نقاش عقلاني فيما يخص القضايا الدين الاسلامى خاصة فيما يتعلق بموضوع النقاب وتنحية ثوابت الدين الاسلامى جانبا، قائلا: "هناك بعض الاستنتاجات الموجزة التي أعتقد أنه من الممكن استخلاصها، ليس خروجا عن التقوى، اقتراح نقاش عقلاني حول الأمور الدينية يركز على جوهر ديننا وليس رموزه، أي شيء يزيد قدرة المرء على التواصل، سواء مع من هم من ديننا أو من أديان أخرى يجب أن يكون جيدا، إلا أن الرموز ستظل هامة للبعض بسبب التقاليد والثقافة". لكنه اعترف بأن هذا الأمر سوف سيستغرق وقتا حتى يتم التوافق مع تلك التغيرات، إلا أنه يؤكد على ضرورة النقاش فيما يخص الثوابت الدينية- التي وصفها ب "الرموز"- مبنيا على العقل والحكمة، كما شجع القرآن على ذلك تكرارا، حسب قوله. وفي ذات السياق رفض خطباء ووعاظ المساجد المصرية التابعين إلى وزارة الأوقاف تعليمات الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف في الترويج لموقف شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي من قصية النقاب، إثر انتزاعه عنوة نقاب طالبة بمعهد "أحمد الليبي" الأزهري بمدينة نصر، وتوبيخها على الملأ، بسبب ارتدائها النقاب. وفشل د. زقزوق في تكليف الإدارة العامة للتفتيش العام بديوان وزارة الأوقاف بتوجيه تعليمات شفهية إلى مديرات وإدارات الأوقاف بالمحافظات لنقلها إلى الخطباء تقضي بضرورة تناول قضية النقاب في خطبة الجمعة. وحث وزير الأوقاف الخطباء على تبني موقف شيخ الأزهر من النقاب، عبر التأكيد على أن هذا الرداء عادة وليس عبادة وأنه لا علاقة به بالدين الإسلامي، وذلك في إطار دعم طنطاوي والتخفيف من حدة السخط الشعبي عليه، إلا أن الخطباء لم يلتزموا بالتعليمات ورفضوا الهجوم على النقاب. وأكد عدد من الخطباء أنهم تلقوا بالفعل تعليمات من وزارة الأوقاف إلا أنهم رفضوا تنفيذ تلك التعليمات، مؤكدين أن النقاب وإن لم يكن فريضة فهو فضيلة، وطالبوا شيخ الأزهر ووزير الأوقاف أن يشنا حربا على التعري والسفور بدلا من محاربة الفضيلة. جدير بالذكر أن وزارة الأوقاف قامت بطبع وتوزيع كتاب بعنوان "النقاب عادة وليس عبادة" على أئمة وخطباء الوزارة للالتزام به في خطبة الجمعة، إلا أن الخطباء رفضوا تبني الآراء الواردة فيه، ما أصاب وزير الأوقاف بالإحباط.