سببت الأمطار الغزيرة التي تتساقط منذ أيام على مناطق متفرقة من جنوب المغرب، بفيضانات عزلت مئات القرى وحاصرت آلاف الأشخاص، وهو ما اضطر آلاف المغاربة في اللجوء إلى المساجد والمدارس لتحميهم من أوجاع الفيضانات. وأدت السيول إلى قطع الطرقات وانهيار السدود، ووصلت الفيضانات إلى أحياء سكنية في مدينة كلميم، التي أعلنتها السلطات منطقة منكوبة. وفي جنوب شرق البلاد، عزلت مئات القرى وحوصر الآلاف بعد أن وصلت المياه إلى مستويات قياسية، دون أن ترد معلومات عن سقوط ضحايا. أحدَ عشر يومًا كاملةً مضتْ على إغراقِ الفيضاناتِ لجماعتيْ اللُّوكُوم وتلِيت القرويَّتين ودواويرَ متاخمة لهمَا، بإقلِيم طاطَا، دُون أنْ تنالَا حظًّا من الاهتمام التِي استأثرتْ به مناطق أخرى، ولا هي استقبلتْ من العون ما يخففُ الآثار المترتبة عن الكارثة. أحدُ أبناء المنطقة، كرِيم حدَّان، نقلَ صورًا مهولةً ممَّا يكابدهُ السكَّان، في البلدتين، بعد دمار 53 بيتًا بالكامل، مما لمْ تعد تجدُ معه عشرات الأسر سقفًا يأويها، ما عدَا بعض المؤسسات التعليميَّة والمساجد.. "الناس هنا تفترشُ الأرض، وتتحملُ قساوة البرد بعدما ضاع منها كلُّ شيء، فلا حطب يدفئها، ولا قنينات غاز تطهُو عليها طعامًا، إنْ هُو توفر. آثارُ الفيضانِ امتدَّت إلى تطويق دوار "انسُولة" الذِي حاصرته المياه، فعزلته عن العالم الخارجِي، ما أدَّى إلى إحداث انهياراتٍ جزئيَّة في عددٍ من مبانِيه، وجرف التربة، وقطعان الغنم، فيما جرَى إنقاذ أربعة -أشخاصٍ، عقب تدخل قيادة الدرك الملكِي بفم زكِيد، بمعيَّة بعض السكان. زاويَة سيدي عبد النبِي التابعة ترابيًّا لجماعة اللُّوكوم، لمْ تسلم بدورها من الفيضان، فسقطت في عزلة تامة، منذُ الجمعة الماضي، واضطرَّ الأهالي فيها إلى الاحتماء بمسجد الدوار والمدارس، دون أغطية ولا طعَام، وقدْ ضاع كلُّ ما تملك. فِي غضون ذلك، يواصلُ الكهرباء انقطاعهُ لليوم الحادِي عشر في دواوير بوكير وبودلال وتابية، بحسب حدَّان، الذِي يضيفُ أنَّ خشية تتملكُ السكان من فيضان الوادِي، فيما لا يملكُ أهالي "أولاد هلَّال" شبكة هاتفية تربطهم بالخارج ولا خدمات كهرباء.. ويرى سكان المناطق المتضررة نواحِي طاطَا، أنَّ الإعلام العمومِي لمْ يولِ معاناتهم الاهتمام اللازم، ولا هُو حلَّ بالمنطقة لنقل صور المعاناة، التِي لمْ ينبر معهَا أيُّ وزير إلى زيارة المنطقة المنكوبة. وجرَّاء العزلة التي تعانيها المنطقة، وتضرر بناها التحتيَّة الهشَّة، اضطرَّت عناصرُ الوقاية المدنيَّة إلى قطع وادِي زكِيد هائجًا، لتحضر سيدَة اشتدَّ بها المخاض، فلمْ يتوانوا عن حملها على الأكتاف بواسطة حمالة، فيمَا حملَتْ سيدَة ترافقها على الظهر، إلى حين بلوغ الضفة الأخرى التِي كانت سيارة الإسعاف قدْ توقفت بها، قبل أنْ تقلها إلى دار الولادة، حيثُ وضعتْ بعد مضيِّ نصف ساعة. ومن جانبه، أمر العاهل المغربي الملك محمد السادس سلطات بلاده بإرسال الإعانات الضرورية ل250 قرية معزولة بسبب الفيضانات والسيول العارمة التي اجتاحت عددًا من مناطق الجنوب المغربي خلال الأيام القليلة الماضية. وقال بيان صادر عن وزارة الداخلية المغربية، أمس الأحد، توصلت الأناضول بنسخة منه، إن عاهل البلاد أصدر أوامره لوزارة الداخلية المغربية "بمد القرى المعزولة جراء الفيضانات والثلوج بالمؤن". وأوضح بيان الداخلية المغربية أنه سيتم توزيع المواد الغذائية الضرورية على 250 قرية مغربية معزولة "في أقرب الآجال"، بالتنسيق مع قوات الدرك الملكي (قوات الأمن المكلفة بالأرياف) على السكان المعنيين بهذه القرى. ويُذكر أن العاهل المغربي الملك محمد السادس "أعطى تعليماته لوزير الداخلية للتنقل، على رأس وفد، لجهتي كلميم السمارة وسوس ماسة درعة (المناطق المتضررة من الفيضانات) للتتبع عن قرب للوضع في هذه المناطق التي تضررت من الفيضانات، وتنسيق الإجراءات الضرورية لضمان حماية الساكنة(السكان) وممتلكاتها". وقال وزير الداخلية المغربي محمد حصاد، في تصريحات صحفية له أمس بعد وصوله للمناطق المنكوبة، إنه يجب إيلاء الأولوية لإصلاح الطرق وشبكات التزويد بالماء والكهرباء بشكل عاجل، في المناطق التي اجتاحتها السيوب جنوب البلاد. وأضاف الوزير أن السلطات تعبأت بشكل كامل من أجل التعامل مع تداعيات هذه الفيضانات والحفاظ على الأرواح والمنشآت. فيما يتوقع أن تتواصل الأمطار الغزيرة بهذه المناطق، خاصة في مدينة كلميم (جنوب غربي البلاد)، دعت السلطات المحلية بالمدينة في بيان لها أمس السبت، نشرته وكالة الأنباء الرسمية المغربية، سكان هذه المنطقة المنكوبة إلى التحلي بالهدوء واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي مخاطر السيول والفيضانات وحسن تدبير استهلاك المواد الغذائية والمياه إلى حين انفراج الحالة الجوية خلال الأيام القليلة المقبلة". وأعلنت السلطات المغربية أن عدد ضحايا الفيضانات الأخيرة التي شهدتها بعض مناطق الجنوب المغربي بلغ حسب آخر التقديرات 36 شخصا جرفتهم الأودية والسيول، خاصة منطقة كلميم (جنوب غرب البلاد). وتُواصل فرق الإنقاذ في أكثر من منطقة إنقاذ سكان القرى التي غمرتها مياه السيول والفيضانات، حيث تمكنت من إنقاذ أزيد من 400 شخص من الغرق، فيما يستمر انقطاع الطرق عدد من الطرق الوطنية الرئيسية الرابطة بين مدن مغربية في جنوب البلاد وكانت وزارة الداخلية أعلنت قبل أسبوع أن العاصفة التي ضربت المنطقة خلفت 36 قتيلًا، في حين لم تشر إلى سقوط قتلى من جراء العاصفة الجديدة.