يصر محمود رضا عبّاس عبّاس وباقي شلة رام الله ومنهم سلام فيّاض المتصرف المالي الأوحد في الضفة الغربية على أن هدف الشعب الفلسطيني هو قيام دولة بأي ثمن وبأي شكل. حقيقة لا ندري من الذي قرر اسقاط كل حقوقنا مقابل دولة لن تكون، بعد اجراءات التهويد والتهجير والتنكيل والاستيلاء. يخرج علينا أزلام أوسلو بنغمات تدغدغ العواطف مقابل اجراءات واضحة ومباشرة من قبل الاحتلال، "أملاك الغائبين" كما يسمونها أصدروا قانون لانهائها، القدس استكملت حلقات تهويدها، الغور منطقة محظورة على الفلسطيني، المستوطنات باقية وتتوسع رغم كل ضغوط العالم، الجدار ينمو ويتلوى، والحواجز تزداد وتزداد معها المعاناة، ثم يحدثنا فياض عن برنامجه ورؤيته لدولة اسماها "دولة الأمر الواقع"، تماماً كما تصورها شارون قبل سنوات. حقوقنا ليست دولة مسخ أو فتات دولة، ولم تكن تضحيات شعبنا مقابل مناصب وسلطة وهمية تصل لدرجة العمالة للاحتلال. لكن من أصبح شعبهم عدوهم، وعدوهم حليف وشريك، من يعانقون قاتلي أطفال شعبهم، ويرفضون لقاء أبناء شعبهم، لا نستغرب من أمرهم شيئا! الدولة يا أصحاب شعار "الحياة مفاوضات" هي آخر مراحل النضال بكل أشكاله، الدولة لا تمنح من عدو منة وحسنة، لكنها حق يكتسب، الدولة ليست مظاهر فارغة وبهرجات لا معنى لها وبإذن وحماية المحتل، الدولة ليست مقابل باقي الحقوق وعلى رأسها حق العودة، الذي تحدينا كل زمرة أوسلو من أكبرهم لأصغرهم أن يعلنوا أن العودة المقصودة هي للديار والأملاك والقرى والبلدات والمدن الفلسطينية المحتلة عام 1948، وليست "حل عادل ومتفق عليه". لا عجب أن تكون دعواهم دولة الأمر الواقع، وهم يحكمون بالأمر الواقع، ويسيطرون على القرار السياسي والمالي بالأمر الواقع، ووجودهم حيث هم هو بالأمر الواقع، لا عجب. لا نريد دولتكم يا عبّاس ويا فيّاض، و لا نحلم بدولة مسخ كمروجيها، ولا نبحث عن فتات دولة مما يبقيه الاحتلال، ولا نشك أن حتى ما تسمونه دولة لن يرى النور مهما فعلتم. يحضرنا هنا ما قاله الشاعر العراقي معروف الرصافي قبل عقود من الزمن، واصفاً مظاهر الدولة والحكومة الكاذبة في ظل الاحتلال، لكنه ينطبق تماماً على وضع الضفة الغربيةالمحتلة ازدواجياً، وفي شعره يقول: أنا بالحكومة والسياسة أعرف أأُلام في تفنيدها وأعنَّف سأقول فيها ما أقول ولم أخف من أن يقولوا شاعر متطرِّف هذي حكومتنا وكل شُموخها كَذِب وكل صنيعها متكلَّف غُشَّت مظاهرها ومُوِّه وجهها فجميع ما فيها بهارج زُيَّف وجهان فيها باطن متستِّر للأجنبيّ وظاهر متكشِّف والباطن المستور فيه تحكّم والظاهر المكشوف فيه تصلُّف عَلَم ودستور ومجلس أمة كل عن المعنى الصحيح محرف أسماء ليس لنا سوى ألفاظها أما معانيها فليست تعرف مَن يقرأ الدستور يعلمْ أنه وَفقاً لصكّ الانتداب مصنَّف من ينظرِ العَلم المرفوف يلقَه في عزّ غير بني البلاد يرفرف من يأتِ مجلسنا يصدّق أنه لمُراد غير الناخبين مؤلَّف من يأتِ مُطّرَد الوزارة يُلفِها بقيود أهل الاستشارة ترسف أفهكذا تبقى الحكومة عندنا كلماً تموَّه للورى وتُزخرَف كثرت دوائرها وقلّ فَعالها كالطبل يكبُر وهو خال أجوف كم ساءنا منها ومن وزرائها عمل بمنفعة المواطن مُجحِف تشكو البلاد سياسة مالية تجتاح أموال البلاد وتُتلف تُجبى ضرائبها الثقال وإنما في غير مصلحة الرعيّة تُصرف حكمت مُشدِّدة علينا حكمها أما على الدخلاء فهي تخفِّف بالله يا وزراءنا ما بالكم إن نحن جادلناكم لم تُنصِفوا وكأنّ واحدكم لفَرط غروره ثمِل تَميل بجانبَيْه القرقَف أفتقنعون من الحكومة باسمها ويفوتكم في الأمر أن تتصرّفوا هذي كراسيّ الوزارة تحتكم كادت لفرط حيائها تتقصَّف أنتم عليها والأجانب فوقكم كلّ بسلطته عليكم مُشرِف أيُعَدّ فخراً للوزير جلوسه فَرِحاً على الكرسيّ وهو مُكتَّف إن دام هذا في البلاد فإنه بدوامه لسيوفنا مُسترعِف لا بدّ من يوم يطول عليكم فيه الحساب كما يطول المَوْقف فهُنالِكم لم يُغنِ شيئاً عنكم لُسُنٌ تقول ولا عيون تذرف الشعب في جزع فلا تستعبدوا يوماً تثور به الجيوش وتزحف وإذا دعا داعي البلاد إلى الوغى أتظنّ أن هناك مَن يتخلَّف أيذِلّ قوم ناهضون وعندهم شرف يعزّز جانبَيه لمُرهف كم من نواصٍ للعدى سنجُزّها ولحىً بأيدي الثائرين ستنتف إن لم نُجالد بالسيوف خصومنا فالمجد باكٍ والعُلا تتأفّف